منحها محمد بن راشد وسام الأم المثالية

حصة الجابر: لا أضيع وقتي في الحزن

صورة

يحظى أصحاب الهمم في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لأصحاب الهمم من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأنهم قادرون ولديهم إمكانات بمستوى الأشخاص الأصحاء، ولإتاحة الفرصة لهم لأن يكونوا ناجحين وقادرين على منافسة الأصحاء في المجالات كافة.

وقد استطاع عدد كبير من أصحاب الهمم في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.

قوة الشخصية والاعتزاز بالنفس، والخطوات الواثقة، كلها صفات تلمسها في حصة الجابر إن حادثْتها، هي الأم لأربعة أبناء، ثلاثة أولاد وبنت واحدة، وهي الأرملة التي فقدت زوجها قبل تسع سنوات، وقررت من وقتها أن تكون الأم والأب لأبنائها، وأن تعوضهم، وهي المصابة بالصم والبكم، كل المشاعر التي يحتاجونها، الى أن كبر ابنها البكر ليكون مؤهلاً في خدمة الوطن ويلتحق بالخدمة الوطنية، وهي المرأة العاملة التي تواظب على عملها منذ 21 عاماً في بلدية دبي، واصفة نفسها بالقول: «أحب الحياة، والحياة جميلة بالعمل، وعدم تضييع الوقت في مشاعر حزينة».

اجتمعت كل تلك التحديات في شخصها، واستحقت أن يكرمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بوسام الأم المثالية، ليس هذا فحسب، بل كافأها أيضاً بمنحها منزلاً يضمها وأسرتها لأمان أيامهم المقبلة.

أحب الشطرنج

تؤمن حصة بأن تعزيز الذات بإعطائها ممارسة ما تحب من هوايات، يعود بمنفعة نفسية عليها وعلى من حولها «أحب الشطرنج، وصرت عضواً وحكماً في نادي دبي لأصحاب الهمم، أعتبرها لعبة فيها الكثير من التحدي، فيها الكثير من تفاصيل حياتي، وتشبهني»، وقالت: «أمارس أيضاً فنون الأعمال اليدوية، وأشارك في كثير من المعارض في الدولة».

وتختم حصة الجابر بالقول: «أكثر ما يعكر صفوي هو الزعل، وهذه صفة غير موجودة لدي، لأنني أحب الحياة، والحياة تصبح جميلة بالعمل والحركة الدائمة، وعدم تفويت الوقت في مشاعر حزينة».


• «إعاقتي أنا وأربعة من إخوتي بسبب وراثي، لكن ذلك لم يمنع أن يشعرنا ذوونا بأننا نستطيع تقديم كل ما هو مفيد».

• بعد العمل أقوم بواجباتي كربّة بيت وأم، وأقوم بمتابعة دروسهم بامتحانات منزلية، ولدينا الوقت للمرح أيضاً في مراكز الترفيه أو زيارة الأقارب.

• ذهبتُ بعد وفاة زوجي بثلاث سنوات لأداء فريضة الحج، ووجدتُ نفسي أدعو ربي أن يحقق لي أمنية واحدة هي بيت في دبي لأمان أبنائي، وبعد عودتي فوجئتُ بزيارة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى بيتي المتواضع ليمنحني جائزة الأم المثالية، وعندما التفت إلى منزلي المتواضع أمر بتوفير منزل لي في دبي».

أبي السند

قبل زواجها كانت حصة تعيش في عائلة تضم ستة من الإخوة الذكور وتسعاً من الأخوات، خمسة منهم مصابون بالصم والبكم، ولولا والدها لما كانت تتحلى بالثقة والإقدام «والدي هو الداعم الأول لي ولإخوتي، كان حريصاً على توجيهنا دائماً نحو خوض التحديات لنكون جزءاً فعالاً في المجتمع، كان يلبي كل احتياجاتنا، وكان السبّاق دوماً لتوفير كل ما نحتاجه للمضي الى الأمام»، مؤكدة «مازال والدي بالرغم من تقدم العمر به المرجع الأول لي في جلّ قراراتي».

