مكونات متشابهة ونكهات متباينة

الخبز.. قوت يومي وثقافة شعوب

إعداد الخبز جزء من التقاليد. تصوير: دينيس مالاري

لا يشكل الخبز القوت اليومي الذي يوضع على الموائد في مختلف الأوقات فحسب، بل يعد جزءاً من ثقافة الشعوب، فنجده يتباين بين ثقافة وأخرى في طريقة الإعداد والتحضير أو حتى في أسلوب تقديمه مع الأطعمة، على الرغم من أن المكونات الأساسية نفسها تكون في معظم أنواع الخبز. ويعد خبز الرقاق الاماراتي الذي تتشارك الدول الخليجية في تحضيره، فيما يحضر في العديد من الدول العربية، وأبرزها بلاد الشام، ما يشبهه، وهو خبز الصاج، بينما يعد الخبز الغربي متشابهاً بين مختلف الدول الأوروبية من حيث الأشكال والمكونات.

يشبه الصاج

تقدم الأفران الباكستانية والأفغانستانية المنتشرة بين أروقة المجمعات السكنية في دبي، الخبز المعروفة بهذه البلدان، وهو يشبه الصاج او التنور. وأخبرنا الفران الأفغانستاني شفيق أحمد، الذي يعد الخبز في فرن خاص به، أن «هذا الخبز يحضر من الطحين والمياه والملح، ولا يضاف اليه السكر، بل القليل من الملح فقط. وأكد أن الفرن الذي يوضع فيه الخبز مصنوع من الحديد وهو يخبز على الغاز. ولفت الى أن الخبز يحضر في فرن دائري ومجوف وطويل، ويوضع الرغيف داخله بواسطة أقمشة قطنية محاكة بطبقات فوق بعضها البعض فتصبح سميكة جداً. وأكد أحمد أن أبرز صعوبات هذا الخبز الشعبي أنه يجب أن يجلس فوق النار مباشرة كي يضع الرغيف الذي لا يستغرق وقتاً طويلاً حتى ينضج.

ويقول الشيف الإماراتي مصبح طارش الكعبي، إن «الخبز الإماراتي المحلي، هو خبز الرقاق الذي يحضر من الماء والملح والطحين، ولا تدخله الخميرة إطلاقاً، وعجينته تكون سائلة ورخوة الى حد ما، وهو يخبز على آلة مصنوعة من الحديد المسطح والسميك قليلاً». واعتبر الخبز جزءاً لا يتجزأ من المائدة، فقد كان يقدم في الماضي فطوراً بسبب بعد المسافات وقلة وجود الطحين في كل المناطق، وبالتالي كان يكسر البيض على الرقاق ويقدم فطوراً، بالإضافة الى الرقاق المحلّى الذي كان يوضع عليه السكر. أما قلة خبزه في المنازل اليوم فيعود، بحسب الشيف الإماراتي الى أن الناس استسهلت الحصول على الخبز الجاهز من المخابز، الأمر الذي أدى الى قلة تقديمه في البيوت. واعتبر الكعبي أن أبرز ما يميز خبز الرقاق هو أنه مصنوع من عجينة سائلة ومكونات بسيطة، ما يجعله سهل التحضير، فلا تحتاج السيدة لتحضير العجين قبل فترة من الخبز أو حتى لاستخدام الخميرة. وأكد الكعبي أن سرعة تحضيره تأتي من حاجة المرأة الى الأمور السريعة التي لا تستغرق وقتاً، فهو لا يحتاج لوقت طويل على النار، ففي 20 دقيقة يمكن أن تكون انتهت المرأة من تحضير الخبز كله. واعتبر الكعبي الرقاق من المأكولات الشعبية التي لا تقل أهمية عن اللقيمات والمهروس، ولكن للأسف لم نعد نراه كثيراً في المنازل، ونجده أكثر في الفعاليات التراثية بسبب التغيرات في الحياة. ولفت الى أن خبز الرقاق أصله إماراتي وهو متشابه بين دول الخليج عموماً، وكان يصنع قديماً من نخالة القمح، الذي كان يطحن على الآلة اليدوية، بينما اليوم أصبح يحضر من طحين القمح المتوافر في الأسواق.

