«الترجمة عبر تاريخ الأدب العربي».. استبقت الافتتاح الرسمي

«دبي للترجمة».. رحلة التواصل مع الآخر

صورة

12 ساعة انفتاحاً بين صاحبة الضاد، اللغة العربية، وسواها من لغات العالم، المعتمدة في منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة، استهلّ بها مؤتمر دبي للترجمة فعالياته أمس، التي تتواصل على مدار 72 ساعة، تُختتم غداً بمقر جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في مدينة دبي الطبية.

نهيان بن مبارك:

«جهود الترجمة في الحضارة العربية بدأت في وقت مبكر، وازدهرت على نحو ملحوظ في القرن الثامن الهجري، في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد».


لبنى القاسمي:

«الترجمة المتقنةَ تُثري مناحي الحياة العلمية والاجتماعية، وتشجع على الانفتاح الثقافي، وتحُث على التفكير والتطوير واكتشاف الحقائق».


وما بين التاسعة صباحاً والتوقيت نفسه مساء، استوعب الحدث، الذي أُطلق تزامناً مع إعلان الدولة عام 2016 عاماً للقراءة، وإطلاق السياسة الوطنية للقراءة، وتنظمه مؤسسة الإمارات للآداب بالشراكة مع المجلس التنفيذي لإمارة دبي، العديد من الفعاليات الثرية، التي بدأت حتى قبيل الافتتاح الرسمي للحدث، بورشة عمل تحدث فيها بشكل رئيس الباحث في جامعة أكسفورد، المتخصص بلهجات الخليج العربي، كلايف هولز، والباحث العراقي محسن الموسوي، تناولت رحلة الترجمة عبر تاريخ الأدب العربي خصوصاً، إضافة إلى الترجمات المرتبطة بالقرآن الكريم، في العصور المختلفة، والوقوف على أبرز تلك الترجمات، لتستبق النقاشات، الافتتاح الرسمي للمؤتمر الذي جاء بعد انطلاقة الجلسة الأولى بنحو ساعتين.

وعقب الجلسة الأولى، قام الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، ووزيرة الدولة للتسامح لبنى القاسمي، وعبدالله عبدالرحمن الشيباني، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، بافتتاح مؤتمر الترجمة الدولي الأول، الذي تنظمه مؤسسة الإمارات للآداب.

وتحت عنوان «عامل الإبهار.. الترجمة من العربية إلى الإنجليزية»، تحدثت الروائية المصرية التي تمت ترجمة عدد من أعمالها الروائية إلى الإنجليزية، أهداف سويف، والباحث هيمفري ديفيز، ودارت حول المعايير التي يجب اعتمادها في اختيار الكتب لترجمتها.

وفرض التساؤل حول مدى إمكانية اعتماد مؤشر الأكثر مبيعاً باعتباره معياراً للجودة، نفسه على فعاليات الجلسة الثالثة التي حملت عنوان «الترجمة التجارية هل هي اتجاه مستمر»، اشترك فيها مايا كسرواني ومحسن الموسوي ومحمد حماد، ودارت حول سلبيات التهافت على أكثر الكتب مبيعاً، والكتب التي يمكن وصفها بـ«التجارية» وقصص أفلام الرعب والمغامرات في الوطن العربي.

واختتمت فعاليات اليوم الأول برابع الجلسات، وهي «ما يستعصي على الترجمة»، وتحدث فيها كل من فراس الشاعر وليزلي ماكلوكلين، والباحثين كلايف هولز، ومايكل كوبرسون، ودارت حول كيفية استيعاب الترجمة للكلمات الأجنبية والمصطلحات التي تستحدث بشكل دوري.

وأكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في كلمته الافتتاحية حقيقة أن دبي هي المكان الأمثل للمهتمين بـ«الترجمة»، مشيراً سموه، إلى أن «من يعش في دبي يقم بالترجمة بشكل يومي، وعلى نحو تلقائي»، وذلك بسبب التنوع الثقافي الهائل الذي يثري مشهدها الحضاري.

مختبرات الإبداع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/551404.jpg

أشار الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، عبدالله عبدالرحمن الشيباني، إلى أن المشاركين في ورش أقامتها الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بعنوان «مختبرات الإبداع أجمعوا على أنّ تعزيز ثقافة القراءة يأتي مقترناً مع إثراء المحتوى الإبداعي باللغة العربية.. سواء من خلال تطوير الإنتاج الأدبي العربي..أو عبر زيادة حجم المعروض من الإنتاج الإبداعي العالمي باللغة العربية».

وتابع: «من هنا برزت الترجمة كإحدى أهم توصيات المختبر، التي صيغت على شكل إطار استراتيجي يأتي متزامناً مع خطة دبي 2021.. ويضم مجموعة من المبادرات والبرامج لتعزيز ثقافة القراءة، تتواءم مع أهداف الخطة بجعل دبي موطناً لأفراد مبدعين وممكّنين ملؤُهم الفخر والسعادة.. ومجتمعاً متلاحماً ومتماسكاً».

