أكدت قدرته على التخلص من «فخاخ» المسرح أمام كاميرات التصوير التلفزيوني

رشا شربتجــي: الممثل الإماراتي «مفترى عليه»

صورة

رفضت المخرجة السورية رشا شربتجي الإقرار بدعوى أن الممثل الإماراتي «مسرحي بطبعه»، وهي الدعوى التي سيطرت على صناعة الدراما التلفزيونية سنوات طويلة، وكانت مبرراً لمسؤولي الإنتاج الدرامي في تلفزيونات محلية للاستعانة بممثلين خليجيين، فضلاً عن الانحياز لإنتاج دراما غير محلية.

وأعربت شربتجي، التي مزجت في مشوارها بين مسلسلات سورية ومصرية مهمة، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، عن اندهاشها لهذه الدعوة التي روّجت لوقوع الممثل الإماراتي «المفترى عليه» في «فخاخ المسرح أمام كاميرات التصوير التلفزيوني والدرامي»، مشيرة إلى أن الأمر إن كان له أساس من الصحة، فهو لا يستدعي أكثر من توجيهات بسيطة، للخروج من تكنيك المسرح، وتوجيه قدرات الممثل لخصوصية الأداء أمام الكاميرا التلفزيونية.

شربتجي التي تخوض تجربتها الأولى مع الدراما الإماراتية بمسلسل من قصة وأشعار محمد سعيد الضنحاني، وهو «وش رجعك»، الذي يستعد لختام تصويره في الفجيرة، أعربت عن إعجابها بقدرات العديد من الممثلين الإماراتيين، خصوصاً من تعاونوا معها على إنجاز العمل، ومنهم عبدالله صالح، وجمعة علي، وعبدالرحمن الملا، وعبدالله مسعود، وبدرية أحمد، وغيرهم.

وأضافت «إذا كان هذا الادعاء هو المسوغ أمام إنجاز أعمال مهمة يشارك في بطولتها فنانون إماراتيون؛ فإن الفنان الإماراتي أمام هذا الادعاء مفترى عليه، وهو أمر أستطيع تأكيده بعد نحو 70 يوماً قضيتها مع نخبة منهم، في ظروف شديدة التباين من أجل إنجاز (وش رجعك)، في كثير من الأحيان كنت أظن أنني مخرج ثقيل الظل عليهم، من خلال الإصرار على إعادة تصوير المشاهد لمجرد السعي للوصول إلى ما هو أفضل».

الكيمياء التي تربط بين المخرج، وأسرة العمل هي أحد أهم أسباب النجاح، من وجهة نظر شربتجي التي تابعت «فارق كبير بين أن يقوم الممثل بإعادة تصوير المشهد، مقتنعاً بأن بالإمكان أفضل مما كان بالفعل، وأن يكون الأمر مجرد استجابة لرغبات المخرج، فإذا كان الأخير يقود دفة العمل من زاوية رؤيته؛ فإن إبداع الممثلين وسائر عناصر العمل، بدءاً من النص والسيناريو مروراً بالديكور والأزياء وغيرهما تكفل تكامل العمل الدرامي».

وحول أبرز نصائحها للممثل الإماراتي في أول تجربة لها معه، أشارت شربتجي إلى أنه يجب أن ينشغل بشكل أكبر بالعفوبة والبساطة، لافتة إلى أن من يرقب تعليقاتها في مواقع التصوير سيجد أنها لن تخرج عن عبارات مثل «رائع.. لكن خذ كامل وقتك كي تقنع المشاهد بأنك طبيعياً، اقرأ النص وانسَ تفاصيله الخارجية، وركّز على الداخلية منها».

وتوقعت شربتجي أن تتوالى تجاربها مع الدراما الإماراتية في السنوات المقبلة، في حال توافر ذات العوامل التي دفعتها إلى خوض «وش رجعك»، مضيفة «كانت هناك عوامل مهمة جعلتني أحسم قبول إخراج العمل، وفي مقدمتها النص الجيد، ولا تقليدية الفكرة، وجدة التجربة بالنسبة إلي، فالمحتوى الرومانسي في العمل بالنسبة إلي تجديد رائع، ومغامرة كنت أتوق إليها، خصوصاً أن الجمهور عرفني سابقاً في أعمال معظمها مشاكسة، كما أن الشركة المنتجة وفرت مختلف سبل النجاح للعمل، أما أسرة المسلسل، فكانت بالفعل نموذجاً رائعاً للرغبة الجماعية في إنجاح المشروع الذي يجمعهم، وذابت النزعة الفردية تماماً التي طالما أفسدت العديد من الأعمال المهمة».

