مشغول بـ «القياضة» ويجهز «سيمفونية الحياة والموت» لـ «أيام الشارقة»

حسن رجب: لست صديقاً للمنتجين

في السنوات الـ 10 الأخيرة التلفزيون سحب البساط من تحت أقدام «أبوالفنون». الإمارات اليوم

على الرغم من أنه أحد أقدم الممثلين في الدراما المسرحية المحلية المعاصرة، بمسيرة تطول إلى 34 عاماً، إلا أن الحضور التلفزيوني للفنان حسن رجب يبدو محدوداً، مقارنة بهذا المشوار الطويل، وحتى المسلسل الوحيد الذي لايزال مشغولاً بتصويره الآن، وهو الجزء الثاني من مسلسل «القياضة»، لم يكن المرشح الأول له، حيث يستكمل دوراً كان قد بدأه الفنان سيف الغانم في الجزء الأول، قبل أن يعتذر عنه.

«الفلوس».. قادمة

وجّه الفنان حسن رجب رسالة إلى شباب المسرح الإماراتي، الذين يعد أحد أكثر الفنانين المخضرمين احتكاكاً بهم، لاسيما في ظل إشرافه على العديد من المواهب الشابة، بحكم رئاسته السابقة لقسم المسرح في وزارة الثقافة، أو إشرافه مع الفنان إبراهيم سالم على مركز عجمان الثقافي، واضطلاعهما بتأهيل المواهب المسرحية.

وقال رجب: «كثير من الشباب المسرحي، للأسف، غير صبور، ومتعجل للغاية، ليس للشهرة والانتشار فقط، التي ربما تراجعت أهميتها لديه، بل أيضاً للربح المادي الذي أصبح في مقدمة أولياته، لذلك فإن الرسالة الأولى هنا هي أن (الفلوس) قادمة لا محالة، في حال قمت بتجويد أدواتك الفنية على النحو الأمثل».

ورحّب رجب الذي يخوض تجربة الجزء الثاني من مسلسل «القياضة»، من إخراج السوري سلوم حداد، بتواجد مخرجين عرب في الدراما الإماراتية، مضيفاً: «مظلة الإخراج تتسع للجميع، والوجود العربي في الدراما الإماراتية يثريها، خصوصاً في مجال الإخراج» .


أعرف خباياهم

قال الفنان حسن رجب إن خبرته الإخراجية، وتعامله مع الكثير من الفنانين الإماراتيين، في إطار عمله الإخراجي، قد أعطاه ميزة أخرى حينما يعود ممثلاً أمام الكاميرا، تجعله متوقعاً لأسلوب زملائه في الشمهد، حتى قبل إجرائه.

وأضاف: «الإخراج أتاح لي الغوص في تفاصيل أداء العديد من زملائي، ولا أبالغ إذا ذهبت للقول إنني أعرف خباياهم الفنية، ربما أكثر مما يعرفون هم عن أنفسهم، لأن عين المخرج تبقى موزعة بين الالتفات إلى التفاصيل، دون أن يكون ذلك بمعزل عن الوقوف عند قدرات الممثل الفنية عموماً، ومواطن القوة وسواها في أدائه».

واعتبر رجب أن الوسط الفني الدرامي في الإمارات عموماً محدود، وغير متشعب، معتبراً ذلك ميزة كبرى تجعل أداء الممثلين عموماً أكثر انسجاماً، بسبب تكرار تجاربهم مع بعضهم بعضاً.

«لست صديقاً للمنتجين»، عبارة لا تختزل مشكلة رجب في هذا المجال، اعتبرها توصيفاً وتعليلاً لذلك، بقدر ما تنسحب على مجمل واقع إنتاج الدراما التلفزيونية الإماراتية، حيث يرى رجب أن معظم المنتجين يفضلون مجموعات بعينها، تتكرر معهم في أعمالهم، ويحبذون أيضاً فنانين لا «يجادلون» كثيراً في السوية الفنية للأعمال.

على الرغم من ذلك، فإن رجب يرى أن الدراما التلفزيونية وتكثيف اتجاه الفنانين الإماراتيين لها هو أحد أهم المؤثرات التي أسهمت في تراجع جماهيرية المسرح المحلي، على الرغم من تأكيده أن هذا التراجع ينسجم مع تراجع آخر ليس خليجياً فقط، بل عربياً أيضاً.

ويضيف رجب: «سحب التلفزيون في السنوات الـ10 الأخيرة على الأقل البساط من تحت أقدام (أبوالفنون)، بل إن هناك ممثلين توجهوا تماماً إليه، وهجروا المسرح، على اعتبار أن الأول يتيح للفنان مزيداً من الانتشار السريع، ومقابلاً مادياً أعلى، خصوصاً في ظل بروز ظاهرة المنتج المنفذ، الذي يقوم بتنفيذ أعمال لمصلحة تلفزيونات بناءً على تمويل مسبق».

