فنانة إماراتية تلاحق جماليات اللون منذ طفولتها

سلمى المري.. هوايتها إثراء اللحظة

دخلت كلية الحقوق لمدة 45 يوماً، لتفاجأ بأن والدها قد قدم أوراقها في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، سافرت ودرست الفن التشكيلي هناك، ثم بدأ مشوارها في عالم الفن بعد التخرج عام 1985.

على جدار المدرسة، في الفترة الممتدة بين الصفين الخامس والسادس الابتدائيين بمدرسة زبيدة الابتدائية في رأس الخيمة، نفذت الفنانة، سلمى المري، جداريتها الأولى، لتكوّن من خلالها أول علاقتها مع الألوان والفن التشكيلي، حيث كانت تلاحق جماليات اللون منذ طفولتها. وكانت اللوحة عبارة عن جدارية ترصد البيئة البحرية بوساطة ألوان الجواش. أما بعد تخرجها من المرحلة الثانوية في مطلع الثمانينات، حيث لم تكن دراسة الفنون التشكيلية متوافرة في جامعة الإمارات آنذاك، فدخلت كلية الحقوق لمدة 45 يوماً، لتفاجأ بأن والدها قد قدم أوراقها في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، سافرت ودرست الفن التشكيلي هناك، ثم بدأ مشوارها في عالم الفن بعد التخرج عام 1985. وهذا الشغف باللون والرسم جعل المري منذ أوقات دراستها لتاريخ الفن تنجذب إلى فان جوخ، وحياته الدرامية وأسلوبه التأثيري، لذا يعتبر من الفنانين الذين أثروا فيها.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

أقامت سلمى المري مجموعة من المعارض الفردية، وشاركت في معارض جماعية داخل الإمارات وخارجها، من بينها معرض «المرآة العاكسة» بمقر الأمم المتحدة في نيويورك 2010، ومعارض في اليابان وألمانيا وإيران وتونس ومصر. أما معرضها الأول، فيشكل في ذاكرتها محطة لا تنسى، وكان في نادي طلبة الإمارات بالقاهرة، وذلك خلال فترة الدراسة، وقدمت فيه مجموعة من الأعمال التي هي عبارة عن بورتريهات، وكذلك مجموعة من المناظر الخارجية التي تعود إلى حي الحسين ومنطقة الفخارين في مصر القديمة، وجنينة الأسماك في حي الزمالك. ومن المعارض إلى اللوحة المفضلة لديها، تكشف الفنانة أنه لا يوجد لوحة محددة أقرب إليها، إنما مجموعة كاملة، وهي مجموعة «رحيل» التي نفذتها بعد رحيل رفيق عمرها، الدكتور علي بن شكر، والتي تلامس روحها بشكل كبير.

يشكل السفر ذاكرة الفنانين، وكذلك المري، التي تجمعها علاقة مميزة بمجموعة من البلدان ومنها روما، التي لها معها حكايات شغف متعددة الجوانب، وكذلك فانكوفر في كندا، فهي مدينة تحمل تجليات ذات أبعاد روحانية، في حين أن المغرب يتميز بجماليات منمنمة لا تنتهي. في المقابل ترتبط بعلاقة مميزة مع بعض الأماكن في الإمارات، التي تتوق إلى الأنواء فيها، ومنها منطقة التقاء الساحل بالجبل، ولاسيما المنطقة الشرقية التي تعتبر المكان الذي تنشد فيه السكينة، ويلتئم فيه شيء من تصدع نفسها.

أما هوايتها، فهي إثراء اللحظة، لذا تستمتع بالقيام بمجموعة من الأعمال البعيدة عن الفن، ومنها الاهتمام بحديقة منزلها، وتقديم وجبات من إعدادها لأولادها، والاعتناء بحيواناتها الأليفة، وممارسة رياضة المشي يومياً، إلى جانب القراءة التي تتوج نهاية يومها.

تمتد التجربة الفنية للمري من الإنسان، فأعمالها ترتبط به، وكذلك تدور في فلكه وتبحث في أنماطه، ومخزونه التراثي والنفسي. ومن خلال عملها وبحثها نجدها حريصة على البحث المستمر عن إثراء التجربة الفنية، وقد شاركت في ملتقيات للفن التشكيلي، من بينها ملتقى شرم الشيخ للفنون 2013، وبينالي الخرافي للفن العربي المعاصر، ومعرض لفنانين إماراتيين وكويتيين 2012، وملتقى باترا التشكيلي في اليونان 2012، وملتقيات في اليمن والمغرب. كما كانت لها مشاركة مميزة في ملتقى الفن التشكيلي الدولي الذي أقيم في «مركز راشد»، حيث شاركت بلوحتين متحدية الحزن، حيث كانت مازالت في فترة الحداد على زوجها، ولم تتمكن من المشاركة في الملتقى بسبب العادات الاجتماعية، فرسمت في بيتها وأرسلت الأعمال مع بناتها. وهذه السيرة الفنية الحافلة بالمشاركات، توجت بعدد من الجوائز التشكيلية والتربوية، ومنها الجائزة الكبرى مناصفة في بينالي الخرافي للفن العربي المعاصر.

قدمت المري خلال مسيرتها العديد من المشروعات، ومنها «مركز اهتمام»، و«تحت الحصار»، و«أنماط البشر»، و«أهازيج وجدانية»، و«بعض مني ومنهم»، و«سونار ورحيل». في حين أن معرضها الأخير كان معرضاً ثنائياً، قدمته عام 2013 ، بمؤسسة العويس الثقافية بدبي. وأبرزت من خلاله أسلوبها الخاص للتقنية المتبعة التي تجمع ما بين الرسم والتصوير والرليف باستخدام صرف لمادة الأكريلك اللونية.

إلى جانب العمل الفني، يمثل الاقتناء جزءاً من المسؤولية التي وقعت على عاتق الفنانة من قبل أسرتها وأسرة زوجها، من منطلق ثقتهم بوعي الفنان وولعه بالمحافظة على الإرث الثقافي، فوجدت بيتها يحتوي على العديد من الأواني الفخارية والنحاسية، وغيرها التي تعود للعائلتين، هذا بالإضافة إلى الأعمال الفنية من منحوتات ولوحات فنية تم اقتناؤها من العالم، ليصبح الجو الغالب على منزلها هو جو الغاليري.

ختاماً تعمل المري اليوم على تنفيذ مشروع وطني متكامل تحت مسمى «حكايا الأرض».

تويتر