والدتها أكدت أنها أول فرحة وبركة البيت

ريم العمودي..صاحبة همّة تركض نحو البطولات

صورة

يحظى «أصحاب الهمة» في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً بـ«أصحاب الهمة» من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأن المعاق إنسان قادر، ولديه إمكانات بمستوى الشخص السليم، ولإتاحة الفرصة له لتجعل منه إنساناً ناجحاً وقادراً على منافسة الأصحاء في المجالات كافة. وقد استطاع عدد كبير من «أصحاب الهمة» في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة، على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.


واحدة من «صاحبات الهمم» حققت بطولات عدة في الفروسية والجري، وتسعى إلى تعلم السباحة وتحقيق إنجازات أيضاً، رغم إصابتها بـ«متلازمة داون».. إنها الطفلة ريم العمودي (14 عاماً) التي تصفها أمها بأنها «أول فرحة» و«بركة البيت».

أحلام

مثل كل أمّ في العالم تتخيل أبناءها في مكان ما في المستقبل، تحلم أم ريم أن ترى ابنتها فارسة. وتقول: «ريم بالنسبة لي فرحتي الأولى، وأول من عرفت معها شعور الأمومة، صحيح أنها مختلفة عن الآخرين بالنسبة لآخرين، لكنها بالنسبة لي هي مثلها مثل أشقائها. وأنا أراها فارسة في المستقبل.. أراها وضحكتها الجميلة تكبر معها ويعلو رنينها».


تؤكد «أم ريم» أن ابنتها وكثيراً من «أصحاب الهمة» (وهو الاسم الذي بات معتمداً بدلاً من ذوي الإعاقة، بتوجيهات صاحب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي) هم فعلاً من أصحاب الهمة، فهمتهم مرتبطة بطموح لا حدود له.


- حققت ريم بطولات في الجري والفروسية، وتسعى إلى تعلم السباحة وتحقيق إنجازات فيها أيضاً.

- ريم توظّف قدراتها المختلفة في تحقيق نجاح في ميدان ما، وهذا الميدان هو الرياضة.

تسرد الأم حكاية الابنة والعائلة معاً، مؤكدة أن ريم «صاحبة أجمل ضحكة في العالم»، على حد تعبيرها. وتقول: «لدي ابنة هي أول من زرع في داخلي شعور الأمومة، وجعلني أوقن بأن الحياة فيها من الجمال الكثير».

وتعترف «أم ريم» بأنها فوجئت بأن ابنتها مصابة بـ«متلازمة داون»، رغم الفحوص الدائمة قبل الولادة، لكن ذلك لم يكن الأصعب بالنسبة إليها، موضحة: «أصعب موقف لم يكن معرفتي عقب الولادة بإصابة ريم، وهي أول فرحتي، بتلك الإعاقة، بل كان عندما أخذوها مني وابتعدت عني لأكثر من شهر، بسبب أمراض أخرى عانتها، ومنها ثقب في القلب، ولا شك أن الصدمة كانت حاضرة، لكن بعد أن صارت ريم في حضني، شعرت بأن الحياة ستكون جميلة إذا كانت تشبه ابتسامتها».

قرار.. وطوق نجاة

بعد أن بدأت «أم ريم» بالتأقلم على فكرة وجود طفلة من «أصحاب الهمة» بين حضنها، اتخذت هي وزوجها قراراً بعدم الإنجاب «من أجل أن نعتني بكل قوتنا بريم، وعلى الرغم من أن قرابتي بزوجي بعيدة جداً، لكننا اتخذنا هذا القرار، إلى أن شاء القدر إرسال إشارة لي بأن ما نويناه بعدم الإنجاب ليس صائباً بحق ريم تحديداً». وتكمل الأم: «مع مراجعاتي الدورية مع طفلتي، تعرفت إلى طبيبة هزتني كلماتها، إذ قالت إن عليّ إنجاب طفل آخر وبسرعة، وبالفعل أخذت بالنصيحة، ورزقت بابنتي الثانية التي باتت جزءاً من حياة ريم، إذ كبرتا معاً، وتعلقتا ببعضهما بعضاً، حتى إنهما أشبه بـ(توأم)، ونصيحة تلك الطبيبة كانت بالنسبة لي طوق نجاة لحياة يجب علينا كعائلة أن نكون فيها كاليد الواحدة».

نظرات

واحدة من التحديات التي تواجهها عائلة بين أفرادها مصاب من «أصحاب الهمة»، نظرات الآخرين، التي تكون في كثير من الأحيان محمّلة بالشفقة، وتلك النظرات عبء كبير، كما ترى «أم ريم» التي تكمل: «كنت أحاول تجاهل النظرات المصوّبة لطفلتي، وحاولت مراراً وتكراراً البحث عن مخارج كي أتجنب وطفلتي كل تلك التساؤلات في وجه الناس، سواء كانوا فضوليين أم مهتمين. ووجدت المخرج من خلال حديثي الدائم عن ريم، فهي حاضرة في كل جلساتي، ولقاءاتي مع الأصدقاء، أبادر أنا بالتعريف عن نفسي بأنني أم لفتاة جميلة اسمها ريم، مصابة بمتلازمة داون، لكن بعد ذلك أبدأ بالحديث عنها وعن كل شيء جميل يدور حولها».

عن العائلة

ريم، هي الشقيقة الكبرى لأخت وأخ، والابنة المدللة لدى الأب الذي يحبها بشكل لا يوصف. وعن تلك العلاقة الخاصة توضح الأم: «تعشق ابنتي والدها، حتى إنني أشعر أنها تحبه أكثر مني. وعلاقة ريم بكل فرد من العائلة تختلف، فهي تعي تماماً أنني لا أعاملها بشكل مختلف عن أشقائها أو على أنها تحتاج إلى رعاية خاصة، لذلك هي تتحسب في تصرفاتها كي لا تعاقب، والعقاب بالنسبة لي سهل هو أن أجعل والدها يغضب منها قليلاً، وهنا من الممكن أن تنهار ريم، فكل شيء يهون بالنسبة لها إلا أن يغضب والدها منها».

وتتابع: «أما بالنسبة لعلاقتها مع شقيقيها فهي شديدة الحنان عليهما، في قلبها كمية من العطف لا يمكن تخيلها. ريم بالفعل هي بركة البيت، وبركة حياتنا، أنا أكون بكامل قوتي وهي معي، ولا أخشى أي معضلة، أستمد طاقة كبيرة منها، وأمضي معها وأنا مطمئنة القلب والبال».

اكتشاف الموهبة

لمست «أم ريم» أن ابنتها لا تحب الدراسة كثيراً، عازية السبب إلى أن «ريم دخل التعليم مبكراً على حياتها بعمر صغيرة جداً، إذ كان عمرها ستة أشهر عندما بدأت تتلقى الدروس الخاصة بحالتها، إضافة إلى معلمة تأتيها إلى المنزل، لذلك أشعر أنها لا تهوى الدراسة أو التميز فيها».

وتستطرد الأم: «لكنني شعرت أن ثمة عناداً في شخصيتها، تريد ريم أن توظّفه في تحقيق نجاح في مكان ما، وهذا المكان هو الرياضة، وتحديداً الفروسية والجري، وقريباً السباحة، إذ حققت ريم بطولات عديدة في الفروسية والجري، وتصر حالياً على تعلّم السباحة وتحقيق بطولات فيها».

تويتر