يعدن إلى منازل الأهل محمّلات بحزن وأطفال وألقاب جديدة

مطلّقات يروين حكاية الليلة الأخــــيرة في الزواج

مطلقات: تحملن الكثير قبل اتخاذ القرار الصعب. أرشيفية

أجمعت مطلّقات على أن قرار الانفصال، وترك منزل الزوجية لم يكن سهلاً، مشيرات إلى أن أخذ «القرار الصعب» استغرق شهورا طويلة، إذ كن يحلمن ببناء أسرة سعيدة، لكن احلامهن ارتطمت بواقع من الخلافات والحقائق الغريبة لم تتناسب مع رغبات كانت محفورة يوما ما في عقولهن، مؤكدات أنهن لم يسعين إلى اكتساب صفة «مطلقة» اللقب «المشبوه» في مجتمعاتنا، حسب وصفهن. وقلن إنهن تحمّلن كثيرا قبل طلب الفراق.

«الزوجات السابقات» يعدن الى بيوت اهاليهن محملات بالحزن والاطفال مع لقب جديد.

المطلقات اللواتي قبل بعضهن ذكر أسمائهن، روين لـ«الإمارات اليوم» تفاصيل ليلتهن الأخيرة في بيت الزوجية.

تجارب

صبرت «تغريد.ح» (39 عاماً) على تلذّذ زوجها بضربها لمدة 18 عاماً ، وقالت «في بلدي كان اهلي دائماً ضدي، لكن جسدي لم يعد يتحمل، إذ إن زوجي كان كل يوم يستمتع بضربي بشكل هستيري، حتى ان جسدي لا يزال يحمل اثار تشوهات»، مشيرة إلى أن ليلتها الاخيرة كانت عقب وصولهما الى الامارات بشهر، وبعد ان ضمنت عملاً يوفر لها ولأولادها الثلاثة عيشاً كريماً.

ووصفت «مروة.ع» (40 عاماً) ليلتها الأخيرة في بيت زوجها بالليلة التي لا تُنسى، «انتظرت الليل وكنت قد جهزت ما يلزمني وطفلتي وغادرت المنزل دون عودة»، مضيفة «أنا سعيدة بقراري لأنني أنقذت حياتي وطفلتي».

غرفة سرية

قالت «علياء. أ» (35 عاماً) عن قصة الليلة الأخيرة في منزل الزوجية إنها كانت متزوجة لأربع سنوات من رجل في الشكل فقط، مضيفة «زفت أمي خبر قدوم عريس كامل المواصفات، وكان زفافي خياليا وكل طلباتي مجابة، والتقيت من كان زوجي اثناء الخطبة، وكان رومانسيا وكريما جدا، ومرت السنة الاولى بسلام، والثانية كذلك، وانجبت طفلتي الوحيدة».

وتكمل علياء «كان زوجي السابق فيه كل الصفات التي تحلم بها اي فتاة، وكنت احسد نفسي عليه، لكنني وبعد ان اكتشفت حقيقته ادركت انه لم يكن اكثر من ممثل»، مضيفة «كانت لدى طليقي غرفة خاصة اشبه بغرف المكتب لا يحب ان يدخلها احد، واحترمت رغبته طوال فترة زواجي به، الى ان جاء خبر سيئ في وقت وجوده في غرفته السرية، وكان يجب ان اخبره به، وهنا كانت الصدمة». فعندما دخلت علياء الى غرفة زوجها السابق وجدته يرتدي ملابسه الرجالية فوق أخرى نسائية، «ومن هول الصدمة التي انتابتني وانتابته حكيت له الخبر بشكل عادي، وغادرت الغرفة مسرعة الى طفلتي التي حملتها ولذت بالفرار».

واختتمت بقولها «هربت ونسيت كل الايام الجميلة، لانها كانت تمثيلاً في تمثيل، وشعرت بالحزن الشديد، وأحسست أن كرامتي مهانة وأنوثتي ايضاً».

روح

قالت «أمية. ض» التي تقيم في الإمارات منذ سنوات إن الفتاة تولد وتترعرع في منزل والديها، وتجد الأشياء معدّة مسبقاً لها ولسواها من إخوتها، ومن الصعب أن تغيّر في النظام الذي يحكم المنزل حتى في الديكور ونوع الأثاث، « وكان هذا وضعي، إلى أن تزوجت وكان علي بنفسي أن أنشئ هذا النظام، أن أخلق مشهداً لحياتي، محاولة أن يشبهني وأرتاح إليه، فكان العمل الدؤوب والبناء»، مؤكدة ان «المنزل ليس حجارة وجدراناً وأركاناً بقدر ما هو روح تبثّ فيه ورائحة ولون خاصان به».

وتستذكر ليلتها الأخيرة في منزل الزوجية «أذكر تماماً الليلة الأخيرة التي قضيتها في منزلي الزوجي قبل الخروج النهائي من بابه والطلاق. كنت قد قررت الطلاق بعد تفكير، عميق، لكنني لم أبح به حتى لأقرب صديقاتي»، موضحة انها لم تتمكن من جمعّ أغراضها الخاصة، إلا مع الفجر الذي طلع، وهي لا تزال مستيقظة. لكن قرارها بالطلاق بدا لها في تلك اللحظة بأنه لم يكن نهائياً، فعادت الى نفسها، ونزعت الفكرة من تفكيرها.

