الكـلاب البوليسية.. قـدرات خاصة يطورها المدربون

تسخير حدس الكلاب في خدمة المجتمع. تصوير لؤي أبو هيكل

تتعدد مهارات الكلاب، وتتميز بقدرات خاصة عرفها الإنسان منذ القدم، وسخرها لخدمة سلامته، وحماية أمنه، وتعدت مهام الكلاب مجرد الحراسة، والكشف عن السرقات بأنواعها وجرائم القتل، إلى الكشف عن المتفجرات، ومكافحة الشغب، والإنقاذ والبحث عن الجثث، وغيرها من التخصصات الأمنية التي كانت بالأمس تعتمد على حدس رجل الأمن فقط.

وللاستفادة القصوى من قدرات الكلاب وتطويرها أنشأت الدولة في مختلف إماراتها إدارات تتبع الأجهزة الأمنية تُعنى بتدريب الكلاب وتنمية مهاراتها، والتي أصبحت مع مرور الوقت جزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمن والأمان في المجتمع، بل واستطاعت اكتشاف مواهب جديدة لدى الكلاب، حيث أثبتت قدرتها على اكتشاف سوسة النخيل التي طالما أرهقت المزارعين، واستنزفت جيوبهم لاكتشافها والقضاء عليها، إلى جانب تدريبها للكشف عن التبغ، والكشف عن الأقراص المدمجة المزيفة التي اكتسحت الأسواق.

ويعمل على تدريب الكلاب مجموعة من المدربين المتخصصين الذين يتمتعون بالشجاعة والذكاء والصبر والقدرة على خلق جو من الألفة والمحبة، وتمييز اصوات الكلاب للتعرف إلى احتياجاتها ورغباتها.

وقال مدير إدارة تدريب الكلاب البوليسية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، رائد خبير عبدالسلام محمد الشامسي لـ«الإمارات اليوم»: «أسست شرطة دبي إدارة تدريب الكلاب البوليسية في عام ،1976 لتسخير حدسها القوي، ومهاراتها العالية، في خدمة سلامة المجتمع، وحماية أمنه»، مشيراً إلى أن البداية كانت بستة كلاب، وستة مدربين، يعملون في ثلاثة تخصصات فقط وهي، الكشف عن المخدرات، والبحث عن المتفجرات، وفض الشغب.

لافتاً إلى أنها «أصبحت تضم 72 كلباً بوليسياً في 10 تخصصات، ستصل إلى 12 تخصصاً عما قريب»، ومن هذه التخصصات حسب الشامسي «الكشف عن المتفجرات والأسلحة، والكشف عن المخدرات، والكشف عن الجثث، وتتبع أثر الجناة، وتمييز الروائح، والكشف عن مسببات الحرائق، والبحث عن المفقودين، إلى جانب الحراسة، وغيرها، والتي تسعى للكشف عن الأدلة، والتعرف إلى مسرح الجريمة الذي يشهد تغيراً سريعاً».

خبرة عالية
وأكد الشامسي أنه بفضل خبرة المدربين العالية تكللت عمليات الكشف المختلفة التي تقوم بها الإدارة بالنجاح، مشيراً إلى أن «جميع المدربين في إدارة الكلاب البوليسية متخصصون علمياً، ويحظون بخبرة كبيرة في هذا المجال، والحرص على التعاون المشترك بين الأجهزة الأمنية والمنظمات العالمية، بهدف الاستفادة من خبراتها»، منوهاً بتعاون شرطة دبي مع الإمارات الأخرى في حل قضاياها من منطلق التعاون والحفاظ على الأمن، حيث إن هناك تنسيقا مع إدارات الشرطة في الدولة.

وتابع «تعتبر إدارة تدريب الكلاب البوليسية في شرطة دبي، أول مؤسسة أمنية عربية انضمت إلى منظمة (آي آر أو) التي تتبع منظمة الهيئة الدولية الاستشارية للبحث والإنقاذ (إنساراج) التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة التي تتولى نشر وتوصيل نتائج البحوث العلمية، وتزويد الأعضاء بالمعلومات في المجال الطبي والسلوكي في بيئة الكلاب، وحول أدائها في مختلف الظروف».

وذكر أنه بمشاركة 20 مدرباً من مختلف دول العالم، تم اختيار دبي لعقد «دورة لتأهيل مدربي الكلاب البوليسية، وعدد من كلاب الإنقاذ لكيفية التعامل مع الظروف المناخية كافة، وتشتمل على تمارين خاصة عدة للمدربين والكلاب».

