دعاوى وسجال إعلامي وفني.. والسبكي يعتبره من أفضل الأفلام التي أنتجها في تاريخه

«حلاوة روح».. أزمة أخلاق أم سينما جريئة

فيلم «حلاوة روح» بطولة هيفاء وهبي يثير زوبعة من الآراء الرافضة للعمل والداعمة له. أرشيفية

مثل قرار رئيس الوزراء المصري د.إبراهيم محلب بوقف عرض فيلم «حلاوة روح»، إلى حين تقديم الرقابة تقريرها عنه، كخطوة حاسمة ضد الفيلم، الذي قال منتجه محمد السبكي إن كلفته تجاوزت الـ20 مليون جنيه مصري، وتسبب القرار في توابع بدأت باستقالة رئيس المصنفات الفنية أحمد العواضي، وبحملة واسعة من فنانين ومثقفين ضد أفلام الإثارة، فيما أطلق آخرون حملة عكسية، تخوفا من أن يكون القرار بداية لتدخل الحكومة والسياسة في الابداع الفني والسينمائي، وبداية لسحب صلاحيات مؤسسية هي من صميم «هيئة المصنفات الفنية».

وتفصيلا، سيطر وقف عرض فيلم «حلاوة روح»، الذي تمثل فيه البطولة الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، والفنان صلاح عبدالله، ومن إخراج سامح عبدالعزيز، والمنتج محمد السبكي، على المشهد الثقافي والإعلامي المصري. ويدور الفيلم حول شخصية تدعى «روح» (هيفاء وهبي)، تعيش في أحد أحياء منطقة بولاق الدكرورالشعبية هي وابنها، ويسافر زوجها بحثا عن المال، ما يضطرها في ظل تدهور المعيشة إلى العمل في ملهى ليلي، ويعجب بـ(روح) جارها المتصابي، ويحاول بكل السبل الوصول إليها، لكنها تصده بإصرار، وحتى حينما تعلم بوفاة زوجها تواصل رفض أي صلات معه، حتى تضطر في النهاية إلى ترك الحارة مفضلة هذا الخيار على الزواج منه.

مقاضاة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/129134.jpg

تعرض الطفل كريم الأبنودي لاعتداءات بدنية، بسبب مشاركته في الفيلم بحسب تصريحات والدته، فيما أعلن الشاعر عبدالرحمن الأبنودي اعتزامه مقاضاة أسرة كريم بعد الفيلم. وتوعد الأبنودي الطفل كريم بمقاضاته هو وأهله لو استمر في استخدام الاسم. وقال الأبنودي في اتصال هاتفي مع الإعلامي محمود سعد ببرنامج «آخر النهار»، المذاع على فضائية «النهار»، السبت الماضي «كريم ولد موهوب، وسبق أن قدمته لك لكن فيه عيب خطير، أرفض نسبه لاسم عائلة الأبنودي، فبناتي فقط هن اللاتي يحملن اسمي». وأوضح الأبنودي «استخدامه لاسمي قد يجعل الناس ينسبون أفعال كريم لعائلتنا في المستقبل، وأنا لا أضمن سلوكه».


ضوابط

قالت الناشطة في ائتلاف «الدفاع عن حق الطفل»، مروى صالح، لـ«الإمارات اليوم»، إن «عمل الطفل غير مسموح به طبقا لمعايير دولية، وفي حال السماح به يتم طبقا لضوابط مشددة، أهمها عدم انتهاك حقوق طفولته على كل الصعد». وختمت صالح «أزمة (حلاوة روح) قد تنتهي بإشراك المجلس القومي للطفولة والأمومة بشكل دائم في الرقابة على الأعمال الفنية، وقد يتم تقنين الأمر بعد انعقاد البرلمان، وهو أمر لو تم فسيكون إنجازا حقيقيا، ليس لحقوق الطفل فقط وإنما للفن ذاته».

وتعرض الفيلم لهجوم واسع في الشارع المصري، انتهى بتقديم مشاهدين شكاوى إلى الحكومة ضده، وذلك بعد أن تواصلت إعلاناته في التلفزيون المصري، متضمنة لقطات ساخنة للفنانة هيفاء وهبي، كما قام الناقد المخرج أيمن تيمور، الذي اتهم مخرج «حلاوة روح» بسرقة فكرة العمل من الفيلم الايطالي «مالينا - 1998»، الذي قامت ببطولته مونيكا بيلوتشي، وأخرجه غوسيبي تورناتوري، ودخلت على الخط منظمات حقوق الإنسان، التي اتهمت منتج ومخرج «حلاوة روح» بانتهاك حقوق الطفل، عبر تضمن الفيلم مشاهد جنسية وعري، في حضور الطفل كريم الأبنودي، الذي لعب دور ابن «روح» في الفيلم.

وقالت مصادر إعلامية، تغطي مجلس الوزراء، لـ«الامارات اليوم»، إن هناك تسريبات تفيد بأن محلب اتخذ قرار حظر الفيلم بعد اتصالات، خشية استغلال الفيلم كجزء من السجال السياسي الجاري، أو للترويج بأن السلطات الحالية غير معنية بالحفاظ على هوية المجتمع، وبعد مناقشات سياسية ومجتمعية موسعة، أعقبتها مشاورات مع وزير الثقافة محمد صابر عرب، ووزيرة الإعلام درية شرف الدين، وانتهت الى ضرورة اتخاذ قرار استثنائي يتعلق بالفيلم».

