حكاية راية رافقت قيام دولة الإمارات

العَلَم.. رمز الولاء للوطن والقيادة

صورة

«بيض صنائعنا خضر مرابعنا.. سود وقائعنا حمر مواضعنا»، من هذا البيت للشاعر صفي الدين الحلي، استلهم الشاب الإماراتي، في ذاك الوقت، عبدالله المعينة تصميم العَلَم الذي ارتفع عالياً في الثاني من ديسمبر عام 1971 معلناً ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وليظل منذ ذلك اليوم رمزاً لها ولعزها وسيادتها.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/11/Zayed-bin-Sultan-Al-Nahyan-(1).jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات.

واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/11/29123_EY_11-01-2015_p28-p29-1.jpg


لمشاهدة صور تاريخية، يرجى الضغط على هذا الرابط.


مناسبة خالدة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/387701.jpg

في الأول من ديسمبر، غادر المغفور له الشيخ زايد قصر المنهل قبل حلول الظلام وقضى المساء في معسكر السميح، في الصحراء المفتوحة، بحسب ما يذكر الكاتب غريم ويلسون في كتابه «خليفة رحلة إلى المستقبل» الصادر عن الأرشيف الوطني. وفي فجر الثاني من ديسمبر، كان يقود سيارته المرسيدس البيضاء 600، باتجاه دبي لينضم إلى زعماء الإمارات السبع. ووقّعوا دستوراً مؤقتاً كوّن قانونياً دولة الإمارات العربية المتحدة. وبعد ذلك بلحظات أشرف الشيخ زايد- بوصفه رئيس أحدث دولة في العالم - على رفع العلم الوطني. ومازالت الصور الملتقطة للحدثين: توقيع الوثيقة، ورفع العلم، موجودة حتى اليوم، وتتكرر صور الحدث الثاني كدلالة على المكانة الرمزية التي يحتلها العلم في نسيج البلاد.

أما النشيد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة: «عيشي بلادي»، فقد لحنه سعد عبدالوهاب أحد المطربين والملحنين العرب المصريين البارزين في القرن الـ20.


أصل العَلَم

يعود الأصل التاريخي للأعلام إلى نحو 1000 سنة قبل الميلاد، عندما استخدم المصريون أنواعاً بدائية منها كانت تُستخدم أساساً لغرض تحديد الهوية أو للإشارة إلى الآخرين، إلا أنها تطورت لترمز إلى الأمة، ولتصبح رمز الشرف والنزاهة الذي يثير الشعور القومي، ويحث على التضحية الكبرى بالحياة أحياناً، وعلى مر التاريخ كان علم الدولة موضع احترام من الجميع، ورمزاً للولاء والانتماء للوطن.


احتفاء بالعَلَم والآباء المؤسسين

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/387702.jpg

ارتبط العلم واللواء والراية بسيادة الدول والجماعات والأفراد، واعتبر رمزاً لشخصيتها وتميزها عن غيرها، وعلى مر العصور ظل العلم يتفرد بمكانة مقدسة باعتباره رمز الدولة وسيادتها وعزها وكرامتها.

ويأتي الاحتفال بيوم العلم وذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مقاليد الحكم في الدولة، بمثابة احتفال بالمبادئ والقيم التي رسخها الآباء المؤسسون، حيث رفعوا العلم للمرة الأولى. فالالتفاف حول العلم هو التفاف حول القيادة الرشيدة للدولة، وانعكاس لوحدة الصف.


الأرشيف الوطني يطرح برنامجاً تعليمياً

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/387700.jpg

بمناسبة احتفالات دولة الإمارات بيوم العلم في الثالث من نوفمبر الجاري، أفرد الأرشيف الوطني برنامجاً تعليمياً خاصاً بالأعلام وأحكامها وأنواعها ومراسمها، وواجبات المؤسسات والأفراد في التعامل معها. وبهدف البرنامج إلى التعريف بتاريخ الأعلام وبيان أهميتها ورمزيتها للدولة والفرد والمجتمع. وتعميق الوعي بأهمية العلم وإبراز دوره في تعزيز الانتماء للوطن والحفاظ على هويته ووحدة أرضه وشعبه. إلى جانب التعريف بقصة علم الاتحاد، وسبب اختيار ألوانه، وكيفية اعتماده علماً رسمياً لدولة الإمارات العربية المتحدة. ويضم البرنامج أربع وحدات الأولى عن تاريخ ظهور الأعلام وتطورها على مر العصور مثل العصور الإسلامية القديمة، والإمبراطوريات الأوروبية، ثم العصر الحديث، وصولاً إلى الأعلام في الدول العربية. أما الوحدة الثانية فتتناول أهمية الأعلام للدول والشعوب باعتبارها رمزاً لوجود الدولة وبقائها وهيبتها. وتركز الوحدة الثالثة على علم دولة الإمارات: قصته ومصممه وكيفية التعامل معه. بينما تقدم الوحدة الرابعة تفاصيل عن أنواع الأعلام في الإمارات ومقاساتها ومراسم بروتوكول التعامل معها.

وبدأت قصة العَلَم بإعلان نشره مكتب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قبل شهرين من التوقيع على اتفاقية الوحدة، تضمن تفاصيل مسابقة تمنح الجمهور فرصة لتصميم عَلَم للدولة الجديدة، ومن بين أكثر من 1000 تصميم مشارك اختار الشيخ زايد التصميم الذي وضعه عبدلله محمد المعينة، الذي التحق في ما بعد بالسلك الدبلوماسي وعمل سفيراً لدولة الإمارات. ثم وافق قادة الإمارات على التصميم بألوانه التي تجسد شعر صفي الدين الحلي، فاللون الأبيض يرمز للسلام والصدق، والأخضر للأمل والفرح والحب، والأسود لقوة العقل، والأحمر للبسالة والقوة والشجاعة.

