مقاعد ومصابيح وساعات تتسم بالليونة والصلابة

الخرسانة تغزو عالم الأثاث

صورة

تشتهر المواد الخرسانية بقوتها وصلابتها في الأعمال الإنشائية، لذلك يعتمد عليها المعماريون في الأساس لتشييد المباني وإقامة الجسور. ولكن هذه المواد أصبحت تجد لها بعض الاستخدامات الأخرى، حيث تغزو حالياً عالم الأثاث المنزلي وأصبحت تستخدم في تصميم المقاعد والمصابيح وغيرها من إكسسوارات غرفة المعيشة.

تجريب

يؤكد المصمم ماكروت بتوليف على أنه يجب على المرء تجريب مثل هذه الحيل، لأن معظم هذه المنتجات تظهر في إطار التجريب، وغالباً ما يكون ذلك في كليات الفنون التطبيقية أو معاهد التصميم بالتعاون مع شركات التقنيات الفائقة، المتخصصة في تطوير مواد حديثة مرتبطة بالأسمنت. وخير مثال على هذا التعاون ماكينة الإسبريسو التي قدمها المصمم شموئيل لينسكيس، حيث تم تصنيع جسم الماكينة من الخرسانة، بينما اعتمد على الفولاذ الفاخر (الاستانليس ستيل) في تصنيع الأزرار والفلاتر.

«القماش الخرساني»

يعتبر فلوريان شميد واحداً من مصممي الديكور في مدينة ميونيخ الألمانية الذين يعتمدون على الخرسانة في إبداعاتهم الفنية، حيث تتألف تشكيلة المقاعد مما يُعرف باسم القماش الخرساني. وتتمحور فكرة هذه الخامة حول تقوية القماش المشبع بالأسمنت من خلال إضافة الماء، بحيث يتحول إلى أسطح خرسانية رقيقة وقوية للغاية فضلاً عن مقاومتها للماء والحريق.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم تطوير هذه الخامة في الكلية الملكية للفنون بالعاصمة البريطانية لندن، من أجل استخدامها في حالات الطوارئ، حيث يمكن استخدام خامة الخرسانة الفريدة من نوعها في بناء ملجأ أو مأوى من القماش الخرساني الذي يشبه الخيمة بسرعة كبيرة. وقد تعرف المصمم الألماني شميد على خامة القماش الخرساني أثناء دراسته في لندن، وطلب نموذجا من هذه الخامة وقام بتجريب أفكاره الإبداعية لتصميم بعض المقاعد المبتكرة.

ويتم توريد القماش الخرساني على هيئة لفة كبيرة من القماش، التي تشبه ضمادة جبس كبيرة الحجم. ويمكن قطع هذه الخامة باستخدام مقبض فليكس كما يمكن خياطتها، كما يظهر في المقعد الخرساني من إبداع المصمم الألماني شميد، الذي يقول «عندما يتم إضافة الماء إلى القماش الخرساني لأول مرة، فإنه يتصلب ويصبح في قوة وصلابة الصخر، غير أن الطبقة العلوية تظل ناعمة ووثيرة كأنها قطعة من القماش».

ويحظى هذا التناقض بخلطات الخرسانة المبتكرة بتقدير مصممي الأثاث والديكور، حيث يمكن لهذه الخامة التي تتمتع بقوة وصلابة فائقة، أن توحي بمظهر ناعم ووثير، علاوة على أن الإكسسوارات التي تبدو بمظهر مرن ولين، يمكن أن تتمتع بسطح في غاية القوة والصلابة، وخير مثال على ذلك مصباح {like paper من تشكيلة dua التي أبدعها المصممان مريامأ أوست وسيباستيان أميلونغ من مدينة كاسل.

المصباح المُعلق

على الرغم من أن المصباح المعلق مصنوع من القماش الخرساني، إلا أنه يبدو كأنه مطوي مثل الورق، ويرجع سبب ذلك إلى أن الخليط يشكل ملامح القالب المصنوع من الورق، حيث تظهر الحواف والتجاعيد والطيات بشكل دقيق، ويستخدم المصمم الألماني قالباً ورقياً جديداً مع كل مصباح، لذلك فإن هذه المصابيح تبدو قطعاً فنية متفردة مصنوعة يدوياً.

