«ترفيه» ينافس «التسوّق».. ودورات تصنع «الذكريات»

«القرية العالمية».. 190 شكلاً للفرح

صورة

لا تقود ذكريات الأمكنة في القرية العالمية إلى قارات العالم الست، والعشرات من البلدان والدول المنتمية إلى أمم وثقافات متباينة فقط، بل يطول حبل الذكريات في كثير من الأحيان، ليغوص بصاحبه باتجاه عمودي، مستدعياً أحداثاً شهدها في هذا المَعْلم الذي يطلّ علينا سنوياً، فنعايشه في نحو نصف عام، وننتظر حلوله النصف الآخر.

التساؤل عن أولوية «الترفيه»، أو سبق «التسوق» له، يبقى كمن يسعى إلى الفصل بين الجسد والروح في ذات واحدة، فرحلة الترفيه لا تخلو من التسوق، كما أن الطريق إلى الأخير يظل محفوفاً، ومنثوراً في جادته (الترفيه)، وزوّار القرية من مختلف الشرائح، يبقون على موعد مع وجهة عائلية استثنائية، لأنك هنا بمقدورك أن تبحر «حول العالم في سهرة»، حسب تعبير أحد روادها.

18 عاماً كفيلة بأن تصيب فعالية تتكرر دورياً بالجمود، لكن بشرط ألا يكون المقصود هنا حافظة الذكريات، ومسرح العجائب، «القرية العالمية» التي تتخطى في مداعبتها «اللا توقع» حسابات منظميها أنفسهم، سواء في عدد الزوار، أو حجم المبيعات، وأيضاً تفاعل الأسر والعائلات مع جديدها الذي لا ينفد.

«الجديد» إذن، هو كلمة السرّ الساحرة هنا، ولقاءات خيالات ذكريات الماضي، مع تفاعل «القرية» بسحر «الجديد»، يضيف إلى متعة «الترفيه» وفوائد صفقات «التسوق» الرابحة، قيمة أخرى، ومذاقاً يخاطب الوجدان، فيما تقف «جزيرة» الخيال، أحد عناوين الترفيه المستحدثة هذا العام في القرية، بمثابة لقطة لواقع، لا يلبث أن يغدو «ذكرى»، في سجل دورات تساير توالي الأعوام دون أن تكرر ذاتها.

الرقم 18 قرين حيوية الشباب في مؤشر الأعمار، لا يخلو من المعنى نفسه، عندما يرتبط بعدد دورات «القرية العالمية»، التي توقِد هذا العام العدد نفسه من الشموع، بأكبر موسم لها على الإطلاق، ممتد لـ190 يوماً، حولها تنوع فعالياتها إلى طلّات ذات تفاصيل جديدة ومثيرة كل يوم، تجاور ذكريات السنين الممتدة لدى البعض، وتحفر نواة ذكريات جديدة لزائرين جاؤوا ليكتشفوا «العالم» في رحابها.

«لاأزال أتذكر دوراتها الأولى، كان الطريق إليها بالقرب من منطقة القرهود، مزدحماً، والحصول على موقف لسيارة والدي التي كنا نتسلل إلى مقاعدها من الباب الخلفي المخصص لتحميل الأغراض، كان بمثابة هدف بحاجة إلى وقت غير قليل لتحقيقه، وبعدها، كان علينا أن نسير مسافة طويلة، من أجل الوصول إلى أقرب بواباتها»، هكذا تذكر الشاب السوري، فادي ياسين، «ذكرياته» مع القرية.

ويضيف: «مجرد الكشف الآن عن أن وجهتنا هي القرية العالمية، فإن كل تلك الذكريات تطلّ برأسها، فأول مرة حضرت فيها، كنت في الروضة الثانية، ولدي صور وأنا ألهو مستمتعاً بـ(القطار السريع)، وهي ذكريات تتجدد بإبهار، لا يذهب تكرار الزيارات متعته، لذلك أكثر المناطق التي ترددت عليها هذا العام هي (جزيرة الخيال)، إضافة إلى المطاعم التي جعلتني أكتشف أطباقاً لم أكن أتوقع أن تكون خياري من قبل».

الذكريات أيضاً تصاحب الموريتانية، نادية ولد إسحاق (ربة بيت)، أثناء زيارتها «القرية العالمية»، فهي وجهة مفضلة لبناتها الثلاث، رغم تفاوت أعمارهن (7، 10، 16 عاماً)، حيث تضيف: «دورات القرية العالمية المختلفة تذكرني بمراحل نمو بناتي، وزمن إقامتي للمرة الأولى في دبي، والمدهش أن الصغرى سميّة، لاتزال غير مقتنعة، بأن هناك أشهراً تُغلق فيها القرية أبوابها، وتظلّ تلحّ صيفاً على زيارتها».

