تعرّضهم للسخرية من قبل المحيطين بهـــم يضرّ بهم

عيوب الأطفال الـــــــخَلقية.. دعم الآباء يحمي من تداعيــاتها النفسية

الآباء يتحملون مسؤولية رفع وعي أبنائهم. فوتو.كوم

يتسم الأطفال بالقسوة أحياناً عندما يسخرون من بعض زملائهم ويرمونهم بتعليقات سخيفة، بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم. فالسيدة ميلاني، وهي أم من مدينة ميونيخ الألمانية، رأت تلك المعاملة القاسية مع ابنتها لورا التي ولدت قبل ثمانية أعوام بشق ثنائي الجانب في الشفاه والفك العلوي والحنك الصلب والرخو. خضعت لورا للجراحة لمعالجة هذا العيب، غير أن آثاره ظلت باقية، وصارت منبوذة بين زملائها في الحضانة.

تقول ميلاني: «أخذ الأطفال الأكبر سناً يرمونها بتعليقات سخيفة، ويطلقون عليها القاباً يرددها الأطفال الأصغر». الفترة التي قضتها لورا في الحضانة كانت مثيرة للضغط والتوتر النفسي، حيث تقول الأم: «باسترجاع ما حدث، اضطررت إلى إخراجها» من الحضانة. لم تكن لورا وحدها هي من مرت بهذه التجربة المريرة، بل إن الكثير من الأطفال الذين يعانون عيوباً خلقية أو ضعفاً في الرؤية مروا بالتجربة نفسها، واضطروا إلى مواجهة السخرية التي يلقونها من المحيطين بهم في بيئتهم الاجتماعية.

ردّ فعل

أخصائي الأطفال والطبيب النفسي في مدينة لينداو جنوب ألمانيا، هارالد تيجتميير ميتزدورف، الذي رأي العديد من الحالات المشابهة لحالة لورا، يقول: «هذا ما يسمى بالجانب النفسي الاجتماعي للحالة الطبية». وأوضح أن كل حالة مرضية ظاهرة تولد رد فعل لدى الآخرين، مشيرا إلى أنه من الطبيعي للغاية أن يثير أي شيء يبدو خارجاً عن نطاق المعتاد شعوراً بالفضول وعدم الثقة بالنفس.

منذ أن خرجت لورا إلى الحياة، اعتادت ميلاني رؤية تلك النظرة التي يلقيها المارة على ابنتها. تقول الأم: «لا أرى شيئاً في ذلك.. فلو كنت مكانهم لنظرت أيضاً»، غير أنها أوضحت أن النظر يختلف عن التحديق، وأن الأمر يزداد سوءاً عندما تظهر مشاعر العداء والتحامل. تشير ميلاني إلى أنه «على سبيل المثال، كان هناك مدرس في الحضانة يعقد العزم على إرسال لورا إلى مدرسة للمعاقين».

ميتزدورف يقول إن «التوعية وحدها هي التي تفيد في مثل هذه الحالات.. فالشخص القادر على توضيح حالته المرضية للآخرين يبدد شعوره بعدم الثقة». ونظراً الى أن الأطفال الصغار لا يستطيعون ذلك، فإن الآباء يتحملون مسؤولية رفع الوعي، من خلال تناول المشكلة خلال اجتماعاتهم مع المدرسين على سبيل المثال.

ضغط

غالباً ما تلعب نظرة المرء الى نفسه دوراً في الإصابة بالضغط النفسي المرتبط بالحالات الطبية الظاهرة أكبر مما يلعبه سلوك الآخرين تجاه المرضى.

والمراهقون بصفة خاصة معرضون للإصابة بالضغط النفسي وقت البلوغ، عندما يصبح الكثير منهم غير راضٍ عن بنيانه الجسدي بأي حال من الأحوال.

لذا، يؤكد تيجتميير ميتزدورف أن دعم الآباء لأبنائهم في تلك الفترة يحظى بأهمية خاصة. ويشير إلى أنه «في حال ساعد الأبوان أبناءهم، فإن الأبناء سيساعدون أنفسهم»، محذراً من عواقب كارثية في حال تغافل الأبوين عن كل الأمور المتعلقة بطفلهما الذي يعاني حالة مرضية ظاهرة باستثناء مشكلته.

تتفق ميلاني مع هذا الرأي ، قائلة: «على الأبوين والطفل أن يجدوا طريقا مثاليا يسلكونه معاً»، مشيرة إلى أنه لا توجد طرق مؤكدة لذلك. وأضافت «لا أستطيع تماماً أن أنصح طفلتي بأن تبقى هادئة في كل مرة تسمع فيها التعليقات السخيفة التي تغضبني أنا أيضاً».

عندما يتعرض الأطفال الصغار الذين يعانون عيوباً خلقية ظاهرة للسخرية والاستهزاء، يجب على المدرسين الدفاع عنهم، فعليهم أن يتمتعوا بالخبرة والعزم على تولي هذه المهمة، حتى يلقى الأطفال من أمثال لورا معاملة مهذبة تليق بهم.

وها هي ميلاني قد جنت ثمار الدعم الذي قدمته الى ابنتها، التي تذهب الآن إلى مدرستها الابتدائية، ولديها مدرس متفهم لا يسمح لزملائها بأن يسخروا منها. كان ذلك تغيراً كبيراً في حالة لورا.

تقول ميلاني: «منذ ذلك الحين، صارت طفلتي أكثر ثقة بالنفس.. أصبحت كأنها شخص جديد».

غير أن ميتزدورف أوصى باستشارة المتخصصين إذا ثقلت أعباء الحالة المنبوذة، إذ يقول: «يمكن أن يعطي طبيب الأطفال وصفة معينة للرعاية النفسية» للمريض. وإن لم يكن هذا كافياً، فثمة خيارات أخرى، بينها استشارة أخصائي أطفال تلقى تدريباً في العلاج النفسي أو طبيب نفسي متخصص في التعامل مع حالات المراهقين.

تويتر