معارض الأثاث التي شهدت خلال هذا العام إعادة إحياء هذه الخامة، إلا أن استخدامها في تصميم قطع الأثاث والإكسسوارات المنزلية ليست بالفكرة الجديدة على الإطلاق، حيث قام مهندس الديكور السويسري فيللي غول خلال حقبة الخمسينات من القرن الماضي بتصميم جميع تجهيزات المنزل من إصيص الزهور وصناديق الرمال، ومن أشهر هذه التصميمات مقعد الحديقة، الذي يتخذ شكل عروة، والمصنوع من خليط من الأسمنت والألياف.

وعلى الرغم من أن هذا المقعد أصبح من التصميمات الكلاسيكية، إلا أنه نال سمعة سيئة بسبب استعمال الحرير الصخري «الأسبستوس». وفي عام 2002 قام المهندس السويسري غول بتصميم الموديل الجديد «Loop» الخالي من الأسبستوس اعتماداً على نموذج .2002 ويظهر مقعد الحديقة على هيئة جدار مغلق من الألياف والأسمنت.

وهناك مجموعة من المصممين استخدموا الخرسانة في كثير من الأحيان مع خامات أخرى، فمثلاً قام المصمم كونستانتين غرسيك بمواءمة موديل من المقعد «hair One» عن طريق استخدام قاعدة من الخرسانة، بينما تم تصنيع مسند الظهر من الألومنيوم، كما قدم المصمم كريستوف بيليه قاعدة من الخرسانة للموقد بينما يحيط باللهب إطار زجاجي.

كما قدم المصمم راينر موتش خامة القماشي الخرساني في المكان، التي تصلح للاستخدام فيه بشكل جيد للغاية، حيث قدم الأريكة «Dune» المصنوعة من الأسمنت والألياف، والتي تمتاز بمقاومتها للمؤثرات الجوية وتصلح لوضعها في الحديقة أو شرفة المنزل. أما صموئيل ترينديل فيعول على وسادات الجلوس المصنوعة من الخرسانة مع مقاعد بأرجل من أغصان الأشجار التي لم يتم معالجتها.

ساعة خرسانية

بالإضافة إلى ذلك قامت ساشا كسيرني بتصميم ساعة حائط من الخرسانة. كما يمكن استخدام هذه الخامة في منتجات الحياة العصرية، حيث صممت أليكسا ليكسفيلد غطاء من الخرسانة لقنينة العطور الخاصة بها. ويمكن استخدام الخرسانة في تشكيلات متنوعة، على سبيل المثال في توليفة مع ألياف الزجاج أو الكربون أو بدونهما، ويقول هولغير كوتزان من مركز استعلامات الخرسانة بمدينة دوسلدورف الألمانية «بالنسبة لقطع الأثاث الخرساني ذات المتطلبات العالية غالباً ما يتم استعمال الخرسانة عالية الأداء وذاتية الضغط أثناء عملية الإنتاج». ويمتاز هذا النوع بأنه غير مسامي أو غير قابل للنفاذ فضلاً عن تمتعه بمقاومة شديدة للغاية، ويقول الخبير الألماني «يمكن استعمال القماش الخرساني في تصميم قطع أثاث ذات صياغة تخريمية للغاية، لأن الألياف التي يتم إضافتها للخرسانة تضفي على قطع الأثاث القوة والمتانة المطلوبة».

وحتى يتمكن المصمم من تشكيل القطع الفنية المصنوعة من هذه المادة الصلبة، فإنه غالباً ما يحتاج إلى إيجاد أساليب جديدة واتباع طرق مبتكرة وخلاقة لمعالجة الخرسانة، مثلما فعل المصمم تيم ماكروت عند تصميم أيقونته الشهيرة «FALT.serie».

ويقول المصمم الألماني من مدينة كاسل «من خلال لف الخرسانة الرطبة يمكن الحصول على جدران رقيقة للغاية وشديدة الصلابة». وبعد ذلك يمكن طي الأجزاء، التي تصبح متينة للغاية بعد أن تجف، فضلاً عن أنها تكون خفيفة الوزن، حيث لا يزيد وزن غطاء المصباح «FALT.leuchte» على 1400 غرام.

ويقوم المصمم ماكروت بتوليف القماش الخرساني مع المواد الأخرى مثل الخشب، وفي هذه الحالة لا يلزم استعمال مواد لاصقة أو مسامير. وأوضح المصمم الألماني أن طبقة من الخرسانة فائقة الصلابة بسُمك 5 ملليمترات تحيط بالجزء العلوي من أرجل المقعد، ويقول «الحد الأدنى لانكماش الخرسانة يكفي لتثبيت أرجل المقعد المصنوعة من خشب الدردار المعالج حرارياً في وسادة الجلوس بإحكام ودون استخدام أية وسائل تثبيت».

تويتر