اضطراباته تؤثر في نمو الدماغ وتنسيق الصور التي يتـلقاها خلال اليوم

نوم الأطفال.. ضرورة لـعقل سليم

الدماغ يعيد ترتيب الصور التي يتلقاها في النهار خلال النوم. غيتي

يحتاج الطفل عند ولادته إلى ما يراوح بين 16 و20 ساعة من النوم يومياً. قد يكون هذا الأمر ليس خفياً على الأمهات اللواتي يحرصن على توفير الجو المناسب للطفل للحصول على هذا المعدل من ساعات النوم. لكن ما تواجهه بعض الأمهات هو عدم معرفتها لحاجة الطفل من النوم مع تطور نموه، الأمر الذي يسبب اضطرابات في النوم عند الطفل، والذي قد يرافقه إلى مراحل متقدمة من عمره، وبالتالي يعيق عمليه تطوره واستيعاب الدماغ لما يشاهده في اليوم من صور. وقد لوحظ أن هذه المشكلة تزيد مع الأمهات العاملات اللواتي يتركن أطفالهن يسهرون كي يتمكن من رؤيتهن لوقت أطول في المساء.

أهازيج للنوم

تقوم الكثير من الأمهات بالغناء للطفل قبل النوم أو حمله والمشي به حتى ينام، او حتى استخدام السرير الهزاز. وقد أكدت الدكتورة رانيا حويك أهمية ابتعاد الأمهات عن كل هذه الطقوس التي تتحول الى عادات عند الطفل لا يستطيع النوم من دونها، مشددة على أهمية اعتياد الطفل على النوم في سريره في عمر مبكر.

ساعات محدّدة

قالت الاختصاصية في طب الأطفال الدكتورة رانيا عياط حويك، إن «الطفل يحتاج الى ساعات محددة من النوم لينمو ويتطور، لاسيما التطور الحركي الذي يجب ان يصل اليه في مراحل معينة». واعتبرت حويك أن الطفل بعد الولادة يحتاج من 16 الى 20 ساعة من النوم، يومياً، ويبدأ هذا المعدل من النوم بالتقلص مع تطوره ونموه. وحول فوائد النوم شددت على أن أهمية النوم تكمن في كون الدماغ يحتاج إلى تنسيق المعلومات التي يتلقاها خلال النهار، لا سيما من خلال عمل الأعصاب، مشيرة إلى أن دماغ الطفل عند الولادة يكون أملس ومع تلقيه المعلومات والصور يصبح غير أملس، الأمر الذي يدلل على تطور الدماغ وزيادة مساحته مع زيادة الأعصاب، وكلما ذادت المساحة غير الملساء كلما كان دليلا على تطور الدماغ واتساع مساحته. ولفتت حويك إلى أن دماغ الكائن الحي يستمر في التطور الى عمر السنتين، لذا من الضروري الالتفات إلى توفير القسط الكافي من النوم للطفل خلال هذا العمر بشكل خاص، أما إمكانية تدخل الأم في نمو الدماغ، فاعتبرته حويك من الأمور الممكنة التي يمكن لكل أم أن تقوم بها، ضاربة مثالا على ذلك، تعريض الطفل لموسيقى موزارت، اذ من الممكن أن تساعد هذه الموسيقى على نمو الدماغ بشكل أفضل.

ساعة بيولوجية

نوهت حويك بأهمية ادراك الطفل للفرق بين الليل والنهار، مشيرة الى أهمية معرفة الساعة البيولوجية أيضاً، وذلك لأن هناك أنواعاً من الهرمونات يفرزها الجسم ليلاً فقط ومنها هرمون النمو الذي يؤثر في نمو خلايا الجسم وينسق عملها.

وتنخفض حاجة الطفل للنوم مع تطوره، ولكن كما أكدت حويك، ان «الطفل هو الذي يخبر والدته بانخفاض حاجته الى النوم، اذ تبدأ الأم بملاحظ استيقاظ طفلها في النهار أكثر، ولكن هنا على كل أم ان تلتفت الى أهمية نوم الطفل ليلاً، وليس في النهار، اذ غالباً ما تعاني الأمهات نوم الأطفال لأوقات طويلة في النهار، وبالتالي يسهرون كثيراً في الليل. وشددت على وجوب تنظيم الأم لنوم طفلها حيث يجب ان تضمن له الفرصة كي ينام مرة في النهار، لأنه يحتاج الى النوم مرة على الاقل في النهار».

