خبراء حذروا من تأثيرها الـــسيئ في « المتعاطي »

« المخدرات الرقمية ».. جرعات موسـيقية تغيّب الوعي

الموسيقى لغة روحية تؤثر في الدماغ. أرشيفية

بدأت تنتشر، أخيرًا، انواع من الموسيقى، يطلق عليها تسمية «المخدرات الرقمية»، تتميز بتأثيرها في الدماغ، بشكل يقترب من تأثير المخدرات بمختلف أنواعها، إذ تؤثر تلك الموسيقى في سامعها، وتفصله عن الزمان والمكان، بحسب الموقع الخاص بجرعات الموسيقى الرقمية «اي دوسينغ»، فيما حذّر بعض الخبراء من تأثير تلك الجرعات الموسيقية السيئ في «متعاطيها». بينما في المقابل هناك أنواع أخرى من الموسيقى تستخدم للعلاج، ولاسيما في امراض التوحد وغيرها. وجرعات الموسيقى الرقمية وفق «اي دوسينغ» عبارة عن نغمات سمعية، تغير الوعي عند الإنسان فتوجد مزاجاً يحاكي أمزجة الأدوية الترفيهية، والمخدرات على أنواعها، بدءاً من الكوكيين ومروراً بالهيروين ووصولاً إلى الحشيش. وتعمل النغمات الموسيقية وفقاً لأسلوب يقوم باللعب على درجتين مختلفتين من الكهرباء لإنتاج لهجة داخل الرأس، تعمل بدورها على تغيير الموجات الدماغية التي تتحكم في الحالات النفسية للإنسان.

نغمات

أضرار الموسيقى الصاخبة

يعد إدمان الموسيقى الصاخبة، واحدة من بعض حالات الإدمان على الموسيقى، إذ أكد باحثون ألمان ويابانيون أن الموسيقى الصاخبة تحدث أضراراً في الجهاز العصبي. وقامت دراسة أجريت على مجموعتين من الشباب، بفحص الخلايا العصبية والسمعية عند الأشخاص الذين كانوا في مجموعتين، وتبين أن الذين كانوا في مجموعة مدمني الموسيقى الصاخبة، تعرضوا لتأثير أحدث أضراراً في الخلايا العصبية والقشرة السمعية، في حين أن أفراد المجموعة الثانية لم يتعرضوا لهذه الآثار.

يتيح الموقع الاختيار بين العديد من النغمات الموسيقية التي تتوافر بجرعات عدة، اذ يمكن اختيار نوع الموسيقى والجرعة المطلوبة، وتتباين أوقات النغمات تبعاً للحالة المطلوبة، وتبدأ من 15 دقيقة، وتصل الى30 او 45 دقيقة. ويقوم المستمع بفصل نفسه عن العالم الخارجي، إذ يتم إغلاق العينين، ووضع السماعات، وإطفاء الأنوار، وكذلك اغلاق كل الأجهزة التي تحيط به، خصوصاً الهاتف. وبعد سماع الموسيقى التي يمكن وصفها بالسكون المزعج، فهي تشبه صوت الطائرة، وفيها بعض الذبذبات التي تشبه الطرق، يدخل المستمتع، بحسب المشاهد المتوافرة عبر المواقع الالكترونية، في حالة تشبه التشنج. وتتباين التأثيرات الخاصة بهذه الموسيقى من شخص لآخر، فالبعض يدخل في حالة ارتجاف، وعدم القدرة على التنفس، فيما آخرون يصابون بحالة استرخاء عالية تجعلهم غير قادرين على رفع السماعات عن اذانهم.

وأكد مستشار اللجنة الطبية في الأمم المتحدة، وطبيب الأعصاب، راجي العمدة، أن «هذه الموسيقى تُحدث تأثيراً سيئاً في المتعاطي، على مستوى كهرباء المخ، كونها لا تُشعر المتلقي بالابتهاج فحسب، وإنما تسبب له ما يعرف بلحظة الشرود الذهني»، مضيفا أن هذه اللحظة تعد من أخطر اللحظات التي يصل إليها الدماغ، إذ تحدث انفصالاً عن الواقع، ويقل فيها التركيز بشدة.

