«الشارقة للفنون» تتعقب مسيرة أبو الفن المعاصر في الإمارات

«فنان العمل الواحد».. حسن شريف لم يعد وحيداً

صورة

قالت الشيخة حور القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، إن الفنان الإماراتي الراحل حسن شريف سابق لعصره ومكانه أيضاً، مشيرة إلى أن الراحل استطاع أن يؤسس لتيار جديد في غمار الحركة التشكيلية المحلية، وعمل على ترسيخ وتكريس هذا التيار طيلة حياته.

حور القاسمي:

«حسن شريف سابق لعصره ومكانه، لأنه تمكن من الوجود في محافل الفن العالمية، قبل غيره من الفنانين».

ببلوغرافيا

ولد حسن شريف عام 1951 في دبي، حيث عاش وعمل حتى وفاته عام 2016. تخرج في مدرسة بيام شاو للفنون في لندن عام 1984، وعاد إلى الإمارات حيث بدأ ممارسته الفنية وإقامة معارض الفن المعاصر في الشارقة. وبالتنقل بين الأدوار كفنان ومعلم وناقد وكاتب، عمل شريف على تشجيع مشاركة الجمهور المحلي بالفن المعاصر، من خلال ترجماته العربية للنصوص التاريخية الفنية والبيانات الرسمية، وقام بتأسيس البيت الطائر في دبي (2007)، ومرسم الفنون في مسرح الشباب والفنون في دبي (1987)، ومرسم المريجة في الشارقة (1984)، وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية (1980)، تلك المنظمات التي قامت بدعم المفاهيم المتعددة الاختصاصات للفن المعاصر في الإمارات، من خلال التطوير الإرشادي والمعارض. أعماله مقتناة في عدد من أبرز وأهم المتاحف العالمية.

المعرض الأكبر من نوعه لمنجز هذا الفنان الإماراتي الرائد ومسيرته الفنية الاستثنائية، بما يضيء على خمسة عقود من ممارسته الفنية في الرسم، والنحت، والتجميع، والأعمال التركيبية، والتصوير الفوتوغرافي.

سيحتوي المعرض على رسومات شريف الكاريكاتيرية، والقصص المصورة المنشورة في الصحف بالسبعينات، والتي سبقت تحوله الجذري نحو الفن التجريبي والمفاهيمي.

فرصة للشباب

أثنت الشيخة حور القاسمي على مشروع «أتيليه الفنان»، الذي تبرع به القائمون على تركة حسن شريف، مضيفة: «سيمثل الأتيليه فرصة حقيقية وعملية للفنانين الشباب، من أجل دراسة أعمال الفنان وتأملها والاستفادة منها».

وأضافت القاسمي، لـ«الإمارات اليوم»: «نسعى للاستفادة من إمكانات الفنانين المخضرمين في مشروعات تتجاوز الحالة الفردية، والجهد الفردي للفنان، إلى ما هو أكثر شمولية عبر التعريف بهذه التجارب الكبيرة والمهمة، وتقديمها إلى جمهور الفن المحلي، خصوصاً أن هذه العروض تتزامن مع العديد من البرامج التعليمية والندوات التي يشرف عليها اختصاصيون ومتمرسون، بغية إعطاء الصورة الأشمل عن تجربة الفنان في سياقاتها المختلفة على الصعيد الفني والاجتماعي».

وأضافت القاسمي، في تصريحاتها لـ«الإمارات اليوم»: حسن شريف سابق لعصره ومكانه، لأنه تمكن من الوجود في محافل الفن العالمية قبل غيره من الفنانين، كما أن إسهاماته وجهوده في تشكيل جماعة «الخمسة»، التي أصبحت في ما بعد النواة الأساسية لحركة الفن المعاصر، تدعم موقعه الرائد، فضلاً عن إسهامه في تأسيس مرسم المريجة، وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة.

وأشارت القاسمي، أيضاً، إلى إسهامات شريف في تأسيس المرسم الحر في دبي، إلى جانب ترجماته وكتاباته النقدية، التي عملت على تكوين وعي فني لدى شريحة واسعة من الفنانين الشباب.

وأكدت القاسمي أن معرض «حسن شريف فنان العمل الواحد»، الذي تستضيفه مؤسسة الشارقة للفنون، اعتباراً من 4 نوفمبر، ويمتد حتى 3 فبراير المقبلين، يشكل فرصة لسبر «المكونات الجمالية والمفاهيمية للفنان حسن شربف، ابتداء من رسوم الكاريكاتير والأعمال التركيبية والتجميعية والأعمال شبه النظامية، للفنان منذ مطلع السبعينات، وحتى عام 2016 سنة رحيله عنا».

وأضافت: «يتوزع المعرض على سبعة أقسام، تغطي مختلف اشتغالاته الفنية وتخطيطاته وكتاباته والمشروعات غير المنجزة، وبالتالي يمثل رحلة معمقة في غضون تجربته الفنية».

جاء ذلك على هامش مؤتمر صحافي، دعت إليه مؤسسة الشارقة للفنون، بمناسبة الكشف عن تفاصيل المعرض، وتحدث فيه إلى جانب الشيخة حور، عبدالرحيم شريف، شقيق الفنان الراحل، والذي بذل جهداً كبيراً نوهت بشأنه الشيخة حور، من أجل تحقيق هذا المعرض.

