ينطلق أكتوبر المقبل ويتضمن إنشاء منصات للتأمل ومراقبة النجوم والحيوانات والطيور

مشروع لتطوير محمية المرموم وإنشاء مركز لدراسات الطبيعة

صورة

تشهد محمية المرموم الصحراوية في دبي مرحلة جديدة من خلال خطة تهدف إلى تطوير المحمية وتعزيز حمايتها وربطها بالحركة السياحية، وتعزيز نظام الموارد الطبيعية المستدامة واستخدام «الطاقة النظيفة»، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمحمية من حيث الطاقة والغذاء. ومن المتوقع إطلاق مشروع تطوير المحمية في 15 أكتوبر المقبل، الذي سيتضمن إنشاء مركز المرموم لدراسات الطبيعة، وثلاث بوابات، ومركز استعلام، ومنصات لمراقبة الحيوانات والطيور والنجوم وشروق الشمس ومغيبها. كما يتضمن إنشاء مبانٍ بيئية تعتمد على الطاقة المتجددة من خلال مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، وضمن مواصفات تتوافق مع البيئة وظروف الحياة البرية في المحمية التي تضم حيوانات وطيوراً ونباتات متعددة، من بينها أشجار الغاف.

الملك جورج السادس

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/5157726%20(2).jpg

في المرموم شواهد من مختلف مراحل التاريخ، وهو ما أكده مدير محمية المرموم، جابر المطيوعي، الذي قال: «عثرت على عدد من القطع النقدية بمنطقة في المحمية، من بينها عملات إماراتية مسكوكة عام 1973، وعملة أخرى تعود إلى عام 1947، نقش عليها اسم ملك المملكة المتحدة وإمبراطور الهند وملك إيرلندا والولايات البريطانية، جورج السادس».

وأشار إلى أن كل تلك القطع وجدها في منطقة محددة، أخذنا إليها، وخلال سيرنا في المكان، وجدت «الإمارات اليوم» عملة إماراتية من فئة خمسة فلوس تعود إلى عام 1973، وسلمتها إلى المطيوعي الذي عثر خلال الجولة على قطعة أخرى، ومفتاح.

لكل غافة قصة

في الصباح الباكر كان موعد «الإمارات اليوم» مع مدير محمية المرموم الصحراوية، جابر المطيوعي «أبوأحمد»، الذي أكد ضرورة أن يكون اللقاء في السابعة والنصف صباحاً، لتلافي التجوال في المحمية تحت وابل الحر الشديد، إذ تصل درجة الحرارة خلال الصيف إلى 45 درجة مئوية في بعض الأيام.

كنت وزميلي رئيس قسم التصوير يوسف الهرمودي في الموعد، واستقبلنا أبوأحمد بحفاوته المعتادة، إذ التقيته مرتين من قبل في المحمية. كانت غرفة استقبال الضيوف مفروشة وفق «الجلسة العربية»، دلال القهوة والتمر تتوسط الطاولة الخفيضة، وعلى مفرش في أرض الغرفة مائدة صباحية مما لذّ وطاب من المطبخ الإماراتي التقليدي.

وبعدما تناولنا الإفطار، انطلقنا بسيارة الدفع الرباعي البيضاء يقودها أبوأحمد الذي تربى في الصحراء، وهو يعرفها مثل كف يده، ويتميز بمهارات ابن الصحراء، من الصبر والتأمل والفراسة التي تشمل قراءة الوجوه وقراءة الأثر أيضاً. عند خروجنا من بوابة مقر المحمية إلى الشارع، توقف أبوأحمد فجأة، ونزل من السيارة، فعرفنا أنه توقف ليتيح لضبّ عبور الشارع بأمان، إذ صعد إلى السيارة بعدما اطمأن إلى أن الزاحف البري دخل بيئته بسلام.

ومن سيح السلم إلى غدير براشي ورملة العشوش «هزعة علم» كنا نعبر فوق الرمال المتلألئة تحت شمس الصباح، نشاهد قطعان المها العربية. نتوقف حيناً ليلتقط يوسف بعض الصور، ونواصل بين الكثبان، لنكتشف مهارة أبوأحمد في قيادة «السفاري»، ونتأكد ميدانياً من حفظه كتاب الصحراء رملة رملة.

قال المطيوعي، ونحن نلمح أشجار غاف، إن «لكل غافة قصة، ففي الماضي كانت أشجار الغاف تسمى بأسماء الناس»، مضيفاً أن «الغاف يمكن أن يعيش أكثر من 400 عام، وهذه الأشجار التي نراها قديمة، وهي شاهدة على حياة أجدادنا، خصوصاً أيام المقيظ».

