يعشق آلات العزف ويبيعها في أول متجر لها بالقطاع

راجي الجرو.. شاب يراهن على الموسيقى لتغيير مزاج غزة

صورة

على عكس المزاج السائد عند أهالي قطاع غزة، المثقلين بهمومهم ومآسيهم نتيجة الأزمات التي يتعرضون لها، وربما في خطوة لتغيير هذا المزاج، وجد الشاب، راجي الجرو، ضالته في الآلات الموسيقية التي تعلّم العزف عليها منذ الطفولة، ليبادر لافتتاح أول متجر لبيع الآلات الموسيقية الشرقية والغربية، مستفيداً من خبرته في مجال الصوتيات، ومعتمداً على موهبته الفنية.

ثقافة جديدة

يقول صاحب المتجر الموسيقى الأول في غزة: «على الرغم من تدني الأوضاع المعيشية لدى سكان القطاع، واحتلال الموسيقى مكاناً هامشياً لدى الكثيرين نتيجة ظروفهم المتردية، إلا أنني أحاول من خلال متجري إضفاء لمسات جديدة ومدهشة على حياة المواطنين، فمنذ إنشاء المتجر توافد عليه المئات من عشاق الموسيقى وهواة آلاتها، وكذلك عدد كبير من المواطنين البسطاء وغير المهتمين بالموسيقى من قبل».

ويضيف أن «فكرة المتجر ستجد رواجاً كبيراً في غزة، فالثقافة بدأت تشغل حيزاً في ظل ظهور مواهب غنائية، وانتشار عدد من الفرق الفنية، والمدارس الخاصة بتعليم الموسيقى».

ويشير الجرو إلى أن الفنانين في غزة باتوا أكثر سعادة بإدخال الآلات المفضلة لديهم، وبات بإمكانهم التعلم عليها وتجربتها بشكل مباشر، مشيراً إلى أن آلة الساكسفون الغربية، التي لم يجربها أي عازف أو موسيقي في غزة، تم إدخالها عبر متجره لتكون متوافرة أمام عشاق الموسيقى الغربية.

ويؤكد الجرو سعيه لنشر ثقافة جديدة في المجتمع الغزي، وتطوير وعي المواطنين المقهورين بالموسيقى وآلاتها، مضيفاً أن «الموسيقى تعطي روحاً للكون وأجنحة للعقل والحياة كما قال الفيلسوف اليوناني أفلاطون، ولذلك سأنشر روح الحياة بين السكان، لتعم المحبة والسلام بين الجميع».

ويطمح الشاب راجي إلى أن يكون متجره نافذة جديدة لتطوير فن الموسيقى داخل غزة، واستثماره في نشر ثقافة الموسيقى بين الأطفال والشباب، من خلال تقديم حصص صوتية وموسيقية لهم.


يحتوي المتجر على ما يقارب 70 آلة موسيقية شرقية وغربية.

وبافتتاح Store Music، الذي يشرف عليه الشاب راجي، تُسدّ فجوة كبيرة كان يعانيها الفنانون في غزة منذ سنوات طويلة، إذ كان يتعذر عليهم اقتناء ما يرغبون من آلات موسيقية لعدم توافرها في غزة وصعوبة استيرادها من الخارج.

وكان راجي الجرو (25 عاماً) قد بدأ اهتمامه بالموسيقى عام 2000، عندما كان في سن السابعة، من خلال تعلم العزف على آلة غيتار استوردها والده ضمن عمله في مجال الصوتيات، فيما بدأت رحلته كعازف موسيقي عندما كان في سن الـ20، حيث عزف على الغيتار مستعيناً بموقع «يوتيوب» لإشباع رغبته في المعرفة الموسيقية، ليتقن في ما بعد العزف على آلات أخرى، كالبيانو والعود، وأنواع أخرى من الغيتار.

مشوار موسيقي

«الإمارات اليوم» التقت الشاب راجي داخل متجره الموسيقي، الذي يبدو غريباً عن مشاهد الحياة في غزة، وكأنه مكان خارج حدودها، ويتكون المتجر من قاعة واحدة كبيرة الحجم، فيما تتميز بالإضاءة الخافتة تناغماً مع النمط الكلاسيكي للتصاميم والديكور، فيما تحتوي زواياه على آلات وترية وإيقاعية وآلات النفخ، وفي الركن الشرقي توجد كل آلاته المشهورة، ومنها العود المصري والزرياب السوري والكولة والناي والرق والدف والطبلات والكمنجا، وإلى جانبها تتلألأ الآلات الغربية ببريقها في الركن الخاص بها، مثل الغيتار والفيولا، وحتى الساكسفون وجد له مكاناً في غزة أخيراً.

فيما يوجد في جميع أركان المتجر عدد من هواة الموسيقى وعشاق آلاتها لمشاهدة ما أدخله راجي، واقتناء آلتهم المفضلة حسب ظروفهم المادية، ففي ركن الموسيقى الشرقية شاب جاء ليعزف على العود، وفي الجزء المخصص للآلات الغربية شخص آخر يجرب الغيتار والساكسفون، وآخرون جذبهم المكان فجاؤوا لمشاهدة الآلات عن قرب، والاستمتاع بأصواتها.

ويقول راجي «فكرة افتتاح متجر للموسيقى راودتني منذ سنوات بسبب عدم وجود متجر خاص لبيع آلات موسيقية، وهي مشكلة يعانيها الفنانون في غزة، وأعاني منها أنا أيضاً بشكل شخصي، فقد شكلت قبل أربع سنوات فرقة موسيقية لموسيقى الروك، لكنني لم أجد الآلات المناسبة».

ويضيف «قضيت عاماً كاملاً في تطوير فكرتي وتنفيذها على أرض الواقع، مستفيداً من شركة والدي المختصة في مجال الإلكترونيات منذ عام 1987، التي تطورت بعد ذلك لتشمل الصوتيات، فحاولت تطوير الجانب الفني من خلال استيراد أجود أنواع الآلات الموسيقية الشرقية والغربية في العالم، وبات المتجر متاحاً أمام الجميع منذ بداية نوفمبر الماضي».

ويحتوي المتجر، بحسب الجرو، على ما يقارب 70 آلة موسيقية شرقية وغربية، (تراوح أسعارها بين 400 و6000 درهم)، فيما ينتظر، في ديسمبر الجاري، وصول شحنات أخرى من الخارج بأعداد مضاعفة من الآلات عن تلك التي جمعها مبدئياً في متجره الأول في غزة.

ويشير إلى أنه يستورد الآلات الموسيقية ذات الماركات العالمية، إذ يحضرها من الوكلاء الحصريين لها والشركات المصنعة لها من دول عربية مثل مصر وسورية، ودول أجنبية منها تركيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، مبيناً أنه يراعي في اختيار الآلات جودة الأخشاب والأوتار والهندسة الصوتية للآلات، مع الحرص على تناسب أسعارها مع الوضع الاقتصادي في القطاع.

وفي ما يتعلق بعملية إدخال الآلات الموسيقية إلى غزة عبر معابر القطاع، يوضح الجرو أنها ليست بالعملية السهلة، نتيجة السيطرة الإسرائيلية على حركة المعابر، وفرضها قيوداً مشددة على البضائع التي تدخل إلى غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل صادرت شحنة كاملة من الآلات الموسيقية من دون أسباب.

تويتر