مواطنون: الحفاظ على هذه العادة ضرورة تراثية وثقافية

«حق الليلة».. فـــرحة أطفال في «الفرجان»

الهدايا تبهج الأطفال في مناسبة «حق الليلة». تصوير: ساتيش كومار

تعتبر احتفالات «حق الليلة» التي تقام في النصف من شعبان من العادات الإماراتية التي ارتبطت بثقافة البلد، وتدلل على تراث المنطقة لما تحمله من ارتباط بالتقاليد، وكذلك الأزياء التراثية القديمة التي يلبسها الأطفال. ومازالت حتى اليوم تقام الاحتفالات بهذه الليلة في المناطق التي يسكنها المواطنون، وإن كان بوتيرة أقل من الماضي، إذ يتجول الأطفال في الأحياء السكنية مرتدين الأزياء التراثية وينشدون الأغنيات الخاصة بهذه الليلة ليحصلوا على نصيبهم من المكسرات والحلويات التي يكون الناس قد أحضروها لهم لاستقبال هذه الليلة.

وقالت المواطنة أم مكتوم إن «هذه الاحتفالية هي جزء أصيل من تراث الإمارات ومجتمعه الذي يحتفل بليلة النصف من شعبان، بينما في بقية دول الخليج تقام في النصف من رمضان». وأكدت أن الأطفال يرتدون الزي العربي الذي يخيطه الأهالي لأولادهم لهذه الليلة، ثم يذهب الأطفال بعد صلاة العصر، ويجولون على المنازل في الحي السكني يطلبون من الجيران حق الليلة، إذ تحضر في كل المنازل المكسرات والحلوى. وأشارت أم مكتوم الى أن الكبار أيضاً يتبادلون الحلويات، فنقدم الخبيصة أو الهريس أو اللقيمات وغيرها من أكلات الحلوى للجيران. أما التحضير للاحتفال فيبدأ قبل الليلة بأيام، ولفتت أم مكتوم إلى حرص العائلات في الإمارات على الحفاظ على هذه العادة لأنها جزء من التراث وتقاليد الأجداد. واعتبرت أن البعض يتخوف اليوم من إرسال الأطفال في الأحياء وبين البيوت ما أسهم في قلة انتشار هذه العادة. وعزت هذا الخوف إلى قلة معرفة الناس ببعضهم بعضاً، بسبب تعدد الجنسيات، الأمر الذي جعل الكثير من الأمهات يرسلن أولادهن في هذه الليلة بصحبة الكبار.

أقارب

أكدت المواطنة شمسة بن حماد أن «هذه العادة بدأت تندثر، ولم تعد موجودة في كل الأحياء السكنية كما في الماضي، وهناك الكثير من الأقارب الذين يقصدون أقاربهم فقط في هذه الليلة، ليتمكن أطفالهم من الاحتفال بهذا اليوم». وأشارت إلى أنها ترسل أولادها كل عام ليقوموا بجولتهم حتى لا يخسروا هذه العادة، منوهة بوجوب زرع هذه التقاليد في نفوس الاطفال، لأن الماضي هو الذي يضمن استمرارية الحاضر والمستقبل الجيد. واعتبرت أن التغير في الاحتفالات لا يقتصر على هذه الليلة فقط، فهناك الكثير من الأعياد وكذلك المناسبات التي بدأت تتغير عاداتها في الدولة، وذلك بفعل التمدن والتطور وزيادة عدد الجنسيات التي لا تعرف عن ثقافة الدولة، الأمر الذي خفف من حدة ممارسة العادات. وأكدت بن حماد أن الاحياء التي مازالت محافظة على هذه التقاليد هي غالباً التي تكون أكثريتها مواطنين، منها الراشدية وبعض أحياء جميرا، وبردبي والجافلية والمنخول، في المقابل بدأت تندثر في أحياء أخرى كمزهر والورقاء. وأشارت الى أن الدولة تحافظ على هذا الاحتفال فبعض المؤسسات الحكومية تقيم الاحتفالات الخاصة بالمناسبة في العمل وهذا جيد. ولفتت إلى أن الأطفال الذين يتجولون في الأحياء تراوح أعمارهم بين ست الى 12 سنة، يتجولون بين البيوت وهم يحملون الأكياس التي يضعون المكسرات داخلها، وهي مناسبة تفرح الأطفال لأنهم يجمعون الحلوى. ولفتت الى أن الأطفال يذهبون بعد صلاة العصر بعد أن تنخفض درجة الحرارة، ويعودون بعد صلاة المغرب. واعتبرت بن حماد أن تطور الزمن أدى الى تطور أنواع الأطعمة التي تعطى للأطفال، ففي الماضي كان يقدم لهم المكسرات، أما اليوم فيحظون بالمكسرات والتشيبس، والملبس والجوز واللوز.

أغنيات وملابس

 

قالت المواطنة أم مكتوم إن الأطفال الذين يطوفون بالمنازل، يطلبون الحلويات وينشدون الأغنيات، ويقولون «اعطونا حق الليلة الله يعطيكم، اعطونا من مال الله يسلم لكم عبدالله، اعطونا الله يعطيكم ولبيت مكة يوديكم»، وأكدت أم علي أن هناك ملابس خاصة للأطفال تكون جديدة، إذ يخيطون للذكور الكندورة الجديدة مع الجليه على الصدر في الشتاء، بينما للفتيات الجلابيات المطرزة، ولاسيما باللون الذهبي، مع الحرص على وضع الذهب زينة للفتيات، خصوصاً تلك التي توضع على الرأس.

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/271711.jpg

تغير

أكدت المواطنة أم علي، أنها لم تشعر بكثير من التغير في تطبيق العادات الإسلامية هذه، مشيرة الى أنهم باتوا يرسلون الخادمات مع الأطفال حين يخرجون خوفاً عليهم، بسبب اختلاط الجنسيات. ونوهت بأن هذه العادة بدأت تنتشر في البلد حتى لدى الجنسيات الأخرى، إذ يقوم أطفال من الجنسيتين الهندية والباكستانية وكذلك بعض الجنسيات العربية، بطرق الابواب ليأخذوا حصتهم من المكسرات التي يكون فيها الجوز واللوز بصفة أساسية. ودعت أم علي المواطنين إلى وجوب الحفاظ على هذه العادة التي تعتبر جزءاً من التراث، منوهة بأنها في كثير من الأحيان باتت تقتصر على الأهل والأقارب الذين يزورون بعضهم بعضاً، ومنهم من يصوم في هذا اليوم، إضافة الى أنهم يقدمون أكلات شعبية، منها العصيدة واللقيمات والهريس كما يوزعون هذه الأكلات على الجيران.

وأشار أبو راشد الشامسي إلى أن الزمن تغير ومعه عادات كثيرة، فكل الاحتفالات والعادات لم تعد كما في الماضي، فكان الجيران والأصدقاء كلهم يزورون بعضهم بعضاً، بينما اليوم لا نجد هذه الممارسات، فلا أحد يدخل البيوت اليوم، والزيارات باتت تقتصر على الأقارب.

ولفت الى أن أبرز ما تغير في عادة «حق الليلة» هو انتقالها إلى الجنسيات الأخرى.

واعتبر تطور الحياة ووسائلها من الأسباب التي أسهمت في الابتعاد عن العادات والتقاليد القديمة، فاليوم الجميع منشغل بالإنترنت والتلفاز ووسائل التسلية الحديثة، فيما تأتي العلاقات الاجتماعية والتقاليد في المرتبة الثانية.

تويتر