السياسة فرضت نفسها على كثير من الأعمال التي تُعرض في رمضان

«درامــا» 2014.. لـ «الربيع» وجوه عدة

صورة

بنظرة سريعة على محتوى الإنتاج الدرامي لرمضان هذا العام، يتضح أن السياسة لها نصيب كبير في الأعمال التي سيتابعها المشاهد العربي في رمضان المقبل، وبالتحديد في المسلسلات المصرية والسورية. ويمكن القول إن «الربيع العربي» غاب عن الدراما التلفزيونية هذا الموسم، إلا أن تبعاته، وكذلك أسباب حدوثه، كانت موضوعاً للعديد من الأعمال التي سعت إلى تقديم تصورات ومقاربات للأحداث والأجواء التي قد تمثل عوامل مسببة لتفجر الأوضاع وقيام ثورات الربيع العربي، مثل فساد رجال الأعمال وتدخلهم في السياسة، وتقلص مساحة الحريات، إلى جانب العوامل الاقتصادية كالفقر والبطالة وغير ذلك. بينما اتجهت أعمال أخرى إلى تناول ما أفرزه الربيع العربي من نتائج على المجتمعات العربية من حيث الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، لكن بشكل عام يأتي التناول الدرامي للأحداث السياسية في دراما رمضان 2014 متسماً بـ«الخجل» والتواري خلف الإطار الاجتماعي والإنساني وأحياناً الكوميدي.

لعل من أبرز الأعمال المصرية التي ترتبط بالسياسة هذا العام عبر الدخول في كواليس الحكم وقصور الرئاسة، مسلسل «السيدة الأولى»، الذي يخرجه محمد بكير، ومن تأليف عمرو الشامي وياسر عبدالمجيد، وهو مأخوذ عن قصة مسلسل مكسيكي. ويتناول العمل حياة سيدة مصر الأولى، التي تقوم بدورها الفنانة غادة عبدالرازق، ويقوم الفنان ممدوح عبدالعليم بدور الرئيس صاحب الشخصية الضعيفة، ما يتيح لزوجته فرض نفوذها عليه. ومنذ الإعلان عن العمل توالت التخمينات حول الشخصية الحقيقية التي تمثلها «السيدة الأولى»، ما دفع فريق العمل في المسلسل على التأكيد أن «السيدة الأولى» في العمل شخصية افتراضية بعيدة كل البعد عن سيدة مصر الأولى في عهد الرئيس مبارك أو في عهد الرئيس مرسي.

مال وسلطة وصداقة

بعد أن قدم الفنان خالد الصاوي في شهر رمضان الماضي مسلسل «على كف عفريت»، الذي تناول فساد رجال الأعمال وتزاوج المال بالسلطة خلال حكم الرئيس حسني مبارك؛ يعود هذا العام ليتناول الأحداث السياسية التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير، وخلال حكم «الإخوان»، والتغيرات التي أصابت المجتمع، وانتشار الانتهازية، والاتجار بالثورة، وذلك من خلال مسلسل «تفاحة آدم» الذي تدور أحداثه في إطار سياسي اجتماعي، وهو من تأليف محمد الحناوي وإخراج علي إدريس.

وفي إطار السيرة الذاتية، يأتي مسلسل «صديق العمر» ليتناول فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بين عامي 1961 و1967. ليسلط الضوء على أبرز إنجازاته، مثل تأميم قناة السويس، وقيام الجمهورية العربية المتحدة بين سورية ومصر، و«حرب الأيام الستة»، وعلاقته بالمشير عبدالحكيم عامر، المسلسل مأخوذ عن قصة الراحل ممدوح الليثي وسيناريو وحوار محمد ناير وإخراج عثمان أبولبن، وبطولة جمال سليمان ودرة وباسم سمرة.

وتطل السياسة بوجه آخر في مسلسل «العملية ميسي» الذي يتجه نحو الكوميديا ليقدم إسقاطات على المناخ الذي تعيشه مصر والمنطقة عقب ثورات «الربيع العربي»، فيتناول المسلسل، الذي كتبه إيهاب إمام، ويخرجه أحمد صالح وأحمد المناويشي، في إطار كوميدي سياسي قصة قرد يُدعى «ميسي»، تسعى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لخطفه، ولذلك ترسل أحد عناصرها لإتمام هذه المهمة. ويقوم بدور «القرد ميسي» تمثيلياً الفنان محمد أبوالسعود، بينما يقوم الفنان أحمد حلمي بالأداء الصوتي فقط، ويشارك في بطولة المسلسل بشرى، ونبيل عيسى، وصلاح عبدالله، وعزت أبوعوف.