«البنات والنساء الأكثر تسوقاً وترفيهاً أيضاً»، مقولة تقرّها نادية، التي تضيف: «أرى أن القرية توفر فرصاً استثنائية للتسوق، خصوصاً في ما يتعلق بالهدايا التي أصطحبها لأهلي وصديقاتي كل عام، لكنني أشاطر بناتي الاستمتاع بالفعاليات أيضاً، خصوصاً العروض الغنائية والفلكلورية، سواء التي يستضيفها مسرح العالم، أو تلك التي تنظم متاخمة للقرى والأجنحة المختلفة».

قرار الذهاب إلى القرية العالمية يبقى اقتراحاً يميل إلى موافقة «الأغلبية»، وفق تأكيد المصري أسامة عبدالكريم، الذي يؤكد أن الإغواء الوحيد الذي يمكن أن يقنع ابنيه (رامي) و(كريم)، اللذين يدرسان في الجامعة الأميركية في الشارقة، بأن يصحبا الأسرة في نزهتها، أن تكون الوجهة «القرية العالمية».

ويضيف: «تخطيط النزهة في القرية العالمية يسير للغاية، فمظلة الأمان هنا تجعلني لا أمانع أن تكون (سارة ـ 15 عاماً)، برفقة أختها الصغرى (ياسمين ـ 13 عاماً)، حتى وإن كانت والدتهما مشغولة عنهما بالتسوق، حيث نقوم في ما بعد بالتجمع من أجل تناول العشاء في أحد المطاعم، لتكون رحلة العودة إلى المنزل بمثابة مساحة لقصص لا تخلو دوماً من الدهشة والطرافة».

«القديم» المتجدد يبقى بمثابة اختبار للذاكرة بين أفراد أسرة عبدالكريم، فالقرية لا تفاجئك، وفق آراء أفرادها، فقط عاماً بعد عام، بل أثناء برامج الدورة الواحدة ذاتها، حيث يضيف: «تتكرر الزيارات، ولا تتكرر الفعاليات، وتكون المحصلة، متعة تغوي كل مرة بالعودة مجدداً».

بصمة التجديد التي تتخلل حُلل القرية العالمية هذا العام فرضت اللقاء بمجلس إدارتها، الذين أصبحوا وجوهاً مألوفة للمترددين على القرية، دون أن يعرف معظمهم بالضرورة، أن أصحاب هذه الوجوه الشابة الإماراتية، يقودون فريق عمل يصل إلى نحو 10 آلاف شخص، شعارهم الأول هو الإسهام في أن يكون «المكان»، وجهة الترفيه العائلي الأولى في المنطقة، وهو ما يستدعي أن تكون هناك منافسة مع الذات أولاً، حسب تأكيد المدير التنفيذي للقرية أحمد.

ورغم أن اللقاء مع بن عيسى يجيء في العادة ميدانياً، وفي فضاء القرية، خارج حدود مكتبه، بصحبة عدد من أعضاء مجلس الإدارة، إلا أن لغة الأرقام تبقى الحجة، والمشاهدة الفعلية الدليل، حيث لا يتردد في الدخول طرفاً في صفقة شراء، لإثبات منافسة السعر، وخوض بعض تجارب المتعة والإثارة، التي تتخلل مختلف المواقع في القرية على اتساعها.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/1081845%20(4).jpg

نثر «البهجة»

المراهنة على «الترفيه» لا تدفع أولوية «التسوق» إلى الخلف، كما أن الأخير لا يتقدم على الأول، وفق تأكيدات أحمد حسين بن عيسى، الذي يضيف: «القرية العالمية وجهة عائلية ترحب بكل أفراد الأسرة، ومهما كانت اهتمامات أي منهم، فإننا نعدّ ونخطط دوماً، لأن تكون تجربة المرور من بوابات الدخول، مغامرة تتجاوز التوقعات، في كل زيارة، وهذا هو أحد أهم أسباب إصرارنا على أن تكون برامجنا متنوعة».

ويستثمر المدير الإداري الجديد للقرية، الإماراتي فهد الخاجة، خبرته الطويلة في مجاله، فضلاً عن مسؤوليته عن وفود وضيوف مهرجان دبي السينمائي لسنوات طويلة، لتحقيق نجاحات جديدة هنا، وهو ما يجعله يؤكد أن القرية «بيئة عمل تستحق العطاء»، مضيفاً: «عندما ترى أن العمل الذي تقوم به، ضمن فريق عمل جماعي، مردوده إسعاد آلاف الأسر والعائلات، وملايين الزوار، وتقديم وجه دبي الحقيقي، القادر على استيعاب مختلف ثقافات العالم، ونثر البهجة، وصياغة مفهوم متفرد للترفيه والتسوق معاً، فإنك لن تتردد في أن يكون هذا المكان هو بيتك الأول».

