«مالح ومحاشي ولقيمات» بيتية تصل إلى الزبائن حسب الطلب

وجبات ترفــع شــعار «صـُـنع في المنزل»

الأكلات الشعبية باتت مصدر رزق للبعض. الإمارات اليوم

«مالح، ومحاشي، ولقيمات، وخمير».. مجموعة من الأكلات الشعبية والوجبات الجاهزة التي بدأت تنتشر إعلاناتها بصورة لافتة في «مبوبات» صحف يومية، إذ بات العديد من المواطنين والوافدين يحضرون تلك الأكلات في منازلهم، ويوصلونها حسب طلب الزبائن، بأسعار قد تقل في بعض الأحيان عن المطاعم.

وبالفعل اجتذبت تلك الوجبات البعض، لاسيما النساء العاملات، لأنها توفر لهن الوقت من جهة، وتمدهن بالشعور بالثقة كون الطعام محضراً بطريقة بيتية من جهة اخرى. وتسهم هذه الوجبات في تعزيز وجود الأكلات الإماراتية التراثية، كما أنها تشكل مصدر رزق لمن يحضرونها.

قال المواطن خالد الزعابي، الذي يحضر المالح، إن «القباب هو السمك الذي أعتمد عليه لصناعة المالح، إذ أقطعه وأنظفه، وأزيل الرأس والعظام، وبعدها أشّرحه طولياً، ثم أضع الملح داخله، وأضع في كل وعاء زجاجي نحو 12 سمكة، وتترك فترة لا تقل عن الشهر ونصف الشهر»، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم» «يصبح المالح جاهزاً بعد تلك الفترة وتكون الأوعية التي وُضع فيها مليئة بالماء الذي نتج عن عصارة السمك نفسه، ثم نقوم بغلي السمك في الماء، ونقدمه في وصفات متعددة، بدءاً من الأرز الأصفر، وصولاً الى الأرز الأبيض، أو الأكلات الشعبية كأن يقدم مع الفلفل والطماطم والليمون».

 مصدر رزق

 عزت الفلسطينية (أم معتصم) كثرة الطلب على الوجبات المنزلية، الى زيادة عمل المرأة، التي لم تعد قادرة على التحضير لعزوماتها خصوصاً، كما أن أسعار بعض المطاعم مرتفعة الثمن، فورق العنب على سبيل المثال يباع بالحبة، غير متغاضية عن وجود بعض الأكلات التي لا تكون رخيصة في المنزل، كونها تكون مكلفة وأبرزها الكبة. وختمت بتأكيدها أنها لا تخجل من تلك المهنة، فالطبخ كان موهبتها، واليوم بات مصدر رزق لها ولعائلتها، وليس هناك من عيب في أي مهنة.

عودة

اعتبر الزعابي الذي يقوم بصيد الأسماك بنفسه، أن ما دفعه لإعداد الوجبات، كونها من الأكلات القديمة التي تشهد عودة إليها من قبل البعض، كما أنها تتميز بكونها بسيطة وخفيفة وذات مذاق جميل، ومختلفة تماماً عن المأكولات السريعة التي يخشى كثيرون تناولها، لاسيما أننا نعيش في عصر باتت الرشاقة فيه هاجساً للكثير من الرجال والنساء، وتحضير تلك الوجبات التراثية في المنزل، يجعلها تتميز بنظافة عالية، حسب الزعابي الذي أكد أن البضائع المتوافرة في السـوق ولاسـيما في ما يتـعلق بالمأكولات التي تتـطلب دقة في الإعداد لا يمكن أن يضمنها المرء، فالبعض يغش في أنواع السمك، إذ يضـعون في العلبة الواحدة سمكتين من القبـاب والبقـية تكون من أنواع أخرى مختلفة، مشـيراً الى أنه ليس سهلاً اكتشاف المسألة كـون عصـارة السمك تؤثر في الطـعم، وبالتـالي تمتزج نكـهات الأسماك مع بعضـها بعضاً.

ولفت الزعابي الى أن ثقافة المطبخ الإماراتي تواجه تراجعاً بسبب طبيعة هذا العصر الذي تعمل فيه المرأة، وكذلك وجود الخدم في معظم المنازل، مشيراً الى أن المالح من الطرق القديمة التي كان يتم حفظ السمك فيها، كي يستخدم في الصيف، كون موسمه هو بداية الصيف، ولأنه يحفظ فوائد السمك من دون أن يخسر منها كما يحدث مع التجليد. واعتبر أن معظم الأمراض سببها التغذية غير السليمة.

