«مراقبة الاتّجــار في البشـر» يعيـد 15 مليـون درهم لعمّال

ضبطت شرطة دبي 17 قضية استغلال جنسي لنساء منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر أغسطس الماضي، وفق مدير الإدارة العامة للرقابة القانونية والنظامية، العقيد الدكتور محمد المر، الذي أشار إلى ان مركز مراقبة الاتجار في البشر الذي تم استحداثه في الإدارة خلال العام الجاري يتخذ إجراءات صارمة تجاه الشركات التي تماطل في منح العمال حقوقهم، فيما أكد مدير مركز مراقبة الاتجار في البشر الرائد الدكتور محمد الجمال أن المركزأعاد 15 مليون درهم من مستحقات العمال، ولم يرصد حالة واحدة لبيع الأعضاء أو الأطفال أو الاتجار في العمال على الرغم من تنفيذه 1109 جولات تفتيشية منذ بداية العام الجاري.

وأوضح أن «المركز رصد ظواهر سيئة من جانب بعض الشركات واتخذ ضدها إجراءات حاسمة لمصلحة العمال، مثل إعادة الأجور والمستحقات وتوفير مسكن ملائم وإعادة وثائق» متابعا انه «بالرغم من التقارير الخارجية التي تحدثت عن وجود حالات اتجار في العمالة داخل الدولة لم يتم ضبط أية قضية وفق مفهوم الاتجار المتفق عليه عالمياً».

وأشار إلى أن «المشكلة التي ظهرت خلال الفترة الأخيرة وكانت سبباً رئيساً لأكبر الإضرابات السلمية في دبي، أن بعض الشركات لظروف الأزمة الاقتصادية الخارجة عن إرادة الجميع لم تعد في حاجة إلى العمل الإضافي، لذا بدأت تكتفي بفترة الدوام الأساسية، وهذا حرم العمال من الأجر الإضافي فلجأوا إلى الإضراب للحصول عليه، لكن من غير المنطقي أن تجبر الشركات على ذلك».

وحول لجوء بعض الشركات إلى فصل العمال توفيراً للنفقات أوضح المر، أن «العمال الموجودين في الدولة يعملون جميعاً بصفة مؤقتة، وأن هناك عقوداً تربطهم بالشركات ومن حق الشركة أن تفسخ العقد إذا طرأت ظروف تمنعها من الاحتفاظ بالعامل، لكن من حق الأخير الحصول على مستحقاته كاملة».

وأشار إلى أن «إدارة الرقابة القانونية والنظامية عموماً ممثلة في مركز مراقبة الاتجار في البشر وإدارات أخرى تتخذ موقفاً صارماً تجاه الشركات التي تماطل في منح العمال مستحقاتهم أو تتأخر في ذلك، فيتم منحها مهلة محدودة وإذا تأخرت تحال إلى المحكمة، مؤكداً أن «مصلحة العامل في المقام الأول».

وتابع أن «وزارة العمل اتخذت إجراءات مرنة لاستيعاب العمال الذين تستغني عنهم شركاتهم، فإذا حصل العامل على فرصة في شركة أخرى تتدخل الوزارة لنقل كفالته سريعاً إلى شركته الجديدة، لكن إذا انتهى تعاقده مع شركته ولم يجد بديلا لا يحق له البقاء في الدولة، لأنه يمثل ثغرة أمنية في هذه الحالة، مشيراً إلى ضبط 189 عاملاً مخالفاً في منطقة المحيصنة الثانية خلال العام الجاري وتم نقلهم إلى مأوى مريح قبل ترحيلهم».

ولفت المر إلى أن «بعض الشركات عرضت على عمالها في ظل وجود أزمة مالية خفض رواتبهم مقابل الاستمرار في العمل ووافق كثير منهم على ذلك، لأنهم رأوا أن هذا أفضل حل في ظل الظروف الحالية وتم توقيع عقود جديدة تناسب المتغيرات ومن رفض ذلك حصل على مستحقاته وبحث عن فرصة أخرى».

