الالتقاء بالأصدقاء والرياضة يخففان من التوتر

ضغوط العمل.. تدخل المنازل

مشكلات العمل تحدث جواً متوتراً في المنزل. غيتي

يواجه كثيرون في حياتهم العملية مشكلات يومية وخلافات مع مديريهم وزملائهم والمحيطين بهم، قد تسبب لهم ضغوطاً وتوتراً، ما يجعل البعض يتأثرون بتلك الأزمات، ولا يستطيعون التخلص منها بعد انتهاء دوامهم، وبالتالي يصحبون قلقهم إلى منازلهم، وينعكس ذلك على أفراد أسرهم في المنزل، بينما آخرون ينسون تماماً كل ما حدث لهم في مكاتبهم بمجرد فراغهم من أعمالهم، وأيضاً ذلك ينعكس بصورة إيجابية على حياتهم الاجتماعية والعائلية.

وينصح مختصون من لا يستطيعون الفصل بين الحياتين العملية، والعائلية، بممارسة أي نوع من الرياضة، ولو حتى المشي، أو الالتقاء بالأصدقاء، أو تعويد النفس على تجاهل ضغوط العمل، ومحاولة نسيانها تماماً عقب الخروج من مغادرة المكتب.

أكدت السورية سارة الجاري، أن عملها فيه الكثير من الضغوط، ما ينتج عنها توترات كثيرة، وأحياناً لا تتمكن من الفصل بين العمل والحياة الخاصة، بل يستمر التوتر ويستكمل معها في المنزل مـع عائلتها.

مضيفة لـ«الإمارات اليوم» «أحاول أن أتصل بأحد أصدقائي، وبالتالي يكون هذا أفضل ما يريحني، لأني أحياناً أتجنب الحديث مباشرة مع الشخص الذي سبب المشكلة في العمل، أو الذي وترني، لأنه من الممكن أن يشتد الصراع معه، ولهذا غالباً ما أحاول أن أتحدث معه في الموضوع لاحقاً».

بينما ذكرت المواطنة شيخة محمد، أنها غالباً ما تنقل توترات العمل معها إلى المنزل، واشتكى أهلها منها أكثر من مرة بسبب التصرفات العصبية وغير المدروسة مـن قبلها. وتابعت «أشعر أحياناً بأنه علي أن أتوقف عن التصرف بهذا الشكل، لأنني ـ ومن دون قصد ـ أرفع صوتي على أي شخص في المنزل، بسبب كثرة الضغوط التي أواجهها، والتي غـالباً ما تكون أحيانـاً لأسباب تافهـة، ولذا حالياً بدأت أعمل على قاعدة مختلفـة، وأمرن نفسي على كيفية النسيان والتجاهل، علماً بأن المسألة ليست سهلة».

تصدع أسري

ذكر رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش، أن الكثير من الناس يعانون المشكلات الإدارية أو حتى الاقتصادية في العمل، مشدداً على أنه يجب الفصل بين الاثنين، لأن توتر العمل الذي ينقل للمنزل قد يحدث تصدعاً أسرياً، وأحياناً ينعكس على الزوجة، أو الأولاد وقد يؤدي إلى الطلاق، معتبراً أن كثيراً من الناس غير مهيئين لفصل الوظيفة عن الحياة الخاصة. ونوه بأنه من الضروري أن يعيش المرء حياته الأسرية بكامل تفاصيلها، لتكون مكملة للحياة العملية، مشيراً إلى ضرورة أن يشغل المرء نفسه بأي عمل في المنزل، أو برنامج تلفزيوني أو نشاط عائلي أو زيارة فهذا يخفف من حدة التفكير في المشكلة.

تفكير

لفت المواطن محمد الحمادي إلى أن ضغوط العمل كانت تنتقل معه إلى المنزل، ويستمر في التفكير في القصص التي دارت طوال النهار في المكتب، مشيراً إلى أنه قد يتعصب على أولاده أو زوجته، وبدأ يعتمد طريقة تمكنه من نسيان الضغوط، إذ بدأ يذهب للمقهى مع صديق، وتخفف تلك الاستراحة إحساسه بالضغط والاختناق، حسب تعبيره.