كانت السيارة تعبر متمايلة من كثيب إلى آخر، تصعد وتهبط وتوارب وتناور، مواصلة مسيرها بمهارة أبوأحمد، إلى أن وصلنا «طوي العشوش القديم»، وهو بئر جافة الآن، لكنها كانت تروي الناس والمواشي، وتروي سيرة مكان كان ينبض بحياة قديمة. وعند هذا «الطوي» انتصب أنبوب معدني عليه علامتان تشيران إلى أبوظبي ودبي، حيث تقع البئر بين الإمارتين تماماً.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/5157726%20(1).jpg


مراحل المحمية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/5157726%20(4).jpg

مرّت محمية المرموم الصحراوية في دبي منذ إنشائها عام 1999 بمراحل تطوير متعددة، بدأت بإنشاء 20 موقعاً لتوفير الماء والغذاء للحيوانات والطيور البرية. وفي عام 2006 شهدت المحمية تطوراً كبيراً، وأصبحت ملاذاً للحيوانات والطيور، كما أصبحت محطة رئيسة للطيور المهاجرة. وشكّل عام 2008 بداية مرحلة جديدة من التطوير البيئي، إذ تم نقل الحيوانات من ثدييات وزواحف من مواقع العمران الجديدة إلى بيئتها الطبيعية في محمية المرموم، وخلال عامين نقل أكثر من 20 ألفاً من الزواحف والثدييات النهارية والليلية من خلال ثلاثة فرق عمل، كما ارتفع عدد نقاط الماء والغذاء في المحمية إلى 60 نقطة في عام 2012، وجرت زيادة هذه النقاط، وتم وضع مظلات لها بحيث تجدها الحيوانات والطيور أينما تحركت في المحمية التي تقع في صحراء دبي.

متحف مصغّر

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/5157726%20(3).jpg

خلال جولة في محمية المرموم زارت «الإمارات اليوم» المتحف المصغر لموقع ساروق الحديد الواقع في طرف المحمية. ويتضمن المتحف التابع لقسم الآثار في إدارة التراث العمري في بلدية دبي مجموعة من اللقى الأثرية من الموقع، تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد، من بينها جرار فخارية متعددة الأشكال والأحجام، مصنوعة بعناية ودقة، بعضها منقوش عليه صورة أفعى. كما يتضمن المتحف مجموعة من الأساور والسيوف والقلائد والأصداف التي كانت تستخدمها امرأة العصر الحديدي لحفظ مواد الزينة.

وستشهد المحمية توسعة كبيرة بإضافة مناطق محيطة بموقعها الحالي، لتغدو واحدة من بين كبرى المحميات غير المسيجة في الوطن العربي. كما يهدف مشروع التطوير إلى جعل المحمية على خريطة السياحة البيئية والعائلية والرياضية والثقافية، خصوصاً أنها ستضم موقع ساروق الحديد الأثري، الذي يعد كنزاً ثقافياً وحضارياً يتميز بقيمة تاريخية كبيرة، إذ إنه سيعيد قراءة التاريخ مجدداً وفقاً لمعطيات المكتشفات التي تعد كتاباً لم تفك رموزه بعد، كما أن دراسة الموقع تتيح إعادة بناء قصة الحياة في المنطقة منذ أكثر من 3000 عام من خلال الربط بين المسارات الحضارية القديمة ودراسة العلاقة بينها؛ وفقاً للمعطيات المادية المكتشفة.

وتتضمن المحمية المتحف المصغر لبعض اللقى الأثرية في ساروق الحديد، الذي تم إنشاؤه ليصبح نقطة استقطاب لزوار المحمية والمهتمين بدراسة التاريخ القديم. ويضم المتحف المصغر الذي يقع على طرف المحمية جزءاً من المكتشفات، من بينها قلائد زينة وجرار فخارية وسيوف وقطع أخرى تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، دشّن بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، «متحف ساروق الحديد» الرئيس في منطقة الشندغة، والذي يضم آلاف القطع الذهبية والبرونزية والحديدية المكتشفة في الموقع، في حين يتيح «المتحف المصغر» في المرموم للزوار الاطلاع على جزء من المكتشفات في ساروق الحديد في الميدان، خلال جولة واحدة، خصوصاً أن الموقع الأثري يقع في المنطقة الصحراوية ذاتها. ويوفر المتحف المصغر نشرات بمعلومات عن المواقع الأثرية والتراثية والسياحية في دبي.

