تحملت شظف العيش قديماً وأسهمت في مسؤوليات التطور بعـــــد الاتحاد

المرأة الإماراتية شــــريك فاعل في مسيرة البناء

صورة

عبر سنوات طويلة، كانت مشاق الحياة في إمارات الساحل المتصالح أشد وطأة على النساء منها على غيرهن، فكنَّ أقل تعليماً، وأقل نيلاً للعناية الصحية، وأكثر معاناة من الأوضاع القاسية في المنطقة. ويوضح التطوّر التاريخي، والواقع الاجتماعي أن سكان الإمارات كانوا ينتمون إلى مجموعتين، الأولى البداوة، والثانية الحضر، وكانت الأسرة هي النواة الأساسية للقبيلة، وتمثل النموذج الأمثل للأسرة الأبوية.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/28115_EY_21-12-2014_p28-p29-11.jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها. واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.


لمشاهدة صور تاريخية لدور المرأة في مسيرة البناء، يرجى الضغط على هذا الرابط.


أرقام وأحداث

1982

تخريج الفوج النسائي الأول في كلية خولة بنت الأزور العسكرية، التي تعد أول كلية عسكرية نسائية في منطقة الخليج عام 1982.

%88

تمثل الإناث نحـــو 76.6% من الأطباء المواطنين، ونحو 88% من أطباء الأسنان، ونحو 97.4% من الصيادلة، ونحو 94.3% من هيئات التمريض، ونحو 63.4% من الكادر الفني من المواطنين، وذلك وفقاً لبيانات «وزارة الصحة».

%66

تشغل الإماراتية حالياً نحو 66% من وظائف القطاع الحكومي، من بينها 30% في الوظائف القيادية، ووفقاً لبيانات الاتحاد النسائي العام، أصبح في 2012 بالإمارات قاضيتان ووكيلتا نيابة، بالإضافة إلى 17 مساعدة وكيل نيابة.

2014

حصلت الإمارات على المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر احترام المرأة، الصادر عن مجلس الأجندة الدولي، التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي في أبريل الماضي، كما احتلت المرتبة الأولى عربياً في تمكين المرأة قيادياً وبرلمانياً، وفق تقرير في 2013.

وكانت المرأة وسط هذا الإطار لا ترقى سياسياً أو اجتماعياً إلى مستوى الرجل، لكن دورها الذي تقوم به اليوم له جذوره في مجتمع الصحراء، وفي مجتمع الغوص أيضاً، إذ كانت شريكة الرجل في أعباء الحياة، ولها دورها الكبير في الحياة اليومية، بحسب ما يذكر كتاب «زايد والمرأة» (سلسلة الأنشطة التربوية) الصادر عن مركز الوثائق والبحوث عام 2004.

ويشير الكتاب إلى أن دور المرأة في الإمارات قبل الاتحاد يعني مجموعة متكاملة من الأدوار، تعبّر عنها مجموعة من النماذج السلوكية، فدور المرأة مشتق من دورها أمّاً وربة منزل في النظام الأسري، ودورها منتجة في النظام الاقتصادي. ويبين الواقع الاجتماعي للإمارات أن المرأة أدت العديد من الأدوار التي فرضتها مكانتها، وحددها السياق الاجتماعي والثقافي المتمثل بالاقتصاد التقليدي. وفي ظل مستوى تعليمي وخدمات تعليمية متواضعة ونظام أسري ممتد يتميز بعادات وتقاليد وقيم مستمدة من الدين الإسلامي والتقاليد العربية، مارست المرأة دورها زوجة ومربية للأبناء، والقيام بالأعمال المنزلية، ومساعدة زوجها في أداء بعض الأنشطة الإنتاجية، بهدف إشباع الحاجات الأسرية، خصوصاً التنشئة الاجتماعية.

ومع بدء ظهور النفط، وانطلاقة التغيير الاجتماعي المعاصر في الإمارات، شهدت البيئة الإماراتية زيادة في التعليم والوعي، وانحسرت مهام القبيلة، وشهد المجتمع تحولات انتقلت إلى عالم المرأة التي كان للتعليم دور كبير في تنمية الوعي لديها. وأولت دولة الاتحاد المرأة اهتماماً خاصاً، لأن التغيرات الاجتماعية لا يمكن أن تحدث دون مواكبة المرأة للنهضة الشاملة. وانطلاقاً من إيمان القائد المؤسس الشيخ زايد بدور المرأة، فقد شجع الحركة النسائية، وقدم لها الدعم الكامل، فأخذت المرأة تتحمل مسؤولياتها، وتتبوأ مكانتها في عملية بناء المجتمع، وتحقق لابنة الإمارات الكثير من الآمال التي كانت تحلم بها، خصوصاً في مجال العلم والعمل، وأتيحت أمامها فرصة المشاركة الفعلية في بناء الوطن. ومنذ قيام الدولة، كان الشيخ زايد، رحمه الله، يؤمن بأن الإمارات وهي تنطلق نحو التطور في كل الصعد، لا يمكنها أن تنكر على المرأة، وهي نصف المجتمع، دورها التنموي الاجتماعي، وفي هذا الإطار، أدرك أن سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في تغيير وضع المرأة وتحسين حالها.