وأضافت أن «الطلاق هو طلاق حتى من الأشياء، هو أن اتمكن من فكّ الارتباط بالأشياء حتى لو كانت اشيائي وتعبي ورائحتي، علي أن ازيح الأشياء عن كاهلي». وتبين أمية انها لم يعد يعني لها ديكور المنزل الذي جاهدت ليشبهها، وبذلت كل ما بوسعها في سبيله. وكذلك لم تعد تكترث الى الألوان في اللوحات التي ألفت المكان الذي أرادته لها على الجدران، «حتى قوارير العطور عليّ التخلص من ارتباطي بمكانها ومرآتي ايضا وكل شيء»، مضيفة «في المرة غير الناجحة لمحاولتي كانت الأشياء والجهد والتعب المبذول في منزل بات واهياً فجأة، تربطني وتشلّ حركتي. يكفي التفكير بأنني سأكسر عادات تعوّدت عليها سبع سنوات من عمري خلال الزواج».

«المرأة بطبعها تتعلق بالأشياء كما تتعلق بالأشخاص»، حسب أمية، التي اضافت ان «هذه التبعية التي لا يستطيع علم المرأة ولا ثقافتها أحياناً من فك القيود فيها، فتعتقد بأنها عاجزة عن أن تستفيق صباحا لتجد الأشياء حولها مختلفة، وقارورة العطر في غير مكانها وأوراقها وألوانها قد وجدت مكاناً صغيرا لها في بيت آخر لم يعد بالنسبة إليها بعد الزواج هو بيت الضيافة، هو منزل أهلها»، مشيرة الى انه من الصعب أن تعود تلك الصغيرة التي تلعب في حديقة المنزل، لان ثمة شيئاً مختلفا مع عودتها الى. منزل الاهل بوصفها مطلقة.

وقالت أمية «لدى القرار النهائي، كنت مطمئنة البال، سعيدة لمعرفتي أن بوسعي فك الارتباط مع أي شيء، حتى لو كان عزيزاً عليّ. كنت أعلم أنه ليس بوسعي حمل منزلي في الحقيبة، اذ لملمت أغراضي، واستغنيت عن حمل الكثير منها، فالأوراق كان لابد من الحد منها حتى لو كانت تضمّ ما حبلت به أفكاري من ترهات أو ما قد يكون مميزاً بينها وصادراً عن القلب والعقل، عنّي كلّي».

وأكملت «أوصلت الحقائب إلى سيارتي، وكان زوجي آنذاك مسافراً، وكان مقرراً وصوله. قلت لنفسي من لم يفقه كيف يكون لمنزله رائحته التي لا يعكرها شيء، لن يفهم يوماً ما معنى أن تترك امرأة منزلها وتمضي قبل أن تموت تماماً في داخلها وداخل جدرانه».

ووصفت أمية حالتها بعد اتخاذها قرار الطلاق، «كنت فرحة، لأنني اتخذت قراري وحزمت أمري. نسيت الأشياء التي ربطتني يوماً، وبات لي أفق لرسم جدران جديدة تكون لي وحدي».

نصر

لم تكن الليلة الاخيرة بالنسبة الى «عتاب. ل» (30 عاماً) في بيت زوجها السابق ليلة عادية، حسب تعبيرها، فالقرار الذي اتخذته كان بعد تفكير دام أكثر من ثلاث سنوات، وكان الخوف من الآتي سيد الموقف، «كنت أجمع أشيائي بفرح خجول، وشعور بالنصر للمرة الأولى، والفخر بنفسي وبقراري مع أنني كنت صغيرة السن نسبياً، حيث لم يتجاوز عمري حينها 22 سنة، ولم أنم ليلتها، ليس خوفاً من المستقبل لأنه لحظتها لم يكن يعنيني، أو يشغل بالي»، مضيفة عن تلك اللحظة الحرجة في حياتها «لم أفكر سوى في الخروج من ذلك المكان. كان الشعور أقرب إلى الرعب من مواجهة عائلتي بهذا القرار، كونهم لم يكونوا على دراية بالقرار الذي أقدمت على تنفيذه، فنحن في النهاية ننتمي الى مجتمع شرقي مهما ادعى التطور ومناصرة المرأة، يبقى أكبر محاصر لحرية المرأة. وتلقائياً تفرض قيود على المرأة المطلقة بغض النظر عن أسباب الطلاق أو دواعيه»، مشير.ه الى ان المجتمع العربي لا يزال ينظر الى المطلقة بارتياب.

