انطلقت من وحي مبادرة «دبي تتكلم فن»

جداريات إماراتية.. شراكة فــــنية مع الجمهور

صورة

أطلق «غاليري فن آبورتيه» مبادرة «دبي تتكلم فن»، المستمدة من مبادرة «دبي متحف مفتوح»، التي أطلقها أخيراً صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وتقوم مبادرة «الغاليري» على تقديم جدارية من فنان إماراتي ليتم عرضها لمدة شهر، بالتزامن مع المعارض التي يقيمها «الغاليري»، علماً بأنها منفصلة عن المعرض. الجدارية ترسم أمام الجمهور، ما يضع المتلقي في موضع المشاركة في العمل الفني.

وكانت البداية مع جداريتين لفنانين من الإمارات، فقدم الأولى عبدالرحيم سالم، بينما أنجزت الجدارية الثانية الفنانة فاطمة لوتاه.

تجريد

على الرغم من كون تجربة الفنانة الإماراتية حافلة بالوجوه والملامح التراثية، إلا أنها تميل كثيراً إلى التجريد في العمل الفني، لذا نجد أعمالها غالباً ما تتأرجح بين الوجوه والتجريد. وقدمت مجموعة من الأعمال التي تجسد المرأة وكذلك المدن. أما ألوانها التي تطغى على الأعمال فغالباً ما تكون مستمدة من قوة البيئة المحلية التي أثرت كثيراً في فنها رغم إقامتها في إيطاليا.


سيرة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/07/168753.jpg

شغلت المرأة حيزاً مهماً من أعمال الفنان الإماراتي عبدالرحيم سالم الذي ولد عام 1955. ودرس سالم الفنون الجميلة في القاهرة، وتخصص في فن النحت. ولعل خبرته في مجال النحت تجعل المرأة تبدو كمنحوتة من خلال الأبعاد الثنائية في اللوحة. وقد حصل الفنان الإماراتي على العديد من الجوائز وأقام مجموعة من المعارض في الشارقة وأبوظبي ودبي والكويت والدوحة والقاهرة والهند وسورية وفرنسا ومدريد وألمانيا.

حملت جدارية الفنان عبدالرحيم سالم التي رسمها بالتزامن مع معرضه في الغاليري الشهر الماضي بصمته في تقديم المرأة، حيث رصد من خلال جسدها المتحرك في اللوحة السلام في عالم تفيض منه الأنوثة. وقدم في العمل مجسمات للمرأة مع إبراز تفاصيل جسدية تظهر كيان المرأة التي يجب أن تكون امرأة فاعلة في المجتمع، إلى جانب حمامات السلام التي كان لها حيز في اللوحة. حرص سالم من خلال الجدارية على المزج بين قوة الامتداد اللوني، وكذلك قوة الشخوص التي يطرحها في العمل، فبدت الجدارية امتداداً لمعرضه الذي خصصه للاحتفاء بالمرأة. وقدم سالم جداريته مع الفنانة مي راشد، وقد استغرقت منهما ثلاثة أيام حتى أنجزت بالكامل. ولفت سالم إلى أن الجدارية تأتي كتأكيد على مبادرة تحويل دبي الى متحف مفتوح، «فنحن بذلك نتيح لكل الناس رؤية مراحل إنجاز العمل الفني، وبالتالي نثير فضولهم وأسئلتهم حول العمل وكيفية انجازه وهذا مهم لزيادة ثقافة الناس الفنية». ونوّه بأن العمل يمثل مجموعة نساء مع حمام السلام، ما يمنحه أبعاداً إنسانية واجتماعية، فالعمل يجب أن يتضمن رسالة خاصة، مشيراً إلى أنه اعتمد بشكل أساسي على «الإكريليك»، إلى جانب «الباستيل» لإحياء العمل كيلا يكون جامداً. أما الثيمة الخاصة فهي التعبير عن دبي، حيث شدد على أنه حرص على عكس ملامح دبي من خلال الجدارية كي تكون أقرب إلى تمثيل حالة البلد الذي بات مقراً للفنون. وشدد على أن تجربة الجدارية مهمة لتحقيق هدف «دبي متحف مفتوح»، إذ إنه من المهم وجود أعمال غير ثابتة تتغير بين الفترة والأخرى، وكذلك دعم الشباب لتحقيق هذه الخطوة.

