معرض جماعي لـ 17 فناناً في مرسم مطر

«قهوتي».. تجــــربة جديدة في الرسم والتركيب

مطر بن لاحج قدّم لوحة واحدة في المعرض حملت عنوان «الاستدامة». تصوير: تشاندرا بالان

ترتبط القهوة بحياتنا اليومية، فمذاقها ورائحتها يلامسان صباحاتنا، ولكل منا قصته مع القهوة، والوقت، فهي مزيج اللحظات الجميلة، والمُرة أيضاً، لكنها تتجرد من كل ما تقدم للتحول إلى مادة لونية أو مادة يستخدمها ويستوحي منها الفنان أعماله في معرض «قهوتي»، الذي افتتح أخيراً في مرسم مطر، بمشاركة 17 فناناً من الإمارات والعالم العربي.

أفكار جديدة

قال الفنان مطر بن لاحج «أردت تقديم تجربة مختلفة، وذلك لاستفزاز الفنانين لطرح جديد، وكذلك لطرح أفكار جديدة، مع مشاركة من قبل المشاهير والمبتدئين، فطرحت عليهم، بعد أن اخترتهم، عنوان المعرض وهو «قهوتي». وشدد بن لاحج على أن المعرض شمل أعمالاً مستوحاة من القهوة، وليس بالضرورة أن تستخدم المادة، بل يرتبط بها من خلال الحركة أو اللون أو الشكل، لاسيما أنه تم اختيارهم قبل إنجاز العمل الفني. ولفت إلى أن المعرض مرتبط بسكتش كافيه الذي افتتحه في المرسم، وهو المقهى المرتبط بالفن والأدب، وكل ما يطلب داخله مرتبط بالفن، فالمرء يخطط طلبه، والأفكار تتمادى من خلال سكتش، وتأخذ من الرسم والفن والأدب، فهو صالون فني.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/277148.jpg


فنانون مشاركون

شارك في المعرض 17 فناناً، هم: عمار آل محمود، آمنة البلوشي، بثينة بن لاحج، ديما المشيقح، فرح البلوشي، فاطمة الدهمش، غانم الفلاسي، حمد الفلاسي، هدى عبدالمنصف، إسراء مهنة، ماجدة نصرالدين، مريم البلوشي، منى الخاجة، نجاة مكي، نسرين بشنق، باتريشيا كريستيان، ريهام النحاس، مطر بن لاحج.


برنامج تدريب

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/277151.jpg

يقدم مرسم مطر برنامجاً فنياً للتدريب خلال شهري مارس وأبريل للأطفال. ويقسم البرنامج إلى أقسام عدة، منها الرسم الذي يقدم المعلومات الأولى في الرسم والأبعاد والمجسمات والطبيعة، باستخدام الرصاص وأقلام الحبر والفحم، وكذلك التلوين الذي يعلِّم المتدرب استخدام أنواع متباينة من التلوين، وهي الأكريليك والباستيل والألوان الزيتية. إلى جانب ذلك، يقدم البرنامج تدريباً في مجالات الميكس ميديا، والخزف، والخط العربي، والتصوير الفوتوغرافي.

بين ألوان القهوة البنية، وحبوبها التي تفوح منها رائحة أول النهار، تزينت الأعمال الموجودة في المعرض، حيث شكلت هذه المادة وسيطاً فنياً جديداً في صياغة أعمال تركيبية، بينما كانت الأكواب الخاصة بها الملهم لمجموعة من الفنانين الذين قدموها من خلال التصوير والرسم، أو حتى التركيب، ليبقى لشكلها ولونها الأثر الأكبر في مجموعة من الأعمال. هذه الأفكار المتضاربة في ترجمة القهوة إلى عمل فني، شكلت مساحة جميلة من الإبداع في مشروب يلامس حياتنا اليومية، حيث ارتأى كل فنان أن يقدمه بأسلوبه، وأن يروي علاقته بالفن من خلاله.

من أقلام الرصاص المرصوفة جنباً إلى جنب، وحبوب القهوة، تشكل الكرسي الذي قدمه الفنان غانم الفلاسي، بعنوان «وقفة استكشاف»، حيث امتزجت المواد التي استخدمها في سياق تركيبي جميل، بينما في المقابل صنع حمد الفلاسي «شجرة الضيافة» من مجموعة كبيرة من الأواني الخاصة بتقديم القهوة في الإمارات، والمعروفة بـ«الدلة»، والمعلقة على الجدار. إما إسراء مهنة، فتحت عنوان «نميمة» أبرزت جانباً من عاداتنا وتقاليدنا، فجمعت عملاً تركيبياً اعتمد على مجموعة من فناجين القهوة التي تحتوي على بقايا القهوة، والتي تشكلت في الفناجين بأشكال مختلفة ومعدة للتبصير. وارتأت مهنة أخذنا إلى مشهد من حياتنا وعاداتنا، وهو جلسات التبصير وشرب القهوة، التي غالباً ما تمتزج بالكلام. إلى جانب ذلك، حمل المعرض مجموعة من اللوحات التي استمدت ألوانها من ألوان القهوة، ومنها الوجوه المرسومة بألوان القهوة، أو اللوحات الحروفية التي تأخذ ألوان القهوة وأشكال البن أو حتى الفناجين.