وقالت: «إعاقتي أنا وأربعة من إخوتي بسبب وراثي، لكن ذلك لم يمنع أن يشعرنا ذوونا بأننا نستطيع تقديم كل ما هو مفيد، وأننا لا نختلف عن غيرنا بشيء».

زواج ورحيل

«كبرت وصرت جاهزة للزواج، وبناء بيتي الجديد، وكان زوجي، رحمه الله، من أصحاب الهمم، ولديه إعاقتي نفسها، لكننا رزقنا بأربعة أبناء لم يرثوا إعاقتنا»، وقالت «رحل زوجي عن هذه الدنيا بعد صراع مع مرض أصاب قلبه الكبير والمحب، وبت وحدي مع أربعة أيتام أجابه الحياة، محاولة أن أعوضهم غياب الأب بلعب دوره الى جانب دوري كأم»، مؤكدة «لاشك أن المضي في تربية الأبناء لوحدي لم تكن مهمة سهلة، لكن الدعم الأسري كان حاضراً، وما يميز أبنائي أنهم على وعي كافٍ بكل المجريات، وعلى وعي ايضاً تجاه إعاقتي»، وأضافت «تسع سنوات بعد غياب زوجي جعلتني أقوى لأجل بناء عائلة متماسكة، ووصل ابني البكر راشد اليوم ليغدو شاباً ملتحقاً بالخدمة الوطنية، وكلي فخر به أنا وإخوته (روضة وسلطان وحسن)».

المكافأة

كان حلم حصة بعد وفاة زوجها أن تؤمّن منزلاً يضمها وأبناءها، «ذهبت بعد وفاة زوجي بثلاث سنوات لأداء فريضة الحج، ووجدت نفسي أدعو ربي أن يحقق لي أمنية واحدة هي بيت في دبي لأمان أبنائي ولأكون قريبة من عملي»، وقالت: «بعد عودتي فوجئتُ بزيارة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الى بيتي المتواضع، ليمنحني جائزة الأم المثالية، وعندما التفت الى منزلي المتواضع أمر بتوفير منزل لي في دبي»، مؤكدة «ما أجمل الحلم اذا تحقق، الآن مضى على وجودنا في منزلنا الجديد، الذي كان مجهزاً بالكامل، ست سنوات».

تسهيل المهام

تعمل حصة في مقصب دبي ومهامها الوظيفية تكمن في تقديم شرح بالاشارة لفئة أصحاب الهمم من الموظفين والطلاب عن طريقة وضوابط ذبح المواشي في المقصب، اضافة الى طباعة تقارير حضور المؤتمرات خارج الدولة. عن تسهيل مهام عملها، قالت: «في مكتبي جهاز خاص لينبهني بلغة الضوء حين يريدني المسؤول، ما سهل عملية التواصل كثيراً، فبلدية دبي تسعى دائماً الى دمج أصحاب الهمم في العمل وتعمل على تسهيل الاجراءات لنا»، موضحة «تتوافر لدينا أيضاً خدمة التواصل عبر الفيديو (كول) لتسهيل اجراءات العمل، وهناك ايضاً مجموعة خاصة بأصحاب الهمم على (واتس أب) تخبرنا بجميع القرارات والأخبار الخاصة بنا كموظفين».

بيني وبين أبنائي

بعد انتهاء العمل، تركز حصة على علاقتها مع أبنائها «بعد عودتي من العمل، الذي بات قريباً من منزلي، أقوم بواجباتي كربّة بيت وأم، أنظر إلى الاحتياجات والنواقص، وأقوم بمتابعة دروسهم من خلال وضع اسئلة على شكل امتحانات منزلية، ولاشك أن لدينا الوقت للمرح ايضاً، سواء في الذهاب الى مراكز الترفيه أو زيارة الأقارب»، مضيفة «شقيقتي الصغرى (حمدة)، أعتمد عليها كثيراً اذا ما كنت مشغولة، وهي لا تتردد أبداً في تلبية كل ما أطلبه منها بكل حب، هي الخالة الأقرب لأبنائي ويحبونها كثيراً ويعتمدون عليها أيضاً».

تويتر