مطالبات باستحداث وزارة ولجنة تنسيقية لحماية التراث الإماراتي

«الشارقة الرمضاني»: اللهجة الإماراتية فـــي خطر

عوامل كثيرة تسهم في اهتمام الجيل الجديد بتراثه. تصوير: أشوك فيرما

تواجه اللهجة الإماراتية تغيرات في أساساتها، إذ باتت تتعرض لما وصفه مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عبدالعزيز المسلم، بخطر «التبسيط» والتشويه، لاسيما أن الكثير من الأعمال الدرامية والإعلانات التجارية، سواء التلفزيونية أو الإذاعية صارت تستخدم اللهجة الإماراتية، ولكن بطريقة خاطئة ومن قبل أشخاص لا يتقنونها.

وأكد المستشار والمدير التنفيذي لقطاع المواقع التراثية والآثار في دائرة السياحة والتسويق في دبي، عبدالله المطيري، على أهمية ايجاد لجنة توافقية تنسيقية للاهتمام بالتراث على مستوى الدولة، لافتاً إلى أهمية التنافس بين الدوائر والجهات المعينة، إلا أن الجهود لاتزال فردية ومحاولات على مستوى كل إمارة على حدة، كما يجب أن يستحدث مجلس معني بالتراث ويتم التركيز على الفعاليات والأنشطة على مستوى الدولة، ويتوجب تنظيمها سنوياً على أن تتناول العادات والتقاليد الإماراتية.

فيما طالب مستشار التراث والتاريخ المحلي بدائرة التنمية السياحية في عجمان، علي المطروشي، باستحداث وزارة للتراث كما هي الحال في سلطنة عمان، أن تكون الجهود مكثفة ومركزة على التراث فقط. في المقابل، دعا مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عبدالعزيز المسلم إلى توحيد الجهود على المستويين المحلي والاتحادي قبل البدء في المشروعات التراثية، وأن تتم الاستعانة بالكوادر الاماراتية المحترفة.

الموروث الثقافي والهوية أولاً

 

أكد رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، أهمية توجيهات ومبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الحفاظ على الموروث التراثي والثقافي لدولة الإمارات، وتعزيز الاهتمام بالهوية الثقافية. وأوضح إن «مبادرة مركز الشارقة الإعلامي في الحفاظ على اللهجة الإماراتية من التشويه الذي طرأ عليها نتيجة استخدام مصطلحات بعيدة عن قاموس اللهجة الاماراتية في العديد من المواد الإعلانية التي تبث عبر الإذاعة والتلفزيون، يدل على حرص المركز على دعم كل ما من شأنه دعم الهوية الثقافية والتراثية للإمارة التي تأتي أولا». لافتاً إلى أهمية ما حققته الجلسات الرمضانية لمركز الشارقة الإعلامي من فائدة في تبادل الآراء والأفكار .

تبسيط وتشويه

أكد المسلم أن «تبسيط اللهجة حصل في الخمسينات، نتيجة تبادل الثقافات بين الشعوب التي وفدت للإمارات، واستمر ذلك التبسيط ليكون هناك تواصل أكثر بين الناس، فيما حصل التشويه للهجة الإماراتية وبالتحديد بين أبناء الجيل الجديد الذي لا يتقن اللهجة أصلاً، فبات كثيرون يستخدمون كلمات ومصطلحات عامية قديمة في غير محلها».

وقال المسلم في جلسة «التراث الإماراتي.. الواقع والطموح»، التي نظمها المجلس الرمضاني الخاص بمركز الشارقة الإعلامي، اول من أمس، إن «اللهجة البيضاء التي باتت مستخدمة في أغلب التداولات الحياتية بين الإماراتيين، إنما هي لهجة مشوهة، ولا تمت للهجة الإماراتية بصلة، خصوصاً أن هذا التشويه جاء بشكل تدريجي لاسيما مع بدايات المسرح ووفود مسرحيين عرب للدولة، ومحاولات الوصول بهذا الفن إلى الجميع، إضافة إلى بروز الفن التمثيلي، الذي بات يحتاج إلى تخفيف وتغيير من تلك اللهجة التي قد يستصعبها الكثيرون».

وحمل المسلم الإعلام جزءاً من مسؤولية هذا التشويه، في وجود إعلانات تلفزيونية تبث على قنوات محلية وفضائية لمؤسسات إماراتية تستخدم اللهجة الإماراتية بطريقة خاطئة، منها إعلان لمؤسسة الاتصالات وبنك الخليج الأول، يقدمان عروضاً ترويجية بلهجة محلية مشوهة».

مشيراً إلى أن «هذا التنوع في استخدامات اللهجة الإماراتية وأفقدها الكثير من خصوصيتها، لاسيما أنها باتت تستخدم من قبل أشخاص غير إماراتيين لا يستطيعون اتقانها أصلاً، كما أن الجيل الجديد كان له دور واضح في ذلك التشويه، من خلال تحويل المنظر البصري إلى كلمات دخيلة منها المعربة ومنها الانجليزية».