وتابعت مخرجة «شرف فتح الباب» و«ابن الارندلي» و«الولادة من الخاصرة»: «هناك الكثير من العوامل التي تجعلني أتوقع أن تواصل الدراما الإماراتية صعودها خليجياً، وتواكب الأهمية الكبرى التي باتت تحتلها الأعمال الخليجية على خارطة الدراما العربية، فهناك ممثلون مؤهلون ليذهبوا بعيداً في إطار إبهار المشاهد بأدائهم الاحترافي، وطاقة إنتاجية تتنافس ولا تدخر جهداً يصب في مصلحة أعمالها، فضلاً عن مواقع التصوير، والرغبة العامة في أن تواصل تلك الصناعة نهضتها، وفي الوقت الذي اعتاد صناع الدراما العربية الحديث عن أزمة في النصوص الجيدة، فإن تجربة (وش رجعك) تؤشر إلى أن ثمة حلولاً يمكن سلكها في هذا الإطار».

ورأت المخرجة السورية أن الربط بين المخرج وبيئة محددة يبقى خطأ مهنياً فادحاً، موضحة أنه «طالما امتلك المخرج أدواته فإنه يصبح قادراً على توظيفها في مختلف البيئات، لأنه تصبح لديه خيارات متعددة، فقد ينحاز أو يختار أدوات لم يكن يلجأ إليها كثيراً، ويحور في بعضها لتتناسب مع المتغيرات، لكنه لن يكون مضطراً لنسف تلك الأدوات لأنه فقط يخوض تجربة في بيئة مختلفة». وأردفت «بالنسبة إلي؛ فإن الرؤية الإخراجية ترتبط بعوامل وملابسات متداخلة ومعقدة، بدءاً من النص مروراً بالحالة النفسية للشخصيات، والزمان والمكان وعلاقتهما بالأشياء، والرسالة التي يمكن الاشتغال عليها، وما ينطوي عليها من تصورات، سواء تلك التي يدفع بها المشهد في سياقه البصري، أو في سياقه النفسي والتخيلي، وغيرها من الأمور التي تكملها ولا تنفصل عنها سائر عناصر العمل الدرامي، وفي مقدمتها قدرة الممثل على الإحساس والتفاعل مع العمل باعتباره وحدة واحدة، بما في ذلك الرؤية الإخراجية».

وحول جديدها خلال المرحلة المقبلة، قالت شربتجي إنها ستبداً قريباً تصوير مسلسل سوري بعنوان «علاقات خاصة» «يغوص في عمق العلاقة بين رجل وامرأة لتمزج فيه بين النفسي والواقعي، من زاوية تبدو فلسفية للوهلة الأولى لكنها واقعية جداً؛ تتعلق بالتساؤل عما إذا كنا مخيرين في علاقاتنا من هذا الجانب أم مسيّرين، بمعنى ما إذا كانت تلك العلاقات اختيارية أم مفروضة علينا وقدرية بحتة لا فكاك منها، وهو أمر تتبدى جماليات كشفه إخراجياً أنه يتم من خلال مشاعر امرأة».

فريق عمل

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/157700.JPG

يجمع مسلسل بين فنانين إماراتيين وعرب، من بينهم عبدالله صالح، وجمعة علي، وعبدالله مسعود، وعبدالرحمن الملا، وبدرية أحمد، وسوزان نجم الدين، وأسعد فضة، وشهد الياسين، وإبراهيم الزدجالي، وشيماء وشيلاء سبت.

بينما كتب السيناريو الخاص بالمسلسل، وزير الثقافة السوري الأسبق د.رياض نعسان أغا، وهو قصة وأشعار مدير الديوان الأميري في الفجيرة، محمد سعيد الضنحاني، الذي يواظب على الكتابة للدراما، بدءاً من الغافة مروراً بالقياضة وغيرهما، ويسعى لاستلهام الموروث الثقافي والشعبي لإمارة الفجيرة على وجه الخصوص، والبيئة الإماراتية عموماً.