وصفت عتاب التي كانت تقيم مع زوجها في باريس مشاعرها ليلة الفراق قائلة ان «اللعنة الشرقية كانت تلاحقني مدة ثلاث سنوات، وهي التي اخرت اتخاذي قرار الطلاق». وآضافت ان «ليلتي الاخيرة لم تكن مؤلمة بالمعنى الكامل للكلمة. كانت الذكريات هي المؤلمة. والوصف الأصح للحالة، هو أسئلة كانت ترافقني طوال اليوم الأخير، مثل: ماذا سأفعل؟ ماذا سأقول؟ من أين سأبدأ؟ وهل سأستطيع ان أثق برجل آخر، أو حتى هل من الممكن أن أتقبل العيش بشكل شبه طبيعي في مجتمع يتقبلني بوصفي انسانا، ويرفضني باعتباري مطلقة في عز شبابها؟».

في النهاية وصلت عتاب الى حل اراحها نسبياً «قررت ألا اجيب عن أي سؤال، لأنني مهما فعلت لن يقتنع احد، ولن استطيع الاستمرار مع من كان زوجي، فاخترت الحرية، وقررت الصمت».

اغلاق الباب

بعد قصة حب كبيرة جمعت بينهما انتهت حياة «رولا. ع» (34 عاماً) بقصة لن تنساها، لأنها «أشبه بقصص الأفلام»، على حد وصفها. وقالت «قررت الطلاق من زوجي قبيل وقوعه بسنتين، فلم اكن جاهزة كي اواجه المجتمع باللقب الجديد الذي سيلحق باسمي. كما لم اكن مستعدة تماما للاجابة عن اسئلة كثيرة تخيلتها»، موضحة انها عندما تزوجت كانت في الـ20 من العمر، ولم تكمل دراستها الجامعية حينها، فقررت ان تكملها أولاً، كي تحصل على الشهادة التي ستحميها وستقويها ، لذا اجلت قرار الانفصال.

بعد حصولها على الشهادة، بدأت رولا البحث عن عمل كي لا تحتاج الى مال من احد، الى ان جاء يوم تشاجرت فيه مع زوجها.

وعن تلك الحادثة، قالت رولا «كان الشجار عنيفاً مملوءاً من قبله بالضرب والسباب والاهانات التي لا توصف. وفي لحظة دفاع عن النفس خوفا من تواتر الاحداث، اتصلت بشقيقتي الصغرى من هاتفي المتحرك كي تسمع اصوات الشجار. وما كان منها الا ان اتصلت بالشرطة التي جاءت الى بيتي»، مضيفة «تلك كانت لحظة النهاية، اذ ذهب زوجي السابق وتركني في المنزل المملوء بلمساتي وتفاصيل ايامي ورائحتي ايضاً».

جمعت رولا أشياءها، ونظرت الى طفليها، وكانا صغيرين جدا، وقالت لهما «لن استمر في هذا البيت لأجلكما، كي لا تتربيان وسط مشاهد ستؤثر في استمراريتكما». وفي تلك اللحظة الصعبة، تركت كل شيء، «واقفلت الباب ورائي وتنفست الصعداء، وشعرت نفسي طفلة تريد ان تركض وتلعب، فصوت الباب ووقعه كان بمثابة اسدال الستار في النهاية التي اردتها».

وعن سبب طلاقها ، قالت «ناداني باسم غير اسمي، فعرفت انه عاشق لأخرى. وكان عليّ ان ادافع عن كرامتي وانوثتي، فخططت للانفصال».

خروج

وجدت «زينب. م» نفسها تحمل لقب مطلقة وهي لم تتجاوز حينها 19 عاما، وقالت عن ليلتها الاخيرة في بيت الزوجية «لن انسى تلك الليلة ابداً، اذ طلب زوجي السابق ان اجلس معه لنتفاهم على بضعة امور. وكان زواجنا قد استمر حينها لمدة ثلاث سنوات، واعترف لي بأنه يعشق النساء، لكنه لا يملك المال الكافي كي يواعدهن في فنادق او شقق مفروشة، وطلب مني بكل جرأة ان اتحمل حضور عشيقاته الى المنزل»، لم تجبه زينب لحظتها بالكلام، وقررت ان يكون جوابها فعلاً «ذهبت الى غرفتي وسمعت جرس الباب يدق، واذ بها فتاة تدخل بيتي، وتجالس زوجي امام عيني، فالتفت إلي وقال تستطيعين الذهاب الى غرفتك فلا حاجة لي بك الليلة». قصدت زينب غرفتها، وجمعت اغراضها، لانها في تلك اللحظة قررت الخروج من البيت من دون رجعة، «وجدت نفسي أحمل ذكرياتي معه، فقررت ألا آخذ شيئا، وتسللت الى سيارتي وكان الوقت متأخرا، وخشيت من الذهاب الى منزل عائلتي، فقررت ان اظل في سيارتي الى الصباح».

وأضافت انها بعد الطلاق «لم يقف اهلي الى جانبي، لكنني لم اهتم، وقررت ان ادخل معهداً للسكرتاريا، واعمل في مؤسسة محترمة، والجميع يكنون لي التقدير. وقريبا سأزف الى رجل آخر اخترته بنفسي دون فرض من احد».

تويتر