بدأت تتلمس خطاها إلى عالم السيارات والمنتجات الأخرى

الطباعة ثلاثية الأبعاد.. «ثورة» تفوق الخيال

صورة

تمثل الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة في عالم التكنولوجيا في الوقت الحاضر، وبدأت هذه التقنية التي كانت ضرباً من الخيال تتلمس خطاها إلى عالم السيارات؛ حيث قامت بعض الشركات بالفعل بطرح بعض أجزاء السيارات اعتماداً على هذه التقنية، كما قدم أحد المصممين سيارة كاملة مطبوعة بهذه التقنية. ومع ذلك، لاتزال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تواجه بعض التحديات والصعوبات حتى تنتشر على نطاق واسع في عالم السيارات.

وتعتمد التقنية ثلاثية الأبعاد المتطورة على استخدام مجموعة من عمليات التصنيع التكميلية، لوضع طبقات متعددة، وربما أيضاً متنوعة من المواد والخامات، تحت تحكم حاسوبي مشابه للروبوت لتكوين أي شكل أو تركيب هندسي من تلك المكونات، عن طريق نموذج حاسوبي ثلاثي الأبعاد، أو من أي مصدر إلكتروني آخر للوصول إلى شكل محدد واقعى لهذا النموذج باستخدام الخامات المطلوبة.

سيارة كاملة

لم تتوقف طموحات نيستور ليانوس عند حد الاكتفاء بقيام الطابعات ثلاثية الأبعاد بإنتاج بعض الأجزاء؛ ففي خريف العام الماضي صمم مدير المشروعات بشركة لوكال موتورز الأميركية، سيارة كاملة عبر تقنية الطابعات ثلاثية الأبعاد. وقد استغرقت طباعة السيارة الكهربائية Strati، التي يتألف هيكلها من خمسة أجزاء، 44 ساعة فقط.

وأوضح ليانوس أن عمليات الصقل والاستكمال الخارجي استغرقت 15 ساعة أخرى، ويومين إضافيين للتجميع النهائي المطلوب. ومع ذلك يعترف ليانوس بأن هذا المفهوم غير مناسب لعمليات الإنتاج القياسي، وذلك على الرغم من خططه لطرح السيارة Strati في الأسواق بعد عام واحد.


ميزات

أكثر المميزات التي تمنحها تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للمستهلك النهائي، تتمثل في توفير إمكانات جديدة لإضفاء المزيد من الخصوصية على المنتج؛ حيث يمكن لقائد السيارة طباعة اسمه على عتبات أبواب السيارة، وتصميم المقود وذراع ناقل الحركة بحسب رغباته وتصوراته الشخصية.

ولجأ الأميركي جاي لينو، أحد هواة جمع الموديلات الكلاسيكية، إلى طريقة جديدة ومبتكرة بسبب معاناته في البحث عن قطع الغيار والأجزاء المستهلكة لهذه السيارات، فضلاً عن طلب الشركات المنتجة لمبالغ باهظة نظير هذه الأجزاء، وتتمثل هذه طريقة في الطباعة ثلاثية الأبعاد لهذه الأجزاء والمكونات، التي لن تكلفه مبالغ كبيرة.

وأوضح أندرياس بفيفر من مؤسسة فولف غيرتنر أوتوبارتس أنه لا يجب الخلط بين هذه التقنية والطابعات النافثة للحبر، التي تعتمد في واقع الأمر على المفهوم الوظيفي نفسه، فبعد إجراء عملية المسح الضوئي لقطعة الغيار المعنية ومعالجتها على الحاسوب وتحويلها إلى موديل رقمي، تعمل الطابعة على إخراجها بالشكل المجسم ثلاثي الأبعاد.

ولا يتم ملء هذه الطابعات بالحبر، لكن بمادة البلاستيك، التي تتشكل في جزء من الثانية على هيئة آلاف من الطبقات، التي يبلغ سمكها ميلليمتراً عن طريق الأشعة فوق البنفسجية.

وبينما تقوم الطابعة العادية بطباعة الورقة مرة واحدة، فإن الطابعات ثلاثية الأبعاد، تحتاج إلى المزيد من الوقت لطباعة الشكل عن طريق وضع طبقة فوق طبقة حتى يتم إنشاء المجسم ثلاثي الأبعاد. وأضاف بفيفر أنه سواءً كانت الأجزاء المطبوعة تمت إعادة تصنيعها أو صممت للمرة الأولى، فإن هذه الطابعات توفر مرونة تشكيلية أكثر من أية عملية تصنيعية أخرى.