الكوميديا أيضاً كانت وسيلة الكاتبة غادة عبدالعال والمخرجة مريم أبوعوف، للتعبير عن أحداث تعرض لها عدد غير قليل من المصريين المغتربين الذين قرروا عقب ثورة 25 يناير 2011 العودة إلى وطنهم والإسهام في تحقيق أهداف الثورة وجني ثمارها، لكنهم اكتشفوا أن هناك كثيراً من العقبات تقف أمام تحقيق أحلامهم. وذلك من خلال مسلسل «إمبراطورية مين»، الذي تقوم ببطولته هند صبري ومحمد شاهين، وتدور أحداثه حول أسرة مصرية عاشت لسنوات طويلة في لندن، ثم تقرر الزوجة العودة إلى مصر بعد ثورة 25 يناير، لتكتشف التغير الواضح في البلد وسلوكيات أفراده.

من جانب آخر، اتجه بعض صناع الدراما إلى الجريمة والأحداث البوليسية كغلاف لتناولهم الأحداث السياسية التي يشهدها بلدهم، من بينها مسلسل «الإكسلانس» الذي يعرض على «قناة دبي»، من إنتاج وإخراج وائل عبدالله، وتدور أحداثه في عالم السياسة و«البيزنس» في إطار مغلف بقصة حب تربط بين بطلى المسلسل. وتتناول الأحداث معاناة بعض رجال الأعمال، خلال حكم «الإخوان» في مصر، من تسلط «مجموعة» بعينها على مجريات الأمور، وإقحامهم السياسة في مجال الأعمال والاقتصاد، من خلال الضغوط التي يواجهها أحد رجال الأعمال لتمويل بعض الحملات الدعائية السياسية، فيهرب خارج مصر.

فساد رجال الأعمال، وعلاقة المال بالسياسة، خلال الأعوام الأربعة الأخيرة في مصر، كان كذلك موضوع مسلسل «الصندوق الأسود» من بطولة رانيا يوسف وتامر هجرس، وتأليف طارق بركات وإخراج عادل الأعصر. ويكشف العمل خبايا عالم «البيزنس» وفساد بعض كبار موظفي الحكومة من خلال فتاة فقيرة تستغل جمالها حتى تدخل هذا العالم وتصبح من الأثرياء، ومع الأحداث تكتشف الكثير من العلاقات والأسرار التي تدور في كواليس السياسة.

على الجانب الآخر؛ تبدو مهمة الدراما السورية أكثر صعوبة في تناول الواقع الحالي في سورية، في ظل تشابك خيوط الصراع على الأرض واستمرار الأحداث، ما يجعل من الصعب الحكم عليها، تضاف إلى ذلك معاناة صناع الدراما في سورية من عدم استقرار الأوضاع الأمنية، ما جعل كثيراً منهم يتجه للتصوير في دول عدة خارج سورية كأبوظبي ودبي ولبنان والأردن، وكذلك مخاوف المنتجين من المجازفة بإنتاج أعمال جديدة في ظل عدم وجود فرص تسويقية مضمونة، ما يهددهم بخسائر كبيرة. رغم كل هذه التحديات تواصل الدراما السورية إصرارها على الوجود، بل يتمسك عدد غير قليل الإعمال السورية بمواجهة الواقع من خلال تناوله درامياً بقدر أكبر من الجرأة من دون اللجوء إلى الإسقاطات والتلميحات، أو الاختباء خلف مضامين أخرى، كما في مسلسل «حلاوة الروح» الذي يعرض على «قناة أبوظبي الأولى»، وهو من تأليف الكاتب السوري رافي وهبي، وإخراج المخرج التونسي شوقي الماجري، ويدخل المسلسل إلى قلب الأحداث التي تشهدها كثير من المناطق السورية عبر شاب وفتاة يقومان بتصوير فيلم وثائقي عن الأحداث، ويتم اختطاف الفتاة على أيدي إحدى الجماعات الإسلامية النشطة هناك.

الأحداث السياسية في سورية وتأثيرها في المواطن السوري في حياته اليومية، موضوع حلقات «بقعة ضوء»، التي أشرف عليها درامياً الكاتب حازم سليمان، واتجه مؤلفوها إلى تغليف السياسة في قالب كوميدي اجتماعي في لوحات منفصلة من إخراج عامر فهد.


