«حق الليلة».. فرحة أسرية أشبه بالعيد

صورة

في عالم الأطفال، قد تكون الحلويات بأغلفتها الملونة اللماعة، والفرحة الداخلية لما تخفيه تلك الأوراق المرحة الملفوفة، من قطع مسكرة حلوة المذاق لحلويات من مختلف الأنواع والأشكال، هي أكثر ما يثير فرحتهم، إلا أن «حق الليلة» الذي يحتفل به الأطفال في منتصف شعبان من كل عام الموافق يوم أمس، يحمل بين ساعاته سحرا آخر، أقرب في متعته إلى العيد، كونه يوما جامعا، يتأهب له أطفال الأسرة الواحدة، وتتحول رحلاتهم الصغيرة إلى متعة جماعية تغدق عليهم متعة تجميع تلك القطع الملونة المسكرة.

قد تختلف تفاصيل «حق الليلة» بين عقد وآخر، فبينما كان أطفال المنطقة الواحدة يكونون مجموعات صغيرة تنتقل بين منزل وآخر ليجدوا أبوابا مفتوحة تنتظر وصولهم، وتعبئ أكياسهم الصغيرة القماشية بالحلويات والمسكرات، صار الأمر أكثر هدوءاً، خصوصا في الأسرة الواحدة فقط، تنتقل فيه الأسرة إلى منزل العائلة الكبير أحيانا، لتوزع الجدة على أحفادها ما جهزته لهم مسبقا من حلويات.

تقول أم بطي وحمدان الجناحي، «في الثمانينات، كنا نسارع للخروج في ساعات العصر الأولى، ورغم شدة الحر في مجموعات كبيرة نردد أهازيج وأناشيد «حق الليلة» أو «حق الله»، بحثا عن تلك المنازل المشرعة أبوابها بانتظار وصولنا، فنتسابق للحصول على أكبر كمية من الحلويات والمكسرات والتسالي التي كانت أحيانا تغرف باليد، بينما كانت في أحيان أخرى تتضمن العصائر وأكياس البطاطس المقرمشة، لنعود إلى منازلنا متحمسين، لتذوق ما تحمله أكياسنا الصغيرة من مفاجئات لنا».

وتضيف الأمر يختلف الآن، فعلى الرغم من أنها تحرص كليا على إحياء هذه العادة بين توأميها بطي وحمدان، كما تحرص على أن تحمسهم لهذا اليوم، من خلال شراء ملابس خاصة بهذه المناسبة، ذات ألوان وتطريزات وأشكال مختلفة، «والتي تجعلهما يشعران بأهمية هذا اليوم وقيمته، إلا أن الأمر أصبح أقرب في فكرته إلى تجمعات العيد الأسرية، فمع بعد المسافة بين منازل الأسرة الواحدة، أصبحنا نتنقل بأطفالنا بين منازل الأسرة الكبيرة، مثل منزل الجدين، والعمات، وهكذا». وقالت «هذا العام قمنا بزيارة والدتي، إذ قامت بتجهيز مجموعة كبيرة من الحلويات الموزعة في أكياس أنيقة وجميلة مستوحاة من الحدث، تحمل بداخلها مجموعة من الحلويات التي يفضلها أحفادها، بينما نجتمع نحن الأخوات في مثل هذا اليوم، كما لو كان نجتمع لشيء أقرب في روحه إلى العيد»، مبينة أن مثل هذه العادات المميزة «يجب أن تبقى دائما حية فينا وفي أطفالنا، ويجب أن تكون دائما حاضرة في ذهننا، كما أننا ومع مرور الوقت، أصبحنا أكثر حاجة للبحث عن تلك المناسبات البسيطة ربما في فكرتها، إلا أنها تحمل لنا نوعا خاصا من الفرح، يحيط به كم كبير من ذكريات الطفولة الجميلة».