تخصصات منوعة
وأشار مساعد أول حمد مبارك العزيزي، في قسم الكلاب البوليسية في شرطة أبوظبي إلى أن القسم يضم 250 مدرباً، و250 كلباً بوليسياً، ويشتمل على مجموعة من التخصصات «تخصص القضايا الجنائية، والذي يسند فيه للكلاب البوليسية مهام الكشف عن السرقات بأنواعها، وإتلاف ممتلكات الغير، والتعدي المنزلي، والكشف عن التلصص والمتسللين، والقتل»، ومنها وفق العزيزي «تخصص الكشف عن المخدرات في القضايا بالتعاون مع فرع مكافحة المخدرات، وفي المطارات، والمراكز الحدودية، والبريد المركزي، وتخصص كشف المتفجرات في المطارات، والمراكز الحدودية، والأحداث الرياضية، وحفلات الزفاف، والمواكب الرسمية، وحفلات التخرج، وفي المعارض والمؤتمرات الدولية. ومكافحة الشغب، والإنقاذ والبحث عن الجثث، والحراسة سواء السجون أو الأماكن الحيوية».

وأكد أن «الكلاب البوليسية أسهمت في عمليات ضبط المخدرات في المنافذ الحدودية الخاصة لأبوظبي، فضلاً في الكشف عن قضايا السرقات بشكل عام». ولفت العزيزي إلى أن قسم الكلاب البوليسية استحدث تخصصاً جديداً بالتعاون مع شركة الفوعة للتمور لتدريب الكلاب على اكتشاف سوسة النخيل التي أرهقت كاهل المزارعين، واستنزفت جيوبهم، في محاولة لاكتشافها والقضاء عليها».

وأضاف «يُعد هذا الإنجاز هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وقد اطلع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية، على التجربة ورحب بها، وطالب بمضاعفة الجهود لتحقيق مزيد من النجاح والتميز»، مؤكداً أن الكلاب أظهرت نتائج إيجابية في الوصول بسرعة لمواقع الأشجار المصابة بسوسة النخيل، مشيراً إلى أنه تم اختيار الكلاب البوليسية التي تتمتع بحاسة شم قوية، وتدريبها لأشهر على الكشف عن سوسة النخيل، حتى أظهرت تجاوباً كبيراً في اكتشاف الأجزاء المصابة بسوسة النخيل، وذلك بعد شمها والتثبت منها.

مشاركات
ونبّه العزيزي إلى مشاركات القسم في فعاليات داخلية وخارجية عدة، منها «مهرجان الاستعراضات الجوية، والحملة المرورية، وأسبوع المرور وغيرها، أما المشاركات الخارجية فتمثلت في المشاركة كراعٍ رسمي لـ10 بطولات أوروبية، والمشاركة كأول دولة عربية في البطولة الأوروبية للكلاب (بودابست 2008)، والمشاركة في عمليات الإنقاذ والبحث عن الجثث في الكوارث الطبيعية، في زلازل أفغانستان عام ،2008 واندونيسيا عامي 2006و ،2007 وزلزال باكستان عام 2005». وقال شرطي مدرب للكلاب البوليسية في شرطة الفجيرة محمد صالح يوسف «أسس فرع كلاب الأثر في شرطة الفجيرة عام ،2006 وبدأ بأربعة مدربين، وأربعة كلاب بوليسية وصل عددها أخيراً إلى ثمانية، تم تدريبها على يد مواطنين متخصصين».

وأضاف عن تجربته في هذا المجال «قبل 10سنوات كنت أقوم بتدريب الكلاب البوليسية في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، حتى أصبحت أمتلك الخبرة الكافية، ومن ثم انتقلت إلى شرطة الفجيرة، والآن أقوم كذلك بالتدريب في فرع كلاب الأثر»، مشيراً إلى تفاوت المدة التي تستغرق في عملية تدريب الكلاب، على حسب التخصص الذي ينتمي إليه الكلب، وغالباً ما تستغرق عملية التدريب ستة أشهر.

واعتبر أن أهم الصفات الخاصة التي يجب أن يتحلى بها المدرب «الرغبة في التدريب، والشجاعة، والجرأة، والذكاء، وسرعة البديهة، إلى جانب الصبر، والقدرة على خلق جو من الألفة والمحبة، وعلى تمييز الأصوات التي يطلقها الكلب، للتعرف إلى احتياجاته ورغباته».

وقال عن الحوادث التي قد يتعرض لها المدرب أثناء عملية التدريب «من الطبيعي أن يتعرض المدرب في بعض الأحيان إلى بعض الحوادث، فالحيوان غير معصومٍ من الخطأ، كما حصل معي، ففي إحدى المرات أثناء عملية التدريب، أخطأ الكلب في إمساك الكرة، فبدل أن يمسكها أمسك بيدي، إلا أن الحادث لم ينجم عنه ضرر كبير، لاسيما أن الكلاب البوليسية تكون محصنة، كما تتوافر عيادة بيطرية مخصصة في كل أقسام تدريب الكلاب البوليسية لعمل اللازم».