ويعتقد فرانك رايشرت، الذي يترأس قسم الموديلات الكلاسيكية بنادي السيارات الألماني ADAC، أن هذه التقنية لاتزال قيد التطوير، كما أن طريقة التصنيع هذه مازالت مكلفة.

في المقابل، نجد أن أسعار الأجهزة والمواد في انخفاض واضح في ظل التوسع في الاستخدام.

كما أن هناك سبباً آخر بالنسبة لخبير النادي الألماني، يجعل من هذه التقنية مهمة بالنسبة لهواة جمع الموديلات القديمة، ألا وهي زيادة الاعتماد على المواد البلاستيكية في تصنيع أجزاء الموديلات القديمة بشكل ملحوظ، لكن رايشرت يحذر من المبالغة في الآمال المعقودة على التوسع في استخدام هذه التقنية بقوله: «الطباعة ثلاثية الأبعاد لاتزال في بدايتها، ولا تصلح إلا للأجزاء البلاستيكية الصغيرة، التي لا ترتبط بعوامل السلامة والأمان بالسيارة». ومن غير المتوقع أن تلقى هذه التقنية انتشاراً واسعاً في المستقبل القريب؛ فالطباعة ثلاثية الأبعاد لابد أن تتم عن طريق أحد المتخصصين، كما يقول بفيفر، الذي يرى أن من غير المحتمل في الوقت الراهن أن يبلغ إنتاج مكونات السيارة وعناصر الزينة جودة المنتج الأصلي نفسها، كما يشكك الخبراء في أن الموديلات البسيطة من الطابعات ثلاثية الأبعاد، التي يقل سعرها عن 400 يورو، قد تفي بالغرض في مجال تطبيقات السيارات.

وقال أندرياس بادر، الشريك بمؤسسة Barkawi للاستشارات الإدارية الدولية في ميونيخ: «لا تقتصر استخدامات الطابعات الثلاثية الأبعاد على التطبيق في مجال السيارات القديمة فحسب، حيث أصبح الكثير من شركات السيارات يعتمد على هذه التقنية على الأقل في إنتاج الموديلات الأولية والنماذج الاختبارية، وذلك لعدم الحاجة إلى ماكينات خاصة لكل جزء من أجزاء السيارة، إضافة لما تقدمه من تنويعات شكلية كثيرة».

وقالت ساندرا شيلمولر، المتحدثة الإعلامية لشركة «بي إم دبليو»، إن تقنية «التصنيع المضاف» قد عرفت طريقها إلى عالم تصميم السيارات منذ عام 1991. وتقوم إدارة مركز البحوث والابتكار بعرض نحو 100 ألف قطعة سنوياً. ومن ضمن هذه المكونات ما تسلمه المستخدمون بالفعل، حيث طبعت الشركة الألمانية 500 طارة لمضخة المياه لسيارات بطولة DTM والموديل Z4 GT3. وقد تكون الطباعة ثلاثية الأبعاد فعالة في حال الأعداد الصغيرة، مقارنة باستخدام القوالب الخاصة، إضافة إلى أن هذه الطريقة تسمح بالحصول على تفاصيل دقيقة قد لا تتوافر من خلال طرق التصنيع الأخرى. وأضافت شيلمولر أن طريقة عمل هذه الطابعات معقدة بعض الشيء، حيث تحمل الطابعات ثلاثية الأبعاد المواد في طبقة من مسحوق المعدن بسمك 05ر0 على لوحة التشكيل، ثم يقوم شعاع الليزر بإذابة المسحوق على الأماكن المطلوبة، لتتشكل طبقة من الألومنيوم الصلب تحت مظلة حماية الغاز.

وأوضح بادر أن الطابعات ثلاثية الأبعاد ستلعب دوراً أكثر أهمية في مجال إنتاج السيارات مستقبلاً، وأضاف قائلاً: «الطابعات ثلاثية الأبعاد تتيح الفرصة لتصميم بنيات شبكية تمتاز بالمزيد من الثبات والاتزان، مقارنة بالبنيات الهيكلية التخريمية، وبالتالي تمتاز هذه التصميمات بالوزن الخفيف»، وهذا ما ينعكس على توفير استهلاك الوقود، وتوفير المزيد من الراحة في مقصورة السيارة الداخلية، كما أن بعض قطع الغيار المعينة يمكن إنتاجها بشكل أسرع في حال تعرضها لأضرار.

تويتر