25700 ظبي

تتضمن الخطة الشاملة لتطوير محمية المرموم، التي بدأ المكتب التنفيذي لحكومة دبي دراستها منذ 30 مايو الماضي، زيادة رقعة المحمية، لترتفع مساحتها الكلية من 391 كيلومتراً مربعاً إلى 933 كيلومتراً مربعاً، لتصبح من أكبر المحميات الطبيعية عربياً، كما يتوقع أن تشهد المحمية المفتوحة إضافة مناطق جديدة في مراحل لاحقة. ويتضمن مشروع التطوير ضم موقع أثري آخر لايزال التنقيب فيه جارياً، إضافة إلى مضمار الدراجات الهوائية، كما تقع في نطاقها منطقة البحيرات في سيح السلم.

وقال مدير محمية المرموم الصحراوية، جابر المطيوعي، لـ«الإمارات اليوم» خلال جولة صباحية مبكرة، إن «المحمية ستغدو واحدة من أكبر المحميات المفتوحة على الصعيد العربي، بعد تعديل الخريطة الجديدة لها بضم مناطق محيطة إليها». وأكد أن «المحمية تحظى باهتمام خاص من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أصدر توجيهاته بتطوير المحمية ضمن خطة شاملة لتغدو نقطة جذب ثقافية وسياحية، خصوصاً بعدما كشفت اللقى الأثرية عن أهمية استثنائية لموقع ساروق الحديد».

وأضاف المطيوعي الذي يعمل في المحمية منذ 16 عاماً، أن «المحمية تضم الآن أكثر من 25 ألفاً و700 رأس من الظباء، من بينها 20 ألف غزال دماني، و2700 من غزال الريم و3000 مها عربية». وأشار إلى وجود طائر القطا بكثرة، إذ يصل عدده إلى نحو 22 ألف طائر، علاوة على اليمام الذي يبلغ عدده نحو 5000 طائر، كما توجد بحيرات خاصة بطيور البط والفلامينغو وطيور مهدّدة بالانقراض. وتعيش في المحمية أيضاً أعداد كبيرة من الأرانب البرية والزواحف، خصوصاً الضبّ.

وأوضح أن طيور الحبارى أصبحت مقيمة في المحمية، لتوافر كل عناصر الأمان والغذاء والبيئة الطبيعية، وهي تتكاثر بشكل طبيعي. وقال إن «تكاثر الحيوانات والطيور نجح بصورة فاقت التوقعات، لأنها وجدت في المحمية مكانها الطبيعي من دون تدخل بشري جائر، إذ يقتصر إشرافنا على توفير نقاط الماء والغذاء لها، والمحافظة على البيئة البرية، بما تتضمنه من نباتات وثدييات وزواحف وطيور، ما يحقق التوازن الطبيعي»، مشيراً إلى أن قانون الطبيعة يتحقق في المحمية، التي تضم كثيراً من الحيوانات التي تختلف في سلوكها. وروى ملاحظات خلال معايشته في المحمية، «في فصل التوالد لدى الغزلان، لاحظت أنها غريزياً هي التي تقوم بمطاردة الثعالب، لتحمي صغارها، في حين تتميز المها العربية بالتآلف مع البشر، طالما لم يتعدوا على نطاقها الحيوي، لكنها تدافع عن نفسها إذا دخل أي شخص منطقتها الآمنة»، مشيراً إلى سلوك الهرب لدى الغزلان والأرانب على وجه التحديد، مبيناً أن السرعة في الهرب تعد سلوكاً دفاعياً غريزياً لمثل هذه الحيوانات، لتتلافى أي خطر يحتمل أن يهدد حياتها.

وأكد مدير محمية المرموم أن «مشروع تطوير المحمية يتضمن إجراءات مشددة لتعزيز المحافظة على الحيوانات والطيور والنباتات، وتعزيز مقومات البيئة الطبيعة، وفي الوقت نفسه تعزيز الوعي بطرق السياحة البيئية في المجتمع»، مشيراً إلى بعض سلوكيات زوار البر التي كانت في السنوات الماضية، وتتسبب بضرر لبيئة المحمية. وأوضح أن مشروع التطوير سيضع المحمية في قلب خريطة السياحة، خصوصاً بتوفير مرافق تراعي الشروط الطبيعية للمحمية.