في هذا الصدد يقول الشيخ سعود بن صقر القاسمي، بحسب ما ورد في كتاب «زايد.. رجل بنى أمة» الصادر عن «الأرشيف الوطني»، تأليف غريم ويلسون، وصدرت الطبعة الأولى منه في 2013: «كانت سموّ الشيخة فاطمة على إيمان صلب وراسخ، ليس فقط بأن للنساء دوراً في تطوير الإمارات ودفعها في مسالك التقدم، وإنما كانت على يقين بأن دورهن سيكون محورياً في هذه العملية، وكان تصميمها لا يتزعزع، وبتشجيع من زوجها الرئيس، ودعمه، نظمت في عام 1973 أول جمعية نسائية في الإمارات، وهي جمعية نهضة المرأة الظبيانية، التي كان من أهم أهدافها التشجيع على التعلم مع التركيز على الكبار ومحو الأمية. وكان النجاح الكبير الذي حققته هذه الجمعية الرائدة دافعاً إلى إنشاء جمعيات مماثلة في الإمارات الأخرى، وسرعان ما تم تأسيس جمعية النهضة النسائية في دبي، وجمعية الاتحاد النسائي في الشارقة، وجمعية أم المؤمنين النسائية في عجمان، والجمعية النسائية في أم القيوين، وجمعية نهضة المرأة في رأس الخيمة». وفي عام 1975 أسست سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك الاتحاد النسائي العام، ليكون بمثابة المظلة الجامعة لكل الجمعيات، وكانت لها ميزانيتها الخاصة، واتسع نشاطها ليشمل العناية بالأم والطفل، وبالشؤون الاجتماعية، والنشاط الثقافي والرياضة، والاهتمام بالتراث والأعمال الفنية. وانتشرت فروع الاتحاد في الإمارات وكل أرجاء البلاد حتى بلغ عددها 31 فرعاً.

وحظيت المرأة على اهتمام دستور الدولة، إذ وردت فيه مواد تضمن لها حقوقها في شتى المجالات، ولاقت الفتاة تشجيعاً أهّلها لتؤدي دورها المستقبلي بثقة واقتدار. وحظيت المرأة الإماراتية باهتمام سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رائدة النهضة النسائية بالإمارات رئيسة الاتحاد النسائي العام، فعملت على إبراز صورة المرأة الإماراتية أمام العالم بما وصلت إليه من مكانة ومستوى علمي وثقافي. يقول الشيخ منصور بن زايد آل نهيان: «لقد كان لسموّ الشيخة فاطمة تأثيرها الفعال في المجتمع النسائي بالإمارات، ما دفع بالمرأة الإماراتية إلى الاتجاه الجدي نحو التعلم والعناية بالصحة، والسعي إلى خوض غمار العمل، إنها على يقين راسخ بأن تعاليم الإسلام تفتح الآفاق رحبة أمام المرأة لتعيش الحياة بملء مضامينها، وتكون عضواً فعالاً ومنتجاً في مجتمعها».

في 1986 تقلّدت سموّ الشيخة فاطمة درع «الأمم المتحدة» من صندوق الأمم المتحدة للسكان. كما كرمتها خمس منظمات تابعة للأمم المتحدة. وتبع هذا التكريم تكريم آخر في 1999، عندما منحتها اليونيسكو «ميدالية ماري كوري». وفي 2005، وبمناسبة يوم المرأة العالمي منحت لقب «أم الإمارات».

وتبقى الشهادة الأسمى التي قيلت في الشيخة فاطمة خارج الضوضاء الإعلامية، وبعيداً عن السجلات والأقلام، هي التي وردت على لسان الرجل الذي شاركها العمر، الشيخ زايد، رحمه الله، الذي قال عنها: «لو لم تكن الشيخة فاطمة إلى جانبي لكانت الحياة كلها من دون معنى».