لكل جديد لذّة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/1081845%20(1).jpg

تفرض المقولة المعروفة في أدبيات النقد العربي «لكل جديد لذة»، حضورها في جادات القرية العالمية، لكن بعيداً عن الأطر الأكاديمية، فمع توالي الدورات، وتعدد برامج كل منها، تطلّ علينا في كل عام بالكثير من «الجديد»، الذي تبقى له «لذة» أخرى عن سابقه، ومذاق مختلف عن نظيره «القديم». منطقة الألعاب واحدة من أبرز الفعاليات التي تجددت كلياً هذا العام، ليس من جهة التصاميم أو طبيعة الألعاب، أو حتى الشركة المشغلة لها فقط، بل طال التغيير أيضاً المسمى، وهو «جزيرة الخيال»، في حين جاء توفير فرصة لتجربة بعض المغامرات، من خلال استرجاع جانب من تذاكر الدخول، بمثابة المحرض على خوض مغامراتها. «الإمارات اليوم» عايشت جانباً من تفاصيل «الجزيرة» مع عدد من أعضاء مجلس إدارة «القرية العالمية»، كانوا بمثابة المحرض في رحلة استكشاف متعة «الترفيه».

حول العالم في «سهرة»

رغم أنها صيغت بأسلوب «النادرة» أو «الأحجية»، إلا أنها تبقى دالّة على سمة تعدد الثقافات، وخيارات الترفيه التي يصادفها زائر القرية العالمية، حيث قال الطالب المصري محمد عبدالتواب، الذي لايزال يدرس في المرحلة الثانوية، حينما كانت «الإمارات اليوم» تستطلع رأي والده في تجربتي «الترفيه» و«التسوق»، متسائلاً بخفة ظل أبناء النيل: «حول العالم في سهرة؟»، ليجيب والده: «القرية العالمية». العودة إلى «الأحجية» ساقت الابن الأكبر إلى التبرير: «نشرت صوراً لي على (فيس بوك)، قمت بالتقاطها داخل أجنحة القرية المختلفة، وفي كل مرة كان يظن أصدقائي ممن هم خارج الدولة، أنني في بلد مختلف، أما أصدقائي هنا، فكانوا يعلقون بأسئلة في الأغلب حول مذاقات المطاعم، ومغامرات (جزيرة الخيال)».

وجهة مائية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/1081845%20(3).jpg

لا تتضمن جزيرة الخيال، على عكس ما يوحي مسماها، مغامرات مائية، باستثناء بعض الألعاب المجهزة للأطفال، لكن الوجهة المائية للقرية، رغم ذلك، تبقى حاضرة لتصل بين قراها وأجنحتها عبر مركب جاهز دوماً للإبحار بركابه. المدير التنفيذي للقرية، أحمد حسين بن عيسى، خاض هذه التجربة التي انشغلت عنها «الإمارات اليوم»، بسبب تغطيتها تفاصيل أخرى، قبل أن ينصح بن عيسى بتجربتها.

في حضرة المواهب

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/1081845%20(2).JPG

عايشت القرية العالمية في دورتها هذا العام العديد من الفعاليات والمناسبات المهمة، وفي مقدمتها احتفالات الدولة بالذكرى الـ42 لتأسيس الاتحاد، مستضيفة عدداً من الحفلات الغنائية، التي أنشد فيها الفنانون بصحبة آلاف من الحضور في حب الوطن.

وبين المواهب المحترفة ممثلة في إطلالات النجوم، ومواهب الهواة، خصصت القرية الفترة الزمنية الأخيرة من إقامتها لاستضافة العديد من أصحاب المواهب الشابة والموسيقيين الجائلين وغيرهم، في حين جاء مهرجان الشواء، ومهرجان المأكولات، بمثابة مساحة أخرى للترفيه، تستثمر الطقس الجيد لمنطقة دبي لاند.

فترة التمديد لم تكسر فقط حاجز الـ12 ألف فعالية، التي تم الإعلان عنها منذ انطلاق الدورة الحالية، بل رفعت سقف التوقع بشأن عدد الزوار هذا العام إلى نحو ستة ملايين زائر، فيما حاكت المساحة الزمنية نظيرتها المخصصة لاستضافة «دانة الدنيا» معرض «إكسبو 2020».

 

تويتر