حكايات طريفة ومقالب عائلية وذكريات عاطفية

أمهات على «فيس بوك».. العودة إلى الحياة من باب آخر

معظم الأمهات أكّدن أن «فيس بوك» أعاد لهن شبابهن.. والبعض الآخر أكد أن «فيس بوك» كشف مواهبهن التي لا يعرف عنها أحد من أفراد العائلة. تعبيرية

القصة تبدأ حين تقرأ على صفحتك «ماذا تفكر الآن؟».. لتستدعي هذه العبارة العديد من الأفكار والقصص والمواقف، وغيرها، ولا شك أن بداية «مواقع التواصل الاجتماعي» اقتصرت فقط على جيل الشباب، الذي وجد من خلال تلك المنابر فرصة ليعبّر عن نفسه بشكل واضح دون قيود أو خوف، وبعد مضي سنوات على إنشاء «فيس بوك» تحديداً، بدأت ظاهرة وجود الأمهات على قائمة الأصدقاء، وبدأت معها الحيطة والحذر، خصوصاً في إفشاء الأسرار والمواقف التي قد لا تروق للعديد من أمهاتنا، هؤلاء الأمهات اللواتي ينتمين إلى فئة نذرت حياتها فقط لتربية أبنائها، لم يكملن تعليمهن، ولم يحاولن العمل خارج منازلهن، هي الفئة التي اقتربت منها «الإمارات اليوم»، لإعطائها الفرصة للبوح عن علاقتها مع «فيس بوك» تحديداً، وكيف تجده، وآلية تطوّر أدواتها في التعاطي مع هذا العالم.

رأي أكاديمي

قالت المستشارة الأسرية، عائشة الحويدي، إن «للأمهات على شبكة التواصل الاجتماعي خصوصية، فبعد أن مر بهن العمر، وأصبحن شبه وحيدات، خصوصاً الأمهات ربات البيوت، يسعين دائماً إلى ملء أوقاتهن، وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعي جزءاً من هذا الوقت»، محذرة من استغلالهن عاطفياً ومالياً.

منى (أم غانم)، التي شارفت على 70 من عمرها، قالت: «ابنتي هي من أنشأت لي حساباً على (فيس بوك)، وكنت وقتها أكتب على ورقة ما يجول في خاطري، ثم أنقلها على الكمبيوتر»، وأضافت: «في البداية تخبطت كثيراً في التعامل مع هذا الموقع، وكنت أقبل أي صديق يطلب إضافتي، وكنت أشعر بأن (فيس بوك) مثل بيتي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأبنائي»، موضحة وهي تضحك: «كتبت مرة لابني - الذي يعمل مهندساً في شركة مرموقة على صفحته - لا تنسى أن تحضر الخبز وأنت عائد من العمل، وعلقت مرة لابنتي - التي تعمل في مجال الطب على خاطرة لها - أنت كاذبة لم يحدث هذا الأمر معك»، مؤكدة: «لم أكن أفهم معنى التواصل الاجتماعي عبر هذه الشبكة، فعرّضت نفسي وأبنائي للسخرية المحببة، فهي قصص نحكيها ونضحك». وقالت: «أما اليوم وبعد خمس سنوات تقريباً على استخدامي (فيس بوك)، أصبحت ضليعة به، واكتشف أبنائي أنني قادرة على نظم الشعر، ولم أعد أقبل الأصدقاء بشكل عشوائي».

