Emarat Alyoum

أمهات للمرة الأولى: فرحة بطعـــم الحياة

التاريخ:: 21 مارس 2017
المصدر: حياة الحرزي ـ دبي
أمهات للمرة الأولى: فرحة بطعـــم الحياة

إنها لحظات يصعب وصفها، فرحة عميقة ومبهمة وفيها من الفرادة ما يجعلها شديدة الخصوصية والفرادة. هذا هو لسان حال أمهات التقت معهم «الإمارات اليوم»، خلال الأيام الماضية، بعد أن عشن تجربة الأمومة وطعمها للمرة الأولى.

بين ألق الغبطة وسطوة الألم، تتجسد حركة الحياة في صرخات الجنين الأولى، معلنة عن انبعاث الأمل وتحقق الأمنيات واقتراب عهد فرح جديد واستثنائي، حيث النظرة الأولى، ولمسة الود الأولى التي تختصر تعويذة المحبة الخالدة.

في هذه القرية نفسها المحصنة بأسوار الحنو الشاهقة، تقبع أسرار «الأمومة الساحرة»، وتلتقي تفاصيل الكينونة البشرية بالفرح الذي كرسه على التوالي سحر تجارب «أمهات المرة الأولى».

«الإمارات اليوم» كانت حاضرة في «مستشفى ميدكير للنساء والأطفال»، لتوثيق بعض هذه اللحظات الأولى، التي ترافقت دوماً بالصدق والعفوية والبساطة المكتنزة بدموع الفرح.

فرح ورضا

فرحة الإماراتية رقية الخاجة لم تكن سهلة الوصف، حينما صادفتها «الإمارات اليوم»، وهي تهم بالخروج من باب المستشفى، فردت قائلة: «سعيدة جداً بولادة ابني (جمال)، والتي تمت بإحاطة طبية خاصة من مختلف الأطباء والمختصين في المستشفى، وهذا ما جعلني أتجاوز المراحل الصعبة للولادة، وأتمنى من الخالق ألا يحرم أي امرأة من هذا الشعور الجميل الذي غير حياتي من أول لحظة، رغم كل الصعوبات والأرق وقلة النوم، لكنني كنت سعيدة بهذا الشعور»، وتضيف: «هو شعور رائع وجميل يحمل الكثير من معاني الرضا، لكنني غير قادرة حقاً على استنباط توصيف يعادل ما أشعر به الآن من سعادة أنا وزوجي، برؤية ولدنا سالماً، ومهما يكن التحضير لهذا اليوم كبيراً على الصعيد النفسي فتجربة الأمومة لأول مرة تبقى شعوراً مختلفاً تماماً».

وتختم رقية حديثها، قائلة: «هي مناسبة استثنائية، لأقدم كل عبارات الشكر والامتنان والتقدير لأمهاتنا، وأتمنى لهن دوام الصحة، فهذه التجربة جعلتني أفكر في تجربة أمهاتنا اللاتي كانت ظروفهن أصعب في غياب العناية الكافية ومستلزمات الرفاهية وحتى المسكنات الطبية اللازمة للولادة، ورغم ذلك كن ينجبن خمسة وستة أطفال، وكن سعيدات بتجربتهن». وتابعت «سنظل محظوظات بمساعدة الأولياء والمعينات المنزليات والزوج والحضانات، بخلاف أمهاتنا اللاتي تحملن كل أعباء تربيتنا وتنشئتنا، وصولاً إلى مساعدتنا اليوم على تربية أبنائنا».

حب «ليلي» سينتصر

في حديثها مع «الإمارات اليوم»، تحدثت «دينا سولز واترز عن فرحة أول مولود لها، قائلة: «قد تستغربين هذا الشعور المختلط والغريب الذي لايزال ينتابني، منذ أن أنجبت ابنتي (ليلي) منذ يومين، وهو شعور مبهم وغير مفهوم تمتزج فيه المفاجأة بالفرحة العارمة برؤية المولود، وهو يصرخ معلناً لحظة مجيئه». وتضيف «كما هي راحة استثنائية أشعر بها بعد أن أصبحت قادرة على رؤية مولودي بخير، واجتياز المراحل الصعبة للحمل وتبعاته على صحتي، ومن ثم متاعب الولادة الأولى التي كانت عسيرة عليَّ بعض الشيء، كما اكتشفت بعد تجربة الولادة وصعوبتها قيمة الروابط الأسرية المتينة التي تجمعني بزوجي، بعد أن لاحظت خوفه وقلقه الدائمين على صحتي وصحة جنيني، رغم محاولاته لإخفائها حرصاً على معنوياتي، لكنني سعيدة جداً بالفرحة التي ارتسمت على وجهه منذ أن رأى (ليلي) للمرة الأولى».

