لعب دوراً مهماً في حياة العربي منذ زمن بعيد

الصقر.. رمز العزة وحـارس السماء

صورة

ليس غريباً أن نجد بعض الدول العربية، من بينها دولة الإمارات، تستخدم الصقر شعاراً لها، لأسباب عدة، من بينها ما يتمتع به الصقر من صفات طالما اعتزّ بها الإنسان، مثل القوة والإباء والاعتزاز الشديد بالنفس.

أيضاً لعبت الصقور منذ قديم الزمان دوراً مهماً في حياة العربي، إذ كانت رفيقته التي يعتزّ بها، فكانت في البداية وسيلة يعتمد عليها في جلب الطعام بعد أن يدرّبها على الصيد، ويستخدمها في مطاردة وجلب الفرائس، وبعد أن وجد الإنسان وسائل أخرى لتوفير الطعام، استمرت علاقته بالصقور لتتحوّل إلى رياضته المفضلة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/09/Zayed-bin-Sultan-Al-Nahyan-(1).jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات.

واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/09/29123_EY_11-01-2015_p28-p29-1.jpg


آداب الصيد

يفرق العربي بين الصيد والقتل، لذا تراه يعطي فريسته فرصة للقتال وللنزال، ولا يجيز قتل الحيوانات التي تلجأ للصيادين من شدة الجوع أو العطش، وغالباً يتهادى الصيادون لحم الفريسة، ويعطون للصقر نصيبه، كما يكتفون بما يسدّ جوعهم أو حاجتهم، ولا يتخذون من الصيد وسيلة للإثراء.


البيزرة هواية الملوك

يذكر التاريخ أن هارون الرشيد أول من سنّ التهادي بالصقور، إذ أصبح لديه تقليد وعادة بإهداء الصقور الثمينة لبعض الملوك والأمراء والأصدقاء.

كما اشتهر أبوجعفر المنصور بكونه قدوة في عالم الصيد والبيزرة.


مواصفات

تشتهر الصقور بنظرها الحاد جداً، ما يمكنها من اكتشاف أي حركة للفريسة لمسافة أكثر من ميل خلال تحليقها عالياً في السماء.

وبسبب مخالبها الحادة ومنقارها الشبيه بالخنجر يكون من المستحيل للفريسة الهروب، وتراوح أحجام الصقور من 15 إلى 19 بوصة،

ويعتمد سعر الصقر على قوته وعمره ووضوح النظر لديه وسرعة الحركة.


هواية مفضلة

تُعد رياضة القنص بالصقور من أشهر أنواع الرياضات التي عرفها الأجداد، واشتهرت بشبه الجزيرة العربية منذ أزمنة بعيدة. وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ويعدّ العرب من أوائل من عرفوا رياضة الصقور، التي تعد الهواية المفضلة لديهم، وبعد ذلك انتقلت هذه الهواية إلى بلدان أخرى. والصقور لها أسلوب خاص في المعاملة، وكذلك في التربية، كما أن لها أطعمة خاصة.

وذكرت الصقور في كثير من القصائد عند العرب، فهم يضربون المثل بعين الصقر لجمالها وحدتها، وكذلك يضربون الأمثال بقوته الخارقة. ويُعد الصقر رمز القوة ودليلاً على عزة النفس، ودائماً يشبه به الرجال، ومن ذلك قولهم «صقر قريش»، ويزداد الاهتمام بتربية الصقور في دول الخليج العربي شعوباً وحكاماً.


أرقام وأحداث

■■ 20 عاماً يمكن أن يعيشها الصقر، والمتوسط يتفاوت بين سبع و12 سنة.

■■ 2000 سنة قبل الميلاد، هو التاريخ التقريبي الذي عُرف خلاله أهل الصين الصقور.

■■ 300 كيلومتر في الساعة السرعة التي ينقض بها الصقر الجيد على فريسته.

■■ 4 أنواع من الصقور تميّز بينها المؤلفات القديمة، وهي: البزاة والصقور والشواهين والعقبان.

وتشير الأدلة التاريخية إلى أن مقاطعة «سكيانج» في الصين هي موطن الصقور الأصلي، ويُعد «ون وانغ» ملك مقاطعة «تسو» من أقدم الصيادين الصينيين.

يشار إلى أن أهل الصين قد عرفوا الصقور قبل نحو 2000 سنة قبل الميلاد، وبرع الصينيون في هذا المجال لدرجة أنهم استطاعوا توجيه الأوامر للصقور أثناء تحليقها في الجو. وتشير الدراسات إلى أن المصريين القدماء عرفوا الصقور أيضاً في التاريخ نفسه، الذي عرفها فيه أهل الصين تقريباً، واحتلّ الصقر مكانة مميزة، فكان ينظر إليه على أنه ملك السماء عند قدماء المصريين، وتم تجسيد حورس على هيئة صقر، وشيّدت له المعابد.

