الإمارات تتبوّأ المرتبة الأولى عالمياً في «مؤشر التسامح تجاه الأجانب»

«جسر التسامح».. دبي تنتقل بسكانها من «الإبهار» إلى «الإلهام»

صورة

«دبي تلهمنا دائماً بأشياء جديدة.. في هذه الأيام المباركة، وأنا أقف على جسر التسامح الذي أنشأته دبي، أنتقل إلى عام 2018، يغمرني الحب والتسامح، وسط 200 جنسية تعيش هنا.. دبي علمتنا كثيراً.. عيد ميلاد مجيد لكل واحد، وسنة جديدة سعيدة لجميع الأصدقاء والعائلة، مع مزيد من التسامح والسعادة والحب». بهذه الكلمات التي لفتت انتباهي، هنّأ المقيم في دبي بنجامين أندايا، على صفحته الخاصة على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، أصدقاءه وعائلته التي تبعد عنه آلاف الكيلومترات، ورحلة تستغرق يوماً كاملاً حتى يصل إلى قريته في «لوباو» شمال الفلبين. بنجامين أندايا.. مسؤول يعمل في قطاع التجزئة والتسويق في دبي، ألهمته دبي، كما يقول، عندما قرر أن يتوجه إلى الكنيسة للصلاة، لكن الوقت والازدحام المروري أجبراه على تغيير طريقه، ليجد نفسه على مقربة من قناة دبي المائية، المشروع المائي الجديد الذي افتتحته دبي، ليربط منطقة الخليج التجاري بمياه الخليج العربي بطول 3.2 كيلومترات، وغير بعيد من «جسر التسامح» الذي ألهمه الكتابة لأهله وأصدقائه مهنئاً لهم بعيد الميلاد، والعام الجديد.

قوس نصر

الرسالة التي أرادتها دبي عبر «جسر التسامح» وصلت، وتشق طريقها نحو مواقع التواصل الاجتماعي.

يشعر أندايا بالسعادة، وهو يشرح لـ«الإمارات اليوم» من فوق «جسر التسامح» قيمة ما يمثله هذا القوس الكبير الذي يصفه بـ«قوس نصر» على الذات، وجسر المشاة الذي قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تسميته «جسر التسامح»، فهو يرى أن دبي انتقلت من مرحلة «الإبهار» التي تمثلت في أيقوناتها المعمارية المتعددة وبنيتها التحتية ومراكز تسوقها الضخمة، إلى مرحلة جديدة تستند فيها إلى «إلهام» المقيمين على أرضها قيماً أخلاقية عالية، وتسامحاً في ما بينهم. وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أنه قرأ عن «جسر الحب» وسط العاصمة الفرنسية باريس، وهو الجسر الذي يعلق عليه الأزواج والعشاق أقفالاً رمزاً للحب، وقال: «أردت أن أعبر عن قيمة ومعنى التسامح في دبي، فربطت شارة بيضاء على (جسر التسامح) رمزاً لذلك».

جسر للتواصل

بدا واضحاً أن الرسالة التي أرادتها دبي عبر «جسر التسامح» بدأت تؤتي ثمارها، وتشق طريقها نحو مواقع التواصل الاجتماعي، فجسور الإغاثة الجوية التي اعتادت دولة الإمارات على إرسالها لشعوب العالم المتضررة من الكوارث الطبيعية من فيضانات وبراكين وزلازل وأوبئة، أخذت معاني جديدة، ليشكل «جسر التسامح» في دبي، جسراً للتواصل بين قلوب المقيمين على أرض دولة الإمارات، ويصبح الوافد سفير تسامح للدولة، ينقل رسالتها بطريقة عفوية وكما رآه وعايشه على أرضها.

مؤشر التسامح

وفقاً لتقرير المواهب العالمية 2016 (إنسياد)، فقد حلّت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر التسامح تجاه الأجانب (المقيمين)، كما تبوّأت المرتبة الثالثة عالمياً في «مؤشر الثقافة الوطنية المرتبط بدرجة التسامح والانفتاح وتقبل الآخر»، وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2016 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية العالمية في سويسرا.واعتمدت الدولة برنامجاً وطنياً للتسامح، كما أصدرت «قانون مكافحة التمييز والكراهية» الذي يجرّم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها. وفي أكتوبر من عام 2016 دشن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مبادرة عالمية للتسامح، تشمل تكريم رموز التسامح العالمي في مجالات الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية. وأعلن عن «جائزة محمد بن راشد للتسامح»، وإنشاء «المعهد الدولي للتسامح»، ليكون أول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ لقيم التسامح بين الشعوب، كما تم الإعلان عن رابطة متطوعي التسامح، وميثاق المعلم للتسامح.

