مظهر للبهجة رغم تغيّر صورها

«العيدية».. من النقود إلى الهدية

صورة

مع تبدّل الكثير من العادات، لم تسلم «العيدية» المرتبطة بموسمي الفرحة في العيدين، هي الأخرى من التغيير، ففي السابق كانت العادة إعطاء الأطفال النقود ليشتروا بها ما يحبون من الألعاب أو الحلوى، وترك «العيدية» للصغار في أكياس أعدوها خصوصاً قبل العيد لجمع النقود فيها، بينما حالياً بات البعض يميل إلى تحويل العيدية إلى هدية. وعلى الرغم من هذه التبدلات في أشكال ومظاهر العيدية، فإنها تبقى الفرحة التي تجمع الصغار والكبار.

وقال المصـري فهمـي عـبدالعـزيـز (أب لطفلين): «إنه لا يعطي ولديه النقود في العيد، بل يذهب إلى محل الألعاب ويترك لهما الفرصة ليختارا ما يريدان، ولكن غالباً ما يضع ميزانية للهدايا، بحيث إنها لا تتخطى المبلغ الذي كان سيسلمه لكل منهما في حال كان سيعطيهما مالاً»، معتبراً أن الحياة في الغربة تفرض هذا النوع من التعامل مع مظاهر العيد «فليس سهلاً على المقيم ممارسة عادات وتقاليد بلده، بسبب طبيعة الحياة المختلفة، وكذلك طبيعة الأنشطة التي يفرضها المناخ التي غالباً ما تكون في أماكن مغلقة».

مظهر للفرحة

أماكن الألعاب

 

قالت التونسية آمنة السوسي: «إن أولادي يفضلون قضاء يوم العيد في مدينة الألعاب، ولذا يجمعون النقود ونأخذهم إلى إحدى المدن الترفيهية، وغالباً ما يحصلون على الهدايا من هناك لأنهم يلعبون كثيراً ويجمعون الكثير من النقاط التي يستبدلونها بالهدايا»، مشيرة إلى أنها تفضل تقديم العيدية، وإن كانت بسيطة، لأن الاطفال يحبون الحصول على المال، والشعور بأنهم قادرون على استخدامه بحرية في هذا اليوم.

اللبناني محمد طباجة، قال: «إنه لا يستطيع ممارسة عاداته الاجتماعية كما هي تماماً في لبنان»، مشيراً إلى أنه لا يمنح أطفاله العيدية بل الهدايا، بسبب عدم امكانية نزول الأطفال إلى الشارع، أو مناطق الألعاب، وصرف العيدية كما يحلو لهم، معتبراً أن الهدايا باتت من مظاهر العيد في العصر الحديث، إذ يلجأ اليها معظم الأهالي كي يشتروا لأولادهم الألعاب، وبالتالي يخففـون عبء توزيع الأموال على أطفال العائلة جميعاً.

ورأى طباجة أن منح الأطفال العيدية يعد من المظاهر التي تفرح الصغار والكبار على حد سواء، إذ إن منح الأطفال البهجة في يوم العيد يسر قلوب الكبار كثيراً.

واتفقت معــه، اللبنانيـة منال قاسـم (أم لطفل)، مضيفة أن «الاختلاف في مظاهر العيدية نجم عن طبيعة الحياة المختلفة»، مشيرة إلى أن العائلة الممتدة في المواطن الأصلية للمقيمين تتيح للأطفال جمع الكثير من الأموال، وبالتالي تكبر فرحتهم بالعيدية، ولكن بما أن العائلات المقيمة غالباً ما تقتصر على الأب والأم، فإن الهدايا تعد أفضل للطفل.

ولم تنفِ منال أن عادة جمع الأطفال للنقود، قد تبعث الفرحة في نفوسهم أكثر من الهدايا، كونها تبعث البهجة في قلوب الأهالي أيضاً، مشيرة إلى أنها قد تعوّد أطفالها لاحقاً على مسألة العيدية عندما يكبرون ويصبحون قادرين على صرف الأموال في المكان الصحيح.