في المقابل، كانت الجدارية الثانية في الغاليري للفنانة الإماراتية فاطمة لوتاه، وقد عملت لوتاه على تقديم أسلوبها التجريدي في العمل، فمالت إلى طرح الامتزاج اللوني الذي يتدفق من الأصفر والأحمر ثم يكسره سكون الأزرق الذي يسيطر على الجزء الأكبر من الجدارية. وقالت لوتاه عن عملها: «عندما أزور دبي أحب أن أعطي بطرق عدة، والتجريد بالنسبة لي هو عالمي الذي أدخله وحدي، ثم أدخل الجمهور اليه، وقد لا يكون بسيطاً أن يدخله الإنسان معي، وإنما يستطيع لاحقاً أن يقرأه ببساطة». ولفتت إلى أن أجمل ما تحمله المبادرة الحالية هي أنها تتيح للفنان أن يعطي من قلبه، وكذلك تتيح له الخلق والابتكار أمام الجمهور، ما يعني أن الأخير يعيش التجربة مع الفنان ويشاركه إياها.

وشددت لوتاه التي تقيم بين الإمارات وإيطاليا على أنها تستغل كل لحظة لها في دبي كي تقدم أعمالاً فنية، إذ ترى أن البلد يستحق أن يعطيه الناس من القلب. أما لجهة الجدارية، فنوّهت بأنها قامت بطلب تنفيذ العمل على كانفاس، وليس على الجدار نفسه، مبينة أنها وسيلة للحفاظ على العمل، دون أن يتم مسحه بعد شهر. واستغرق العمل التجريدي الذي قدمته لوتاه ثلاث ساعات، ورأت الفنانة الإماراتية أن هذه المدة القصيرة في إنجاز العمل ليست إلا حصيلة سنوات من الخبرة، لاسيما في مجال العروض الحية التي كانت تنجز فيها أعمالاً في 20 أو 30 دقيقة فقط. وأكدت لوتاه أن جمال الفن الحقيقي يكمن في الطرح الذي يجعل الفن يوجد من المساحة البيضاء عالما آخر، مشيرة الى أنها في البدء لم تكن تعرف ماذا ستقدم، لكن الجو العام هو الذي يحرك العمل، وكذلك مسار اللون. ورأت المبادرة من أقوى الوسائل التي تتيح وصول الفن للناس، وكذلك زيادة الوعي حول هذا العالم بالتعرف اليه عن قرب. وشددت على أن المتلقي في الإمارات تنقصه العروض الفنية غير التجارية، فالإمارات تعطي ولا يجب أن نبخل عليها، منوّهة بأن هدفها الأول من الفن هو تقديم أعمال تمنح الناس الحيوية والطاقة، مضيفة أنه «لابد من القيام بمبادرات شبيهة من قبل المؤسسات الثقافية أو المعارض وتسليط الضوء عليها إعلامياً».

من جهتها، قالت مؤسسة غاليري فن آبورتيه، غادة كوناش، إن «إطلاق مبادرة خاصة بتقديم جدارية، كانت فكرة في البداية، لاسيما إنني أحب أن يكون لدي بشكل دائم ومستمر فنانون من الإمارات كوننا نعيش فيها، سواء من الجيل الأول أو الثاني أو حتى الشباب». واعتبرت أنه من الممكن من خلال الجدارية إعطاء المساحة لفنانين شباب يمكنهم أن يعبروا من خلال اللوحة، لاسيما إن كانوا غير قادرين على تقديم معرض كامل فردي.

وأكدت أن المشروع سيستمر، ومع انطلاقة كل معرض في الغاليري ستكون هناك جدارية جديدة، ولن تكون لنفس الفنان الذي يقام له المعرض، فـ«الجدار سيبقى للإماراتيين».

تويتر