المجالس مدارس

قال مستشار التراث والتاريخ المحلي في دائرة التنمية السياحية في عجمان، علي المطروشي، إن «المجالس القديمة كانت تعد المدرسة الحقيقية للحياة، التي يتعلم فيها الأطفال أصول الحديث وتعاملات الرجال وأصول الكلام، وكل ما هو مرتبط بالعادات والتقاليد من «سنع» و«مذهب»، بما في ذلك اللهجة الإماراتية الأصيلة، أما في الوقت الحالي فباتت المجالس مخصصة للتسلية ولمضيعة الوقت فمنها للعب الورق والبلاي ستيشن ومشاهدة المباريات، فكل ذلك أثر في اللهجة الإماراتية على اعتبار أن لكل عصر مجلسه».

ولفت إلى أن «المربيات لهن دور كبير في تدهور اللهجة الإماراتية لاسيما أن الطفل يمضي وقت طويل مع الخادمة فيتعلم منها اللهجة التي لا يمكنها أن تتقنها، كذلك الحال بالنسبة للمدارس ودور التعليم التي تتكون من خليط من اللهجات المنسجمة فيما بينها، ليصبح الطفل يتكلم بلهجة بيضاء أو لهجة مختلطة».

وتابع أن«للأسرة دوراً كبيراً في تعليم الأبناء اللهجة الإماراتية، كما لوسائل الإعلام دور آخر في الحفاظ على تلك اللهجة وحمايتها من التشويه، لاسيما في وجود اعلانات تشوه اللهجة الإماراتية، إذ يفترض في رب الأسرة أن يلزم أبناءه التردد على المجالس، وتحديداً المجالس التي يمكن من خلالها تعلم العادات والتقاليد القديمة».

«الكندوة» غير

بالتطور الحاصل وبالانفتاح على العالم، تأثرت الهوية الوطنية وتغيرت اللهجة المحلية، وفق المطروشي، الذي أكد أن «الفارق بين الأجيال بات واضحاً، حتى ان أهل البادية سابقاً أصبحوا «حضراً» في ظل التطور وتغير الحياة، وظهر ذلك التغيير جلياً على أسماء الأشخاص والبيئة التي يقطنونها، حتى انه طال طريقة المعيشة والملابس والسفرة الإماراتية التي لم تعد تضم أطباقاً اماراتية بحتة».

ولفت إلى أن «الكندورة الإماراتية لم تعد كما كانت سابقاً في الخمسينات، لاسيما عندما ذهب الإماراتيون إلى الكويت والبحرين للعمل، فاقتبسوا الكندورة من المناطق التي تأثروا بها، وتركوا الكندورة الإماراتية التي كانت معروفة بالكندورة العربية، إذ لم تكن تضم «الفروخة»، وهي حزمة من الخيوط القطنية تتدلى من الكندورة، وظهرت «الفروخة» في الثمانينات». حتى زي المرأة تغير، إذ كانت العباءة تلبس على الرأس، أما الآن فدخلت عليها تغيرات كثيرة وتصاميم غريبة، كذلك الحال بالنسبة للبرقع الذي تغير واستبدلته المرأة بالغشاوة أو «الغشوة»، ثم انتقلت المرأة في الثمانينات إلى ارتداء النقاب المقتبس من دول أخرى كاليمن.

جهود تراثية

وأكد المطيري ان «الدائرة تقوم بجهود واضحة، ولكن نحن بحاجة إلى دعم حكومي ومجتمعي، سواء من الإعلام أو المؤسسات ذات الصلة، كما هناك معاناة واضحة، وهي غياب الإماراتيين عن زيارة المتاحف والاهتمام بالتراث، الأمر الذي تتحمل مسؤوليته الكثير من الجهات الحكومية والأسرة ووسائل الإعلام».

ودعا المطيري جميع المواطنين إلى إحياء تراث الأجداد والآباء، وإبرازه وتطويره، وغرس مفاهيم الأصالة والتراث في نفوس الجيل الصاعد، وتربيتهم على التواصل مع الماضي المجيد للأجداد، كما ناشد المؤسسات الثقافية والتربوية والأكاديمية العمل المنظم والجاد لتعريف الأجيال بإرث بلادهم الحضاري والثقافي، ليكون ذخراً لهذا الوطن وللأجيال المقبلة. مشيراً إلى التعاون المستمر بين إمارتي دبي والشارقة في مجال احياء التراث، والعمل الدؤوب على إقامة نشاطات مشتركة وفعاليات تراثية، وتبني مبدأ التميز في أعمالهما، وإدراكهما أهمية العمل معاً لتحقيق المنفعة المشتركة.

تويتر