ميزانية

رأى المواطن عبداالله الشامسي (أب لأربعة اطفال)، أن العيدية تتطلب ميزانية مستقلة عن مصاريف العيد، لاسيما مع كثرة الأطفال في العائلة، مشيراً إلى أنه يقدم الهدايا والنقود إلى أطفاله، ويحاول أن يقسم المبلغ المخصص لعيدية كل طفل ليكون كافياً لشراء هدية، وكذلك ليكون لديه بعض المال لشراء ما يرغب من حلويات.

وقال الشامسي إن «العيدية تتطلب ميزانية خاصة، لاسيما أنه لا يمكن تقديم أي هدية عادية للطفل في هذه المناسبة، علاوة على أن كثيرين من الأطفال اليوم باتوا أصحاب طلبات كثيرة، ولا يمكننا أن نبخل عليهم بأي شيء»، معتبراً مسألة المحافظة على العادات من أساسيات التربية، فلابد من الالتفات إلى كيفية غرس هذه العادات في نفوس الأطفال كي يحافظوا بدورهم عليها حين يكبرون.

من جانبه، ذكر المصري محمود إبراهيم، والذي يعيش في الإمارات منذ خمس سنوات (أب لطفلين)، أنه لا يعطي ابنيه النقود، بل يفضل شراء الهدايا لهما، مشيراً إلى أنهما مازالا صغيرين على حمل النقود، فهما لا يمكنهما الذهاب إلى المتجر وحدهما، لافتاً إلى أنه حينما يصبح طفلاه قادرين على التداول بالمال واحتساب قيمته سيغرس فيهما هذه العادة، لأنها تدخل ضمن المنظومة الاجتماعية الخاصة بثقافتنا، ولا يريد أن يشعر أطفاله بأي من هذه الفروقات أو الاختلافات.

ذكريات

أشارت المواطنـة سارة الكتبي، إلى أنها تفرح بتقديم العيدية إلى أطفال أخيها، لافتة إلى أن الطفل لا يهتم بقيمة الأموال التي يحصل عليها من كل شخص، إذ إنه يفرح بفكرة جمع النقود، والمحصلة النهائيـة لما قدم إليه منها، مؤكدة أن أفراد عائلتها يحافظون على تقليد العيدية، فلا يشترون الهدايا للأطفال، بل يقدمون العيدية، وبعدها يقـوم والد الأطفال بأخذهم إلى محل بيع الألعاب ليشتروا ما يحبون في هـذا اليوم.

واستعادت سارة بعض ذكرياتها مع العيدية قائلة: «أكثر ما اذكره ويضحكني بخصوص العيدية هو عد أو احتساب المبلغ النهائي، إذ أذكر أنني كنت أعد المبلغ كل ساعة تقريباً، وكذلك أعد المبلغ قبل وبعد شراء أي لعبة».

صعوبة خروج الأطفال وحدهم من المنزل تدفع السورية (أم محمد) لشراء الألعاب بدلاً من العيدية لأطفالها، وقالت (أم محمد): «غالباً ما نقضي العيد في الإمارات، فابنتي الوحيدة ولدت هنا، ولا تعرف عاداتنا لجهة إعطاء العيدية، ولم أجد يوماً أن طريقة تطبيق عاداتنا مجدية بالنسبة إليها، ففي سورية تنتشر في الأسواق الشعبية محال بيع الألعاب، والتي غالباً ما تكون رخيصة، بينما هنا يصعب الحصول على هذه الأسواق نفسها، كما أن الطقس الحار يجبرنا على أن نقدم الهدايا لأطفالنا بدلاً من العيدية».

وأشارت إلى أن هذه التغييرات التي نعيشها تؤثر في تعاطينا كأفراد مع المناسبات، ولهذا غالباً ما نسمع الجميع يردد «كانت أعيادنا مختلفة».

تويتر