بشكل عام كانت أجوبة معظم الأمهات أن «فيس بوك» أعاد لهن شبابهن، والبعض الآخر أكد أن «فيس بوك» كشف مواهبهن التي لا يعرف عنها أحد من أفراد العائلة، وأخريات ذهبن إلى أن «فيس بوك» أعاد إليهن حباً مضى، ولم يكن النصيب داعماً له، ومن جهة أخرى، ثمة حكايات كان لها جانبها المظلم في حياة البعض. تقول زينب توفيق (61 عاما): «أضحك كثيراً عندما أتذكر بداياتي مع (فيس بوك)، فأنا لم أتزوج ونذرت عمري في للاعتناء بأمي، وعملت لفترة محدودة في حياتي في التمريض، لكني عدت للمنزل لأسهر على راحة أمي، التي رحلت قبل 15 عاماً»، وقالت: «بعد ذلك أصبحت أشغل نفسي بالاهتمام بأبناء أخوتي، إلى أن جاء ابن أختي وأنشأ لي حساباً على (فيس بوك)»، وتضيف زينب: «في البداية كنت أشكل إحراجاً كبيراً لعائلتي بتعليقاتي على ما يكتبون، جهلاً مني أن الجميع يشاهد ما أكتب، وبعد عام تقريباً حدث معي شيء أشبه بالمعجزة»، وبعد تردد أوضحت: «لقد وجدت الشخص الوحيد الذي أحببته في صباي، لكن القدر لم يجمعنا بسبب رفض عائلتي له، وجدته محاطاً بأحفاده، مازال يحتفظ بابتسامته، وبعد تدقيق وتمحيص ومساعدة ابن أختي لي في البحث أكثر، علمت أنه مطلق، فتشجعت حينها وطلبت صداقته»، وابتسمت ابتسامة صبية عشرينية خجولة: «حاليا نرتب لاتمام زواجنا». عائشة منصور، (69 عاماً)، قالت: «بعد أن أنجبت وربيت وكبر أبنائي، وفقدت زوجي الذي رحل باكراً، وكان عمري 33 عاماً، وذهب كل من أبنائي لحياته الشخصية، كانت بوابة (فيس بوك) هي ملاذي الوحيد، حيث التقي أناساً من كل العالم، أتشارك معهم همومي وأحلامي»، فالأحلام بالنسبة لها لا تتوقف مهما مضى العمر، وتضيف: «اكتشف أبنائي أنني اتقن الرسم، بعد أول رسمة نشرتها على صفحتي»، مؤكدة: «أصبحت أسيرة رنة التنبيه على تعليق على خاطرة كتبتها أو رسمة نشرتها، أصبح (فيس بوك) داعماً لي، يعطيني الأمل، ويجعلني أضحك».

وقالت: «أبنائي في بعض الأحيان ينزعجون من بعض تعليقاتي، ويحاولون تنبيهي، لكني سعيدة جداً من الحالة، فكل ما أريد قوله أنشره دون تردد».

بدورها، قالت المستشارة الأسرية والباحثة الاجتماعية، عائشة الحويدي، إن «المرأة مهما كان عمرها تظلّ عاطفية، العاطفة أساسية لدى المرأة، وتتحكم بكثير من تصرفاتها، وقد تكون نقمة عليها في بعض الأحيان»، مؤكدة: «للأمهات على شبكة التواصل الاجتماعي خصوصية، فبعد أن مر بهن العمر، وأصبحن شبه وحيدات، خصوصاً الأمهات ربات البيوت، يسعين دائماً إلى ملء أوقاتهن، وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعي جزءاً من هذا الوقت».

من ناحية أخرى، ثمة حكايات حزينة رافقت بعض الأمهات مع حياتهن مع «فيس بوك»، كحكاية خديجة علامة (55 عاماً)، التي قالت: «تحمست كثيراً في بداية علاقتي مع (فيس بوك)، وكنت أقبل كل من يريد إضافتي كصديقة، لم أفهم كثيراً أن هذا العالم فيه الشر مثل الخير، إلى وقت وقعت في فخ أحد النصابين الذي أوهمني أنني على قائمة أفضل 100 شخصية على (فيس بوك)»، وقالت: «شعرت بالفرح الشديد، وعشت الوهم، وأصبحت مستعدة لتقديم كل ما يطلبه مني هذا اللص، إلى وقت أرسل لي صورة قام بالتلاعب بها وبدأ يبتزني لجني الأموال، ولسبب ضعفي وخوفي من معرفة عائلتي عن هذا الموضوع خضعت له، وكنت أرسل له كل ما يطلبه مني من أموال، إلى وقت كشفت الأمر لابنتي الكبرى، التي حلت المشكلة سريعاً»، وقالت: «أغلقت صفحتي مؤقتاً، ولكني عدت إليها مع كثير من الحذر، فنحن ننسى أعمارنا الحقيقية، ونعيش وهم الكلمة الحلوة، فمن أنا التي أصبحت جدة لأتلقى مديحاً بجمالي، كنت أصدق مثل هذا الكلام دون أن التفت إلى المرآة التي تكشف كل هذا الزيف».

وتؤكّد المستشارة الأسرية والباحثة الاجتماعية، الحويدي، مرة أخرى، بخصوص الاستغلال العاطفي للأمهات: «نعم يتم استغلالهن عاطفياً ومالياً، ويقعن فريسات العالم الافتراضي الذي يوقعهن في وهم أحببنه، لكن ما دمن مسكن الخيط واتعظن من نتائج سلبية تعرضن لها، فعليهن استعادة الثقة بأنفسهن، وأن يتأكدن أنهن ضحية عالم غير واقعي، وأن الواقع أهمّ بكثير، ويجب عليهن الحذر دائماً».

 

تويتر