مثقفون أكّدوا أن الإمارة تعيش حكاية رقي حضـــــاري في كل الاتجاهات

متاحف «متـــرو دبي».. الفن لملاييــــن البشر

صورة

وصف فنانون ومثقفون مبادرة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتحويل محطات «مترو دبي» إلى متاحف ثقافية وفنية، بالمشروع الحضاري المتفرد الذي يتيح «الفن للجميع»، إذ من شأنه أن يرتقي بالذائقة الجماهيرية لملايين الأفراد الذين يستقلون المترو، وأشادوا بقيادة رشيدة تقدر دور الفن وموقعه المهم، في البناء الحضاري لإمارة لطالما ارتبط ألقها بالازدهار الاقتصادي والعمراني والسياحي.

وقال فنانون ومثقفون، رصدت «الإمارات اليوم» انطباعاتهم، بعد توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي من شأنها أن تستحضر نماذج وأعمالاً فنية منتخبة لتكون في مرمى أكثر من 137 مليون زائر للمترو سنوياً، أن محطات «مترو دبي» ستكون بمثابة أكبر متحف متفرّع في الشرق الأوسط، بمجرد افتتاحه العام المقبل، بالتزامن مع الدورة الجديدة لـ«آرت دبي».

ورغم اللا تقليدية في القرار ومفاجأة الساحة الفنية والثقافية بصدوره، إلا أن فنانين أشاروا إلى أن قرارات صاحب السموّ حاكم دبي الداعمة للفن والثقافة، جعلتهم لا يستغربون دوماً هذه النوعية من التوجهات، التي تصب في إطار نصرة الفن والفنانين والحياة الثقافية عموماً، وستجعل «الفن عند أطراف أصابع الجمهور».

الفنان الفائز بجائزة الدولة التقديرية في فئة الفنون البصرية، عبدالرحيم سالم، توقّع أن يكون نتاج هذه الخطوة بمثابة «ثورة» حقيقية في علاقة الجمهور بالفنون البصرية، مضيفاً: «ليس قراراً عادياً، وإنما هو بمثابة إشارة لمنعرج هو الأهم في علاقة الحمهور بالنتاج الفني، ومن شأنه أن يعكس الحالة الإيجابية التي أصبح عليها الفنان الإماراتي والمقيم». وأعرب سالم عن طموحه في أن يكون مشاركاً ببعض أعماله في هذا المشروع الحضاري، وقال: «لا أستطع أن أعايش مشاعر الفنان الإماراتي، حينما يرى أعماله في خضم أكبر عدد ممكن من الرواد والزوار، أتمنى أن أعايش تلك التجربة المبهرة».

من جهتها، وصفت الفنانة الدكتورة نجاة مكي المشروع بالرائد والحضاري، وقالت إن «من شأنه أن يرفع مستوى الذائقة الجمالية للجمهور، ويصل بالفن إلى الجميع، لتطبق للمرة الأولى بشكل عملي عبارة (الفن للجميع)، التي ظللنا نسمعها ونرددها، إلى أن جاء صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، ليحيلها واقعاً ملموساً».

بعد النظر الفني هو امتداد لبعد نظر سموّه السياسي وقرين له، إذ تضيف مكي: «هنا نحن بصدد بعد نظر، وسعة أفق مرتبطة بالشأن الفني، فانتشار مفردات فنية على نطاق واسع، هو بمثابة تربية عملية للذائقة الجمالية الجمعية، وفي غضون نحو ثلاث سنوات، سيكون لهذه الخطوة تأثير مباشر وملموس في هذا الاتجاه».

«هي حكاية رقي حضاري تعايشها دبي في كل الاتجاهات».. هكذا بدأت الفنانة الدكتورة فاطمة لوتاه، تعليقها على الكشف عن هذا التوجه الرائد، مضيفة أنه «من الأهمية بمكان أن يصل الفن للناس، على وجه العموم، وليس فقط للنخبة كما هو السائد، لكن التجربة ستحتاج الكثير من الأطر التنظيمية والإجرائية المحيطة بها». وتابعت لوتاه: «عبقرية الفكرة تجعلنا غير قادرين على استشراف ملامحها، هل سيكون الأمر مقتصراً على الغرافيتي، وإذا كانت لوحات بأحجام كبيرة، كيف ستؤمن إجراءات الحفاظ على سلامتها من العبث أو التلف، وهي تساؤلات تؤكد أننا أمام مشروع عملاق، وغير يسير على الإطلاق».