مركز دراسات

يشمل مشروع تطوير محمية المرموم الصحراوية، الذي اطلعت «الإمارات اليوم» على جزء من خطوطه الأولى، إنشاء مركز المرموم لدراسة الطبيعة، الذي يتضمن إنشاء مشتل لأشجار الإمارات، يتيح للزوار شراء أشتال منه، ما يزيد من الرقعة الخضراء في أماكن السكن والمزارع، ووفق البيئة الطبيعية لتلك الأشجار.

ويجري المركز دراسات علمية على الغطاء النباتي، وأنواع الأشجار والنباتات، كما تشمل دراساته الحيوانات والطيور، بما يوفر مادة علمية موثقة لأشكالها وسلوكها وبيئتها وطرق تكاثرها ومواسمه.

وارتأت خطة التطوير إنشاء ثلاث بوابات للمحمية، بعد توسعتها، ومركز استعلامات للزوار يتضمن نشرات متعددة اللغات لاطلاع الزوار على طرق المحافظة على المحمية وعدم التسبب في إزعاج الحيوانات والطيور أو الإضرار بها أو بالغطاء النباتي. كما يوزع مركز الاستعلامات نشرات وكتيبات تتضمن معلومات عن معالم دبي الأثرية والثقافية والسياحية.

ويسعى المشروع الذي نطلق في منتصف شهر أكتوبر المقبل، إلى تحقيق المحمية الاكتفاء الذاتي من ناحية الطاقة والغذاء وتوفير الأشتال وتعزيز نمط الزراعة العضوية، ومن المتوقع القيام باستزراع أسماك في بحيرة تخصص لهذا الغرض.

كما يشتمل مشروع تطوير محمية المرموم على إنشاء منصات لمراقبة النجوم ومنصات لمراقبة الشروق والغروب وأخرى لمراقبة الطيور والحيوانات، إضافة إلى منصات لممارسة التأمل ومنصات لعروض بيئية. كما يتضمن إنشاء مخيمات وطرق برية للدراجات الهوائية ومعسكر للكشافة وتوفير عربات طعام.

وشددت الخطة على أهمية التقيد بالمعايير البيئية والاشتراطات المتعلقة بالسياحة البيئية والتعليمية في المحمية، منها منع التخييم في مناطق تؤثر سلباً في الحياة البرية، ومنع أي سلوك قد يتسبب في ضرر بيئي. ومن المتوقع أن يرافق المشروع وضع خريطة جديدة لمنطقة المحمية ومحيطها تتضمن معلومات عن الأنشطة التي تقام فيها، بحيث تراعى اشتراطات خاصة بالمحافظة على المحمية. كما يتضمن المشروع وضع علامات إرشادية كافية للزوار، للمحافظة على البيئة الطبيعية بما تشمل من حيوانات وطيور ونباتات، وتلافي وقوع أي تجاوزات في هذا الشأن. كما يتضمن توفير مادة علمية متعددة اللغات مع صور عن المحمية منذ إنشائها، إضافة إلى إطلاق موقع إلكتروني عن المحمية بأكثر من لغة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بالمحمية وأهميتها ونشاطاتها، ودورها في حماية البيئة.

جرّة عملات

روى مدير محمية المرموم، جابر المطيوعي، قصة من الماضي حول العثور على قطع نقدية قديمة في صحراء المرموم، قال فيها «قبل نحو 80 عاماً عثر عمي محمد جابر وشقيقته على جرة فخار مليئة بعملات معدنية تحت شجرة غاف، أثناء جمعهما الحطب، فأخذاها إلى جدي جابر المطيوعي الذي كان رجل علم، فقرأ اسم المسيح عيسى ابن مريم منقوشاً على القطع النقدية»، وفق المطيوعي.

933 كيلومتراً مربعاً المساحة الكلية لمحمية المرموم بعد ضم مناطق جديدة لنطاقها في مشروع التطوير، إذ إن مساحتها الحالية 391 كيلومتراً مربعاً.

الصورة الجديدة لمحمية المرموم

- موقع ساروق الحديد الأثري.

- المتحف المصغر.

- مركز المرموم لدراسات الطبيعة، ويجري دراسات علمية حول الحيوانات والطيور.

- موقع أثري تحت التنقيب.

- 6 منصات للتأمل ومراقبة النجوم والحيوانات والطيور والشروق والغروب والعروض البيئية.

- منطقة البحيرات.

- 3 بوابات.

- مركز استعلامات.

- موقع إلكتروني للمحمية.

- مشتل للأشجار المحلية.

- منطقة تخييم.

- معسكر كشافة.

- طرق برية للدراجات الهوائية.

- عربات طعام.

- مبانٍ بيئية.

 

تويتر