مندهشة من فنانين يتكلمون في «كل شيء».. وتـــرى أن أزمات الشعوب لا تحلها «الأغاني»

بلقيس: قصائــد فزاع غيّرت مساري الفني

بلقيس: الفن ليس بالأقدمية بل بالعطاء الفني والموهبة. من المصدر

مدهش هذا النضج الفني الذي تبدو عليه الفنانة بلقيس، سواء لجهة ما حققته بالفعل عبر مشوار قصير زمنياً، أو خروجها من أزمات تحولت نظيراتها إلى كوابيس طاردت فنانين يمتلكون مشواراً أطول بكثير منها، لذلك فهي ترى أن «الفن ليس بالأقدمية، بل بالعطاء الفني والموهبة، وما يبذل بالفعل على الأرض».

بين فايز السعيد و«روتانا»

وصفت الفنانة بلقيس سفير الألحان فايز السعيد بالفنان الشامل، القادر دوماً على منح أي عمل خصوصيته مع الاحتفاظ بطابع ألحانه، الذي جعله سفيراً مستحقاً للحن الإماراتي. وأضافت «من يعمل مع السعيد يكتشف الكثير من الخصال الفنية التي ربما لم تعكسها إبداعاته كاملة، إذ يبدع سفير الأحان في مساحات وألوان إيقاعية غير تقليدية، الأمر الذي تعكسه العديد من أغاني ألبومي الجديد».

وقالت بلقيس إن تعاقدها مع «روتانا» لا يعيق ظهورها في حفلات جماهيرية يتم تنظيمها من خلال شركة فايز السعيد الخاصة لتنظيم الحفلات، مضيفة: «هناك تفهم كبير من قبل الرئيس التنفيذي لشركة روتانا سالم الهندي لهذا الأمر».

وتابعت: «تقوم (روتانا) بتوزيع إنتاج ألبوماتي، وتنظيم بعض الحفلات التي أقوم بالمشاركة في إحيائها، لكن في ذات الوقت لي مطلق الحرية في توقيع عقود لحفلات أخرى، لأنني غير مرتبطة بعقد احتكار، والتفاهم والتقدير هما عنوان علاقتي بالشركة ورئيسها المحترف سالم الهندي».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/04/298699.JPG


الاحتفالات عالمي

وصفت الفنانة بلقيس الاحتفالات التي تشارك فيها وتتواصل عبرها مع الجمهور بشكل مباشر بأنها «عالمها الأجمل» مضيفة: «ليس هناك أفضل من التواصل المباشر مع الجمهور».

وتابعت: «هناك ظلم نقدي يقع على إحياء الفنان لحفلات الأعراس، فهي ذات جماهيرية كبيرة، وتبقى بمثابة طلب (العمر) لدى البعض، ودليل محبة وانتشار، من الصعب أن يقابله الفنان برفضه، حتى في حال استغنائه مادياً عنه».

رغم ذلك، لم تنف بلقيس الأهمية الكبيرة للمردود المادي لتلك الحفلات بالنسبة للفنان، مضيفة: «هناك تراجع لعائدات الألبومات بسبب أعمال النسخ والقرصنة، كما أن عدد الحفلات التي يتم تنظيمها بشكل جماهيري تبقى محدودة، مقارنة بالأعراس، التي تبقى بمثابة المورد المادي حتى لسائر الأعمال التي يقوم الفنان بإنتاجها على نفقته الخاصة، ويبقى إنجازها بحرفية مرتبطاً إلى حد كبير بتوفير ميزانية جيدة لإعدادها».

قصائد «فزاع»، والدعم الذي وجدته من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، في مستهل مشوارها الفني الحقيقي، هما أهم قوة دفع استفادت منها بلقيس، حسب تأكيدها، مضيفة «هذا الدعم والثقة هما اللذان جعلاني أرشح لأهم مشروع فني على الإطلاق، وهو الغناء من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في (يوم العلم) بصحبة الفنان القدير حسين الجسمي، العام الماضي».

وقالت بلقيس إنها لا ترى الغناء للوطن مجرد جزء من دَين على الفنان بقدر ما تعتبره انسجاماً مع مشاعر شعبية ووطنية ملهمة، لكنها في الوقت نفسه أعربت عن اندهاشها من محاولة البعض الزج بأنفسهم في كل محفل، حتى لو كانت المناسبة «سياسية» خالصة.

وأضافت: «بعض الأحداث والقضايا، ومنها ما تعيشه أمتنا العربية في الكثير من الدول، تبقى أقسى من الأغنية، فمعاناة اللاجئين وواقع امتزاج الفقر بالجهل المولد لظواهر مرفوضة، لن تعالجه الأغنية، بقدر ما هو بحاجة لقرارات واستراتيجيات، لا يمكن البحث عنها عبر عمل فني».