وحول التحديات التي ناقشها مختبر القراءة قال الشيباني: أشارت إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونيسكو)، حول مكانة اللغة العربية بين اللغات في ما يتعلق بالترجمة؛ فعلى الرغم من أن اللغة العربية تأتي في المرتبة الخامسة من حيث عدد المتحدثين بها في العالم، إلا أنها لم تتجاوز المرتبةَ الـ17 في قائمة اللغات الأكثر ترجمة منها.. والمرتبةَ الـ29 في قائمة اللغات الأكثر ترجمة إليها، وهذا مؤشر على حجم تقصيرنا، نحن أهل اللغة العربية والمتحدثين بها.

وتابع: «لكنه في الوقت ذاته، دلالة على حجم الفرصة التي يمكن استثمارها إذا ما توافّرت الإرادة لذلك.. في سبيل وضع اللغة العربية موضعها الذي يليق بها.. وما هذا المؤتمر.. والعمل التشاركيّ الذي يتسم به، إلا إشارة على أن الإرادة حاضرة.. وما علينا إلا أن نواصل العمل بجدٍّ وبذهن منفتح وروحٍ متسامحة، لإحداث تغيير حقيقي».

«المعرفة أولى الطرق نحو تحرير العقل.. وكسر الصور النمطية.. وتعزيز التسامح وقبول الآخر».

لترجمة هي سبيلنا لفهم ومعرفة الآخر، تفاعلاً مع ثقافته وحضارته

ولفت سموه إلى أن جهود الترجمة في الحضارة العربية، قد بدأت في وقت مبكر، وازدهرت على نحو ملحوظ في القرن الثامن الهجري، في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، من خلال ما عرف بـ«بيت الحكمة»، الذي ضم مترجمين من ثقافات عديدة، قاموا بواحد من أكبر جهود الترجمة العالمية في ذلك الوقت، ونقلوا الكثير من الكتب والعلوم والمعارف المهمة، في ذلك الوقت.

وأشار الشيخ نهيان بن مبارك، إلى وجود مترجمين على دراية باللغات الإغريقية والسنسكريتية واللاتينية والفارسية والعبرية والتركية واللغات الهندية وغيرها، كان له أبلغ الأثر في انفتاح الحضارة على العلوم والآداب المختلفة، في ذلك الوقت. وأعرب عن قناعته بأن الترجمة أداة شديدة الأهمية لردم الهوة الثقافية بين الشعوب المختلفة، مشيراً إلى تثمينه الجهود التي تصب في اطار رفع السوية الفنية للمترجمين، من أجل ضمان وصول المحتوى المعرفي بكل أمانة ودقة.

وأشارت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي إلى جهود «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ودعمها المتواصل للمنظمة العربية للتَّرجمة، إذ تعمل المؤسسة على تعزيز مكانة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة على الخريطة المعرفية، وتهدف إلى تقوية الأجيال المستقبلية وتمكينها من ابتكار حلول مستدامة لتيسير عملية المعرفة والبحث في العالم العربي».

وأضافت: «إنَّ اللغةَ حاملة لحضارة وفكرِ النّاطقين بها، فمن خلالها يتم التعبير عن الأفكار والآراء والحاجات والاتجاهات والتّطلعات، فاللغة وعاء يَنهل منه العلماء والمفكرون والكتّاب والأدباء، وبها (أي اللغة) تنقل المعارف والعلوم، فينْعَكِس ذلك إيجاباً على حياة البشر، ويزْداد التّقدم والازدهار».

وشددت على أهمية «أن ترتكز الترجمة أساساً على العمق الثقافي، بمعنى نقل البُعد الثّقافي للنّصوص والكتب المترجمة، مع ضرورة حسن الصياغة والإلمام بمعرفة واسعة باللغتينِ المستخدمتين في الترجمة، ذلك أن الترجمة المتقنة تُثري مناحي الحياة العلمية والاجتماعية، وتساعد على سدّ الفجوة المعرفية بين الشعوب، وتشجع على الانفتاح الثقافي، وتحث على التفكير والتطوير واكتشاف الحقائق واستنباط القوانين والنظريات».

وقالت الشيخة لبنى القاسمي: «إن الترجمة هي سبيلنا لفهم ومعرفة الآخر، تفاعلاً مع ثقافته وحضارته، وإثراء لتواصلنا الإنساني والمعرفي، كما تعيننا الترجمة على تعزيز قيم التّسامح والحوار والتفاهم وقبول الآخر، فمن خلالها نستطيع ترسيخ قيم التعاون والتضامن والتعاضد، مشكلين بذلك نسيجاً معرفياً مُتناغماً يحوي جميع الثقافات، وينسجم مع ذواتنا وحضاراتنا».

تويتر