سماسرة الإسمنت يُعاودون نشاطهم

 

سجلت أسعار الإسمنت ارتفاعاً في أسواق الدولة، وصلت نسبته 39%، إذ يباع كيس الإسمنت زنة 50 كيلوغراماً بسعر 32 درهماً، من أصل 23 درهماً الأسبوع الماضي، على الرغم من الاتفاق الذي وقعته وزارة الاقتصاد مع هيئة منتجي ومصنعي الإسمنت لتثبيت الأسعار، وفقاً لمقاولين وأصحاب مصانع لإنتاج الخرسانة.

 

وأعرب مقاولون عن استيائهم جراء «ترك الجهات الرسمية السوق للسماسرة دون رقابة مباشرة، إذ عمد الوسطاء والسماسرة إلى ليّ ذراع المقاولين من خلال استغلالهم نقص مادة الإسمنت في السوق، واتجاههم لبيع أطنان منه دون فواتير للبيع، خشية أن تتم محاسبتهم بعد ذلك من قبل جهات رسمية».

 

ويباع الإسمنت من خلال «سماسرة» في دبي بأسعار وصلت إلى 32 درهماً للكيس، بحسب مقاولين.

وكانت وزارة الاقتصاد وقّعت اتفاقاً مع مجموعة مُصنعي ومُنتجي الإسمنت في الدولة، لتثبّت الأخيرة سعر كيس الإسمنت عند 16 درهماً، والطن عند 320 درهماً من المصنع، فيما منحت الوزارة المقاولين والمستهلكين، الحق في شراء مادة الإسمنت مباشرة من المصانع دون تمييز بين مستهلكين أو إمارة وأخرى.

 

وأكد مدير عام شركة «مانشستر» للمقاولات العامة، مرتضى أحمد، أن «وسطاء لتجارة الإسمنت عمدوا أخيراً إلى بيع المادة من دون فواتير، خشية أن تتم محاسبتهم من قبل جهات رسمية على ذلك».

 

وأضاف أنهم «استغلوا بذلك حاجة شركات المقاولات إلى مادة الإسمنت، ونقص المعروض في السوق المحلية منها، وأجبرونا على الرضوخ لمطالبهم والشراء بالأسعار المعروضة، أو إبقاء مشروعاتنا معطلة».

 

من جهة أخرى، قال مدير عام مصانع «تكنولوجيا الخرسانة»، حكم العابد، إن «الوسطاء عمدوا إلى تغييب الإسمنت من الأسواق، أو فرض أسعارهم الخاصة، إذ نحتاج يومياً إلى 10 سيارات «بلكر»، وهي السيارات الحاملة للإسمنت، لتشغيل مصانعنا، بينما لا نستطيع الحصول سوى على سيارتين فقط يومياً، علاوة على أنها لم يعد مضموناً الحصول عليها، نتيجة التلاعب الحاصل من قبل السماسرة».

 

سمـاسرة

ووفقاً لمقاولين، فإن «شحنات من الإسمنت آتية من المملكة العربية السعودية تباع حالياً في أسواق دبي بسعر 26 درهماً للكيس، فيما كشف أحد الموردين للإسمنت السعودي في دبي، نديم ياسر، لـ«الإمارات اليوم» عن أنه «يبيع الإسمنت السعودي لوسطاء وسماسرة بسعر 23 درهماً للكيس زنة 50 كيلوغراماً، فيما يعيدون بيعه بـ 25 و26 درهماً للكيس الواحد، أو وفق ما يحددونه من هامش ربحي».

 

وأضاف أنه «يتاجر في نوعين من الإسمنت السعودي «الرياض واليمامة»، بسعر 23 درهماً للكيس، فيما أقر بوجود أنواع من الإسمنت واردة من السعودية إلى السوق المحلية، وممنوع تصديرها بقرار؛ لأن الحكومة السعودية تدعمها مالياً».

 

ويباع كيس الإسمنت المصنع محلياً، من خلال عقود توريد مسبقة مع شركات مقاولات، بسعر 18 درهماً، غير أن هذا السعر تغير بعد اتفاق المنتجين مع وزارة الاقتصاد إلى 16 درهماً للكيس، بينما يباع الإسمنت من خلال الوسطاء بأسعــار وصل معها الكيس إلى 32 درهماً، فيما وصـل سعر الكيس الوارد من المملكة العربية السعــودية إلى 23 درهماً، والوارد من باكستان 21 درهماً، بينما يضاف إلى هذا السعر هامش ربح الوسطاء ليصل سعر الكيس إلى 32 درهماً.