صورة المرأة في الدراما

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/161712.jpg

من الملامح البارزة للدراما هذا العام الحضور النسائي القوي في المسلسلات، سواء كبطلات للأعمال أو كمحور للأحداث. وفي هذا السياق أعلنت رئيس المجلس القومي للمرأة في مصر، ميرفت التلاوي، أن المجلس بصدد تشكيل لجنة مصغرة يكون منوطاً بها رصد وتحليل صورة المرأة في الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان 2014، واختيار أبرز الأعمال التي أحسنت إبراز صورة المرأة، والأعمال التي أساءت إليها، وأهم تحفظاتهم على القيم التي تضمنتها تلك الأعمال. موضحة أنه من المُنتظر تخصيص جائزة لأفضل عمل درامي تناول صورة المرأة وعمل على تحسين الصورة الذهنية السائدة عن المرأة لدى الرأي العام، خصوصاً أن الدراما هي أكثر الأشكال الفنية القادرة على التأثير في اتجاهات الجمهور، وغرس القيم لديه، حيث تلقى التفافاً واسعاً من قبل الجمهور لمتابعتها. وأشارت التلاوي إلى أن المجلس يولي اهتماماً خاصاً بصورة المرأة كما تظهر في الأعمال الدرامية، مؤكدةً أن القيم التي تعكسها الدراما تترسخ في ذهن المشاهد وتصبح كأنها واقع فعّلي.

زمن افتراضي

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/161713.jpg

كما سعت الدراما المصرية لتناول الأوضاع التي قادت إلى وسبقت الربيع العربي، حذت الدراما السورية حذوها، فاتجهت أعمال للتركيز على زمن افتراضي هو عام 2010، تناقش من خلاله الأوضاع في سورية قبل الأحداث السياسية، مثل مسلسل «ما وراء الوجوه» للمخرج مروان بركات، وتأليف فتح الله عمر، ومعالجة درامية نجيب نصير، وهو يتناول صراعاً دموياً بين أسرتين، تبدوان ظاهرياً متحابتين، ولكن الأحداث تكشف عن كثير من ملامح ومظهر الفساد الاجتماعي. وكذلك مسلسل «القربان» الذي يتطرق لقضايا اجتماعية واقتصادية عاشها السوريون خلال تلك المرحلة، وأدت إلى ما آلت إليه الأمور أخيراً منذ نحو ثلاث سنوات. وهو من إخراج علاء الدين كوكش، وتأليف رامي كوسا.

حتى الأعمال السورية التي اختارت الابتعاد عن الوضع الراهن، والعودة إلى التاريخ، لم تخلُ من حضور السياسة في أحداثها مثل مسلسل «بواب الريح» الذي يندرج في إطار توثيق أحداث تاريخية سورية، وهو من تأليف خلدون قتلان، ويخرجه المثنى صبح. ويضم نخبة من الفنانين السوريين، منهم دريد لحام، وغسان مسعود، ومصطفى الخاني، وسليم صبري. ويتناول المسلسل أحداث فتنة عام 1860 التي بدأت في جبل لبنان وانتقلت إلى دمشق، مع التركيز على الجانب الاقتصادي وبعيداً عن الفانتازيا الشعبية والفلكلورية.

بينما توجهت أعمال أخرى إلى الجانب الاجتماعي والحارة الدمشقية القديمة، وهي موضوعات لها جمهورها، بالإضافة إلى سهولة تصويرها داخل الاستوديوهات للتركيز عليه، مثل مسلسل «باب الحارة» الذي يعود من جديد ويشهد الجزء الجديد عودة (أبوعصام)، وزواجه من فتاة فرنسية ما يوقع مشكلات عدة بينه وبين زوجته (أم عصام). ويشهد هذا الجزء غياب عدد كبير من نجومه بسبب الانسحاب أو الوفاة، منهم الفنان وفيق الزعيم، الذي قدم دور حكيم الحارة (أبوحاتم) حتى الجزء الخامس، لينوب عنه الفنان سليم صبري لتأدية شخصية (أبوحاتم) في الجزء السادس، كما غيب الموت الفنانين سليم كلاس، وحسن دكاك بعد تصوير الجزء الخامس من العمل قبل ثلاث سنوات، كما تغيب الفنانات نجلاء خمري وإمارات رزق ونسرين طافش عن العمل لأسباب مختلفة.

تويتر