بين الرفض والقبول في «مجلس الحوار»

«النص والجسد».. جدل متجدد

(من اليسار) محمد المرزوقي ولميس يوسف ومحمد الهاشمي. تصوير: نجيب محمد

بين رفض الرواية «الايروتيكية» لمخالفتها الأعراف السائدة في المجتمع الإماراتي من جهة، وعدم معارضة وجودها باعتبارها تعكس قضايا في الواقع؛ انقسمت الآراء في الأمسية التي أقيمت مساء أول من أمس، ضمن فعاليات «مجلس حوار» في معرض أبوظبي الدولي للكتاب تحت عنوان «النص والجسد ثيمة متجددة»، بمشاركة الكاتبين الإماراتيين محمد المرزوقي ومحمد الهاشمي، وقدمتها لميس يوسف.

«الايروتيكية ليست سباً أو ذماً في العمل الروائي، في المقابل عدم استخدامها في الكتابة لا يعني أن العمل رديء»، حسبما قال محمد المرزوقي، مشيراً إلى أن هناك كتاباً يستخدمون الجسد في الكتابة لإثارة جهات معينة في المجتمع ضده، وتالياً يتم تسليط الضوء عليه وعلى كتابه بشكل مكثف، لافتاً إلى أهمية كسر التابوهات في الكتابة في ظل ما يعانيه المجتمع العربي من عقد وانحرافات جنسية كثيرة.

واعتبر المرزوقي أنه لا يوجد أدب خادش للحياء أو «قليل الأدب»، فالحشمة نسبية والمقبول في مجتمع معين يمكن أن يكون غير مقبول في آخر، مشيراً إلى أن الأدب هو عالم موازٍ للعالم الحقيقي، وكل ما يوجد في الواقع لابد أن يحضر في الأدب، دون أن يتم حصره في سكك ومساحات ضيفة.

وأوضح أن الصدق في الكتابة هو العامل الأهم الذي يمنحه النجاح والخلود، كما في رواية «الخبز الحافي» للكاتب المغربي الراحل محمد شكري، التي مازالت خالدة وسيستمر خلودها، ليس لأنها تتناول الجنس، ولكن لأنها رواية صادقة جداً، وتعكس الحياة بكل تجلياتها من جنس وفقر واضطهاد، فالكاتب الجيد هو الذي يمتلك القدرة على إذابة ذلك في محلول الرواية دون أن يترك رواسب.

في المقابل، انتقد المرزوقي المبالغة في الترميز والإفراط في استخدام الاستعارات، وهي تقنيات فنية سردية، من أجل التحايل على الرقيب، أياً كان نوعه، بما ينتج في النهاية أدباً مشوهاً قابلاً للنسيان. وعن موقفه من الرواية الايروتيكية على الساحة المحلية؛ قال المرزوقي: «أنا لا أدعو لأي شيء، لكن أعتقد أن هذا الموضوع يتحمل مسؤوليته أطراف عدة مثل الكاتب والقارئ والمجتمع ودور النشر».

وفي إجابته عن السؤال ذاته؛ تحفظ الكاتب محمد الهاشمي على وجود هذا النوع من الروايات في المجتمع لمخالفتها الأعراف السائدة فيه، مشدداً على أهمية احترام الأعراف إلى أن تتغير لأنها متغيرة. وأوضح أن الكتابة الايروتيكية موجودة في الأدب العربي منذ القدم، ولكنها طمست «فنحن لم نتصالح مع هذا الماضي بعد. وبشكل عام هذا النوع من الكتابة موجود وسيظل موجوداً لأنها جزء من الإنسان».

واعتبر أن عدم تناول الجسد في الكتابة يمكن أن يخلق مشكلة، فهناك قضايا كثيرة في المجتمع مرتبطة بهذا الموضوع مثل الاغتصاب أو غيره، مشيراً إلى أن إقحام الجنس في الكتابة دون توظيفه بشكل جيد مشكلة لا تقتصر على العالم العربي فقط، لكنها عالمية، وهناك كثير من الكتاب قاموا بذلك لكنهم لم ينجحوا، موضحاً أن أسلوب طرح الفكرة بما يتناسب مع نسق الرواية، وكذلك الألفاظ المستخدمة في التعبير عن الفكرة، كل ذلك له تأثير في نجاح العمل.

تويتر