الفنان البحريني، عمار آل محمود، قدم مجموعة من اللوحات الحروفية، التي اعتمد في إحداها على شكل فنجان القهوة كشكل إخراجي يصوغ به الكلمات، بينما اعتمد في الحروف الأخرى على ألوان القهوة البنية. وقال عن أعماله «درست التصميم واستخدمه كثيراً في لوحتي، لأن الرسم والشكل هو أساس النص الذي أكتبه». ولفت إلى أنه لا يتبع المدرسة الكلاسيكية في الحرف، بل يهتم بتشكيل الحرف، ورأى أن قدرته على تشكيل الحروف بأي شكل كان أهم من اتباع المدارس الكلاسيكية. وأشار إلى أنه استخدم تدرجات لون القهوة، لكن من دون أن تدخل القهوة مادة ملونة، بخلاف الفنانة اللبنانية ماجدة نصرالدين، التي أدخلت القهوة على لوحاتها في التلوين، حيث أشارت إلى أن علاقتها بالقهوة قوية منذ الطفولة، وكانت تحتسي والدتها القهوة، وهي صغيرة، وتشعر بأن لون القهوة جميل، وتحب ما يتركه في المكان الذي يوضع فيه، ولهذا تدخل القهوة ضمن قائمة الألوان التي تستخدمها في لوحاتها. ولفتت إلى أنها رسمت هذه اللوحات في فترة ما بعد انتهاء حرب تموز، حيث بدأت ترسم وتعبر من دون أن تخطط، ولهذا أتت اللوحات محملة بالخراب، وبقايا البيوت، والناس، والطبيعة، والشوق والحنين، وحملت عنوان «بقايا وطن». وأكدت نصرالدين، أن احساسها بالعجز خلال دمار لبنان كان يضعها في حالة من الكآبة، لاسيما أنها تشعر بأنها تخسر الوطن، وتريد ألا تخسر أقرب الناس. أما لجهة أعمالها الصغيرة جداً، فشددت نصرالدين على أن اللوحة الصغيرة فيها تحدٍ كبير للفنان، فهذا التحدي يعيد الفنان إلى التفاصيل الصغيرة، ولا يخرج منها بسهولة، كما أن العمل على اللوحة الصغيرة يجعل اللوحة حاملة للكثير من الحميمية.

وقدم مطر بن لاحج لوحة واحدة في المعرض، حملت عنوان «الاستدامة»، فيما تميز المعرض بتقديمه ابنته للمرة الأولى في المعارض التي يقيمها، وهي بثينة بن لاحج، التي قدمت عملين، أبرزت فيهما علاقتها بالقهوة، فأبرزت من خلال اللوحة الأولى حالة الإدمان على القهوة من خلال الرجل الذي يحتسي القهوة وأمامه الكثير من الأكواب الفارغة، بينما استخدمتها في لوحة أخرى على وجه المرأة، كدلالة على ارتباطها بتفاصيلنا الصغيرة. واستعاضت عن رسم ذاتها برسم شقيقها في اللوحة التي تبرز حالة ادمانها على شرب القهوة، وفي أوقات متباينة بين الليل والنهار. وقالت بن لاحج عن تأثرها بوالدها «تأثرت بوالدي كثيراً، وقد دعمني كثيراً، وكان يزورني بين الفترة والأخرى وأنا أرسم، ولا يتدخل في رسمي، لأنه لا يريد أن أكون نسخة عنه، بل كان يتدخل بإعطاء بعض الملاحظات الخاصة بوجود أخطاء واضحة، ويترك لي الفرصة لتصحيحها». ورأت أن الرسم أتى منذ الصغر، لكنها بلا شك تأثرت بالجو الفني في المنزل، ولهذا اختارت الفن طريقاً لها، وتدرسه لأنه المجال الذي ترى نفسها به مستقبلاً. بينما قدمت المصرية ريهام النحاس الوجه بألوان زيتية، مستعينة بتدرجات ألوان القهوة. ولفتت إلى أنها بدأت بالمجال الفني منذ 10 سنوات، وهي حالياً مدربة رسم في مرسم مطر، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها بمعرض في المرسم.

بينما قدمت السعودية، ديما المشيقح، مجموعة من الصور تمثل القهوة، لكن المركزة، التي تحافظ بعد أكثر من فنجان على الكثير من الترسبات، فتبدو وكأنها في حالة حزن أحياناً أو سعادة في الأحيان الأخرى. وقالت المشيقح عن أعمالها «اعجبت بفكرة تقديم أعمال عن القهوة، واخترت الفناجين لتصويرها، لاسيما أنها ترتبط كثيراً بحياتنا اليومية». ولفتت إلى أنها تشارك للمرة الثانية في مرسم مطر، وتعد التجربة في المعارض الجماعية مميزة، كونها تجمع الموهوبين مع الكبار، كما أن هناك تقديراً للفن والفنانين.

تويتر