1109 جولات

من جانبه قال مدير مركز مراقبة الاتجار في البشر، الرائد الدكتور سلطان محمد الجمال، إن الفرق التابعة للمركز نفذت 1109 جولات تفتيشية على شركات ومساكن عمال، وأعادت تفتيش 277 منشأة، وتعامل المركز مع 69 إضراباً سلمياً وتلقى 344 شكوى تفاوتت بين تأخير في دفع الأجور بمعدل 263 شكوى و47 من إلغاء إقامة و21 من المعاملة السيئة وشكاوى أخرى من الإجراءات التعسفية وطلب استرجاع وثائق.

وتابع أن «الجولات التفتيشية التي نفذتها الفرق حرصت على التأكد من التزام 545 شركة في دبي بواجباتها تجاه العمال، سواء من حيث تسديد الرواتب والمستحقات أو توفير مسكن ملائم، وتبين أن 287 شركة سيئة تم التعامل معها مباشرة ومنحها مهلة لتصحيح أوضاعها بالتنسيق مع وزارة العمل»، لافتاً إلى أن المركز أعاد نحو 15 مليون درهم من مستحقات العمال المتأخرة.

وأوضح الجمال أن «التقارير التي أشارت إلى وجود اتجار في العمال في الدولة تستند إلى معلومات غير صحيحة، لأن المشكلات التي رصدها المركز عن قرب وبكل شفافية تخلو من قواعد الاتجار المتفق عليها دولياً، وهي ثلاث أهمها التجنيد من الخارج من خلال مكاتب خدمات تلجأ إلى الاحتيال على العامل وتستغله في أمور غير مشروعة والإجبار على ممارسة أعمال معينة».

وأشار إلى أنه لم يتعامل مع قضايا لعمال وقعوا عقوداً بتقاضي مبالغ معينة وبعد ممارستهم العمل تقاضوا رواتب أقل، لافتاً إلى أن المركز وزع 11 ألفاً و149 ملصقاً في مناطق بارزة بغالبية المساكن العمالية والشركات تتضمن أرقام الخط الساخن ووسائل الاتصال الأخرى بالمركز، لتلقي أي مشكلة من هذا النوع، فضلاً عن تنظيم جولات تفتيشية مستمرة والتدخل لحل الإضرابات السلمية.

ظواهر سلبية

وفي ما يتعلق بدور مركز مراقبة جرائم الاتجار في البشر برصد هذه الظواهر السلبية قال الجمال «إن المركز يؤدي دوراً رقابياً من خلال حصر جرائم الاتجار في البشر وتحليلها وإقامة علاقات تعاون مع جهات محلية وإقليمية لمكافحة تلك الجرائم وكشف الأساليب التي تتبعها شبكات الاتجار والتنسيق مع الهيئات والمنظمات الدولية في هذا الغرض».

وأضاف أن «المركز يعمل أيضاً على تفعيل القانون الخاص بجرائم الاتجار في البشر من خلال تأهيل العاملين في الجهات المعنية (مأموري الضبط القضائي) على كيفية التعامل مع تلك الجرائم، فضلاً عن رعاية الضحايا بالتنسيق مع منظمات محلية، ويتولى الرد على التقارير الدولية في هذا الصدد».

وأشار إلى أن «من أبرز مهام المركز المراقبة ورصد الجرائم وحماية حقوق الضحايا أثناء القبض عليهم والتحقيق معهم من جانب أجهزة الشرطة، والتواصل مع سفارات وقنصليات بلادهم لتقديم الدعم والرعاية لهم وضمان إعادة تأهيل دمجهم في المجتمع مرة أخرى، إضافة إلى العمل على ضمان تطبيق القانون بحق المتهمين في هذه القضايا».

وأوضح أن «المركز ينظر أيضاً في استغلال النساء والأطفال وخدم المنازل ومن في حكمهم وتقديم العناية اللازمة لهم، إضافة إلى توعية المجتمع والمشاركة في اللجان المختصة بمراقبة الأوضاع العامة بالعمالة المؤقتة وضمان عدم حصول انتهاكات تدخل ضمن جرائم الاتجار في البشر أو ما يسمى بالرق».

