جابر المطيوعي: تكاثر المها العربية حقق نجاحاً منقطع النظير

محمية المرموم.. ملاذ آمن للحيــوانات والطيور

صورة

على الرغم من أن المتعارف عليه هو أن المحميات الطبيعية تكون محددة المساحة ومسيّجة، إذ يسهل إدارتها وحمايتها، إلا أن الأمر يختلف تماماً مع محمية المرموم التي تمتد على صحراء دبي، كما أنها غير مسيّجة، بل مفتوحة لعموم الناس.

وتضم المحمية أنواعاً متعددة من الحيوانات والطيور، وتعيش فيها قطعان من الجمال والغزلان والمها العربية، وأسراب من الصقور، علاوة على طيور برية وبحرية مهاجرة تجد في المحمية استراحة وملاذاً آمناً لها قبل استكمال رحلاتها، كما أن المحمية أصبحت مكاناً طبيعياً لكثير من الطيور والحيوانات.

وكانت المحمية بدأت بنقاط محدودة للغذاء والماء، وكذلك بأعداد الحيوانات والطيور، لكنها تطوّرت بشكل كبير نتيجة رعاية واهتمام ودعم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي وجّه بتطوير المحمية وتشجيرها وحمايتها، إذ تعد من أكبر المشروعات الطبيعية والبيئية والحيوية.

ويعد إتاحة الدخول للمحمية من قبل العموم، من أكثر الأمور التي تزيد من صعوبات العمل فيها، وتعرض الحيوانات لخطورة الصيد أو المخلفات التي يتركها بعض الزوار في الصحراء. وقد عمدت إدارة المحمية على وضع لافتات في مداخل إمارة دبي، وفي مناطق ضمن المحمية تحذر من الصيد ورمي المخلفات التي تتسبب في أضرار كبيرة للكائنات والطبيعة.

وكان فريق «الإمارات اليوم» شاهداً على حادثة نشوب كيس مظلة في رأس مها عربية، كما شاهد الفريق خلال جولة في المحمية حدثاً متميزاً ونادراً تمثل في ولادة اثنين من المها.

بداية

قال مسؤول محمية المرموم، جابر المطيوعي، عن بداية العمل في المحمية: «انطلقنا في بداية عام ،1999 وذلك حين كان المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم في رحلة صيد، وجدنا في إحدى المرات غزالاً نافقاً، ووقتها سأل الشيخ مكتوم عن الحل لمشكلة نفوق بعض الحيوانات بسبب الجفاف وقلة المرعى، وكان الحل في توفير محطات لتزويد الحيوانات بالمياه والأكل يومياً».

ولفت المطيوعي إلى أن البداية كانت مع ما يقارب الـ20 نقطة، كان يوضع فيها الماء والأكل للحيوانات، وكان فريق العمل متواضع العدد، فيما اليوم فريق العمل مكون من 10 أشخاص يقومون بوضع الأكل للحيوانات والطيور، كما أنهم يبلغون عن وجود مشكلات إن لاحظوا بعض العلامات الغريبة على الحيوانات في المحمية.

وأوضح أنه «في البداية عملوا على نقل الحيوانات من مشاريع «دبي لاند» إلى المحمية، إذ تم نقل أكثر من 20 ألف من الحيوانات البرية من الزواحف والثدييات، على مدى سنتين». وأكد المطيوعي أنه كان يشرف بنفسه على عملية نقل الحيوانات التي كانت تقوم بها ثلاثة فرق، تتناوب على العمل، خصوصاً أن بعض الحيوانات ليلية، ولا يمكن مشاهدتها في النهار من أجل نقلها.

الصيد ممنوع

قال المطيوعي إن «النقاط التي يوزع بها الطعام والماء في المحمية، تطورت عبر مراحل، إذ إنه في كل شهر أو شهرين كان تتم إضافة نقطة جديدة، لوضع الغذاء للحيوانات حتى وصل عدد النقاط إلى 60 نقطة، الأمر الذي يجعل الحيوان قادراً على تناول الطعام أينما توجه، لاسيما أنه يتم تظليل النقاط في فصل الصيف الحار».

وأشار إلى وجود دوريات مهمتها حماية الحيوانات من الصيد، إذ إن الدوريات ترصد من يحاول الصيد ويسلم إلى الشرطة، لافتاً إلى أنهم عملوا على نشر لافتات خاصة بمنع الصيد، تحمل أشكال الحيوانات، ومكتوب عليها باللغتين العربية والإنجليزية «ممنوع صيد الحيوانات والطيور البرية»، وهي منتشرة على جميع مداخل المحمية، وهذا يسهم في تخفيف تعرّض الحيوانات والطيور للصيد.

وتتنوع الحيوانات الموجودة في المحمية، فيما أكبرها، كما أكد المطيوعي، هو «المها العربية، التي تتكاثر بعدد هائل، وتكاثرها حقق نجاحاً منقطع النظير في الإمارات، ويأتي الغزال الدماني في المرتبة الثانية، بينما ثالثاً الريم ولونه أبيض، أما الضبان فهو يتكاثر أيضاً بأعداد هائلة».