أكثر أناقة

الابتكار والتصميم أمران يتسللان دائما إلى كل تفاصيل الحياة، ولم يسلم «حق الليلة» منه أيضا، بل أصبح البحث عن أزياء مميزة خاصة بهذه المناسبة، عادة سنوية تقوم بها الأمهات اللاتي لايزلن يحرصن على إحياء هذه العادة في أسرهن الصغيرة، وتقول صاحبة العلامة التجارية «الود بن 2» وداد المهيري، إن هناك كثافة كبيرة في طلبات الشراء على تصاميم الأولاد والفتيات الخاصة بهذه المناسبة، مشيرة إلى أن القطع غالبا ما تتفاوت بين «الصديريات والقبعات المستديرة المطرزة بالخيوط الذهبية والفضية، والتي يتم ارتداؤها فوق ثوب الأولاد (الكندورة)، إضافة إلى الحقائب القماشية المزينة بألعاب ورقع أقمشة ملونة وتطريزات خاصة، مشابهة في فكرتها وشكلها الملابس المصممة للمناسبة».

وتضيف المهيري أن «فساتين الفتيات غالبا ما تميل إلى الشكل الخليجي التقليدي، إلا أنني قمت بتطوير القصات لتكون عملية أكثر للأطفال، كما أنها تزاوج بين قصات عدة، فهناك من القطع ما يزاوج بين الجلابية الصغيرة أو القميص الطويل والسروال المشابه في طبعاته المخططة والملونة بتطريزات من (التلي) التقليدي على الصدر والرجلين، كما أنني عملت على تطوير القصات للتزاوج مع قصات أخرى من ثقافات أخرى، معتمدة خامات تقليدية من الشيفون المعرق بالخيوط الذهبية، والمكون من قمصان ذات فتحات طويلة وسراويل مطرزة على الكاحل»، موضحة أن ملابس الفتيات غالبا ما تتزين بإكسسوارات أو ذهب مستوحى من قطع الذهب القديمة التراثية، «مثل المرية والمرتعشة، والطاسة، والتي غالبا ما تضيف لمسة جميلة جدا إلى القطع».

وتؤكد المهيري أن الأمر لا يقتصر على طلبات الملابس الخاصة بالأطفال من كل الأعمار، «بل هناك الكثير من الأمهات اللاتي يحرصن على أن تطالهن أيضا فرحة (حق الليلة)، فهناك طلب كبير أيضا على الجلابيات الخاصة بهذه المناسبة، والتي غالبا ما تكون ذات قصة تقليدية واسعة، إلا أنني أحرص دائما على أن تكون متعددة الألوان، وذات رقع وطبعات زاهية الألوان وتحمل طابعا تقليديا، كما أنني أقوم بتزيينها بالتلي أيضا».

توزيعات

لم تعد الأكياس القماشية المربعة، التي تحمل حلويات الأطفال في السابق وفرحتهم معها كافية، بل أصبح تصميم هذه الحقائب إحدى المتع الخاصة، التي تحرص الأمهات في كل عام على البحث عن المميز منها، وتقول وضحة الصياح، أم محمد وخليفة مروان الصياح، إن «الأمر اختلف تماما في هذه الحقبة من الزمن، فأصبحنا نبحث كل عام على موضة جديدة من الملابس، وتصاميم جديدة لأكياس التوزيعات التي نقدم فيها الحلويات للأطفال، لم تعد الفكرة بسيطة، بل أصبحت المتعة في ما يرتديه أطفالنا في هذا اليوم، والفكرة التي نقدم فيها الحلويات لهم، بل أصبحت حماسة الأطفال «في القيام صباحا والبحث عن ملابس حق الليلة المجهزة لهم مسبقا، وارتداء الحقيبة الملونة بانتظار أن الذهاب إلى منزل الجدة والاجتماع مع بقية أطفال الأسرة الواحدة، ورؤية ما يحمله كل منهم من هدايا وحلويات».

وأوضحت المهيري أن «تصاميم أكياس التوزيعات تتنوع وتختلف بألوانها وأشكالها وتصاميمها، منها المشابه لشكل الكيس، ومنها المربع الصغير، ومنها المقارب لشكل القماش المربوط المتجمع من الأعلى، وجميعها تكون مستوحاة من أجواء هذا اليوم، والتي غالبا ما تكون تراثية تقليدية، أو تحمل أفكارا لجلابيات، أو خامات تقليدية ملونة، أو أقمشة مزركشة ومطبعة، وكل ما يمكن أن يثير فرحة وانتباه الأطفال».

تويتر