الفنان الدكتور إحسان الخطيب، من جانبه، يرى أن توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذا الصدد بمثابة «قرار ثوري» لمصلحة الفن، مضيفاً: «الحالة قبل أن نعايشها تحيل إلى مترو موسكو، وهو يعد أحد معالم الفن الروسي، لكن الفارق هنا أن دبي تعكس حركة التاريخ ودوران الزمن التقليدي، وهذه عبقرية التفرد التي تعرف بها دانة الدنيا».

الإحالة تبقى لـ«مترو باريس» من وجهة نظر الدكتورة حصة لوتاه، التي سبق لها أن تقدمت باقتراح استحضار نماذج فنية مختارة في مطارات دبي، وقالت: «هذا المشروع الرائد من شأنه أن يعلي قيمة الثقافة والفن في المشهد الحيوي اليومي، وفي حال كان التركيز على البعدين العربي والإسلامي فهو سيكون بمثابة سفير حقيقي لهويتنا في توقيت بالغ الحساسية في ظل جدلية علاقة ملتبسة وغير صحية تربط بفعل معطيات كثيرة الآخر الغربي بالأنا العربي، دون أن يكون العكس صحيحاً بالضرورة».

من جهته، توقع رئيس ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، أن يكون القرار بمثابة تحول غير مسبوق باتجاه اختراق كتلة أهم ظلت محايدة في ما يتعلق بالعلاقة مع الفنون البصرية خصوصاً، مضيفاً أن «عبقرية القرار في أنه يتوجه لاجتذاب شرائح من الجمهور، الكثير منها ظل بعيداً عن هذا الاهتمام بدعاوى نخبويته».

الدكتور عمر عبدالعزيز رأى التوجيهات بمثابة فرصة مواتية لخلق تجربة جديدة من خلال «التجميل الفني والاشتغال على المساحات، لتضعنا التجربة في قلب معادلة إبداعية، تأتي عطفاً على تجربة إنسانية ذات صلة بالعمارة والفنون»، مستطرداً: «هي في حالة دبي ستشكل فرصة للاستفادة من تيارات متباينة في صدارتها تيارات الحداثة في الفن».

بدوره، قال مدير هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، سعيد النابودة، إن «توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تأتي كعادتها خارج نطاق صندوق الأفكار التقليدية»، مضيفاً: «هي بمثابة مرحلة جديدة وتجربة غير تقليدية سيكون فيها الفن في قالب الحياة اليومية لملايين البشر، وهي خطوة من شأنها أن تتجاوز آثارها حدود حيزها المكاني، باتجاه دعم الذائقة الجمالية للجمهور».

بينما اعتبر المستشار الثقافي لهيئة دبي للثقافة والفنون، الدكتور صلاح القاسم، توجيهات صاحب السموّ حاكم دبي، بمثابة «رسالة إلى المثقفين والفنانين بعدم التقوقع على ذواتهم.. فحينما يكون المترو الذي يعد بالأساس وسيلة نقل للملايين هو القاعة الكبرى لمنتج الفنان، فإن هذا الأخير مطالب بمزيد من الاحتكاك والتقارب مع الناس، وأن يسعى هو للقاء بهم في تفاصيل حياتهم اليومية».

فيما رأى مدير إدارة المشاريع والفعاليات بالإنابة في هيئة دبي للثقافة والفنون، ياسر القرقاوي، كلمة السر هنا تبقى في توجه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، نحو «الاستدامة في التنمية»، وقال: «تتوازى رؤية سموّه في الجانب الثقافي مع نظيرتها في المجال الاقتصادي لتنحاز بقوة للمشروعات التنموية، فتحقيق منجز مهم يغدو لبنة في سبيل تحقيق منجز آخر أكثر أهمية، وهو ما يخلق في إطاره العام إنجازاً يظل في حالة تحدٍ مع أهداف أكبر بشكل دوري».

مدير قطاع الفنون في هيئة دبي للثقافة والفنون، الفنان التشكيلي خليل عبدالواحد، أكد أن المشروع الجديد يرسخ دور الثقافة معلماً أساسياً من معالم إمارة كان يختزل البعض معالمها في الجانب الاقتصادي والعمراني «وهو بمثابة رسالة واضحة ومباشرة بأولوية اهتمام القيادة السياسية بالفن».

تويتر