وحول تجربة التعامل لأول مرة مع الأمومة وأعبائها الجديدة في غياب الدعم الأسري وبعد الأهل، صرحت دينا بأنها تجهل الكثير من تفاصيلها، لأنها لم تتعامل مع الصغار من قبل، وتستعين حالياً بفريق عمل المستشفى الذي علمها أبجديات التعامل مع مولودتها الجديدة، لكنها تبقى متحمسة لإحساس الأم الطبيعي الذي وهبها الله إياه، فور ولادة طفلتها، وبالاستعدادات التي لديها للتأقلم مع حياتها الجديدة، «التي سينتصر فيها حب (ليلي) على خوفها».

ويبتسم زوجها مايكل واترز، حينما تحدثنا عن إحساس الأبوة الجديد، الذي ينتابه بولادة «ليلي»، ويعلق «إحساسي لا يقارن اليوم بإحساس الأم، لكنها تجربة سعادة استثنائية أعيشها لأول مرة في حياتي، كما أشعر برغبة كبيرة في الاستمتاع بالحياة رفقة مولودتنا الجديدة، التي ستملأ أيامنا فرحاً».

بعد طول انتظار

الأم سحر، التي فضلت عدم التقاط صورة مع وليدها الجديد، في خطوة انحازت فيها إلى الاحتفاظ بخصوصية هذه اللحظات، لم تكن قادرة على إخفاء دموع الفرح بقدوم طفلها الأول، بعد سنوات من الصبر والمعاناة والتردد على العيادات التخصصية والمستشفيات، حيث تقول «لم أفقد الأمل على الإطلاق، رغم تأكيد الأطباء في السنوات الأولى لزواجي صعوبة احتفاظي بالجنين لأشهر معدودة، لكنني كنت واثقة أنني سأصبح أماً في يوم من الأيام، ولم يفارقني هذا الشعور في أي لحظة من حياتي». وتضيف «كان صعباً عليَّ في البداية تقبل فكرة عدم قدرتي على الإنجاب، لكن إصرار زوجي على الخضوع لمراحل عدة من العلاج، وحرصه على متابعة مراحل حملي بإشراف طبيب مختص، أسهما بشكل كبير في تخطي اللحظات الصعبة، والوصول بجنيني الأول إلى بر الأمان».

وتتابع قائلة «سعيدة بتحقق حلم الأمومة اليوم، وأشكر الله الذي أكرمني اليوم بـ(آدم) الذي تحول صوته إلى حقيقة، ورائحته الغضة إلى فرح يومي».

شعور لا يوصف

الدكتورة عزة جودة، استشاري النساء والتوليد وجراحة المناظير في مستشفى ميدكير للنساء والأطفال، وصفت تجربتها مع الأمهات بالقول: «الأمومة شعور جميل ومتداخل، قد يجعل الأم تعيش حالات من الاضطراب النفسي الذي تعقبه حالات من الاستقرار والفرح، وقد تنتابها أحياناً رغبة شديدة في البكاء، بسبب الاضطرابات المرافقة لتجاربها الأولى مع الأمومة، في الوقت الذي تشعر بعض النساء بالخوف من فقدان الجنين، وهذا طبيعي خصوصاً في الشهور الأولى لشدة تعلقها بجنينها الأول»، وتتابع «تشعر الحامل ببطء الوقت وأعباء التغيرات، فتبدو ثقيلة الظل أحياناً لكنها حالة عابرة كالطيف، تصل بعدها الحامل إلى الفرحة الكبرى التي تترقبها، فتنغمس في حالة لا توصف من الغبطة والسعادة الاستثنائية برؤية مولودها الأول».

بطعم المرة الأولى

الإماراتية (أم عمر)، التي التقت معها «الإمارات اليوم» بعد أن رزقت بمولودها الثاني «خليفة»، أرادت أن تشارك الأمهات فرحتهن بعيدهن الذي اعتبرته مناسبة استثنائية، للاحتفاء بالأمهات في جميع أنحاء العالم، تقديراً لرسالتهن السامية وعطائهن غير المحدود، في الوقت الذي اعتبرت فيه (أم عمر) عيد الأم مناسبة خاصة، لاستعادة فرحة اللحظات الأولى، التي كرستها ولادة ابنها الأول (عمر)، واصفة هذا الحدث السعيد بالقول «ولادة (خليفة) لها حلاوة المرة الأولى نفسها التي توجت فيها على عرش الأمومة، في لحظات استثنائية من الدهشة الخالصة التي لن أنساها أبداً».