الاختيار الأصعب

قالت المخرجة السورية رشا شربتجي إنها تعمدت اللجوء إلى الخيار الصعب في تجربتها الخليجية الأولى «وش رجعك»، مفسّرة ذلك الخيار من زاوية إخراجية بأنه السعي لكشف الإبهار «البشري»، من خلال الإفصاح الدرامي عن معادن بشر في قصة رومانسة حالمة تدور في هذا العصر الصاخب الذي يلفنا.

وأضافت لـ«الإمارات اليوم»: «حينما تصور في واحدة من أهم خيارات المخرجين للتصوير، وهي الإمارات بمدنها المختلفة، ومرافقها السياحية الجاذبة، تبقى قريباً من الاستسلام لجماليات المشاهد الخارجية، وهذا وإن كان معطى فنياً مهماً، إلا أنه من الممكن أن يستدرج المخرج لفخ الاستسلام لإبهار التصوير الخارجي، دون أن يلتفت للإبهار ومناطق الجذب والتأثير في عوالم شخصياته بثرائها النفسي».

وتابعت «يبقى رهان المخرج - من وجهة نظري - على النتيجة، في حال اختياره المسلك الأصعب، لأن نجاح العمل ليس رؤية إخراجية فقط، أو النص منفرداً، أو إبداع الممثلين، بل هو حصيلة كل ذلك وغيره من عناصر العمل الدرامي».

شربتجي التي قدمت في مشوارها أعمالاً مصرية وسورية مهمة، وتجيد اللهجتين المصرية والسورية، لكونها من أب سوري وأم مصرية، نفت فكرة أن يكون المخرج ابن بيئته فقط، وأكدت وجوب انفتاح أدواته على بيئات متعددة.

يشار إلى المسلسل الإماراتي «وش رجعك» يحرك الأحداث على محاور عدة، تبرزها وشيجة الحب التي تجمع بين بطليه. فالمحتوى الدرامي لـ«وش رجعك»، هو الحب وتجلياته، في قالب اجتماعي متسق مع عنصري الزمان المعاصر، والمكان، الذي اختاره صاحب القصة، والمرتبط بالبيئة المحلية الإماراتية.

لست «بخاطرين»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/157703.JPG

نفت رشا شربتجي أنباء متواترة في بعض الأخبار عن انشغالها في الوقت الحالي بعمل آخر، وأكدت لـ«الإمارات اليوم» عدم صحة تلك الأنباء «لا يمكن أن أكون مرتبطة بأكثر من عمل، وعلى مدار مشواري فأنا أتفرغ ذهنياً ونفسياً وأدائياً على مدار العام لعمل وحيد لا يشاركني فيه غيره، لأنني لست بخاطرين، وأؤمن بأن تشتيت المخرج بين عملين ليس في مصلحة أحدهما».

وأضافت «في أقصى الأحوال قد أقرأ نصاً، بشكل عابر، لاتخاذ قرار قبول إخراجه من عدمه، لكن يجب ألا يشوش على المخرج عمل دخيل، مع ما يؤديه بالفعل»، مضيفة «حتى العمل الموسمي قد يكون إفراطاً من وجهة نظري، وأرى أن عدم الوجود أفضل من اختيار إنجاز عمل لا يرى فيه المخرج ما يمكن أن يشكل إضافة له، أو على الأقل ما يدنو من طموحاته، وهو القرار الذي اتخذته بجرأة العام الماضي». واعترفت بأن ساحة الإخراج في الدراما العربية عموماً باتت مرتبكة، واصفة هذا الارتباك بأنه أضر بمجمل صناعة الدراما، مضيفة «قيم الاستهلاك ونظريات السوق حينما تطغى على الأعمال الفنية تبقى النتيجة فوضى لا تصبّ في مصلحة جميع أطراف المعادلة، وإن حقق البعض أرباحاً آنية»، معربة عن اندهاشها بصدد «تصوير أعمال من 30 حلقة في أيام، أو حتى أسابيع، من أجل توفير التمويل أو اللحاق بتعاقدات الفضائيات لدراما رمضان».

تويتر