وزارة التسامح

وشكل عام 2016 تطوراً لافتاً في آلية العمل الحكومي في دولة الإمارات، عندما مزجت الدولة حالتي «الإبهار» و«الإلهام» معاً، بعد استحداث أول منصب وزاري للتسامح في العالم، وهو المنصب الذي تقلده الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، الذي أزاح بنفسه الستار عن لوحة «جسر التسامح» للمشاة على قناة دبي المائية، احتفالاً باليوم الدولي للتسامح الذي يصادف الـ16 من نوفمبر من كل عام. وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في تصريحات له، إن قيادة الدولة أرست نهجاً ثابتاً يقوم على جعل قيمة التسامح جزءاً لا يتجزأ من تركيبة المجتمع الإماراتي قيماً وفكراً وعملاً، مؤكداً أن دولة الإمارات نجحت منذ تأسيسها في أن تكون نقطة جذب لملايين البشر من كل أنحاء العالم، بفضل منظومة القيم التي تتبناها، والقائمة على التعايش، والإخاء، والتسامح الإنساني والتقارب الحضاري. وشدّد على أن أرض الإمارات كانت وستبقى جسراً لتلاقي شعوب العالم، ومركزاً للتسامح وقبول الآخر، والتلاقي الفكري والثقافي والديني والطائفي، مشيراً إلى وجود أكثر من 200 جنسية يعيشون ويعملون في دولة الإمارات وهم ثروة حقيقية نفتخر ونعتز بها.

وتابع: «في وقت ينتشر فيه خطاب الكراهية والتمييز، وعدم قبول الآخر، فإننا ننظر نحن في الإمارات إلى هذا الآخر، بأنه رصيد يضيف لنا ويثرينا بتجاربه وثقافته المختلفة».

دور الوافدين

وفي تصريحاته التي عرض فيها خطة عمل الوزارة لتعزيز التسامح والتعايش محلياً، شدد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، على أن رسالة الوزارة تنص على تنمية روح الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والفهم الإيجابي بين جميع سكان الدولة أياً كانت ثقافاتهم أو معتقداتهم.

وكشف أن وزارة التسامح ستعمل على استثمار استضافة الإمارات لمعرض «إكسبو 2020 دبي»، في تعزيز رسالة التسامح والتعايش، مؤكداً أن وزارة التسامح هي وزارة الجميع من مواطنين ووافدين.

وقال إن دور الوافدين في الدولة في نقل رسالة التسامح من الإمارات إلى العالم كله هو دور مهم نعمل في الوزارة على تفعيله وجعله أسلوباً مهماً للتعريف بالدولة.

مصدر قوة

بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، الدكتور حنيف حسن القاسم، في تصريحات له أن التجربة الإماراتية باتت نموذجاً دولياً تسعى الكثير من الدول إلى تطبيقه. وقال إن التسامح في الإمارات هو مصدر قوة واستقرار، وأداة مهمة للبعد عن الخلافات والصراعات والعنف في العلاقات الدولية. في السياق نفسه، قال الأمين العام لجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح، العميد أحمد خلفان المنصوري، إن دولة الإمارات تمثل حاضنة لنموذج التسامح في المنطقة والعالم، وسباقة في تنوعها الحضاري والثقافي، إذ يعيش على أرضها ما يربو على 200 جنسية تتمتع بحياة كريمة لا تمييز فيها، بل وسبقت غيرها من الدول بسن العديد من القوانين الضابطة، منها إصدار قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية في عام 2006، وتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في عام 2009، وقانون مكافحة التمييز والكراهية، في خطوة ريادية لتعزيز قيم السلام والاعتدال والتسامح والمساواة.

قرار ملهم

غادرت «قناة دبي المائية» وجسر التسامح مع قناعة داخلية بأن الرسالة التي أرادتها دبي وصلت، ومن أن هذا الجسر سيربط قلوب المقيمين على أرضها، ويعظم فيها قيمة التسامح والمحبة، وهذا هو الإلهام الحقيقي الذي يستمده الناس من قرار أقل ما يقال عنه أنه قرار ملهم، بدأ يترجم على أرض الواقع.


محمد بن راشد: التسامح والإمارات وجهان لعملة واحدة

وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتسمية أجمل جسر مشاة في دبي على القناة المائية الجديدة بـ«جسر التسامح».

وقال سموه في تغريدات على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «إن جسورنا دائماً تربط بين البشر مجازاً وحقيقة.. قلوباً وتواصلاً».

وأكد سموه أن التسامح والإمارات وجهان لعملة واحدة، وهو قيمة أساسية لشعبنا، وضمانة لمستقبل التنمية في بلدنا.

وفي «رسالة التسامح» التي وجهها سموه للمواطنين والمقيمين، وخص فيها جيل الشباب، تحدث سموه عن ميراث المغفور لهما بإذن الله تعالى: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وعن مجلسيهما وعلاقتهما بالناس من مواطنين ومقيمين.

وقال سموه: «أكثر ما نفاخر به الناس والعالم عندما نسافر ليس ارتفاع مبانينا، ولا اتساع شوارعنا، ولا ضخامة أسواقنا بل نفاخرهم بتسامح دولة الإمارات. نفاخرهم بأننا دولة يعيش فيها جميع البشر، على اختلافاتهم التي خلقهم الله عليها، بمحبة حقيقية وتسامح حقيقي... يعيشون ويعملون معاً لبناء مستقبل أبنائهم دون خوف من تعصب، أو كراهية، أو تمييز عنصري، أو تفرقة، بناء على لون، أو دين، أو طائفة، أو عرق».

تويتر