من جهته رأى السوري غسان الحداد أن مشكلات عمله كثيرة، ولكنه لا يمكن أن ينقلها للمنزل، مشيراً إلى أنه من الأشخاص الذين يستمتعون بحياتهم الخاصة وكذلك العملية، ولذا غالباً ما يقوم بأي مشروع أو مشوار مع أصدقائه حين يواجه مشكلة حساسة في العمل.

أما السورية صونيا العباس، فأكدت أنه لا يمكن للمرء أن يكون شخصين في الوقت ذاته، فالفصل ليس من الأمور السهلة، وقالت «أحياناً أنقل توتري من العمل إلى المنزل، وأحياناً أخرى بالعكس أنقل توتر المنزل للعمل». وتنظر العباس إلى الحياة بكونها عبارة عن تأثيرات، ولهذا ترى أن المرأة التي تعمل بدوام جزئي تخفف على نفسها الكثير من التوتر لأن الراحة مهمة للتخفيف من القلق.

وذكر اللبناني فراس علوية، أن مشكلات العمل يجب أن تنسى عقب انتهاء الدوام، وقال «طفلي وزوجتي لهما الحق في أن يستمتعا معي بالحياة الاجتماعية الهادئة». وأكد أنه تعرض للكثير من المشكلات في عمله في الفترة الأخيرة، وقد أحدثت له بعض المشكلات في المنزل مع زوجته، ولهذا حالياً يتجنب الحديث عن أي أمور تتعلق بعمله في المنزل.

واعترفت الأردنية لينا محمد بأنها لا تستطيع أن تكون مرتاحة، وبوضع جيد في المنزل، ومع زوجها، إن كان لديها مشكلة ما في المكتب، إذ لا تستطيع التوقف عن التفكير في الأحداث التي تواجهها في النهار. وأضافت محمد «بدأت في الآونة الأخيرة أنذر زوجي بأنني متوترة، وعليه أن يتجنبني، وذلك لتفادي المشكلات التي كانت تنشأ بيننا بسبب توترات العمل أو مشكلات صادفتني مع زملاء في المكتب».

نضج

قال رئيس قسم علم النفس في أكاديمية شرطة دبي الدكتور محمد رمضان، إن «الاحتفاظ بمشكلات العمل وعدم نقلها إلى المنزل، أمر يحتاج إلى نضج في الشخصية»، معتبراً أن الشكوى للزوجة تكون ايجابية فقط إن لم ينقل الرجل القلق داخله إلى زوجته وأولاده أيضاً.

واعتبر أنه من الممكن التخفيف من الانفعالات والقلق، من خلال الرياضة أو المشي، أو حتى مناقشة المشكلة مع الأصدقاء، منوها بأن عدم نضوج الشخصية هو الذي يدفع الرجل أو المرأة إلى الحاجة للدعم السيكولوجي، وبالتالي يشعر الرجل وكأن المرأة أمه، وهذا خطأ لأن من مهمات الزوج على سبيل المثال إسعاد الزوجة والأولاد وليس إحباطهم.

أما الطرق المفيدة في التخلص من التوتر، فكما أكد رمضان «الالتحاق بنادٍ رياضي، أو المشي، أو الصلاة أو قراءة القرآن». ونوه بأن الشخصية الطفولية هي التي تنقل مشكلات العمل إلى البيت، وبالتالي هذا يغير من طبيعة العلاقات في المنزل فالزوجة لا يجب أن تصبح أماً لزوجها، تقدم له التقدير الذي يفتقده في عمله، لأن دور الأب هو العطاء. واعتبر أن الشخص الذي ينقل متاعبه العملية إلى المنزل، هو ضعيف الشخصية، وتكوينه النفسي طفولي، فيما يعتبر العلاج النفسي، أفضل الحلول للتخلص من المشكلة، لاسيما الجلسات التي يطبق فيها سيناريوهات تضع المرء تحت ضغط العمل.

تويتر