وأضافت القاسمي «كان الفنان الراحل حسن شريف صديقاً عزيزاً وشخصية تأسيسية في مجتمع الفن المعاصر في إمارة الشارقة وداعماً رئيساً له. وكان لنا شرف العمل معه ومواكبة منجزه الفني منذ مشاركته في بينالي الشارقة الأول عام 1993». وأضافت: «وها نحن الآن نستعيد أعماله ومسيرته الفنية عبر هذا المعرض النوعي في إمارة الشارقة، الشاهدة على منجزه الإبداعي وأنشطته المجتمعية والفكرية، واضعين منجزه في سياق متسق في تجلياته ومراحله وتنويعاته».

وحول آلية تقسيم مقتنيات المعرض، مع امتداد نتاج الراحل إلى خمسة عقود، شهدت بانوراما ثرية من الاهتمامات بأجناس فنية مختلفة، قالت القاسمي: «تم توزيع الأعمال وفق عناوين مختلفة مأخوذة من كتابات وأقوال حسن نفسه، وذلك في أروقة ومباني المؤسسة، في كل من: المريجة، وبيت السركال، وساحة الفنون».

وأشارت القاسمي إلى أنه سيتم الكشف، خلال المعرض، عن كتيب سيكون بمثابة الإصدار الأول من سلسلة كتب، سوف تقوم المؤسسة بإصدارها عن تجربة الفنان.

ويعتبر المعرض الأكبر من نوعه لمنجز هذا الفنان الإماراتي الرائد ومسيرته الفنية الاستثنائية، بما يضيء على خمسة عقود من ممارسته الفنية في الرسم، والنحت، والتجميع، والأعمال التركيبية، والتصوير الفوتوغرافي، إضافة لأعمال تعرض للمرة الأولى. كما سيحتوي هذا المعرض على استوديو حسن شريف، الذي جرى التبرع به أخيراً لصالح مؤسسة الشارقة للفنون، ما يتيح مقاربة تجربته وعوالمه على نحو لا سابق له.

ويعدّ هذا المعرض تتويجاً للأدوار الاستثنائية التي اضطلع بها شريف طيلة مسيرته الفنية، بوصفه إحدى دعائم الحداثة والمعاصرة فنياً وفكرياً في دولة الإمارات، خصوصاً إمارة الشارقة التي شهدت أول معارضه، عدا مشاركاته المتعددة في بينالي الشارقة، ابتداءً من دورته الأولى عام 1993.

ويعتبر حسن شريف أبو الفن المعاصر في دولة الإمارات، ورائد الفن المفاهيمي والتجريبي في المنطقة. بدأت مسيرته الفنية في سبعينات القرن الماضي، متخذاً نهجاً خاصاً به جعله بمنأى عن السائد والتقليدي وعلى شيء من الحداثوية الراديكالية متأثراً بحركات فنية طليعية مثل فلوكسيسم والبريطانية البنائية، وعليه يأتي هذا المعرض محتوياً الجزء الأكبر من أعماله المفاهيمية، بدءاً من سبعينات القرن الماضي وصولاً إلى 2016 سنة رحيله عنا، ولتكون أعماله المستعادة في هذا المعرض كشّافاً لرؤاه الفلسفية والاجتماعية المتلعقة بالزمن، والحياة اليومية، والأنظمة الحسابية، وقد جرى اقتباس عنوان المعرض من مقال كتبه شريف عام 1989، واصفاً فيه إيمانه بأن «الفنان يحتل زاوية خاصة به – يمكن وصفه بزاوية الفنان – مكرراً إبداع عمل واحد طيلة حياته».

وسيحتوي المعرض على رسومات شريف الكاريكاتيرية، والقصص المصورة المنشورة في الصحف في السبعينات، والتي سبقت تحوله الجذري نحو الفن التجريبي والمفاهيمي. كما تكشف الأعمال المعروضة عن تعمّقه بالصناعة والتصنيع والإيقاع الزمني السريع للعولمة التي عاشتها دولة الإمارات. وفي سياق متصل يحتوي المعرض ما يمكن اعتباره سلسلة أعمال بعنوان «نسج».

ويصدر بالتزامن مع المعرض عن مؤسسة الشارقة للفنون «كتالوج» شامل عن تجربة وأعمال حسن شريف (بالعربية والإنجليزية)، متضمناً مقالات بقلم الفنان حسن شريف، والشيخة حور القاسمي، والفنان الإماراتي محمد كاظم، والشاعر الإماراتي راشد الخالد. كما سينتقل المعرض إلى مواقع دولية شريكة حول العالم، بعد اختتامه في إمارة الشارقة.


عبدالرحيم شريف: حالة شغف

قال عبدالرحيم شريف، شقيق الفنان الراحل، حسن شريف، والذي بذل جهداً كبيراً نوهت الشيخة حور القاسمي بأهميته في التئام المعرض، أن إقامة المعرض تنطوي على مزيج من الشغف والشجون الكبيرين، بالنسبة لجموع المهتمين بالساحة الفنية المحلية.

وأضاف، لـ«الإمارات اليوم»: «نتاج شريف يمثل مرحلة ممتدة لنصف قرن من تاريخ الفن التشكيلي الإماراتي في أجناس مختلفة منه، لذلك بالإضافة إلى الجانب الاستعادي والتذوقي، يبقى بمثابة توثيق أكاديمي مهم للباحثين والدارسين، لتمتزج في جنباته مشاعر عدة تجمع بين شجون محبي الراحل وفنه، وجماليات معايشة مختلف أنماط إبداعه، فضلاً عن أهمية مدلولاتها في تاريخ الفن الإماراتي».

 

 

تويتر