الاستقرار المعيشي وفرص العمل أبرز الأمنيات

شباب غزة في 2018.. لا يحلمون بأكثر من الحياة

صورة

يستقبل سكان العالم الأعوام الجديدة دوماً ببهجة وسرور، ويحتفلون بقدوم أيام تحمل لهم الآفاق الواسعة لتحقيق أمنيات لم يكتب لها النور بعد، فتجدهم يطلقون التوقعات في مجالسهم ويستأنسون بها، لتمسي أملاً يضمن لهم طريق السعادة التي يتمنوها في الحياة المستقبلية.

ولكن في غزة التي يصفها شبابها بالمدينة الضبابية، لا يمكن رؤية المستقبل فيها، جراء الإحباط الذي خلفته الظروف المعيشية، وتوتر الأوضاع السياسة والأمنية فيها، والتي جعلت أيامهم تمضي دون تخطيط أو توقع، وجعلت أقصى أحلامهم أن يستيقظوا دون سماع خبر إغلاق معبر، أو قصف مدفعي هنا وآخر جوي هناك.

«الإمارات اليوم» التقت مجموعة من الشباب من كلا الجنسين، بعضهم من خريجي الجامعات والعاطلين عن العمل، وهم من الفئة التي أبدت نظرتها التشاؤمية في عام 2018، إذ طغت ملامح السخرية الحزينة على وجوههم جراء الحديث معهم عن توقعاتهم في العام الجديد، وفي المقابل كانت الفئة ذات النظرة الإيجابية قليلة مقارنة بمن توقعوا العكس نظراً لعدم توفر الاستقرار الوظيفي لهم.

يقول مجد عرندس، 24 عاماً، وهو شاب يهوى التصوير الفوتوغرافي، لكن لم يتسنَ له الحصول على فرصة عمل مناسبة في العام الماضي «لا أتوقع الأفضل في العام الجاري، فنحن كشباب كيف يمكن لنا التنبؤ بمستقبل مشرق دون عمل يضمن لنا الحياة الهانئة التي نحلم بها؟».

ويلفت إلى أن الأوضاع في غزة تزداد سوءاً على الأصعدة كافة، ابتداء من البطالة وقلة المشروعات التشغيلية للشباب في القطاع، وصولاً إلى الحالة السياسة التي تتأرجح بين توقعات بحدوث حرب إسرائيلية جديدة وفشل المصالحة الفلسطينية.

ويوافقه الرأي الشاب عاهد علوان 27 عاماً، إذ يقول «كشاب فلسطيني لا أحمل الكثير من التفاؤل لعام 2018، فالحالة الفلسطينية يرثى لها، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، حيث نعيش ظروفاً قاسية تضاهي ظروف نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967، لذلك لا نحمل أي تفاؤل أو استبشار بشيء مغاير». ويضيف أن «الحالة الاقتصادية الكارثية ستؤدي بنا إلى طريق الهجرة الجبرية، التي لا نتحمل مشاقها المادية والنفسية، على غرار الأعداد الكبيرة من الشباب الذين اتخذوا تلك الخطوة سابقاً، وما يفصلنا عنها هو إغلاق المعابر».

وبلغت معدلات البطالة بين صفوف الفلسطينيين خلال 2017 وفقاً لمعطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني 46.7% في قطاع غزة، فيما بلغت نسبة 67% بين الخريجين في الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاماً، أما على مستوى الجنس فقد بلغت البطالة إلى 22% للذكور مقابل 47% للإناث في غزة. على عكس فئة الذكور، فإن الشابات الفلسطينيات رغم ارتفاع معدلات البطالة في صفوفهن، إلا أنهن من الفئة التي ظهرت عليها ملامح التفاؤل نوعاً ما، لكنهن تحفظن بالأمور السلبية المحيطة بهم وظروف مدينتهم السيئة التي يعيشون في ظلها.

تقول نيفين السوسي 25 عاماً «ربما تحمل لنا الأيام المقبلة القليل من التغيرات الإيجابية بعد أعوام من الضغط النفسي نتيجة الحروب والحصار الإسرائيلي، ونحن لا نملك شيئاً سوى الأمل والانتظار بتغير مسار أحوالنا إلى الأفضل».

وتضيف «إن أي تغيير يحدث على المستوى المجتمعي باعتقادي يعتمد كلياً على إتمام المصالحة الفلسطينية، ومن خلالها فقط سيتم فتح أبواب جديدة لاستقطاب مشروعات تشغيلية خارجية ومحلية تنموية لتوفير فرص العمل للشباب».

أمّا الشابة زين الإفرنجي 24 عاماً، فتقول «أتمنى أن يكون العام المقبل أقل حدة وتوتراً من جهة الحروب والكوارث، وأن تكون سنة مملوءة بالنشاطات والفعاليات ودمج الشباب في صنع القرار المصيري للبلاد، وأن تبصر أحلامنا الصغيرة النور».

وتضيف «أمنياتنا هي حقوق سلبت منا، فنحن لا نأمل سوى الشعور بالأمن والاستقرار، وتحقيق الأمان الوظيفي، واستثمار الطاقات الموجودة في المشروعات الإنتاجية، وكذلك إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتوحيد الصف لانتشال الحالة المجتمعية من الوجع المدقع إلى الحياة الطبيعية السليمة».

واستعانت الشابة الإفرنجي ببيت شعر للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، لتلخص ما تحمله بداخلها من توقعات للعام الجديد، قائلة «ونحن لم نحلم بأكثر من حياة كالحياة».

تويتر