كلاب جمركية
وقال المدير التنفيذي لقطاع عمليات الشحن محمد مطر المري «قررت دائرة جمارك دبي عام 2007 إنشاء شعبة الكلاب الجمركية التي تتبع إدارة الالتزام الجمركي، بهدف التحكم الأمني في منافذ دبي، من خلال توفير الدعم الحيوي لأمن المنافذ، بالتعرف والكشف على المواد المقيدة والمحظورة»، مشيراً إلى أن الكلب من أهم حراس المنافذ الجمركية، مضيفاً أن الشعبة بدأت بأربعة كلاب جمركية، وأربعة مدربين، وفي عام 2008 أضيف كلبان للكشف عن الأسلحة، وتضم الشعبة ورشة مختصة للعناية بالكلاب الجمركية وتدريبها في موقع جمارك خور دبي. وأضاف «نجحنا في العديد من عمليات الضبط وتأكيد الاشتباه، ومن أهمها ضبط 228 ألف حبة (كبتاجون) المستعملة في تعاطي المخدرات، في جمارك قرية الشحن في مطار دبي، والتي تُعد من أكبر عمليات الضبط على مستوى الشرق الأوسط، إلى جانب ضبط مجموعة من المواد المخدرة في المنافذ البحرية في دبي، ومجموعة من المواد المفرقعة في ميناء جبل علي».

تخصصات
وأشار مدرب الكلاب في شعبة الكلاب الجمركية ماجد عبدالكريم نعمت، إلى أنالكلاب الجمركية تختلف عن البوليسية، في المسمى، والتخصصات التي تعد أقل من تخصصات عمل الكلاب البوليسية، موضحا «تقوم الجمركية بالكشف عن الأسلحة والمتفجرات، والمخدرات، والألعاب النارية فقط، وأفكر حالياً في العمل على توفير تخصص الكشف عن الأقراص المدمجة المزيفة التي انتشرت أخيراً في الأسواق».

وأضاف عن مهام شعبة الكلاب الجمركية «تتنوع مهام الشعبة، ومنها تدريب الكلاب على عمليات التفتيش المختلفة، والتأكد من سلامة الأفراد العاملين والكلاب الجمركية، والتفتيش المنسق أو العشوائي في الموانئ البرية والبحرية والجوية، والتنسيق مع الجهات الداخلية والخارجية في مجال الاختصاص، وتقديم الخدمات في مجال الاختصاص داخلياً وخارجياً، ورفع دراسات تطويرية في مجال العمل وتطوير الإجراءات والأداء، وتدريب وتثقيف الكادر الوظيفي، وأية أمور أخرى توكل من قبل الإدارة».

وأكمل «قبل أن يتم اختيار الأفراد للعمل في شعبة الكلاب الجمركية، لابد أن يتم اختبار رغبتهم الحقيقية في العمل في هذا المجال، من خلال القيام باختبار تقييم، إذا ما نجح فيه، يخضع للتدريب الذي يتزامن مع تدريب الكلاب نفسها، لخلق جو من الألفة والمحبة بينهم، وتتفاوت مدة التدريب من شهرين إلى ثلاثة، وقد يستغرق تدريب الكلاب من شهرين إلى أربعة أشهر، ومنه ما لا يحتاج إلى التدريب».

وقال عن خبرته في مجال التدريب «منذ 14 عاماً وأنا أدرب الكلاب البوليسية، حيث كنت مدرباً في القوات المسلحة، ومن ثم تقاعدت، ومنذ سنة ونصف تم استدعائي للاستفادة من خبرتي في مجال تدريب الكلاب لتأسيس شعبة الكلاب الجمركية».

مدربات  
بهدف إشراك العنصر النسائي العسكري في المهمات الأمنية التي تقوم بها الكلاب البوليسية أسوةً بالرجال، استحدثت شرطة دبي أخيراً الفرقة النسائية لتدريب الكلاب البوليسية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية في الشرطة، للاستفادة منها في المهمات التي يحبذ فيها وجودها مع رجل الشرطة.

خطط مستقبلية  
إدخال تخصص كلاب التبغ، لمكافحة تهريب التبغ بكميات كبيرة، ما قد يوفر إيرادات أفضل لجمارك دبي.

تشكيل ثلاث شعب تلحق بالمنافذ الجمركية الثلاثة (الجوية - البحرية- والبرية)، تعتبر شبه مستقلة تتبع قسم الكلاب الجمركية وإدارة الدعم الفني.

التطلع إلى إنشاء أكاديمية جمركية متخصصة لتأهيل مفتشين جمركيين لوحدات الكلاب الجمركية التابعة لإدارات الجمارك للدولة خاصةً، ودول الشرق الأوسط عامةً، والدول الراغبة في ذلك.

تويتر