وعرف العرب «البيزرة»، وهو اسم مشتق من الباز (الطائر المعروف)، قبل الإسلام عن طريق الفرس، ولهذا كثير من الأسماء والمصطلحات المستخدمة في هذا المجال فارسية معرّبة. وتميز المؤلفات القديمة بين أربعة أنواع من الصقور هي: البزاة والصقور والشواهين والعقبان.

وعرفت الدولة الإسلامية عبر عصورها المختلفة اهتماماً واضحاً بالصقور والصيد بها (البيزرة)، وإذا كان البيزنطيون هم أول من ألّفوا الرسائل في البيزرة، إفإن العرب قد أضافوا إليها الكثير، حتى إنهم جعلوها علماً يدرس كالطب للإنسان والبيطرة للحيوان. ولم يقتصر شغفهم بالصيد بالصقور على الأمراء والملوك فقط، فكان رياضة يمارسها الناس من كل الطبقات، وكان الصقّار يرتبط بعلاقة قوية جداً بطيره.

ويعدّ الصيد بالصقور من أهم ألوان الرياضة في منطقة الخليج، وشبه الجزيرة العربية عموماً، وتعتمد هذه الرياضة على مبادئ مهمة لتدريب الطير على الصيد تختلف عن تلك المبادئ التي يعتمد عليها تدريب الطيور في الغرب، بحسب ما ورد في مذكرات الوزير الراحل أحمد بن سلطان بن سليم عن الصيد، التي نشرت في كتاب «مؤتمر الصداقة الدولي للبيزرة ديسمبر 1976»، موضحاً أن «أهل الخليج يحبون الصيد بالشاهين والحر، وغيرهما من الطيور، وتتميز رياضة الصيد بأن كل من خرج في الرحلة التي قد تستمر أسبوعاً، لابد أن يشارك بمساواة تامة، وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يشارك في إعداد الطعام وجمع الحطب، وفي نهاية اليوم وبعد انتهاء الصيد، يجتمع الصيادون لتبادل الأحاديث والآراء في أجواء من التبسط والمرح، وهذه من أبرز مزايا الصيد، إضافة إلى الحفاظ على العادات والتقاليد، والتمرن باستمرار على الحياة الصعبة، والتنقل الحر في الطبيعة والأماكن المختلفة».

وورد في الكتب القديمة أن أول من صاد بالصقر الحارث بن معاوية بن ثور بن كندة. ويذكر أن الحارث وقف ذات يوم عند صياد ينصب شباكه لصيد العصافير فشاهد أحد الصقور ينقض على عصفور تعلق في الشباك، فأمر أن يأتوا له بالصقر فأخذه ووضعه في بيته، وخصص له من يطعمه ويعلمه الصيد، ومنذ ذلك الوقت عرف العرب الصيد بالصقر، وأصبح لهذه الرياضة عاداتها وتقاليدها وآدابها وأنواعها من حيث سرعة الصقور وقدرتها على الطيران أو المناورة أو الانقضاض. كما وضعوا خططاً وأساليب للصيد بالصقور وتدريبها وتعليمها مازالت تشكل ملامح هذه الرياضة. وهناك أنواع مختلفة من الصقور منها، الصقر الحر وهو على ثلاثة أنواع: الحر الكامل، والقرموشة، والوكري الحرار، ويعدّ هذا النوع من أكثر الصقور افتراساً وصبراً على الجوع والتحمل، سواء على الأرض أو في الجو. والشاهين وهو يفضل العيش على الشواطئ، ويتغذى على طيور الماء، وهو من أسرع الصقور أثناء الصيد، ومن أنواعه: الشاهين الكامل، والشاهين الوكري، والشاهين الخميس، والشاهين التبع.

وكان الصيادون قديماً يذهبون إلى مناطق وجود الصقور على ظهور جمالهم، ويحملون معهم متاعهم الذي يكفيهم للمدة التي ينوون البقاء خلالها في المقناص، وكانت طريقة صيد الصقور قديماً تقوم على أن يخرج الصيادون صباحاً متفرقين ومعهم حمام مربوط بخيوط رفيعة جداً وطويلة، ويحرص الصياد على أن يختبئ خلف الأشجار، أو يغطي نفسه بالشجر تماماً، وعادةً ما يكون الصقر جائعاً في الصباح ويبحث عن فريسة، كما يكون جائعاً في المساء قبل غروب الشمس. وإذا رأى أحد الصيادين الصقر، أطلق الحمامة المربوطة التي معه، التي يحتفظ بطرف الخيط بيده، فينطلق الصقر نحوها، وعندما يمسك الصقر الحمامة يبدأ الصياد في سحب طرف الخيط بالتدريج، وعندما يصبح الصقر في متناول يد الصياد، يستغل انشغال الطائر بفريسته فيمسك به بحركة سريعة محكمة، ويضغط عليه بقوة ليقلل من مقاومة الطائر له.

 

لمشاهدة صور تاريخية ، يرجى الضغط على هذا الرابط.

 

 

تويتر