وأضاف: «إلى جانب هذه الحيوانات، توجد الأرانب بشكل كبير، ففي أسبوعين تمكّنا من جلب 700 أرنب من مناطق المشروعات، وهو عدد لم يتمكن أحد من توفيره، الى جانب الضبان.. أما الطيور فمنها القطا، والحمام البري، وطير الصفرد.. أما عمليـة تكاثرها فهي متميزة بكونها جيدة، إذ وبحسب المطيوعي، تنجب الغزالة مولـوداً واحـداً في السنـة، بينما الريم ينجب اثنين، أما المها العربيـة فتنجب واحداً في كل مرة، وهي تتكاثر بشكل دوري ومستمر، لأن الطعام والماء والأمان متوافرة للحيوانات والطيور».

رعاية وجهود

حول رعاية الحيوانات في المحمية، لفت المطيوعي الى أن الحيوانات البرية لا يجب التدخل في رعايتها بما يفوق الحد، فلا يجب تحويلها إلى حيوانات داجنة، بل يجب أن تبقى في الصحراء وهكذا تعتاد على طبيعتها، فهي تأتي إلى الصحراء وتحصل على ما تحتاجه من غذاء وماء وتعود.. أما أمراضها فهي نادرة جداً، ولهذا لا قلق على الحيوانات في الصحراء، طالما يتوافر لها المأكل والأمان.

وبخصوص التوعية حول الحيوانات والتعريف بها، قال مسؤول المحمية، الذي يحفظ كل معالم الصحراء، إن «الخطة التي يتم العمل عليها هي إطلاق موقع إلكتروني يتضمن معلومات عن الحيوانات وكيفية تكاثرها وحمايتها»، مضيفاً أننا «نريد أن يتعرف الناس إلى الجهود التي تبذلها إدارة المحمية في حماية الحيوانات والطيور».

أما في ما يتعلق بالمشروعات والخطط الجديدة، فهي بحسب المطيوعي، تنطلق من زيادة نقاط التزود بالماء والغذاء، إلى جانب زراعة الأشجار، حيث إنه بناء على أمر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد تم زراعة عدد كبير من الأشجار، ومنها الغاف والسلم، الى جانب الرمث، وقد زرع في كل منطقة ما يقارب 20 ألف شجرة.

خطورة المخلفات

اعتبر المطيوعي أن ترك الصحراء والمحمية متاحة للدخول من قبل جميع الناس، هو من أجل اتاحة الفرصة للناس للتمتع بجمال الصحراء، داعياً الزوار إلى عدم ترك مخلفات بعد رحلاتهم، فكما يجلبون أغراضهم معهم عليهم أخذها معهم.

وحول أخطار المخلفات أكد أنها تسبب تلوث الصحراء وتضر بالحيوانات، فهي تسبب التلوث البيئي أولاً، وكذلك قد تحاول الحيوانات العبث بها أو تناولها، وهذا يسبب لها الكثير من الأضرار.

وقال إن «المخلفات تؤذي الحيوانات حين تعلق في رأسها، فهكذا نضطر إلى تخدير الحيوان ثم نقله إلى نزيل ما علق في رأسه، وبعدها نعيده الى المحمية».

والى جانب المخلفات، أكد المطيوعي أن «الدراجات الصحراوية تعد من الأمور التي تؤثر سلباً في الحيوانات، فهي تخيفها، كما أنها تتسبب أحياناً في تكسير بيض الطيور في وقت التزاوج، وتؤثر سلبا في التكاثر». ولهذا اعتبر أنه من الممكن زيارة الصحراء، ولكن عليهم أن يحرصوا على أن يكون وجودهم غير مضرّ بالحيوانات.


غرائب الثعلب والغراب



حول سلوك الحيوانات الغريبة، أكد مسؤول محمية المرموم، جابر المطيوعي، أن «معظم الحيوانات تبتعد عن السيارات والناس، وأنثى الغزال تبتعد عن القطيع في وقت الحمل، كما أنها لا تنام عند المولود ليلاً، فهي تنام بعيدة عنه، ولكن عندما تشعر بالخطر تقترب منه، فهي تراقبه من بعيد كي لا تلفت النظر اليه».

وقال إن «بعض الحيوانات تنقسم إلى طريدة ومفترس، وهذه المشاهد موجودة في المحمية، فالثعلب هو أكبر عدو للغزال والأرنب، لأنه يأكل الصغار».

أما الغرائب الأخرى فهي الأعمال التي يقوم بها الغراب، فهو يمكن تصنيفه من الحيوانات المؤذية التي تتكيف مع أي وضع في الصحراء، إذ يقتلع عيون الغزلان المولودة حديثاً، ما يؤدي إلى نفوقها، وبالتالي يتوافر له الغذاء لفترة طويلة.

تويتر