قدمت رؤية فريدة لانسجام الإنسان مع محيطه

لوحات شي داشان تشكيلات لونية وحركية مبهرة

صورة

العلاقة بين الإنسان والطبيعة المحيطة به ليست موضوعاً جديداً على عالم الفن، فكثيراً ما طرقه فنانون من مختلف المدارس الفنية، كل بطريقته ورؤيته لهذا العلاقة بكل ما تحمله من تأويلات، وشد وجذب. وفي معرضه الذي افتتح مساء أول من أمس بقصر الإمارات في أبوظبي، لم يبتعد الفنان الصيني شي داشان كثيراً عن العنوان العريض لهذا الطرح «الإنسان ومحيطه»، لكنه تجاوز المطروق والمعتاد ليقدم رؤية خاصة به للطبيعة والبشر والعلاقات المشتبكة بينهما.

يقدم داشان مجموعة من اللوحات المبهرة، لم يكتفِ فيها بتناول العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

قطع فنية خالدة

المعرض المقام في قصر الإمارات بأبوظبي، هو الأول للفنان شي داشان في دولة الإمارات، ويضم المعرض لوحات داشان المرسومة بالحبر وقطعه الفنية لفنون الخط، حيث يجمع في هذه الأعمال بين فن الرسم بالحبر التقليدي المستمد من الثقافة الصينية، للتعبير عن سُبل تعايش الفرد في انسجام وتناغم مع محيطه، وبين تقديم قطع فنية كلاسيكية خالدة من الفن المعاصر، مستوحاة من الطبيعة وفنون الخط، التي تحدد الاتجاهات الثقافية والتراثية الخاصة بها في مجال الفنون الآسيوية. وتعدّ اللوحات والرسومات الخطية، التي سيتم عرضها في الإمارات، والتي تحاكي حضارة تونغكسي، من بين الأفضل في الصين وخارجها، فهي بمثابة روائع تقارب الكمال بالنسبة للمعارض الفنية والمناطق الجاذبة لهواة جمع التحف الفنية.

في أعماله، يجمع داشان بين الطابع التقليدي الأصيل للفنون الصينية من جهة، ورؤيته الخاصة التي تتسم بالحداثة والتنوع من جهة أخرى، بتكوينه أجواء روحانية وإحساساً فريداً بالسلام النفسي في نفس المتلقي، وهو ما يتفق مع شخصية الفنان الساعية إلى فهم الكون وما يحويه من أسرار ومواطن جمال، فهو راهب وشاعر وفنان وخطاط في الوقت نفسه.

الأعمال التي ضمها المعرض، الذي افتتحه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، في قصر الإمارات بأبوظبي ويستمر حتى بعد غد الإثنين، على أن ينتقل إلى فندق سانت ريجيس في دبي في الفترة من 5 إلى 7 الجاري، تنقسم بين الخط الصيني واللوحات التصويرية التي كانت الطبيعة هي صاحبة الحضور الأبرز فيها، ليقدم داشان مجموعة من اللوحات المبهرة، لم يكتفِ فيها بتناول العلاقة بين الإنسان والطبيعة، لكنه مزج بينهما في حالة مذهلة من التماهي، من خلال الزهور التي يراها المتلقي تحتل مساحات من بياض اللوحات في تكوينات بصرية ولونية مبهجة، وبنظرة فاحصة يكتشف أن بتلات الزهور وأوراقها ما هي إلا تكوينات لأشخاص يتجمعون معاً، أو رؤوس بشرية تتقارب في حميمية كأن أصحابها تجمعوا في ليلة سمر صيفية، أو نساء يتمايلن ويرقصن بفرح ابتهاجاً بالطبيعة وما تزخر به من جمال. الألوان التي استخدمها الفنان في هذه اللوحات كان لها دور كبير في تحويل اللوحات إلى سيمفونيات غنية تجمع بين اللون والحركة والصوت، وهي عناصر يستشعرها المتلقي في كل التفاصيل. ولعل من أبرز الأعمال التي ضمها المعرض أربع لوحات كبيرة الحجم بعنوان «الفصول الأربعة»، وجسد فيها الفنان بأسلوبه المميز فصول السنة، وملامح الطبيعة في كل فصل منها مثل لون السماء الذي يتغير من فصل لآخر، وشكل الأشجار وأنواع الأزهار في كل فصل. كما قدم الفنان مجموعة من اللوحات التي جسد فيها مشاهد من الطبيعة استخدم فيها فقط الحبر الصيني التقليدي باللون الأسود، ورغم ذلك استطاع أن يعبر به عن سحر الطبيعة وتجلياتها.

الجزء الثاني من اللوحات ضم أعمالاً استخدم فيها الفنان الخط الصيني، الذي يرى أنه يتشابه إلى حد كبير مع الخط العربي، من حيث الدقة والاهتمام بالتفاصيل والقابلية للتشكيل، واستخدم فيها داشان الحبر الصيني التقليدي المستمد من الثقافة الصينية، ويعبر عن سبل تعايش الفرد في انسجام وتناغم مع محيطه، كما اتسم أسلوبه بالجمع بين البساطة والعمق.

تويتر