فعاليات تراثية وبانوراما من القوات المسلحة واحتــــفاء باليوم الوطني

«القرية العالمـــية».. عطلة نهاية الأسبـــوع في كل يوم

صورة

إذا كان أهل مكة أدرى بشعابها، يقينا، وقت أن كانت قرية بسيطة إبان إطلاق المثل العربي الشهير، فإن مسؤولي القرية العالمية والقائمين عليها، هم الأقدر على شرح أهم معالمها، وتجليات تجددها في دورتها الـثامنة عشرة، وهو ما جعل الدعوة إلى جولة في ربوعها مغرية بالنسبة لـ«الإمارات اليوم»، التي انضمت إلى ممثلي وسائل الإعلام المحلية في جولة كان دليلها المدير التنفيذي للعمليات في «القرية العالمية» أحمد حسين بن عيسى.

الجولة التي ضمت أيضاً مدير العلاقات الحكومية فهد الخاجة، ومدير العلاقات التجارية أحمد المري، كانت مرشحة لأن تكون على ظهر سيارات صديقة للبيئة، نظراً للمساحة الشاسعة التي تشغلها القرية، وتصل إلى 17 مليون قدم مربعة، إلا أن إغواء المرحلة السنية الشابة التي ينتمي إليها المسؤولون الثلاثة الذين يخوضون تجربة إدارة «القرية» للمرة الأولى، رجَّحَ خيار السير على الأقدام، لاسيما في ظل الطقس الجيد والأجواء المفتوحة، التي تزيد من ثراء متعة الترفيه والتسوق.

هي مساحة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بشكل يومي، تجعل المتعة والتسوق والمغامرة والترفيه حاضرة كل يوم، حسب المشهد اليومي ومتوالية العروض، وتنوعها الذي لن ينقطع عن «القرية العالمية» على مدار 148 يوما، الممتدة حتى أول مارس المقبل، حسب بن عيسى.

صقل خبرة

أثار اعتذار المدير التنفيذي الشاب للعمليات في «القرية العالمية»، أحمد بن عيسى، عن الارتباط بموعد لحوار صحافي خلال الجولة التي جمعته بممثلي وسائل الإعلام المحلية، وشاركت فيها «الإمارات اليوم»، اندهاشاً، قبل أن يبرر أنه حريص على حضور مؤتمر حول فن الحدائق يعقد في أميركا، وتوقع أن يساعده على مزيد من صقل خبرته الإدارية.

بن عيسى، الذي استطاع أن يوازن في توزيع اهتمامه بضيوفه الإعلاميين، يؤمن بأنه لا مجال للتوقف عن التعلم، وهو ما أهله للتنقل بين مؤسسات عدة، مارس في كل منها مهام متعددة، قبل توليه منصبه الإداري الجديد في «القرية العالمية».


خواطر في غياب القلم

رغم تجاوز أحد الزملاء الصحافيين مشقة مغامرة الألعاب، التي حلّقت به في سماء «القرية العالمية» إلا أنه راح يسجل بعض خواطره في تلك اللحظة، ولأن صوت استغاثته في البداية كان لافتا، فإن هدوءه في ما بعد، وسكونه، كانا محل دهشة لمراقبيه، الذين سألوه عن سبب التحول فأجاب: كنت أسجل خواطري في الهواء الطلق، لكن من دون قلم، اعتماداً على الذاكرة.


بين ثقافتين

يتيح الكثير من الفعاليات، وحتى خدمات التسوق والترفيه والمطاعم، التي تتيحها «القرية العالمية»، التي يقوم على تشغيلها نحو 10 آلاف موظف، فرصاً هائلة يومياً للاحتكاك بين ثقافات مختلفة، و«الإمارات اليوم» في تجولها داخل القرية، رصدت العديد من نماذج هذا الاحتكاك الإيجابي.

وتطرق نقاش بين عامل في مطعم تركي، وأحد زبائنه، إلى حديث عن ماضي التأثير والتأثر وحاضره بين الثقافتين التركية والعربية، فيما أحال حوار بين تاجر إيراني وزائرة بريطانية إلى أصل صناعة السجاد اليدوي في شيراز.

