يراقب «أخلاقيات السوق» من منطلق مسؤولياته كمواطن

سالم الباطني.. 44 عاماً من الدِلالة في سوق السمك

صورة

يُعدُّ سالم بن عبيد الباطني (73 عاماً)، أحد أقدم ممارسي مهنة دِلالة الأسماك في رأس الخيمة، فعلى مدى 44 عاماً ظل ينادي في الناس بالأسعار، ومن أجل ذلك يستخدم الميكرفون، ويتوزع نشاطه بين سوق رأس الخيمة صباحاً، وسوق المعيريض عصراً، واكتسبت مهنته شهرة على مستوى الدولة.

ويقول الباطني «في بداية عملي كان الجمهور الذي يوجد في سوق السمك قليل العدد، وكنت أصيح فيهم بصوتي فقط، لكن مع مرور الوقت تغير الوضع، فصار السوق يستقطب جمهوراً كبيراً من الباعة والمستهلكين للأسماك، ويكاد الاكتظاظ أن يكون أشبه بجمهور الملاعب الرياضية، وهو الشيء الذي يجعل من الصعوبة بمكان التحدث إليهم بصوتي مباشرة، لذا كان لزاماً تطوير أسلوب الدِلالة، فلجأت لاستخدام الميكرفون لكي يسمع القريب والبعيد».

ويشرح الباطني بأن دِلالة الأسماك تجري بالشكل التالي «في البدء يقوم المواطن الصياد أو من ينوب عنه من العمال بعرض الإنتاج السمكي أمام الراغبين في الشراء، وبعد فحصها جيداً والتأكد من سلامتها، يتكفل أحد أفراد الجمهور بطرح السعر الذي يراه مناسباً للشراء، فأقوم أنا الدلال بالترويج له بالميكرفون حتى يسمع الجميع، وربما يقتضي الأمر تكرار السعر مرات ومرات، مصحوباً بعبارة (هل من زود)، لكن في الغالب الأعم يتبارى المشترون بصورة حامية، خصوصاً عندما تكون الأسماك المعروضة للبيع من الأصناف المرغوبة».

ومن المفارقة أن دلال الأسماك الباطني لا يملك طراداً، ولا يمارس مهنة الصيد، مكتفياً بمهمة الدلالة، وقناعته في ذلك أن «الترويج لبيع الأسماك أمام الملأ يتعدى أن يكون ممارسة تجارية محضة، وإنما هو نشاط مجتمعي يعكس الإرث الثقافي التراثي لمجتمع الإمارات وإن غاب المواطنون عن ممارستها، لكنهم يوجدون بكثرة في ساحة الدلالة بغية معرفة الأسعار وشراء حصتهم من الأسماك».

وبحسب الباطني نفسه، فإن عملية شراء الأسماك عن طريق الدلالة مفتوحة أمام جمهور المستهلكين، بغض النظر عن الغرض من الشراء، هل هو للاستهلاك الشخصي أم التجارة، لكنه يقول «يتملكني الشعور بالارتياح عندما يرسو البيع على المواطن الذي أعتقد أنه هو صاحب الثروة السمكية، وكذلك الحال بالنسبة للصياد، فأنا أقوم بحمايته من المشترين الذين يبخسون الأسعار، فمثلاً عندما أرى أن السعر كان ظالماً، أقوم من تلقاء نفسي برفع السعر إلى الحد المناسب الذي يحقق الفائدة للصياد مقابل الاستحواذ على السمك».

والدلال الباطني، على الرغم من أن لديه ترخيصاً من البلدية، لكنه لا يتقاضى راتباً لقاء القيام بمهمة الدلالة، وإنما يكتفي بعمولة غير محددة يحصل عليها من أصحاب السمك، مشيراً إلى أن عمله لا يقتصر على الترويج لأسعار الأسماك فقط، وإنما أيضاً القيام بمراقبة كل ما يجري في سوق السمك، قائلاً «صحيح أن مهنتي لا تعطيني الحق في القيام بمراقبة ما يجري في سوق السمك، لكنني أفعل ذلك من منطلق مسؤولياتي كمواطن يتحتم عليه الوقوف بحزم ضد جميع التصرفات غير المسؤولة التي تسيء للثروة السمكية، لأن المتضرر في ذلك هو المواطن والوطن، لذا فأنا لا أتوانى عن إغلاق الميكرفون والامتناع عن ممارسة عملي عندما تقع أمام عيني تصرفات من قبيل أن يكون السمك المعروض للبيع من الأصناف المحظور صيدها، ومن بينها الصغيرة العمر، أو تلك الفاقدة للصلاحية، وأيضاً التي تشتم منها رائحة التلاعب في الأسعار».

وامتدح الباطني قرار حظر صيد صنفي سمك الشعري والصافي فترة محددة، واعتبره إجراء عملياً من شأنه المحافظة على الثروة السمكية من عمليات الهدر، مشيراً أن البيئة البحرية كانت تعج بأصناف الأسماك التي يقدر عددها بأكثر من 300 صنف، لكن بعضها غادر المنطقة بسبب عمليات الصيد الجائر.

 

تويتر