المشي.. رياضة ومتعة وعلاج

فوائد المشي تزول بعد التوقف عنه لمدة أسبوع أو أسبوعين.                   أرشيفية

تعد رياضة المشي، من أفضل الرياضات التي يمارسها الإنسان صغيراً وكبيراً، ذلك لأنها لا تحتاج وقتاً طويلاً، ولا تتطلب مهارات بدنية عالية، ولا تستدعي استخدام أجهزة كهربائية معقدة تكلف مبالغ مالية طائلة، وفي الوقت نفسه تحقق لممارسيها فوائد صحية وبدنية ونفسية جمة.

وعن هذه الفوائد يقول استشاري فسيولوجية الجهد البدني والصحة د.أسامة كامل اللالا «إن ممارسة رياضة المشي، أو الجري المستمر، تكسب ممارسيها اللياقة البدنية المناسبة، وتسهم في تحسين اللياقة البدنية لممارسة ألعاب رياضية أخرى، وتعمل على خفض عدد ضربات القلب أثناء الراحة، فيما المشي المنتظم يخفض نسبة الكولسترول الضار بالجسم (إل دي إل)، ويرفع من نسبة الكولسترول الجيد (إتش دي إل)، ويقي من مشكلات آلام أسفل الظهر»، ويتابع اللالا أن رياضة المشي، أو الجري، المستمر تلعب دوراً كبيراً في خسارة الوزن الزائد، وينصح الراغبون في خفض الوزن والتخلص من السمنة بممارسة المشي والجري بشدة متوسطة يومياً وبمعدل 60 دقيقة على الأقل، مشيرا إلى ان ذلك يسهم في انخفاض ضغط الدم الشرياني لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ما يؤدي إلى خفض الجرعة المتناولة من الأدوية أو الاستغناء عنها لاسيما إذا تزامن ذلك مع انخفاض وزن الجسم، وأوضح «الحد الأدنى لممارسة المشي لأصحاب ضغط الدم المرتفع هو 150 دقيقة أسبوعياً، وذلك يؤدي إلى حرق ما يعادل 1000 كيلو سعر حراري في الأسبوع على الأقل، لذا يحبذ ممارسة رياضة المشي أو الجري الخفيف بما يعادل من 30 الى 60 دقيقة في اليوم ومعظم أيام الأسبوع، ولتحقيق ذلك ينبغي التدرج في التكرار، وفي الشدة لتحقيق المستوى المطلوب بعد أسابيع عدة من بدء المشي».

المشي والسكري

ويضيف اللالا «ان المشي يعد من الأنشطة البدنية الوقائية والعلاجية للعديد من الأمراض مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين، وهشاشة العظام والسمنة، كما يقلل من مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني (غير المعتمد على الأنسولين) ويلعب دوراً في تأجيله، وكذلك في خفض مستويات السكر في الدم»، ويشرح ان المشي المنتظم، بما يعادل 120 الى 200 دقيقة في الأسبوع، يؤدي إلى خفض نسبة الإصابة بداء السكري بدرجة ملحوظة، كما تؤدي رياضة المشي والجري الخفيف إلى ضبط مستوى السكر في الدم».

وعلق اللالا بأن الفوائد الصحية العائدة على مريض السكري من جراء رياضة المشي تزول وتضمحل بعد التوقف عن ممارسة المشي لمدة أسبوع إلى أسبوعين حداً أقصى، وهنا تكمن أهمية الانتظام في ممارسة المشي لمرضى السكر يومياً للحصول على الفوائد المرجوة منها. وتابع «بصفة عامة يكسب المشي القوام الجيد والمتناسق، ويمكن القول إن الذين يمارسون هذا النشاط يكتنزون طاقة أكبر خلال نهارهم و ينامون جيداً خلال ليلهم»، وأضاف اللالا «كما ينشط المشي الدورة الدموية لجميع أعضاء الجسم، ويحسن من صلابة العضلات والتحمل العضلي، ويحرق تقريباً 100 كيلو سعر حراري لكل 1600م، ويحسن التحمل العام ويساعد الجسم في استخدام الأوكسجين باقتصاد وفاعلية».

