صاحب «ساق البامبو» متحدثاً عن الذات والآخر وطقوس الكتابة في «الندوة»

السنعوسي: دخلت الروايـــة من بوابة جدتي و«بابا سنــفور»

صورة

قال الروائي الكويتي الفائز بجائزة «البوكر العربية»، سعود السنعوسي، إن «الكاتب العربي لا يمتلك ترف الكتابة في سياق قصة رومانسية، أو حتى اجتماعية»، مضيفاً: «مع سخونة الأحداث والواقع، فإن الموضوعات الحقيقية هي الأولى بالطرح، وعلينا أن نستثمر أجواء حرية الإبداع بمزيد من الوعي». وكشف أنه بصدد الانتهاء من روايته الثانية، وقال «علاقتنا بأنفسنا هي محور تلك الرواية الجديدة، وهي المحور الذي كان يجب أن يشغلني بدلاً من علاقتنا بالآخر، كما في (ساق البامبو)».

حضور

شهدت ندوة الكتابات الروائية الشابة حضوراً ملحوظاً من الفعاليات الثقافية بالدولة، منهم رئيس المجلس الوطني الاتحادي، الأديب محمد المر، ورئيس ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، ونائب رئيس مجلس الإدارة بلال البدور، والأديب علي عببد، ود.عبدالخالق عبدالله، وعدد كبير من المثقفين والكتاب.

جاء ذلك خلال ندوة استضافتها «ندوة الثقافة والعلوم»، أول من أمس، وأدارها الشاعر علي الشعالي عن «الكتابات الشابة في الرواية الخليجية»، اتخذت من «ساق البامبو» نموذجاً من خلال استضافة السنعوسي، وشهدت حضوراً كثيفاً من طالبات جامعة زايد، خصوصاً طالبات الفرقة الثالثة، لاسيما أن الرواية ضمن المساق الدراسي المقرر عليهن هذا العام.

وقال السنعوسي إنه استفاد كثيراً من تجربته الأولى «سجين المرايا»، بسبب حدة الجلد النقدي الذي جوبه به، مضيفاً: «استفدت من جميع ما كتب عن هذه التجربة، سواء السلبي أو الإيجابي، وبعدها صرت أكثر تمكناً من أدواتي، وأكثر تقديراً لقيمة الوقت المستغرق في الكتابة».

ونفى السنعوسي أن تكون هناك «وصفة سحرية» للكتابة الروائية المبدعة، مضيفا: «لا يوجد كاتب روائي يعرف تفاصيل عمله قبل أن يبدأ، وبالنسبة لي فأنا أعرف بدايتي، ومحطاتي الرئيسة، ولا أعرف إلى أين ستقودني التفاصيل».

ورفض صاحب «ساق البامبو»، بناء على ذلك، الإقرار بوجود «خارطة ذهنية للروائي»، مضيفاً: «على الروائي أن يخلق شخصياته مرحليا، ويتركها تحدد مصائرها»، مشيراً إلى أنه كان يتوقع لبعض الشخصيات مصائر بعينها، لكنه يفاجأ ويدهش أنها تتخذ مساراً آخر أثناء الرواية، يجنبها المآل الذي كان يتوقعه، مضيفاً: «هنا تكمن جماليات الدهشة، فإذا تحققت الدهشة لدى الروائي، فإنها في الأغلب ستتحقق للقارئ». وفي شهادته الروائية، سعى السنعوسي للإجابة عن سؤالين افتراضيين، طرحهما أمام ذاته، وتوجه فيهما بصيغة المتكلم إلى نفسه: «كيف أصبحت كاتبا»؟..ولماذا؟».