أما المالح فهو بالنسبة للمواطن لا يعد من الأكلات الصعبة، ولكن الناس لم تعد تعرف الأكلات الشعبية، ولذا تعمل الدولة على تعزيز نشر التراث.

هدايا

أما المواطن سيف بوخليفة، فيبيع المالح ويعده بمساعدة أيد عاملة، لأنه يرى أن المالح من الهدايا المهمة التي يمكن أن يحملها المرء الى أقاربه وأصدقائه، وكذلك في المناسبات الخاصة، كونه يبرز هوية البلد، مضيفاً عن طريقة إعداد المالح «بدأت أعد المالح وأبيعه، كوني أذهب للصيد وبالتالي عندما أحصل على نسبة كبيرة من السمك تفوق الـ،100 أؤجر شخصاً كي ينظفها لي ومن ثم يملحها وأبيعها، خصوصاً أن سمك القباب يوجد في مواسم معينة، وليس طوال السنة».

ولفت الى أن الوقت الحالي من السنة مثالي، إذ يكثر السمك المتوسط الحجم وهو الأفضل، مشيراً الى انه قدم هذا العام المزيد من الكميات بسبب الإقبال الكثيف على المالح، ولاسيما من قبل فئة لم تكن تعرف هذه الأكلة إطلاقاً.

وأكد بوخليفة أنه يهدف من وراء عمله في تحضير المالح إلى تعريف الناس بهذه الأكلة، منوهاً بأنه من الممكن أن يكتشف المرء بسهولة إن كان السمك فاسداً وذلك من خلال رائحته التي تصبح كريهة، كما أن تحضير السمك في مكان فيه غبار أو في حال كانت الأسماك غير لينة، فهذا سيجعلها تفسد بسرعة.

ورأى أن تحضير تلك الوجبة بشكل بيتي من أبرز الأمور التي تشجع الناس على تجربة المالح «فالطعام المحضر في المنزل، معروف بنظافته التي تفوق نظافة أكل المطاعم، فغالباً ما كنا نسمع عن سيدات يحضرن المحاشي، وكنا نشتريها منهن لأن التطبيق المنزلي لأي وصفة يكون مختلفاً»، لافتاً إلى أنه من الممكن إعداد المالح بأسماك أخرى مرتفعة الثمن كالكنعد، ولكنه لا يعدها إلا لمنزله، لأن سعرها سيكون مرتفعاً على الناس، فهو يبيع الـ12 سمكة بـ 200 درهم.

استثمار موهبة

أشارت الفلسطينية (أم معتصم) إلى أنها بدأت تحضر الأكل في منزلها وتبيعه منذ فترة قصيرة، وذلك لأسباب مالية. وقالت «أجبرتني الظروف الاقتصادية التي مررت بها في الفترة الأخيرة، على استغلال موهبتي في الطبخ، وبدأت أحضر المحاشي والعديد من المأكولات العربية المشهورة والمرغوبة، وأبيعها بحسب الطلب، ولكن يجب أن يكون الطلب قبل يوم على الأقل لأتمكن من طبخها».

وأضافت «بدأت أروج لأكلاتي الشعبية عن طريق الأصدقاء، وبوضع بعض الإعلانات في المبوبات في الصحف، لجذب الناس، خصوصاً أنني لا أكتفي بطبخ الوجبات بل أقدم كل أنواع الحلويات العربية وكذلك الغربية التي أتعلمها من الكتب».

أما أكثر المأكولات التي تحضرها بناء على طلب الناس، فهي الكبة وورق العنب بالزيت، والمقلوبة والمسخن والمحاشي على أنواعها والشيشبرك، مشيرة الى أنها تتبع طريقة والدتها في إعداد الأطباق القديمة، ولكنها تعتمد على الكتب والتلفزيون في تحضير الحلويات الغربية والحديثة كالتيراميسو والكيك.

واعتبرت (أم معتصم)، أن التسويق أمر صعب جداً، على الرغم من تأكيدها أن أكل المنزل مرغوب أكثر من أكل المطاعم، لرخصه من جهة، وكذلك لكونه لا يمكن أن تغش فيه المرأة، فهي تأكل من تلك الوجبات.

تويتر