وبعيداً عن روتينية التصريحات الصحافية سواء عبر المؤتمرات، أو اللقاءات الرسمية في المكاتب، توافدت المعلومات التي كان بعضها مؤجلاً حتى انعقاد مؤتمرات صحافية للكشف عنها، حيث وجد بن عيسى نفسه، رداً على تساؤلات صحافية، مضطراً للكشف عما لم يكن ينوي الكشف عنه الآن.

وقال بن عيسى لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك جناحاً خاصاً يقام تحت إشراف القوات المسلحة، يدخل ضمن مفاجآت الاحتفال باليوم الوطني، أشبه بالبانوراما العسكرية التي تتيح لزائرها التقاط صور تذكارية نادرة، في أجواء شبيهة بتلك التي يعتاد العسكريون معايشتها، مشيراً إلى أن هذا الجناح الذي من المتوقع أن يكون جاذباً للأطفال والكبار، يحتوي على مجسمات لآليات وأجهزة عسكرية مختلفة، ويوفر تجربة رائعة لمن يمتلكون رغبة معايشة تلك الأجواء.

وتوقع بن عيسى أن يكون هذا الجناح، الذي يتم استحداثه لأول مرة ضمن فعاليات «القرية»، جاذبا لشتى المراحل العمرية، بمن فيهم الأطفال الذين يحلمون دائما باللباس والمهمات العسكرية.

وقال بن عيسى إن فعاليات القرية التراثية التي تقام أيضاً للمرة الأولى هذا العام، ستكون ضمن أهم الفعاليات المخصصة للاحتفاء باليوم الوطني، حيث تحاكي هذه القرية في أجوائها ما يسمى في الأدبيات المحلية «زمان أول»، وتنسج مزيجاً من المعرفة حول نمط العيش في بيئات الحضر والمدر والبيئة البحرية، وهي البيئات الثلاث المعروفة في الدولة قبل ظهور النفط، فيما يستمتع الزائر بأجواء الضيافة العربية التقليدية من تمر وقهوة، ويتابع سيدات يحترفن بعض المهن التقليدية التراثية التي ارتبطت بتلك البيئات.

ورغم تحفظه على مزيد من الكشف، إلا أن تلقائية الجولة الصحافية وإذابتها للمسافات التقليدية، جعلت بن عيسى يسبق إصدار تقرير صحافي حول الفعاليات المصاحبة لاحتفالات اليوم الوطني، ليؤكد أن مسرح العالم في «القرية العالمية» سوف يستضيف على مدار الاحتفالات ثمانية مطربين، بالتنسيق مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.

منطقة الألعاب، التي أطلقت عليها «القرية العالمية»، هذا العام مسمى «جزيرة الخيال»، كانت محطة لتجربة من لا يخشى المغامرة، حيث أصر بن عيسى على أن يعايش الصحافيون جانباً من تلك التجربة، وهو إصرار لم يمنع الكثيرين من التمسك بخيار تجنب المغامرة، في تجربة كان بطلها بامتياز عدسات المصورين، التي أمســـــــكت بتلابيب تلك الأجواء المثيرة.

ولا يمكن الإحاطة بالفعل بالأجنحة والقرى كافة، حقيقة توصل الجميع إليها حتى قبل الشروع في الدخول لأي قرية، لذلك كان الاختيار مرهوناً دائماً بالأقرب لموقع الوجود الآني، وبالقرب من منطقة الألعاب، تأتي القرية الإيرانية، التي تجددت هذا العام، وواصلت التميز بفنون المنمنمات، والسجاد اليدوي المبهر، الذي عرفت به حضارة فارس على مر القرون. ومن حضارة فارس، إلى حضارة أوروبية معاصرة، وريثة في المكان لحضارة عربية إسلامية عريقة، ممثلة في الدولة الأندلسية، التي طالت الجناح الإسباني، نفحة منها، وإن كانت معظم المنتجات الموجودة، مصبوغة بالطابع الأوروبي الغربي الذي انتهى إليه المكان، وهي زيارة جاءت خاطفة، في مسعى لئلا تفوتنا عروض الألعاب النارية.