مواد

قال الشيف في المخبز الألماني في فندق كمبينسكي، وينفرد هيلمتاغ، إن «أبرز ما يميز الخبز الألماني هو انه يصنع من مكونات لا تدخلها مواد حافظة، وهذا هو سر طعم الخبز». وأكد أن طريقة إعداد الخبز الألماني تكون بوضع العجينة في مكان بحرارة الغرفة، وتركها لأكثر من يوم حتى تتخمر، طبعاً مع تغطيها بالأقمشة كي لا تتعرض للهواء الذي قد يكون ملوثاً. ونوه بأن الخميرة تضاف الى الخبز مرتين، أولاً في أثناء عجنه، وثانياً قبل إدخاله الى الفرن. وأكد أن مكونات الخبز الطبيعية تجعله يتطلب وقتاً أطول في الخبز في الفرن. أما أنواع الخبز الألماني فهي متعددة ومنها التي يدخلها الزيتون أو التي تكون من دون إضافات، في ما تخبز وتقطع بأشكال متعدد، فتكون بيضاوية أو طولية كالخبز الفرنسي. ونوه الى ان مقادير المكونات في أنواع الخبز الألماني تتغير، فنخفف أو نقلل من نسب المقادير المستخدمة في الخبز، ولهذا يصبح لدينا تنوع في النكهات. ولفت الى أن الطريقة التي يحضر بها الخبز تجعله صالحاً للاستخدام لفترة طويلة، فهو يحافظ على رطوبته، فيما الثقوب داخله تكون قليلة جداً، مما يعني أننا نأكل خبزاً حقيقياً. ولفت الى أن هذا الخبز صحي جدا، لأنه لا تضاف اليه الزيوت أو الزبدة، بالإضافة الى أن مكوناته الطبيعية التي تجعله وجبة خفيفة بامتياز. وأكد هيلمتاغ أن الخبز الألماني يتشابه مع غيره من المخابز الأوروبية ومنها سويسرا والنمسا وفرنسا، فلا يمكن الحديث عن اختلافات كثيرة في التحضير. أما المدة التي يستغرقها الخبز الألماني في التحضير فهي طويلة وقد تصل لمدة تقارب الساعة. أما ما يميز هذا الخبز فهو أنه يمكن المحافظة عليه طازجاً لأكثر من يوم، ولهذا نصح الشيف الألماني بوجوب تخزينه في علبة خاصة بالخبز وتشبه الطاجن المغربي.

صاج

صاحبة فرن صاج تو غو، الملمة بشؤون خبز الصاج، رانية داغر، أكدت أن «خبز الصاج معروف في الشرق الأوسط منذ 3000 سنة قبل الميلاد، وهو الخبز الذي يحضر على ماكينة الصاج، حيث كان يستخدم الحطب آنذاك، فيما اليوم بات هناك صاج على غاز أو على الكهرباء». ولفتت الى أن هذا الخبز صحي كونه يحتوي على طحين ومياه وملح فقط، ويمكن إضافة الخميرة له، أو الاستغناء عنها، منوهة الى وجود طرق مختلفة في خبز الصاج، فالبعض يحافظ على سماكته والبعض الآخر يلوح العجين حتى يصبح رقيقا جداً. ونوهت الى أن خبز الصاج تطور اليوم، فباتت العجينة تحضر في اليوم نفسه ويمكن تحضيرها قبل نصف ساعة من خبزها، بينما في القدم كانت العجينة تحضر قبل يوم، وفي الصباح الباكر يستيقظون قبل طلوع الشمس كي يخبزوا وبكميات كبيرة. وأكدت أن خبز الصاج الذي يقدم في البلاد العربية يعد متشابها جداً بين مختلف دول الشام، ولكنه يتباين أحياناً بين شيف وآخر، وهذا يرتبط بطبيعة عمل الشيف والماكينة التي يختارها للخبز، فأحيانا نجد اختلافات في البلد الواحد، واعتبرت أن الخبز الصاج السميك يفضل استخدامه لتحضير السندويتشات.

تويتر