وقال: «أصبحت كاتبا بعد أن فتحت ــ في مراحل مختلفة من عمري ــ ثلاث بوابات هي: الخيال، القراءة، والكتابة»، مستطرداً «وُلدتُ في بيت العائلة، بيت كبير عموده جدّة، عمود يستند إليه الكثير من الأبناء، والكثير من الأحفاد، والكثير من القصص والحكايات». وأضاف: علاقتي بجدّتي وراء كسر حواجز الواقع في مخيلتي، والانطلاق إلى عوالم الخيال غير المحدودة، في حضرة جدّتي أكون صغيرا صباحا، في الوقت الذي ينصرف فيه أفراد العائلة إلى أعمالهم، في حضرتها تتكلم الحيوانات، تمشي الأشجار، تستحيل النساء إلى زواحف أو طيور». واعتبر السنعوسي أن القراءة هي البوابة الثانية في سبيل تكوينه كاتبا، مضيفاً: قبل دخولي إلى المدرسة، أعجبت بالكتاب شكلا وحسب، ففي الكتاب كان كل شيء، الأفكار والحلول والخيال.

وأعاد السنعوسي الفضل في تلك الحالة ــ خلال مرحلة مبكرة من حياته ــ إلى الأعمال الكرتونية التلفزيونية، مضيفا: مردّ الفضل إلى «بابا سنفور»، و«سنو وايت» و«طائر البوم الحكيم»، في أفلام الكارتون التي كنت أشاهدها صغيرا، كان «بابا سنفور» يحل مشكلات مملكة السنافر بالعودة إلى مكتبته، الساحرة في «سنو وايت» تدبر مكائدها بالرجوع إلى كتابها السحري، و«طائر البوم الحكيم» لا يسدي نصيحة قبل أن يتصفح كتابه القديم، فتعلمت أن أجمع الكتب صغيرا في «البيت العود»، حيث أمضيت جلّ سنوات عمري، فامتلأت قراءة مثل شهيق طويل لابد أن يتبعه زفير، وكانت الكتابة زفيري في سن صغيرة، كتابات بسيطة بل وربما ساذجة، لكنها حتما كانت صادقة.

البوابة الثالثة في مشواره هذا الإطار لدى السنعوسي هي الكتابة، حيث يضيف: «بدأت في الكتابة حينما وجدت أن لدي شيئا أقوله، ومع تقدّمي في العمر خرجت من محيطي وذاتيتي في الكتابة، حينما تنبهت لوجود الآخر، فالحياة ليست أنا وبيت العائلة حيث لم أنتبه إلى وجود الآخر، إلا بعدما وجدتني متورطا في أسئلة لست أملك لها إجابات، اكتشفت أن الكتب لا تجيب عن الأسئلة».

مؤكداً أنه يكتب بحثا عن حريته: «الحرية بمفهومي هي أن أكون أنا، بقدر ما أستطيع في ظل مجموعة لا نهائية من القيود والتخفي وراء أقنعة فرضها الواقع علينا».


كاتب

رفض السنعوسي الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت الرواية العصرية هي «ديوان العرب» الحديث، وليس الشعر، أم أن «تويتر» و«فيس بوك» هما نماذج من البديل «العصري»، مؤكداً أنه يحترف الكتابة الروائية، وليس التاريخ أو النقد الأدبي.

تسمم

حذر السنعوسي من إصابة بعض الأقلام الأدبية بما سماه«تسمماً سياسياً»، مضيفاً:«الجميع في عالمنا العربي يتحدث في الشأن السياسي، ورغم أنه من الصحي أن تكون لنا آراء، إلا أنه علينا ألا نستدرج أو نستغرق في هذا الشأن، على حساب الكتابة الإبداعية».

سياق

رأى السنعوسي أن الحديث عن الرواية الخليجية ــ بعيداً عن سياقها العربي الأشمل ــ ليس تأطيراً أو تحديداً أكاديميا لها فحسب، مضيفاً: «البيئة والظروف والمعطيات الخليجية، تجعل للرواية الخليجية نمطاً مغايراً وشديد التباين عن نظيرتها العربية».

تويتر