لذلك فإن جمهور المسرح المحلي الآن معظمه نخبوي، حسب رجب، الذي أكد أن تحليلاً سريعاً لشرائح واتجاهات جمهور أي مسرحية سيؤشر إلى أن كثيراً منهم هم مسرحيون بالأساس، أو مهتمون بالمسرح، فضلاً عن شريحة نخبوية أصبحت وجوهها مألوفة بالنسبة للمنتمين إلى الخشبة أنفسهم، وهو أمر بحاجة إلى إصرار على عودة الروح إلى المسرح، بأعمال قادرة على إثارة شغف الجماهير بالمنتج الفني المسرحي مرة أخرى.

وحول جديده المسرحي، كشف رجب عن أنه يجهز لعرض مسرحية «سيمفونية الحياة والموت» في أيام الشارقة المسرحية، خلال دورتها المقبلة في شهر مارس المقبل، وهي من تأليف إسماعيل عبدالله، مشيراً إلى أن المسرحية تدخل في إطار أعماله الكوميدية، لكنها ذات طرح مختلف للثنائية الأزلية التي تحكم مسيرة الإنسان، كغيره من المخلوقات، وهي ثنائية الحياة والموت.

وأضاف رجب: «خشبة المسرح تستحق كل نقطة عرق تسقط على سطحها، والمسرح الذي هو أبوالفنون، إذا قدر لي الاختيار مرة أخرى، سأختاره ليكون المصاحب والمستوعب، والمرآة التي أستطيع من خلالها التعبير الفني».

وتابع بأن «المسرح الإماراتي لايزال يمتلك مقومات ثرائه، وأن سُنة المسرح، كما سُنة الحياة، هي توالي وتعاقب الأجيال»، مضيفاً أن «جيل الشباب قادر على حمل الراية، لكنه لايزال بحاجة إلى تضافر الجهود من أجل دعمه».

وكشف رجب عن أنه لم يكن يحب المسرح، وأنه عندما نال الشهادة الثانوية، كان يحلم بأن يكون طياراً حربياً، قبل أن يثنيه قلق الوالدة عن خياره، ويدفعه إلى التعلق بمستقبل آخر، فيتوجه إلى الكويت، حيث يضيف «وهناك أيضاً فكرت في العودة بسبب مشاغباتي وتساؤلاتي التي لا تتوقف، إلى أن اكتشفت أن الدراسة شيء والمسرح في الواقع شيء آخر».

واستغرب رجب تزايد نغمة الشكوى من قلة الإمكانات، والادعاء بأن «أبوالفنون» والفقر المادي متلازمان، مضيفاً: «شباب اليوم يشكون قلة الإمكانات، بينما في جيلنا كنا نعمل (صباغين ونجارين) لتنفيذ أعمال الديكور والأزياء، وندفع حتى مصروفنا الشخصي من أجل إنجاز العمل المسرحي».

ويرى رجب أن مشكلة الجيل المسرحي المعاصر من الشباب تظهر بشكل أكبر في جانب الافتقار إلى الثقافة المسرحية ذاتها، إن جاز التعبير، مشيراً إلى أن أبناء هذا الجيل يعانون مشكلة المفاهيم والمصطلحات، حيث يتحدثون عن مدارس عالمية لا يعلمون عنها سوى القشور البسيطة.

ولم يقلل رجب ــ رغم ذلك ــ من أثر ضعف تمويل إنتاج أعمال مسرحية مهمة، بل يرى أن واقع النخبوية التي يرزح تحتها المسرح المحلي لا يمكن حله بعيداً عن الدعم والتمويل المؤسساتي، مضيفاً «المسرح الإماراتي الراهن نخبوي، ولن يقوم بوظيفته من دون دعم وتمويل رسمي واضحين، وإلا فإنه سيظل رهين مشكلة الإمكانات الشحيحة للفرق المسرحية المختلفة».

وفي الوقت الذي يشير فيه رجب إلى أن تعدد المهرجانات المسرحية وتنوعها، بمثابة تعدد لمنصات الإبداع، إلا أنه حذر من خطورة الزج بعمل مسرحي في عرضه الأول للمشاركات المهرجانية، سواء داخل الدولة أو خارجها، مضيفاً «يبقى أي عمل مسرحي، مهما علت قامة مخرجه ومؤلفه وطاقمه التمثيلي والفني، مرهوناً بقبول الجمهور الذي من المؤكد أن تفاعله مع العمل سيحفز باتجاه مزيد من تطويره، أو على الأقل تعديل بعض جزئياته، ومن ثم يبقى التخلي عن تلك المزية مخاطرة كبرى، تفقد العمل فرصة المنافسة الحقيقية، خصوصاً في حال التمثيل الدولي الذي يعطي انطباعاً لدى الآخر، ليس عن نشاط فرقة بعينها، بل عن مجمل النشاط المسرحي للدولة»

تويتر