وتابع العمدة ان «التعرض لهذا التغيير في اختلاف موجة الكهرباء في الدماغ، وتكراره، لا يؤديان الى لحظات الشرود فقط، بل إلى نوبات تشنج عند المرء».

سماعات خاصة

تتطلب هذه الأنواع من الموسيقى، التي تتوافر منها عينات تجريبية عبر الموقع، انواعا خاصة من السماعات قادرة على توفير الجودة في الموسيقى.

وهناك بعض الأنواع التي تحث على الفرح، واخرى تحث على الحزن، أو حتى التشنج. أما الخطورة الحقيقية، فتكمن في سهولة الحصول على هذه النغمات عبر المواقع الحقيقية، كما ان النغمة الأولى متوافرة عبر موقع اليوتيوب مجاناً، إذ قد يدفع الفضول البعض للتجريب، وقد يسهل دخول الأطفال والمراهقين هذا العالم والاعتياد عليه.

أما أسعار تلك «المخدرات الرقمية» ، فتعد رخيصة، اذ يبدأ سعر النغمة من 13 دولاراً، ليصل الى 18 دولاراً، كما أنها تقسم تبعاً للحالة التي يريد المرء ان يدخل فيها، وبالتالي هذا يضاف الى العوامل التي تسهل الحصول على النغمات.

علاج

في مقابل هذه الأنواع الضارة من الموسيقى، هناك ما يعرف بالموسيقى العلاجية، التي تعمل على توفير الرعاية الصحية. وتعرّف منظمة العلاج بالموسيقى الأميركية، الموسيقى العلاجية، بكونها موسيقى تستخدم لمعالجة المشكلات الجسدية والعاطفية والمعرفية والاجتماعية عند الأفراد من جميع الأعمار.

وتعتبر هذه الأنواع من الموسيقى العلاج الجيد لتحسين نوعية الحياة بالنسبة للأشخاص الذين هم بشكل جيد، وكذلك لتلبية احتياجات الأطفال والكبار ذوي الإعاقة أو المرض. ويمكن الحديث عن ايجابيات كثيرة للعلاج بالموسيقى، ومنها تعزيز العافية، وادارة الإجهاد، وتخفيف الألم، والتعبير عن المشاعر، وتقوية الذاكرة، وتحسين التواصل، وتشجيع التأهيل البدني.

والموسيقى المهدئة بخلاف الموسيقى المحفزة للدماغ، تقوم بحسب المعالجين بالموسيقى بتوفير متعة، وردود فعل مرغوب فيها من المستمعين.

وتعد الموسيقى العلاجية التي يطلق عليها اسم «ليكويد مايند ميوزيك» من الأنواع الموسيقية التي عرفت في السنوات الخمس الأخيرة، بمحاولة تحديد كيفية دخول العقل عميقاً في الراحة، حتى إنها باتت من أنواع الموسيقى المعروفة علاجياً، وتستخدم على نطاق واسع.

يشار إلى بداية العلاج بالموسيقى انطلقت في أميركا في عام ،1944 عندما تم انشاء أول برنامج يدرس بالجامعة في جامعة ميتشغن، وكنساس.

أما الفوائد المتعلقة بالعلاج بالموسيقي، فكثيرة، كونها تصلح لعلاج العديد من الفئات كالأطفال والمراهقين وكبار السن من الذين يعانون مشكلات نفسية أو عقلية، أو حتى من بعض الإعاقات في النمو أو التعلم، أو حتى مرض الزهايمر. ويساعد هذا العلاج بالتغلب على العديد من الرواسب النفسية الناتجة عن تعرض شخص ما للعدوان بشكل أو بآخر، وفي حالات إصابات المخ، والإعاقات الجسدية، والآلام الحادة والمزمنة بما في ذلك آلام الولادة، ومشكلات الكلام والتخاطب والتواصل، وفي حالات القلق والسلوك العدواني، وغياب التركيز الذهني.

تويتر