أبناء القبائل احتفلوا بزواجها في عرس جبلي سنة 1977

«روث اش».. ممرضة رأس الخيمة في عيادة «لاندروفر»

صورة

«روث اش» هي ممرضة بريطانية فارقت الحياة في 25 يونيو الماضي في موطنها ببريطانيا، وقد نعتها رأس الخيمة بحزن وتقدير، فهي التي جاءت إليها وأقامت فيها في الفترة من 1964 ولغاية 1974 حين عملت وأسهمت في تطوير مستشفى النخيل الذي أنشأه مجلس التطوير قبل قيام دولة الاتحاد، من خلال الارتقاء بالخدمات الصحية العلاجية والوقائية ويحمد لها قيامها بتنظيم العديد من حملات تطعيم الأطفال في المناطق الجبلية النائية، وهو ما جعلها محل ترحيب في مجتمع رأس الخيمة.

ولدت «روث اش» التي كانت تعرف في رأس الخيمة باسم «مريم» في 1936 في بريطانيا، وكانت مولعة بمهنة التمريض فاتجهت لدراستها في جامعة إكسفورد البريطانية، وجاءت إلى شبه الجزيرة العربية حيث حط رحلها في بداية مسيرة اغترابها في سلطنة عمان، ثم انتقلت إلى رأس الخيمة في عام 1964، واتخذت من مستشفى النخيل مقراً لممارسة عملها في مجال مهنة التمريض، وأثناء ذلك فوجئت بضعف الخدمات التي يقدمها المستشفى الذي كان يضم أربعة أسرة فقط الى جانب بعض الخدمات الصحية البدائية، ونقص في الكوادر البشرية، فاجتهدت لتطويرها بقوة من خلال جلب الدعم الطبي له، وقد ساعدها في ذلك الاحترام الذي وجدته من الشيوخ ، خصوصاً المرحوم الشيخ محمد القاسمي والد المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي، الذي استقبلها عند مجيئها إلى رأس الخيمة وبارك مساعيها الإنسانية.

ويقول الشيخ أحمد بن حميد القاسمي الذي استضاف «روث اش» في منزل تابع له في منطقة النخيل «عندما جاءت الى رأس الخيمة في مطلع الستينات كانت الخدمات الصحية دون المستوى، ومن جهتها لعبت دوراً في تطويرها حيث كانت مهتمة وجادة بأداء عملها، والدليل على ذلك خروجها الى المناطق الجبلية عبر طرق وعرة من أجل تقديم الخدمات العلاجية والوقائية للسكان».

بعد ستة أشهر من حضورها الى رأس الخيمة بدأت «روث اش» نشاطها الميداني الذي تركز على تطعيم الأطفال بمساعدة الممرضة المواطنة سلمى الشرهان التي عرفت في المجتمع «بأم التمريض»، فاتخذت من سيارة لاندروفر عيادة متحركة كانت تنتقل بها الى حيث يوجد السكان في الجبال أو الوديان وعلى شواطئ البحر، فقد كان المهم بالنسبة لها تطعيم الأطفال ضد الأوبئة، وبسبب ذلك كانت تقوم بزيارة الأسر في البيوت، ونتيجة لتلك الجهود الصحية كسبت احترام أبناء القبائل، وفي غضون سنة واحدة أسفرت جهودها تلك عن تطعيم 10 آلاف طفل.

وفي عام 1971 غادرت «روث اش» التي كانت تتكلم اللغة العربية بطلاقة رأس الخيمة، لتذهب الى سلطنة عمان بعد تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم، حيث أسست أول مرفق خدمي صحي حديث، لكنها عادت إلى رأس الخيمة في عام 1977 لتتزوج من جارها في رأس الخيمة «تيم اش»، الذي كان يعمل لدى قوات ساحل عمان وهو مثلها يتكلم اللغة العربية بصورة جيدة، وتقديراً لجهودهما في المجتمع فقد أقام لهما أبناء قبيلة الحبوس عرساً جبلياً وفق العادات والتقاليد، وفي 2013 جاءت لزيارة رأس الخيمة وفي عام 2012 توفي زوجها عن عمر يناهز 79 عاماً بينما هي توفيت في 25 يونيو 2016.

وكما هي عادة أهل رأس الخيمة فقد ظلوا يتذكرون تلك المرأة التي قدمت لهم في الماضي البعيد خدمات صحية جليلة أسهمت في حماية أطفالهم من الأمراض، فهم لم يكتفوا بتتبع أخبارها والتواصل معها وإنما حرصوا على زيارتها في موطنها بريطانيا.

ويتذكر المواطن سعيد الحبسي تلك الممرضة التي كانوا يسمونها «مريم اش»، قائلاً «كانت تأتي إلى الجبال في سيارة لاندروفر فيجتمع الناس حولها وتبدأ عمليات تطعيم الأطفال، وكان الأهالي يحرصون على إكرامها لكنها ترفض ذلك فتقول لهم بلغة عربية مفهومة هذا واجبي ولا ينبغي أن آخذ أجراً من أحد عليه».

تويتر