وقال محلب عقب اتخاذه للقرار «أنا داعم للسينما بلا حدود، لكن القانون يخول رئيس الحكومة أيضا حماية النظام العام»، فيما قال الناطق باسم مجلس الوزراء، المصري هشام القاويش «هناك مسؤولية للحكومة بالحفاظ على الهوية، وفيلم (حلاوة روح) وردت بشأنه شكاوى من المواطنين بخصوص محتواه، وبناء عليه، وجه رئيس الوزراء بضرورة سحبه». وأطلق وقف عرض الفيلم موجة واسعة من الهجوم عليه، أو المطالبة بتغيير شكل الرقابة على الافلام في مصر، فيما اتخذت مجموعة من الفنانين والنقاد موقع الدفاع عنه.

وقال الفنان عبدالعزيز مخيون، في تصريحات خاصة لـ«الإمارات اليوم»، عبر الهاتف، إنه «واحد ممن يدافعون دوما باستماتة عن حرية الإبداع وحرية الفكر، ومواقفه تشهد على امتداد تاريخه بهذا، لكنه يؤمن أيضا بأن حرية الإبداع ليست مطلقة، وأنه لو تسبب أي عمل فني في إيذاء المجتمع، فعلينا أن نوقفه فورا». وتابع مخيون «أنه ضد منع الأفلام ومصادرتها، ولكن في اللحظة التي يقول فيها لنا محيطنا المجتمعي إن علينا أن نتوقف، فلنتوقف فورا».

وشرح مخيون رؤيته للمخرج من الازمة، بالقول «الحل يتمثل في ضرورة عرض الافلام على لجنة تمثل أطياف المجتمع المصري كافة، وفي مقدمتها (المجلس القومي للأمومة والطفولة)، وما ترفضه اللجنة والتي يجب أن نحدد معايير قبولها ورفضها للافلام بدقة، يصبح هو القرار النهائي».

وقالت الفنانة وفاء الحكيم، لـ«الإمارات اليوم»، إن «فيلم (حلاوة روح) امتلأ بمشاهد الإثارة، وتم تفريغه من القيم السينمائية، حتى أصبح بلا قيمة». وتابعت الحكيم «أتمنى أن نتطور في مواجهة الرداءة والإسفاف، فيصبح من يرفض الخروج عن القيم والآداب العامة ويتصدى لهذا الخروج هو المجتمع نفسه، وليست لجان حكومية أياً كان مسماها ووظائفها، ولكن المسألة على أية حال متروكة للتطور والوقت».

وقال الناقد الفني ومستشار مهرجان طيبة للافلام القصيرة، خالد حمد الله رضوان لـ«الإمارات اليوم»، إن «القرار صائب تماما، فالفيلم تجاري ويخاطب الغرائز بشكل مباشر، لكن الأخطر أنه دخل منطقة الاعتداء على حقوق الطفولة، وعلى الجيل المقبل الذي نحلم جميعا بأن يكون أفضل منا».

وقالت الفنانة نادية مصطفى «الحل هو أن نقاطع بأنفسنا، وإذا كان منتج الفيلم يقول إنه أنفق 20 مليون جنيه، ليلقي بالضوء على مشكلة في مجتمع، فلماذا ما دامت تهمه مشكلات المجتمع لا ينتج الفيلم بـ15 مليوناً، ويخصص الخمسة ملايين المتبقية لبناء مدرسة».

وقالت الفنانة آثار الحكيم، في مداخلة مع برنامج الـ10 مساء، أول من أمس، إن «مثل هذه الأفلام تؤدي إلى التفسخ في المجتمع، وعدم الاستقرار والانفلات الاخلاقي، وتعطي فرصة للمتأسلمين للتطاول على الفنانين، وليس له صلة بالابداع»، وقالت الفنانة صابرين «ألا يشعر من يدعي حرية الابداع بالحياء والخجل من هذا العمل».

السبكي يدافع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/129136.jpg

رفض منتج الفيلم محمد السبكي حملة الهجوم عليه، وقال في تصريح إعلامي عقب قرار وقف عرضه إن «الفيلم يعد من أفضل وأهم الافلام التي أنتجتها طوال تاريخي الفني». وأضاف السبكي، في التصريح، أنه «عندما قرأ سيناريو الفيلم وجد أنه يمس الواقع، وهو يعد أهم فيلم أنتجه من بين 70 فيلما، قدمها طوال تاريخه الفني»، ورفض السبكي ما قيل عن الفيلم، وقال «على العكس هذا الفيلم لا توجد فيه أي مشاهد ساخنة أو عري، حتى أن مشهد الاغتصاب في الفيلم صور بحرفية، بعيدا عن الشهوة والابتذال». وأشار إلى أن «رسالة الفيلم تتمحور حول ظاهرة المرأة الأرملة، التي لا عائل لها وتعيش بمفردها في الحارة المصرية، وكيف يتعامل معها الرجال والمجتمع، وأن هذه قصة واقعية عاشها بنفسه، وأن الفيلم تعرض لحملة ترصد لا يعرف إذا كان هو المقصود منها أم بطلة الفيلم هيفاء وهبي». ودافع نقاد سينمائيون عن الفيلم، فقال الناقد كمال رمزي، في مقال بعنوان «ارفعوا أيديكم عن (حلاوة روح)»، لا أعتقد أن محلب شاهد الفيلم، هو فقط سمع عنه، وقرر ونفذ»، كما انتقد الناقدان ماجدة خير الله، وطارق الشناوي، في تصريحات إعلامية، قرار وقف عرض الفيلم.

غايات شخصية

اعتبرت هيفاء وهبي وقف عرض الفيلم، بعد طرحه بدور العرض، يستهدفها شخصيا، وأنها توقعت القرار، في ظل الهجوم غير المبرر على الفيلم، حتى قبل طرحه في دور العرض، بهدف النيل منها شخصيا، وتابعت «الحملة غير موضوعية، ولم تتطرق إلى مضمون الفيلم، كما روج لأشياء غير حقيقية».

تويتر