 

من جهته، أفاد وكيل وزارة الاقتصاد، محمد عبد العزيز الشحي لـ «الإمارات اليوم» بأن «عقوبات رادعة في انتظار أي تاجر يحاول التلاعب في أسعار مواد البناء»، موضحاً أن «الغرامات تبدأ من 10 آلاف درهم، وتصل إلى 100 ألف، فيما تتواصل الوزارة مع الجهات الرسمية المحلية في كل إمارة من أجل إغلاق المنشآت التجارية المخالفة».

 

وأضاف أن «الوزارة لديها مراقبون يعملون على مستوى الدولة لضبط عمليات التلاعب في أسعار مواد البناء، من خلال شركات تجارة مواد البناء».

 

وكشف الشحي عن «اتفاق سيتم بين الوزارة ومصنعي ومنتجي الإسمنت، خلال الفترة المقبلة لوضع آلية لمراقبة الأسواق، لضمان عدالة توزيع الكميات الإضافية المنتجة من مادة الإسمنت، والتي ستصل إلى 100 ألف كيس يومياً»، متوقعاً أن «تستقر أوضاع السوق تدريجياً اعتباراً من بداية الشهر المقبل، لاسيما أن تنتهي مصانع الإسمنت من استيراد مادة «الكلينكر» المادة الخام التي يصنّع منها الإسمنت، وتبدأ في زيادة إنتاجها حسب الاتفاق مع الوزارة»، مؤكداً أن «انخفاض الأسعار لن يكون بين يوم وليلة، بينما القلة من السماسرة والوسطاء الذين يعبثون في الأسواق حالياً سيختفون تدريجياً بعد انتهاء ما يخزنونه من أكياس للإسمنت قبل الاتفاق مع المنتجين قبل يومين».

 

وبين أنه «لا توجد شركة مقاولات لديها أنظمة مالية ومحاسبية منظمة ستتعامل مع سماسرة وتشتري الإسمنت من دون فواتير، إلا إذا كانت شركات صغيرة تشتري بنظام المفرق، وليست شركات تنفذ مشروعات كبرى».

 

وزاد أن «وزارة الاقتصاد اتخذت العديد من الخطوات والإجراءات لضبط الأسعار، كان آخرها الاتفاق مع منتجي ومصنعي الإسمنت على تثبيت أسعار بيعه عند 16 درهماً للكيس، بينما على المقاولين الذين لا يجدون الإسمنت محلياً خلال الفترة الحالية، أن يتوجهوا للاستيراد المباشر من الخارج، في إطار الاستفادة من قرار إعفاء الإسمنت من الجمارك».

عقوبات رادعة

قال مسؤول رسمي، طلب عدم ذكر اسمه، إن «السوق المحلية تعاني نقصاً لافتاً في مادة الإسمنت، بينما الاتفاقات التي تبرم لابد أن تكون برضا الأطراف جميعاً، لأنها لو لم تكن كذلك فإنها لن تستمر طويلاً»، مشيراً إلى أن «عقوبات رادعة في انتظار السماسرة والوسطاء الذين يتلاعبون بالأسعار» من دون تفاصيل.
وأقر بأن «الإنتاج المحلي من الإسمنت لا يكفي حاجة شركات المقاولات من المادة لاستئناف مشروعاتها، ما دفع بالأسعار إلى الارتفاع خلال الفترة الأخيرة، واستغلال الموقف من قبل بعض الوسطاء». وطالب جمعية المقاولين بـ«السعي الجاد خلال الفترة الحالية، لتوريد إسمنت من الخارج على أن يكون مطابقاً للمواصفات المعمول بها محلياً، إذ لا يمكن أن تتحمل الوزارة وحدها تبعات المشكلة، علاوة على ضرورة توفير دعم حكومي لصناعة الإسمنت لأجل سد العجز الحاصل محلياً، من خلال اعتمادات حكومية تُخصص لهذا الغرض، علاوة على دعم هذه الصناعة من خلال تخفيض أسعار فواتير استهلاك الطاقة لهذه المصانع، إذ إن توريد كميات من الإسمنت ستؤدي بالتبعية إلى إحداث حالة من الاستقرار بالسوق». ونبه إلى ضرورة «توجيه القطاع الخاص للاستثمار في صناعة الإسمنت محلياً، خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى حظر تصدير الإسمنت للخارج، لاسيما في وقت الأزمات، مثلما هي الحال حالياً».
تويتر