وحول أسلوب التعامل مع ضحايا الاستغلال الجنسي، في جرائم الاتجار بالبشر أوضح الجمال أن «القيادة العامة لشرطة دبي اهتمت بالجانب الإنساني من خلال تبني مبادرات تركز على الضحايا وتحدد طريقة التعامل معهم سواء من جانب رجال الشرطة أو العاملين في الجهات الحكومية، إلى جانب توسيع برامج الدعم والرعاية وتوفيرها لهم بأسلوب سريع وعادل».

وأشار إلى ضرورة التفريق بين العمل في الدعارة اختيارياً وبين الإجبار على ممارسة تلك الأفعال بطريقة أو بأخرى، لأن النوع الأول من الجرائم لا يدخل في نطاق الاتجار، على النقيض من النوع الثاني الذي ينص عليه قانون الاتجار في البشر، لافتاً إلى أن «المركز يعمل على تطوير أساليب الدعم والرعاية لضحايا الاستغلال الجنسي من خلال توفير مأوى لهم لحين حصولهم على الوثائق اللازمة من سفاراتهم تمهيداً لترحيلهم على نفقة الحكومة تحت مظلة برنامج «العناية بالضحية».

وأفاد بأن المركز يعمل في هذا الجانب بالتوازي مع إدارة الجريمة المنظمة التي تتضمن قسم مكافحة الاتجار في البشر وتتبع للإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي في شرطة دبي، وتعمل بالتنسيق مع الوكالات الدولية على ضبط الشبكات العالمية وتقديم المساعدة بشكل مدروس للضحايا، لافتاً إلى أن «عدد ضحايا الاتجار من النساء اللاتي تعرضن للاستغلال الجنسي 17 قضية منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر أغسطس الماضي».

 بيع أطفال

قال مدير الإدارة العامة للرقابة القانونية والنظامية العقيد الدكتور محمد المر، إن الإدارة بمسمّاها السابق «الإدارة العامة لحقوق الإنسان» رصدت خلال العام الماضي قضيتي بيع أطفال فيما لم ترصد قضايا من هذا النوع خلال العام الجاري، مشيراً إلى أن جرائم الاتجار في البشر تنتقل إلى دول عدة، لذا تتطلب مكافحتها تعاوناً دولياً خصوصاً في ما يتعلق بملاحقة العصابات المتخصصة في تلك الجرائم وتفعيل القوانين اللازمة لتطبيقها سواء في دول المصدر التي يأتي منها الضحايا أو دول العبور التي تمر من خلالها أو الدولة المستقبلة.

مبادرات

اتخذ القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان مبادرات عدة لمكافحة جرائم الاتجار في البشر، فأنشأ قسماً لمكافحة تلك الجرائم في الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي عام ،2000 وقسماً لرعاية ضحايا الاتجار في الإدارة العامة لحقوق الإنسان عام .2007 ونتيجة للدور الذي اضطلع به القسمان تم استحداث مركز مراقبة جرائم الاتجار في البشر في فبراير من العام الجاري وتم تجهيزه بمعدات وسيارات وكوادر بشرية مؤهلة تجيد جميع اللغات المتداولة في الدولة، كما تم إنشاء مركزي اتصال مجاني لتلقي الشكاوى على مدار الساعة.

«القبضة الحانية»

تبنّى مركز مراقبة الاتجار في البشر برامج عدة منها «القبضة الحانية» الذي يعنى بمعالجة المشكلات العمالية والمطالب الحقوقية المشروعة لهم ومواجهة الأزمات والإضرابات، ويهدف إلى رصد الانتهاكات والمخالفات بالنزول الميداني إلى العمال، إضافة إلى برنامج الخط العمالي الساخن الذي يحافظ على سرية المتصل، وبرنامج «اعرف حقوقك» الذي يوفر للعمال توعية بحقوقهم، وبرنامج «معاً ضد العبودية الحديثة» المعني بمكافحة المظاهر المختلفة للاتجار في البشر وبرنامج «العناية بضحايا الاتجار».

تويتر