أما حصول الطفل على ما يحتاج إليه من الغذاء، فهي من الأمور التي اعتبرتها حويك تؤثر كثيراً في نوم الطفل مساء، فغالبا ما يستيقظ الطفل في الليل، لاسيما في الاشهر الأولى لأنه يكون جائعاً، أو لم يحصل على ما يكفيه من الغذاء حتى يشعر بالشبع حتى الصباح. وأكدت أنه من الممكن للأمهات البدء بإدخال الوجبات الخفيفة على النظام الغذائي للطفل منذ الشهر الثالث، في حال شعرت الأم بأنه يستيقظ ليلاً، لأن المسألة هنا ستكون مرتبطة بالجوع، ولا يجب أن يتناول الأطعمة الجامدة قبل الشهر السادس.

وتابعت حويك، أن «الأمهات العاملات يؤخرن فترة نوم ابنائهن لأنهن يعتقدن أنها فرصة كي يمضين معهم وقتاً أطول، لكني كطبيبة أنصح الأمهات باستغلال الاجازة الاسبوعية مع الطفل، والحرص على جعله ينام على الاقل 10 ساعات يومياً، لاسيما حين يدخل المدرسة».

ورأت ان النشاط المفرط هو ناتج عن الضجيج والصخب في الامور التي يتعرض لها الطفل في حياته اليومية، لاسيما وجود التلفزيون والآي باد وغيرها من الامور التي ترافق الطفل بشكل يومي، والتي تؤثر في نومه.

روتين يومي

قالت القابلة القانونية، سيسلي دي سكالي، إن أهمية تأمين الروتين اليومي هو الحل لحصول الطفل على القسط الكافي من النوم وتجنيبه اضطرابات النوم، مبينة أن نوم الطفل ليلاً يعتمد على الارضاع ومدى حاجة الطفل للحليب، فهو غالباً ما يستيقظ كل ثلاث ساعات في الاشهر الاولى، بينما مع تطوره على الأم ان توجد له الروتين الذي يمنعه من الاستيقاظ اكثر من مرة في الليل.

واعتبرت ان النصائح الاساسية التي يمكن ان تقدمها للأمهات لضمان نوم الطفل بشكل جيد، هي اولاً عدم ذهاب الأم للطفل عندما يبكي في أول مرة، وثانياً يمكنها ان تذهب الى الطفل لكن من دون أن تحمله، فيما من الضروري ان يكون هناك ساعة محددة لنومه، ومكان محدد، وكذلك ابتكار ادوات يمكن من خلالها تهدئة الطفل لاطالة الفترة التي يطلب فيها الحليب قليلاً. ورأت دي سكالي ان عادات الامهات الخاطئة والأسباب السلوكية عند الطفل هي التي تسبب الخلل في النوم عند الأطفال، حيث أن الأسباب الصحية التي تسبب الخلل في نوم الطفل قليلة جداً.

وأكدت دي سكالي أن الخلل في النوم يكبر مع الطفل ويصبح من الصعب اصلاح عاداته، حتى بعد أن يدخل المدرسة، مشيرة الى أن مشكلة الأطفال مع النوم في اوقات المدرسة تعتبر عائقة لاستيعاب الطفل الجيد في المدرسة.

ولفتت الى أن الأطفال الموصوفين في المدرسة بأنهم مشاغبون هم الذين لا يحصلون على حاجتهم من النوم ليلاً. واعتبرت ان حصول الطفل على القسط الكافي من النوم من الأمور التي يمكن لأي أم ان تتدبرها من خلال النظام الذي رأت انعكاساته أبعد من أن تكون على الطفل بشكل مباشر، بل على المجتمع بأكمله، حيث إن الروتين الجيد ينعكس ايجاباً على الأم والأب داخل المنزل ويزيد من نجاح الاسرة، وكذلك على عملهما خارج المنزل، الأمر الذي يكون له تأثيراته الايجابية في الدورة الاقتصادية والحياتية.

أما رؤية الاختصاصي فهي من الأمور الأساسية التي نصحت بها دي سكالي اي أهل يودون أن يؤمنوا لأطفالهم القسط الكافي من النوم ليلاً، وليسوا قادرين على كسر عاداتهم السيئة.

تويتر