وحمل مرسوم إنشاء العَلَم الذي نشر في الجريدة الرسمية، نص القانون الاتحادي رقم 2، لسنة 1971 بشأن عَلَم الاتحاد، مقاييس وشكل العلم، وهو مؤرخ بتاريخ الرابع من ذي القعدة سنة 1391هـ، الموافق 21 ديسمبر سنة 1971. ونص على أن «يكون علم دولة الإمارات العربية المتحدة على الشكل والمقاييس والألوان التالية: مستطيل طوله ضعف عرضه، ويقسم إلى أربعة أقسام مستطيلة الشكل، القسم الأول منها لونه أحمر بشكل طرف العلم القريب من السارية، طوله بعرض العلم وطول عرضه مساوٍ لربع طول العلم، أما الأقسام الثلاثة الأخرى فهي تشكل بقية العلم وهي أفقية متساوية».

علم الاتحاد الذي رافق قيام دولة الإمارات وحتى الآن لم يكن أول علم تعرفه إمارات الساحل المتصالح، فقبل قيام دولة الاتحاد، كان لكل إمارة علمها الخاص الذي تطور عبر السنوات واختلف من حيث الشكل واللون. فقد اتجهت إمارات الساحل إلى رفع رايات لتميز بها سفنها وفقاً للمعاهدة التي أبرمتها مع الحكومة البريطانية في بدايات القرن الـ19، وفي البداية كانت جميع الرايات حمراء اللون، وبعد فترة تمت إضافة اللون الأبيض إلى الأحمر، ولكن اختارت كل إمارة تصميماً مختلفاً حتى يمكن تمييز سفنها عن بقية سفن الإمارات الأخرى. وبشكل عام ظل اللونان الأحمر والأبيض مسيطرين على رايات وأعلام إمارات الساحل، وإن اختلف تصميم العلم وطريقة توزيع اللونين فيه من وقت لآخر.

في عام 1952 تم تشكيل «مجلس حكام الإمارات المتصالحة»، بهدف تنمية هذه الإمارات، وتحسين أوضاعها، ويعد هذا المجلس نواة للوحدة بين الإمارات، خصوصاً أنه تمكن من اتخاذ عدد من الخطوات في اجتماعاته، مثل بناء مستشفى آل مكتوم في دبي وكانت من تبرعات المواطنين والحكام، كما شهد مناقشة كيفية إصدار وثائق سفر من قِبل الحكام، وقضية مكافحة الجراد. كذلك أنجز المجلس عدداً من المشروعات الخدمية، مثل إقامة اللجنة التعليمية لمجلس الإمارات المتصالحة عام 1958، وتدريب الكوادر المحلية وتحضيرها لتولي مهام التدريس، وافتتاح المدرسة الزراعية في رأس الخيمة عام 1957، والمدرسة الصناعية في الشارقة 1958، والمدرسة الصناعية في دبي 1964.

واتخذ المجلس علماً باللونين الأحمر والأبيض، فكان عبارة عن مساحة بيضاء يحدها من الأعلى والأسفل شريطان بالأحمر، ويتوسط المساحة البيضاء نجمة سباعية باللون الأخضر، في إشارة إلى الإمارات السبع.

وبخلاف ما يعتقده البعض، هناك أنواع عدة من الأعلام في الدولة تتباين في مقاييسها وفي استعمالاتها، بحسب ما يذكر مستشار المراسم في ديوان صاحب السمو رئيس الدولة، في عهد الشيخ زايد، نبيل فتح الباب، في كتابه «مراسم العلم والشعار»، وهي علم الدولة، وعلم صاحب السمو رئيس الدولة، وعلم السيارة، وعلم الطائرة الخاصة بصاحب السمو رئيس الدولة، وعلم طاولة الاجتماعات الرسمية، وعلم المكتب، وعلم خاص بصاحب السمو ولي العهد، موضحاً أن علم رئيس الدولة هو علم الدولة نفسه إلا أن الجزء الأبيض وسط العلم عليه شعار الدولة وهو الصقر. ويرفع علم رئيس الدولة في المرتبة التالية لعلم الدولة، حيث إن شعار الدولة «الله ـ الوطن - رئيس الدولة».

وفي الثالث من نوفمبر 2013، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حملة وطنية وشعبية شاملة ومستمرة احتفالاً بـ«يوم العلَم» الذي يصادف الثالث من شهر نوفمبر، ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئاسة الدولة. داعياً لرفع علم دولة الإمارات عالياً «تعبيراً عن عشقنا لوطننا وامتناننا لمؤسسي دولتنا والتحامنا مع بعضنا وعهدنا ووعدنا ببذل الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على اتحادنا». وأضاف: «علم دولة الإمارات ليس راية مرسومة أو قماشاً ملوناً أو رمزاً أو علامة، بل هو قلب ينبض في صدورنا وحب محفور في أعماقنا واستعداد للتضحية في سبيله بدمائنا وعزة ورفعة وكرامة نرخص في سبيلها أرواحنا».

أرقام وأحداث

1

كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، هو أول من رفع العَلَم عقب توقيع وثيقة الاتحاد.

4000

درهم كانت جائزة المسابقة التي تسلمها عبدالله المعينة حينذاك عقب فوز تصميمه للعلم.

4

ألوان يضمها علم الإمارات هي: الأحمر والأخضر والأبيض والأسود.

120

متراً هو ارتفاع سارية العلم في مبنى دار الاتحاد «قصر الضيافة» في دبي، التي كانت من تخطيط المهندس الإماراتي عبدالرضا أبوالحسن ليرتفع علم الدولة عليها، معلناً قيام الدولة.

تويتر