ومن الناحية النفسية، يقول الالا «يمنح المشي والجري الخفيف ممارسيهما وقتاً لأنفسهم، وشعوراً بالسعادة والراحة حتى بعد الانتهاء منهما، ويبنيان ثقتهم بذواتهم، ويخلصاهم من الضغوط النفسية، ويسهمان في رفع معنوياتهم النفسية ويساعداهم على التفاؤل، ويساعدان على تحمل أعباء النهار بشكل أفضل بحيث يصبح عملهم بشكلٍ أفضل».

أسس علمية

وعن الأسس العلمية لرياضة المشي الصحيح، يقول استشاري فسيولوجية الجهد البدني إنه يجب أولاً اختيار الفترة الزمنية المناسبة لممارستها وهي الصباح الباكر، وفترة ما بعد العصر حتى بعد المغرب، ويشرح «في ساعات الصباح الباكر بعد صلاة الفجر يكون الجو مشبعاً بنسبة كبيرة من الأوكسجين والأوزون والأشعة فوق البنفسجية التي تساعد على بناء العظام والوقاية من هشاشتها، كما أن نسبة التلوث في الجو تكون أقل في الصباح الباكر، ودرجة الحرارة تكون معتدلة». ونوه اللالا بأنه «بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة ويرغبون في إنقاص أوزانهم فإن المشي صباحاً يعد مناسباً لهم لأن نسبة السكر بالدم تكون منخفضة مما يؤدي إلى إجبار الجسم على صرف الطاقة على حساب شحوم الجسم»، وأضاف «يمنح المشي في فترة الصباح الباكر وما بعد العصر إحساساً بالانتعاش والسعادة والحيوية، ويعمل على تنشيط عمل إفراز هرمونات الشعور بالسعادة (الاندروفينان)، بعد 20 دقيقة من المشي»، ونوه اللالا بأنه «في فترة ما بعد العصر تكون الأشعة فوق البنفسجية عالية كذلك فتكون الرئتان في أفضل حالتهما للعمل، وحسب الدراسات ففترة ما بعد العصر تكون كفاءة الجسم أعلى لاستنشاق الأوكسجين، وممارستها تساعد على النوم العميق في الليل»، وعلق «يفضل الابتعاد عن ممارسة رياضة المشي قبل ساعتين أو ثلاث ساعات قبل موعد النوم مباشرة، حيث يعمل المشي على تنشيط أجهزة الجسم الفسيولوجية (القلب والرئتين والعضلات والمفاصل) فتمنحه الحيوية، الأمر الذي يؤخّر من النوم الذي يحتاج إلى الهدوء».

ويضيف اللالا «أما فترة الظهر فتكون نسبة ارتفاع درجة الحرارة العالية جداً، وحينها يكون الجسم عرضة للإصابة بالضربات الحرارية، وتكون هرمونات القلق والتوتر (الأدرينالين)، و(النوادريالين)، عالية جداً في الجسم». وذكر الالا «أكدت الدراسات العلمية أن وظائف الدماغ تتحسن تحت تأثير الأنشطة البدنية والحركية، فزيادة نشاط الدورة الدموية في الدماغ تحت تأثير الأنشطة البدنية والحركية يزيد من تدفق الأوكسجين والغذاء لخلايا المخ، فيزيد من تحسن وظائف المخ الإدراكية مثل الفهم واليقظة والتركيز والتذكر والحفظ، كما يؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية يساعد المشي بعد تناول وجبة غذائية خفيفة على زيادة معدل التمثيل الغذائي، وزيادة معدل الحرق بنسبة من 10٪ إلى 15٪».

 تحذيرات عامة 

--تشير التوصيات الصادرة من الجمعيات الطبية المتخصصة إلى أن أي شخص دون الـ40 من العمر ولا يعاني من مشكلات صحية، وليس لديه أي مخاطر صحية مهيئة للإصابة بأمراض القلب التاجية، يمكنه ممارسة النشاط البدني (الجري، المشي) من دون الحاجة إلى إجراء كشف طبي، أما من هو فوق الـ40 من العمر أو ممن يعانون من مخاطر الإصابة بأمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة الكولسترول في الدم، أو من المدخنين، أو يعاني من داء السكري، أو ممن أصيب أحد والديه وأخوته بأمراض القلب قبل عمر 55 سنة، فيجب أن يجري فحصاً طبياً بما في ذلك إجراء تخطيط للقلب أثناء الجهد.