مرة أخرى تجيء العدسة في صدارة المشهد الصحافي خلال تلك الجولة، في رصدها لجماليات اللوحات المشكلة عبر إطلاق الألعاب النارية، وتتجه أعين الجميع وجباههم إلى الأعلى، ومع ختام العرض، يأتي إلحاح من تعبت قدماه على اختتام الجولة، في حين أن مشهد الكشف، والاستمتاع يظل مفتوحاً، حتى في تلك الأثناء التي تتوقف فيها المجموعة عن التجول. المطعم التركي كان محطة الاستراحة، لكنه أتاح أيضاً مراقبة صناعة «البوظة» التركية بتقاليدها، قبل أن يدخل صاحب المطعم التركي في سجال مع البعض حول تاريخ صناعة الحلويات التركية، ومدى تأثيرها أو تأثرها بنظيرتها الشرقية، وهو ما انطبق على أحد الأطباق المقدمة من الكنافة المكسوة بالكريمة المثلجة.

والنافورة الراقصة ليست أمام برج خليفة فقط، لكنها أيضاً في «القرية العالمية»، حيث تستطيع أن تراقبها، وأنت جالس في أحد المطاعم، وهي حسب بن عيسى راقصة وناطقة بثماني لغات هذا العام، حيث تتبدل موسيقاها التي تصدح في أوقات مختلفة من اليوم، في عروض ثمانية أيضاً، لتواكب عالمية مشهد «القرية العالمية».


مزيد من التنوّع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/11/49531.jpg

قال المدير التنفيذي للعمليات في «القرية العالمية»، أحمد بن عيسى، إن الرصد المبدئي لزوار «القرية العالمية» هذا العام، يؤشر إلى تنوع هائل في جنسيات الزائرين، مضيفاً «من المهم أن تعكس (القرية العالمية) ميزة التنوع، ليس فقط في الثقافات والحضارات التي تستوعبها، بل أيضاً في زوارها».

وتؤشر أخبار القرية إلى استمرار تصدرها قائمة أكثر المناطق جذباً في دبي، حيث تتطلع لاختتام موسمها بنحو خمسة ملايين زائر.


مسارح خارج الجدران

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/11/49527.jpg

إذا كان الدخول إلى إحدى القرى يمنح فرصة للزائر، تسمح له بشراء منتج قادم من بلد بعينه، فضلاً عن مصادفة آخرين ينتمون إلى حضارة ربما تكون مغايرة، فإن المرور من أمام أي من القرى، وخارج جدرانها دون الدخول إلى عوالمها، يمثل فرصة مختلفة للاستمتاع بجانب من الفولكلور الشعبي لتلك الدولة.

وما بين الرزفة والعيالة واليولة الإماراتية، و«أبو الغيط» المصري، وعروض الرقص بالسيوف الشائعة في السعودية واليمن، والسامبا البرازيلية، وحتى الرقص الإفريقي، وغير ذلك، تبقى جدران القرى وبواباتها المصممة أيضاً على نحو يحيل إلى تلك الثقافات المتنوعة، بمثابة مسارح أخرى، أقرب إلى مسرح الشارع، أو العروض المتجولة، في حين أن مسرح «العالم» يبقى جاهزاً دوماً للعديد من العروض العالمية والمحلية المتننوعة.


ضد «النمطية»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/11/49534.jpg

تماشياً مع أجواء «القرية العالمية»، المفتوحة، جاءت أول جولة للإدارة الجديدة لـ«القرية العالمية» مع ممثلي وسائل الإعلام المحلية، بمثابة لقاء ضد النمطية، حيث أتاحت تلك الجولة الفرصة للإجابة عن الكثير من التساؤلات التي ظلت مطروحة، منذ انعقاد المؤتمر الخاص بانطلاقة الدورة الـ18 لـ«القرية العالمية».

وقال بن عيسى، لـ«الإمارات اليوم»، إن «لدينا تصوراً متكاملاً لاستمرار تطوير فعاليات «القرية العالمية»، كما أن جعبتنا ــ في ما يتعلق بالدورة الحالية ــ لاتزال تحتوي على الكثير.

تويتر