مختصون: معظم مسبباته تعود إلى عوامل نفسية

البرود العاطفي لدى المرأة.. الحب وصفة شفاء

إغداق الزوج مشاعره على شريكة حياته يشعرها بالأمان. غيتي

تعد العلاقة الزوجية الحميمة من أبرز مقومات البناء السليم للعلاقة بين شريكي الحياة، وغالباً ما تتعرض هذه العلاقة للفتور لأسباب متنوعة، ويعتبر البرود العاطفي عند المرأة واحدا من الأسباب التي تؤدي الى ذلك، ما ينعكس سلباً على الزواج، والأسرة بشكل كامل. وعلى الرغم من وجود نسبة من النساء يتعرضن لهذه المشكلة، فإن الدراسات العلمية والأبحاث التي اجريت عنها لاتزال متواضعة، إذ يتم التركيز على المشكلة عند الرجل. وفيما توجد الكثير من العلاجات المقدمة للرجل في هذا المجال، بقيت المحاولات في علاج مشكلة المرأة في حيز ضيق.

ويرى مختصون أن العلاج يكون غالبا عبر مشاعر الحب التي يجب أن يغمر بها الزوج زوجته المصابة بذلك، مشيرين إلى أن معظم تلك الحالات تكون نفسية، فيما توجد نسبة تستوجب اللجوء للأطباء، وإجراء حلول، واتباع وصفات صحية لتجاوز البرود العاطفي.

فتور

قال اللبناني (وائل.س)، إن «الفتور في العلاقة مع الزوجة مؤلم بالنسبة للرجل، لأنه يسبب له الشعور بالألم، وبكونه غير قادر على تأمين القدر الكامل من السعادة لزوجته، أو حتى إيصال مشاعره بالطريقة الصحيح»، مشدداً على ضرورة مواجهة المشكلة ومحاولة حلها، لأن المرأة ستعاني الكثير ان لم تبح، وأحياناً تكون بحاجة إلى بعض الإرشادات النفسية التي تساعدها.

المصري (أسامة.ح) روى تجربة مر بها، وقال «تزوجت أجنبية، وعشت معها ما يقارب الثلاث سنوات، وبعدما أنجبت طفلنا الوحيد، تغيرت علاقتنا، ليتضح لي في ما بعد أنها اتخذت قرار الانفصال، لأن الزواج بالنسبة لها للإنجاب فقط، وفي الواقع يعتبر مؤلماً هذا الأمر، لأن العلاقة الزوجية غير المكتملة وغير المنظمة من الممكن أن تقود الى اضطرابات نفسية لدى كل من الطرفين، كما أنها تكون محدودة الأفق، ولا تكفي أحد الشريكين». وأكد أسامة أنه انفصل عن زوجته، ولكنه حالياً يعيش صداقة فعلية معها، كون الذي يربطهما هو الطفل.

إنكار المرض

أشار الدكتور محمد النحاس الى وجود نساء يعانين مشكلة البرود، ولكنهن ذكيات، إذ يدركن تماماً أن هذه المشكلة لديهن، ولكنهن يحرصن على مسايرة الزوج من خلال اصطناع الانفعال، والتحكم بلغة الجسد، وبالتالي يشعرنه أنه لا توجد مشكلة إطلاقاً، معتبراً ان النساء من هذا النوع يصبن باضطرابات نفسة خطيرة جداً، لأنهن يدخلن أنفسهن في حالة إنكار المرض، وبالتالي يتحملن عبئاً نفسياً يلقي بظلاله على الجوانب الوجدانية بشكل سلبي، فيشعرن برفض الذات.

وشدد في الختام على وجوب اللجوء الى الطبيب النفسي للاستشارة، والتخلص من هذه المشكلة على أن تكون الجلسات للزوجين.

أما (أم محمد)، فترى أن علاقة الأزواج تفتر بعد الإنجاب أو حتى مع الوقت، معللة ذلك بالملل الذي يدخل إلى الحياة الزوجية، وليس لأسباب نفسية أو اضطرابات تكون موجودة لدى المرأة، مشيرة الى أنها تعتقد أنه كما تعاني المرأة هذه المشكلة من الممكن أن يواجهها الرجل أيضاً، ولكن الفرق في أن الرجل يمكنه الحديث أكثر، أو حل مشكلته طبياً لأن الدراسات أسهمت كثيراً في هذا المجال، بينما تبقى المرأة صامتة في اغلب الاحيان لأن مجتمعاتنا العربية لا تتقبل بوح المرأة بهذه المشكلات، على حد قولها.

علاقات

أوضح مدير مركز الاستشارات النفسية، الاستشاري في الطب النفسي، الدكتور محمد النحاس، أن هناك فرقاً بين البرود الجنسي والبرود العاطفي، مشيراً الى ان «البرود العاطفي يعني عدم تقبل الشخص للعلاقة العاطفية، فتكون المشاعر لديه فيها نوع من العقلانية، ولا يتيح للآخرين رؤية مشاعره، وهدفه من تكوين أسرة هو الأولاد والمال ورفضه لموضوع المشاعر بحد ذاته». أما البرود الجنسي، فهو «عدم قبول عملية الاتصال نفسها، في حين أن النفور يعني قبول الموضوع، وعدم تقبل الشريك».