--الابتعاد عن لبس المشدات على البطن أثناء ممارسة رياضة المشي أو الجري، حيث ينتج عنها ترهل في عضلات البطن.

--تجنب المشروبات الغازية لأنها تصيبك بالجفاف.

--التوقف عن ممارسة المشي أو الجري عند الشعور بألم في الصدر أو الكتفين أو شعور بضيق في التنفس، أو بالدوخة أو الغثيان، أو جفاف الجلد واحمراره والتصلبات والقشعريرة الجلدية حيث يظهر الجلد كأنه بارد أو مرتعش، وفي حال عدم القدرة على الحديث، وحينها يجب استشارة الطبيب.

--يجب المشي أو الركض بعكس اتجاه السيارات.

مكان مناسب

وعن المكان المناسب لممارسة المشي قال اللالا «يفضل دائماً الابتعاد عن الأماكن التي تعاني من ازدحامات مرورية وتكدس السيارات مثل الحدائق البعيدة، لأن الدراسات العلمية أثبتت أن ممارسة رياضة المشي لمدة 30 دقيقة، تعادل نصف (باكيت) من الدخان المنبعث من عوادم السيارات»، وتابع «الابتعاد عن أرصفة الشوارع تجنباً للتلوث فالهواء المستنشق يحتوي العديد من الملوثات المنبعثة من عوادم السيارات مثل أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وأكسيد النترات»، وأضاف «ويفضل المشي أو الجري على أرض لينة مثل الأرضية المطاطية أو الأرض الترابية، والابتعاد عن الأرضيات الإسفلتية أو الإسمنتية الصلبة، التي تسبب إجهاداً للمفاصل، خصوصاً لأولئك الذين يعانون مشكلات في المفاصل والقدمين، أو يعانون من الوزن الزائد والسمنة، وآلام في أسفل الظهر»، وأكد اللالا «والذي يساعد على التخلص من سلبيات الأرضيات غير المخصصة للمشي أو الجري، الحذاء المناسب المخصص للمشي، الذي لابد أن يكون من النوع الجيد الذي يحتوي على لبادات (حشوات) داخلية تساعد على امتصاص الاصطدام بالأرض خصوصاً لمن يعانون من مشكلات في المفاصل أو في القدمين أو ممن يعانون من البدانة، وذلك تجنباً لحدوث مشكلات في القدمين والكاحلين والركبتين والوركين والظهر»، وعن مواصفات الحذاء المناسب لممارسة رياضة المشي، ذكر اللالا «ينبغي أن يكون الحذاء مناسباً جداً لقدم الشخص، ليس واسعاً أو ضيقاً، لاسيما لمرضى السكري من النوع الثاني الذين دائماً يعانون من عدم الإحساس في نهايات الأطراف إذا ما تعرضت للجرح أو الالتهاب، مع أهمية ارتداء الجوارب القطنية التي تمتص العرق فتمنع تكون الفطريات»، وأكمل «ولابد أن يكون الحذاء مريحاً، ويسمح بقدرٍ كافٍ من حرية الحركة، وأن يكون ذا كعب عريض ثابت في مكانه، لأن الكعبين هما اللذان يتحملان الجانب الأكبر من وزن الشخص، وأن يكون مصنوعاً من مادة تسمح بتهوية القدمين، ولابد أن يكون الحذاء مرناً بحيث يمكن ثنيه من المنتصف بسهولة، وأن تتوافر ففيه الممصات الأمامية والخلفية، ولابد أن يكون لسان الحذاء مغطى من فتحة الحذاء بشكل مناسب، فإذا لم يغط لابد من البحث عن حذاء أكبر منه في الحجم».

فيما ترى مديرة المركز الصحي في نادي دبي للسيدات مادلين ستوكس أن الحذاء «يجب ان يكون مناسباً للقدم وغير ضيق بحيث تكون هناك مسافة كافية لأصابع القدمين، ويجب ترك مسافة من نصف بوصة إلى بوصة بين نهاية أطول إصبع ومقدمة الحذاء عند إرخاء أصابع القدمين، حتى لا يتسبب في تكون الفقاعات المؤذية وجرح نسيج الجلد، ينصح بالأحذية القماشية بدل الجلدية، ويجب أن تكون لينة وضد الانزلاق».

