قرار ذاتي قاده إلى الفن

مطر بن لاحج

صورة

ليست المصادفة ولا حتى الدراسة الأكاديمية التي قادت الإماراتي مطر بن لاحج إلى عالم الألوان والنحت، وإنما شغفه بالفن، واتخاذه قرار دخول هذا المجال في سن مبكر، معتمداً على الموهبة بالدرجة الاولى، ثم متابعاً صقلها عبر الزمن بالعمل والإلمام بالثقافة الفنية.

حاول مطر بن لاحج (1968) منذ بدايته في عالم الفن بناء قاعدة جديدة خاصة به، فاختبر العمل على الألوان وكذلك التصوير، ثم انتقل بعدها إلى عالم النحت، فشكلت المجسمات نوعية في أعماله، لاسيما بعد إدخاله الحرف العربي إلى منحوتاته. وتعد لوحة «عربون المدنية» (1993) التي رسمها في بداياته الفنية، من الأعمال الزيتية المحببة إلى قلبه، لاسيما أنه جسد فيها مجموعة من البيوت القديمة والمهدمة، بينما كان من بين البيوت مبنى أشبه بشكله الهندسي ببرج خليفة الذي تم تشييده بعد أعوام كثيرة على رسم اللوحة.

كان معرضه الذي أقامه تحت عنوان «تعابير إماراتية» من أبرز المحطات في حياته، فقد ظهر من خلاله للمرة الأولى في الشارقة، كما شكل العمل النحتي «لغة تنعى نفسها» الذي جسد حرف الضاد على شكل السيف، محطة مهمة له، فتم اقتناء العمل الذي عبر من خلاله عن احتفائه الدائم باللغة العربية، من قبل صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة.

تأثر مطر بن لاحج بمجموعة من الفنانين، وكان الفنان عبدالقادر الريس بالنسبة إليه رمزاً يُقتدى به بالفن، لكنه لم يسع إلى تقليده، بل رأى أن لديه الكثير ليقدمه بعيداً عن هذه التجربة، وقد لا يتشابه مع ما يقدمه الريس، لذا رسم لنفسه خطه الخاص دون أن يتعمد التقليد أو المحاكاة. أما عالمياً، فتبقى أعمال سلفادور دالي المحببة إلى قلبه، إذ يشعر بأنه «طبقة واضحة للمجتمع كله، في أدائه الفني، كما أن أعماله أسطورية».

قدم مطر بن لاحج إلى اليوم نحو 100 عمل فني، بينما شكل مجموع المجسمات النحتية الضخمة التي قدمها نحو 15 مجسماً، كان من بينها «أقمار الغفران» و«انبعاث اللغة» اللذان لايزالان يعرضان في «دبي مول» حتى اليوم. وقد استخدم في المنحوتتين حروف اللغة العربية بأسلوب فني تركيبي. هذه اللغة التي شكلت الأساس للمنحوتتين الأخيرتين، شغلت معظم أعمال بن لاحج، الذي يرى أن «اللغة العربية فن قائم بذاته، فالحرف هو رسالتي في الفن، وقد تطورت به أعمالي عبر السنوات».

في المقابل، سيقدم الفنان عملاً تحت عنوان «جذور عربية» سيحمل بعض النواحي التاريخية للدولة الإسلامية، وستقتني العمل منظمة الطيران المدني العالمية في كندا، ليكون هذا العمل الثاني الذي يضع لبن لاحج خارج الإمارات، اذ لديه عمل اقتنته سفارة الإمارات في واشنطن.

أسس الفنان الاماراتي مرسمه الخاص عام 2003، والذي يهتم من خلاله بتنشئة المواهب في الفن، لا سيما وهو يعتبر أنه لابد من تأسيس المواهب منذ الطفولة، تعويضاً عن حرمانه هذا التأسيس الفني منذ صغره، فيشكل له إعداد الأطفال ما يشبه «العودة بالذاكرة إلى الطفولة».

ويعتبر بن لاحج الفن أكثر من هواية، فهو يراه معايشة كاملة للحياة، في حين تدخل نطاق هواياته الكلمة الجميلة، فيميل إلى سماع الشعر المنظوم والأدب، والنثر والقرآن الكريم، وكل ما يرتقي بالإنسانية.

يعرف عن بن لاحج شخصيته المرحة، بينما يقول إنه يتعايش مع شخصه، فيحاور ذاته كثيراً، إذ دائماً لديه شخصية المراقب وشخصية المنفذ. أما أسفاره فكانت كثيرة، خصوصاً بحكم عمله في الفن، إلا أن البلد الذي يحلم بالسفر إليه هو إسبانيا، بسبب سوء حظه مع هذا البلد، إذ إن جميع الرحلات التي خطط لها لزيارة إسبانيا كانت تلغى قبل السفر لظروف طارئة، ولهذا لايزال هذا البلد الحافل بالفن والمتاحف الفنية من البلدان التي يحب زيارتها.

تويتر