واستشهدت بلقيس بمشهد استشهاد الطيار الأردني معاذ الكساسبة، مضيفة «أي أغنية يمكن أن تعبر عن مدى الغضب والرفض والاستنكار لهذا التصرف، والمدهش أن البعض قد يتساءل عن موقف الفن في قضية مثل هذه، وبالنسبة لي فقد كان انفعالي بما حدث وسجلته على موقع انستغرام حينها (حرام عليهم..الله يرحمه)، وهو واقع يغذيه رغبة بعض الفنانين في الزج بأنفسهم في أحاديث تطال كل شيء، وهذا غير منطقي، ولا يتسم مع حقيقة أن الفنان المجد يجب أن يركز بشكل رئيس في فنه».

الأغنية الوطنية نَفَس مختلف، وفرصة للفنان لكسر نمطية الأغنية العاطفية، من وجهة نظر بلقيس التي تندهش أيضاً من حالة الاندفاع وراء كل ما هو «عولمي»، مثل ما يعتبره البعض «عيداً للحب» ويلقبونه بـ«يوم فالنتاين»، مضيفة: «فالنتاين» بالنسبة لي يوم عالمي للشوكولاتة، وفيه آكل الكثير منها، لأني أجدها أمامي مهداة، والعيد عندي منحصر في عيدين اثنين هما الأضحى والفطر، وحتى المناسبات الوطنية هي أيام للاحتفاء، أما «فالنتاين» فهو اختراع ترويجي تجاري يحقق فيه تجار الهدايا أهدافهم التسويقية، لكن هذا الرأي لم يعجب الكثيرين على ما يبدو، لدرجة أن بعضهم قال: «أنت لست فنانة»، وهو أمر يعود إلى حقيقة أننا لانزال غير معتادين على تقبل الرأي الآخر المختلف معنا.

وعلى الرغم من نشاطها الملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن بلقيس ترى أن خطوطاً حمراء يجب أن تظل مفروضة على حياة الفنان الخاصة، مضيفة «هناك فارق كبير بين حق الجمهور في معرفة تفاصيل عن الحياة اليومية لفنانه المفضل، وبين الدخول إلى المساحة الشخصية، فالكثيرون يبدون اهتماماً ببعض التفاصيل التي لا تقتحم (الخصوصية)، مثل اتجاهي في أزيائي، واكسسواراتي، وآرائي، وبعض التفسيرات لتصريحاتي، وحتى مضمون لقاءات تلفزيونية أو إعلامية لم يتح للكثيرين متابعتها، وغيرها، وحتى صوري في الحفلات والدعوات العامة، وأثناء تسجيل بعض الأغاني في الاستوديو، وصوري مع فنانين آخرين، وغير ذلك، والمتنفس الوحيد أجده في تلك الوسائل، خصوصاً موقعي على انستغرام».

مراهنة بلقيس على عدم تغيرها «إنسانياً»، بسبب «أضواء الشهرة»، تبدو يقينية، إذ تضيف «لن يصيبني الغرور، ومناعتي الأولى في ذلك هي انتقادي الشديد لذاتي وما أطرحه، وعدم وجود نسبة رضا عالية دوماً عما أقدمه، وهي مقومات أعتقد أنها نقيض التعالي والغرور، فضلاً عما تعلمته وترعرعت عليه في بيت يحتفي كثيراً بالفن الذي تبقى مقبرته الأولى دوماً الغرور، والادعاء بأن هناك كمالاً فنياً بالمطلق».

بلقيس التي غنت في احتفالات القرية العالمية في دورتها الأخيرة، وتواجدت أيضاً في أوبريت «ولاء وانتماء» وغير ذلك من المناسبات التي تنظم من مؤسسات وجهات رسمية، ترى أن الفنان يجب أن يحافظ دوماً على تميزه الفني، وأن يكون أداؤه وطلته بمثابة البصمة الوراثية التي لا تتكرر، مضيفة: «هذه الحكمة تعلمتها من والدتي، التي تبقى رفيقتي في كل ما حققته من نجاحات، وحتى في الأعمال التي تبقى بمثابة لوحات جماعية مثل أوبريت (ولاء وانتماء)، كانت والدتي تحرضني دوماً على أن أكون متميزة، وتجعلني أبحث عن الحلول لذلك». صفحة فسخ خطبتها من لاعب المنتخب الوطني السعودي الشهير نايف هزازي كانت بمثابة الأزمة الكبيرة التي كثيراً ما أثير حولها لغط حين حدثت لفنانات أخريات، لكن بلقيس أكدت أنها خرجت من هذه التجربة أكثر قوة، بعدما نجحت في أن تحتفظ بـ«الخاص» في سياقه الطبيعي.

وقالت بلقيس إنها انتهت من تسجيل أغاني ألبومها الجديد، الذي يتضمن عدداً من الأغاني المتنوعة ما بين الكلاسيكية والإيقاعية، منها أغنية «دي جي» التي حققت نحو خمسة ملايين مشاهدة على «يوتيوب»، وتعاوناً مستمراً مع الفنان فايز السعيد، الذي رافقها أيضاً في مرحلة الظهور والتألق.

تويتر