مناصب قيادية

تشغل المرأة في الإمارات مناصب مهمة في مجلس الوزراء الاتحادي، وهو ما يعد من المؤشرات المهمة التي تعكس دورها السياسي في الدولة، ففي عام 2004، عُيّنت الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة للاقتصاد والتجارة، وكانت أول إماراتية تشغل منصباً وزارياً، تلا ذلك تعيين مريم الرّومي، وزيرة للشؤون الاجتماعية في 2006، وريم الهاشمي والدكتورة ميثاء سالم الهاشمي، وزيرتي دولة عام 2008، ليرتفع عدد الوزيرات في الحكومة الاتحادية إلى أربع من أصل 22 وزيراً، وتشغل نجلاء العور، منصب الأمين العام لمجلس الوزراء منذ مارس 2006، كما تشغل المرأة سبعة مقاعد في المجلس الوطني الاتحادي، وتتولى د.أمل القبيسي، منصب النائب الأول لرئيس المجلس.


حقوق المرأة في الدستور

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/240521.jpg

حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ قيامها، على المساواة بين الرجل والمرأة قاعدة عامة، وهذا ما أكده دستور الدولة، الذي ضمن للمرأة حقوقها كاملة، إضافة إلى مجموعة التشريعات والقوانين، التي أضافت العديد من الحقوق للمرأة الإماراتية في مختلف المجالات، كما راعت النصوص التشريعية في الدولة، بحسب ما ذكرت مجلة «درع الوطن»، الطبيعة الفطرية للمرأة وخصوصيتها، ومنحتها تمييزاً إيجابياً في عدد من القوانين مثل العمل، حيث راعى القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1980 في شأن تنظيم علاقات العمل، خصوصية الطبيعة الفطرية للمرأة، من خلال التأكيد على ضرورة الحفاظ على سلامة المرأة، من خلال بيان الأعمال التي لا يجوز تشغيل النساء وفيها، كذلك أصدرت دولة الإمارات القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005، بشأن الأحوال الشخصية، الذي احتوى على أحدث المعايير وأكثرها مرونة في مجال الأحوال الشخصية.


مؤسسات نسائية بارزة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/240514.jpg

إلى جانب جمعية النهضة الظبيانية، والاتحاد النسائي العام وفروعه، برزت مؤسسات أخرى داعمة دور المرأة، مثل المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الذي يهدف إلى الارتقاء بمستوى الرعاية والمتابعة لشؤون الأمومة والطفولة، وتقديم الدعم لذلك في جميع المجالات، مع تشجيع الدراسات والأبحاث، ونشر الثقافات الشاملة للطفولة والأمومة، فضلاً عما يطرحه من مشروعات ومبادرات تسهم في صقل مهارات المرأة، وتنمية قدراتها الإبداعية وزيادة الوعي والثقافة لديها، إلى جانب حماية الطفولة والعناية بها. أيضاً مؤسسة التنمية الأسرية، التي تم إنشاؤها عام 2006، بقرار من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وتستهدف تعزيز دور المرأة ومشاركتها في التنمية المستدامة، وتفعيل دورها وحضورها على المستويات الإقليمية والدولية، ورعاية وتنمية الأسرة بوجه عام، والمرأة والطفل بوجه خاص، تأكيداً لدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، وتحقيق رؤية شاملة في التعامل مع قضايا المرأة والطفل والتنمية المستدامة للأسرة.

وكذلك مؤسسة دبي للمرأة التي تأسست عام 2006، بموجب المرسوم رقم 24، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وترأس المؤسسة سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.


تمثيل دبلوماسي في سفارات الإمارات حول العالم

دخلت المرأة الإماراتية بقوة المجال الدبلوماسي، حيث أصبحت سفيرة ووزيراً مفوضاً وسكرتيراً ثانياً وثالثاً، في سفارات الإمارات حول العالم.

وتشكل المرأة، وفقاً لمجلة «درع الوطن» أكثر من 20% من أعضاء السلك الدبلوماسي.

ومن خلال أدائها المميز، تمثل المرأة إضافة إلى الدبلوماسية الإماراتية من ناحية، ودعماً لصورة دولة الإمارات في الخارج من ناحية أخرى، بل دعماً لصورة المرأة العربية والمسلمة بشكل عام، حيث تجمع المرأة الإماراتية في ممارستها مهامها الدبلوماسية في الخارج بين الكفاءة والحفاظ على الخصوصيات الثقافية والحضارية، والتمسك بالتقاليد والعادات العربية العريقة.

وتشارك المرأة الإماراتية في المنظمات والمحافل العربية والدولية التي تعنى بقضايا المرأة، بكفاءة ووعي كبيرين، فقد تولت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، رئاسة منظمة المرأة العربية، خلال الفترة بين عامي 2007 و2009، وشهدت المنظمة خلال هذه الفترة تطوراً كبيراً على مستويات مختلفة.

كما تشغل الدكتورة شيخة سيف الشامسي، منصب المدير العام لمنظمة المرأة العربية.

تويتر