أما بخصوص الملابس المخصصة لممارسة هذه الرياضة، فذكرت ستوكس «يجب أن تكون الملابس المخصصة لرياضة المشي أو الجري واسعة وذات ألوان فاتحة تعمل على انعكاس أشعة الشمس بعيداً، على خلاف الألوان الداكنة التي تمتصها، كما تساعد الألوان الفاتحة الجسم على التنفس والاسترخاء تلقائياً، حيث إن الملابس الضيقة تعيقه، أما الملابس الداكنة فتعمل على امتصاص أشعة الشمس والحرارة بعكس الملابس الفاتحة التي تعمل على انعكاس الشمس بعيداً».

من جهته يرى اللالا «لابد من ارتداء الملابس القطنية المريحة التي تتكون من 75٪ من القطن، و25٪ من البولسترين، والابتعاد عوضاً عن الملابس البلاستيكية (النايلون) سواء في فصل الصيف أو الشتاء، حيث إن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن النايلون يساعد على حرق الشحوم من خلال زيادة التعرق، بل على العكس النايلون يعيق من عملية التعرق حيث لا يسمح بتبخر العرق، ويؤدي إلى الحبس الحراري، الأمر الذي ينجم عنه انفجار في الغدد الدرقية»، كما يجب لبس القبعة التي من شأنها أن تحمي الرأس من أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف». وعن تناول المشروبات أثناء ممارسة رياضة المشي أو الجري قال اللالا «يجب تناول السوائل بكثرة كالماء والعصائر الطبيعية، قبل وأثناء وبعد ممارسة رياضة المشي، الأمر الذي يساعد على ترطيب الجسم، ويحافظ على نسبة ثابتة من السوائل فيه، التي تفضل أن تكون باردة ودرجة الحرارة المثالية 15-25 درجة مؤية، ويجب تجنب المشروبات الغازية لأنها تصيب بالجفاف، ومشي نصف ساعة يفضل فيها تناول نصف لتر من الماء، وبشكلٍ عام كمية الماء تتفاوت حسب وزن الشخص والجهد المبذول». وذكرت ستوكس «يجب تناول الطعام الصحي والمتوازن قبل ممارسة الرياضة للحصول على الطاقة أثناء ممارستها، والابتعاد عن المشروبات الغازية».

المشي أو الجري

وعن الاختيار ما بين ممارسة رياضة المشي أو الجري قال اللالا «إذا كان الشخص غير نشيط أو يعاني من الوزن الزائد، أومدخنأً، أو يعاني من الخمول والكسل والاكتئاب، فلا بد أن يبدأ برياضة المشي»، وذكر اللالا «المشي الرشيق مع مرجحة الذراعين يمكن أن يوصلك إلى مستوى معدل ضربات القلب المستهدف (هارزوني)، كذلك فإن المشي مفضل لدى هؤلاء الذين يعانون من مشكلات في القدمين أو الرجلين أو الظهر، وكذلك لبعض المشكلات الصحية مثل الأزمة القلبية أو أمراض القلب، وهنا لابد من التأكد من الطبيب حول النشاط الذي يناسب الحالة الصحية للممارس»، وأضاف اللالا «ومن المعروف أن ما يحققه الممارس من رياضة المشي يأخذ فترة زمنية أطول فيما لو مارس رياضة الجري، ولكن الفرق ليس كبيراً كما يمكن أن يتوقع الشخص». وشرح «إن الممارس يستهلك تقريباً السعرات الحرارية نفسها إذا مشي بخفة أو ركض ركضاً خفيفاً للمسافة المقطوعة نفسها ولتكن كيلومتراً واحداً مثلاً، وعادة فإن تطور اللياقة البدنية يزداد إذا زادت سرعة المشي، لكن إذا أراد الشخص الجري فيجب أن يتأكد من أن النبض يبقى دائماً ضمن الحدود المطلوبة وإذا لم يستطع ذلك فليبدأ بالمشي و ليس بالجري»، وأكد اللالا «أما إذا كان الشخص نشيطاً فإن الجري الخفيف أو الهرولة يمكن أن يوصلاه إلى مستوى معدل ضربات القلب المطلوب الذي يناسبه، لكن يجب أن يبدأ ببطء ويحاول أن يبقي على النهاية المنخفضة للمدى المطلوب حتى يشعر بالراحة فيزيد من السرعة، ولا يجب أن ينسى مراقبة نبضه والإصغاء لجسمه».

تويتر