«هجين».. معرض الفنان البحريني في «أيام غاليري»

راشد آل خليفة: دبي مركز مهم للفنون التشكيلية

صورة

تتأرجح أعمال الفنان راشد آل خليفة بين شكل اللوحة، والأبعاد الثلاثية التي ترافق النحت، فهو يعمل على المحتوى التجريبي، ويخوض التعددية في الأساليب الفنية، إذ بدأ مشواره الفني مع الرسم الواقعي ليصل إلى التعبيري ثم التجريد، ليخوض مشواره مع الأعمال التجريبية.

يحمل معرض الفنان البحريني الفردي الأول في دبي، الذي افتتح أول من أمس، في «أيام غاليري» تحت عنوان «هجين»، جماليات اللون، والهندسة التي تجعل المواد الصلبة تبدو في غاية الليونة والانسيابية، إذ يقدم أشكالاً بسيطة لكنها عميقة في الوقت عينه، ليختصر بذلك عملية هندسة الأسطح وتلوينها.

تطويع غير سهل

سيرة

بدأ الفنان البحريني، راشد آل خليفة، مشواره الفني في بداية الستينات من القرن الماضي، وعرض أعماله في البحرين وحول العالم. وعرضت أعماله شبه الحركية بمعرض فردي في معهد الشرق الأوسط بواشنطن عام 1982. ويعد راشد آل خليفة أول من ترأس جمعية البحرين للفنون التشكيلية، ويحمل حالياً لقب الرئيس الفخري للجمعية. وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية حول العالم، منها الأردن، وإيطاليا، والبرازيل، وفرنسا، والبحرين، وتايوان، كما كانت له مشاركات في بينالي الشارقة، ومعرض الفن الأميركي في ميامي بالولايات المتحدة الأميركية.


• 10 مارس المقبل، تختتم فعاليات معرض «هجين» في دبي.

وعن معرضه، الذي يستمر حتى 10 مارس المقبل، قال آل خليفة لـ«الإمارات اليوم»: «يسعدني أن أقدم المعرض الفردي الأول في دولة الإمارات، وتحديداً في دبي، المركز المهم للفنون التشكيلية».

وأضاف أن «الأعمال التي أقدمها في المعرض هي نتاج ما يقارب ثمانية إلى 10 أعوام، إذ اعتمدت فيها على مادة الألمنيوم، باستخدام غير سهل، محاولاً تطويعها وإيجاد الألوان المناسبة للأشكال المقدمة».

وأشار آل خليفة إلى أنه اعتمد على الألوان الزيتية التي يفضلها، لافتاً إلى أن «العمل على هذه الأشكال الهندسية، كان بمثابة بدايات ولّدت أفكاراً أخرى، فدائماً ما تكون البداية متواضعة وبسيطة، كما أنها تجعل الفنان يدخل قنوات، وتوصله إلى نتائج تقود لأخرى، وهكذا يتطور العمل الفني والتجربة».

حوارية

يضم معرض «هجين» - الذي حضرت افتتاحه الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وعدد من الشخصيات الفنية في الإمارات، من بينهم الفنان عبدالقادر الريس - مجموعة من الأعمال التي نفذها آل خليفة بين عامي 2010 و2018، مستخدماً فيها الألمنيوم والاستانلس ستيل وغيرهما من المواد، وجامعاً بين الرسم والنحت في أشكال ثلاثية الأبعاد.

الكتلة التي يعمل عليها والتي تأخذ شكل اللوحة، يفرّغ منها أشكالاً دائرية، ويمنح هذه الأشكال العديد من الألوان على السطح الأبيض، فيوجِد حوارية لونية من جهة، ثم حوارية بين الظل والنور، والكتلة والفراغ الناجمين عن الأشكال التي ابتكرها.

تطورت هذه الأشكال الدائرية في أعمال أخرى لتصبح زهوراً منحوتة من الألمنيوم وملونة بالأصفر والأحمر مثبتة على كتلة الألمنيوم، بينما في أعمال أخرى يترك هذه الكتلة ووسطها دائرة من الفراغ، وكأنه يحاول أن يجسد من خلالها الكواكب. تلك الأشكال الدائرية يأخذها الفنان كنقطة انطلاق لأعمال تتطور إلى الشكل المحدب، فيمنح العمل عمقاً فضائياً، فتبدو كما لو أنها أبواب مثنية ومغلقة.

يبحث آل خليفة في الأعمال عن العلاقة بين العمل والمتلقي، فهو يضعه أمام أعمال تخاطبه في هوية ما بعد الحداثية التي تحملها، وكأنه يستدعيه إلى اكتشاف سياق فني متحرر من الطرق التعبيرية والسوريالية، فيوجهه إلى هندسة الأسطح الملونة. بينما يعمل الفنان في المجموعة التي تحمل عنوان «شكل الزمن»، على سبيل المثال، على تقديم الأشكال الدائرية والمربعة في أعماله، فيضع طيات من قطع الدوائر المنفصلة، ليبرز الاتصال الهش بين الأشكال، كما يُدخل المتلقي في حالة من المخاطبة العميقة مع العمل الذي يبدو أن لغة الصمت هي التي تسيطر عليه.

وبالعودة إلى تجربة الفنان، التي بدأت مع اللوحة الواقعية، يمكن فهم التوجه التدريجي الذي وصل إليه مع أعمال معرض «هجين» التي تُبرز عمق التجربة وتطورها على مر السنوات، إذ يمزج بين مفهوم التصميم ومفهوم اللوحة، أما الألوان التي يستخدمها فمتعددة باختلاف الأشكال التي يعمل عليها، فالأشكال المحدبة لا تتجانس ألوانها، وتميل إلى التناقض الجميل، بينما الأشكال الدائرية أكثر ميلاً إلى التعددية في اللون، أو اعتماد لون مشرق في الأعمال التي تتوسطها الدائرة كفراغ من الداخل.

الأعمال التي يقدمها تنساب، ويندمج معها المتلقي كما لو أنها موسيقى، فيخيل إلى المتلقي أنه أمام مشهد فيه الكثير من العلوم والفنون، والفن المركّب الذي يتطلب التعمق كثيراً في التجربة، والإمعان في أبعادها، إذ بقدر البساطة التي تبدو عليها الأشكال، لا يمكن تجاهل العمق الذي تحمله.

تويتر