وفصل النحاس الأسباب التي قد تسبب هذا البرود عند المرأة، وأبرزها التنشئة الأسرية المحافظة التي يتبعها الآباء في تربية الفتيات، فينشئنهن بنوع من التنبيه القيمي، الذي يلعب بالقيم المعيارية المجتمعية، وبالتالي تكون التربية محكومة، بالتزمت القيمي، في حين ان الثقة التي تمنح للفتاة تجعل التنشئة سليمة، وتجعلها أكثر ثقة، منوهاً بأن العامل الثاني الذي يؤثر في هذا المشكلة هو السمات الشخصية، وتبرز المشكلة مع النمط الموسوس الذي يشكك في أي كلمة تقال، ويحملها معاني ودلالات غير مقصودة، «فمن الممكن ان يسهم فرط الحماية في خلق هذه المشكلة عند المرأة، لأن الأمور وبحكم التربية تكون مقسمة عندها بمفاهيم خاصة، حتى إنها اعتادت الشعور بالذنب، وبالتالي قد يستمر هذا النوع من المشاعر حتى الى مرحلة ما بعد الزواج».

واعتبر النحاس ان هذا التأنيب الضميري الذي تعانيه المرأة التي افرط في حمايتها في أثناء المراهقة، يكون على مستوى اللاشعور، ما يسبب لديها الانقباض المهبلي، الذي لا يؤدي الى استمرار عملية الاتصال مع الشريك، منوهاً بأن المرأة تحتاج الى عناية من الرجل الذي يجب ان يتودد اليها ويغدق عليها مشاعر الحب، مؤكداً ان «التنشئة الأسرية هي التي تؤدي الى الخلل في العلاقة، وبالتالي لابد من الاعتدال في التنشئة وقيامها على التنميط الجنسي، أي التوعية بالاختلاف بين الجنسين، فتعامل الفتاة برقة، فيما يعامل الولد بطريقة مختلفة».

أما عن علاج هذه الحالة، فأفاد النحاس بأنه يكون للمرأة، بالعلاج النفسي «إذ تحتاج الى بعض الجلسات العلاجية على المستوى العقلاني الانفعالي، وعلى الزوج أن يشعرها بالأمان، وأنه يحبها لشخصها، ولعقلها، وبأنه يعبر عن الحب من خلال الاتصال الجسدي».

تغذية

من جهتها، أكدت خبيرة المكملات الغذائية والصيدلانية سمر بدوي، أن البرود الجنسي عند المرأة لا يتعلق فقط بإفراز هرمونات البروجيسترون والاستروجين، فمن الممكن ان تتعدد أسبابه، منها «العوامل النفسية أو الخوف التقليدي نتيجة التنشئة، أو مشكلات عضوية تسبب الألم، أو حتى مشكلة لدى الشريك».

وأشارت سمر بدوي إلى أن الحلول الغذائية لرفع نسبة هرمونات البروجيسترون والاستروجين، تأتي بعد التأكد من عدم وجود كل هذه المشكلات «وتوجد اكثر من طريقة للتعاطي مع البرود العاطفي، فأولاً يكون من خلال الطبيبة التي غالباً ما تعطي المرأة بعض الأدوية، وتكون أدوية منع الحمل لرفع الهرمونات وهي مضرة على المدى البعيد، ثم يمكن اللجوء الى الأدوية او المكملات الغذائية».

ومن الناحية الغذائية شددت سمر على وجوب التخلص من الدهون في الجسم، كون الدهون ترفع نسبة الخمول في الجسم، وتخفيف الأملاح ايضاً، كونها ترفع نسبة الصوديوم في الدم، الذي بدوره يعمل على رفع مستوى السوائل التي تضغط على المثانة، وبالتالي تؤدي العلاقة الحميمة الى آلام في هذه المنطقة، فالإكثار من الأطعمة التي تزيد نسبة البروجيسترون أو الاستروجين، مفيدة، ومن هذه الأطعمة، الصويا ومشتقاته، اللفت النيئ، وشرب السوائل التي تحرك الدورة الدموية ومنها القرفة والزنجبيل وغيرهما مما يمنح المرء الإحساس بالدفء وينشط الدورة الدموية، والزهرة الربيعية التي تعزز الاستروجين مفيدة الى جانب اليام البري، وهو نوع من البطاطا البرية يمكن تناوله كمكملات غذائية، في حين ان الدميانة تعد من أكثر المكملات فائدة، ويمكن ايضاً استخدام الشومر، الى جانب بعض الزيوت المفيدة، حسب سمر بدوي التي أضافت أن «الأطباء في اوروبا غالبا ما ينصحون بهذه الأنواع من المكملات أو الأغذية، ولكن يجب التأكد من عدم وجود مشكلات صحية أو نفسية لاتخاذ هذه الاجراءات، ومن ثم أخذ المكملات بإشراف طبي».

تويتر